Tuesday, April 30, 2019

أحكام الصيام

يعتبر صوم رمضان، الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة وهو فريضة على كل مسلم توفرت فيه شروط الصيام بدليل الكتاب والسنة والإجماع. فما هي أحكامه؟

محاور الموضوع:

  • تعريف الصوم
  • أدلة وجوبه
  • شروطه وأركانه
  • مندوباته.

تعريف الصوم:

الصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء والترك له، يقال: صامت الخيل إذا أمسكت عن السير، وصامت الريح إذا أمسكت عن الهبوط.[1]

قال الراغب: الصوم الإمساك عن الفعل مطعما كان أو كلاما أو مشيا، ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير أو العلف صائم.[2]

الصوم شرعا: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الشمس إلى غروبها بنية.

أدلة وجوب الصوم:

ودليل فرضيته في القرآن الكريم قوله تعالى:  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[3].

أما في السنة النبوية فدليله قوله صلى الله عليه وسلم:  (بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان)[4].

وقد أجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان، فمن أنكر وجوبه لا يكون مسلما ومن أقر بوجوبه ولم يصمه من غير عذر فهو عاص يجبر على فعله.

ويثبت الصوم في بداية رمضان وكذلك الفطر في بداية شوال بأمرين اثنين:

  • رؤية عدلين للهلال. قال صلى الله عليه وسلم:”لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له[5].
  • إتمام شعبان ثلاثين يوما، ويثبت شوال بإتمام رمضان ثلاثين يوما. قال صلى الله عليه وسلم: ” صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين[6].

ويكره صوم يوم الشك ليحتاط به من رمضان، ومن الفقهاء من قال بحرمته لما روى الترمذي عن عمار بن ياسر أنه قال: “من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم[7]، ويوم الشك المنهي عن صيامه هو أن تكون السماء مغيمة ليلة الثلاثين من شعبان ولم تثبت الرؤية فصبيحة تلك الليلة هو يوم الشك.[8]

أركان الصوم وشروطه:

للصوم ركنان:

  • النية، ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم:” إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى[9]، وتُبَيَّتُ في الليل أو عند الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: “من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له[10]. والنية للشهر كله مرة واحدة، لأن صوم شهر رمضان يعتبر عبادة واحدة فتُجِزِئُه نية واحدة، لقوله تعالى:( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[11]. ويستحب تجديدها كل يوم، كما يجب تجديدها -على المشهور-إذا حصل انقطاع كالحائض والنفساء والمريض والمسافر.[12]
  • الامتناع والكفُّ عن كلِّ مفطر من طلوع الفجر إلى غروبها، ودليله قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).[13]

أما شروط الصوم فهي ثلاثة أقسام: شروط وجوب وشروط صحة وشروط وجوب وصحة معا.

شروط الوجوب:

  1. البلوغ، فلا يجب على الصبي، ولا يؤمر به، وليس الصِّيام كالصلاة يؤمر بها عند سبع ويضرب عليها عند عشر، بل يكره صيام الصبي في المذهب المالكي.
  2. القدرة، فلا يجب الصَّوم على العاجز حقيقة كالمريض، أو العاجز حُكمًا كالحامل والمرضع، فهما وإن قدرتا على الصِّيام لكنهما تخافان على الجنين أوالرضيع فلهما الفطر، وإن كان في صومهما ضرر وجب الفطر، ودليله قوله تعالى:” فمن كان منكم مريضا أو على سفر..“، فالمريض يجوز له الفطر إذا كان يشق عليه الصوم ويُجِهِدُه، أو يخبره الطبيب أن الصوم يزيد من مرضه، ويجب عليه الفطر إذا خاف الهلاك بسبب الصوم. أما الحامل إذا خافت على نفسها أو على جنينها فيجوز لها الفطر وعليها القضاء دون فدية، في حين أن المرضع التي تخاف على نفسها فيجوز لها الفطر وعليها القضاء دون فدية، أما إن خافت على رضيعها فعليها القضاء والفدية بمد من قمح على كل يوم تقضيه. ولا يجب القضاء على الشيخ الكبير والشيخة الكبيرة إذا أفطرا، وإنما يندب لهما أن يطعما مدا من قمح على كل يوم أفطرا، وليس بواجب.[14]
  3. الإقامة، فلا يجبُ الصَّوم على المسافر سفرًا يباح فيه قصر الصلاة، لقوله تعالى:
  4. فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[15].

وشروط إباحة الفطر للمسافر: أن تكون المسافة مما يباح فيها قصر الصلاة، وأن يرحل المسافر من البلد قبل الفجر، وأن يكون السفر مباحا لا سفر معصية.[16]

شروط الصحة:

  1. الإسلام، فلا يصح صيام الكافر، كما لا تصح منه سائر أعماله، لقوله تعالى: ” وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا”[17]، فإن أسلم خلال الشهر صام بقيته، وليس عليه قضاء فيما مضى منه، وإن أسلم أثناء اليوم كف عن المفطرات بقية اليوم وقضاه استحبابا.
  2. الزمن القابل للصوم فيما ليس له زمن معين، تُتجنب الأيام التي يحرم فيها الصيام وذلك بالنسبة للصيام الواجب غير رمضان، أما هذا الأخير فهو معلوم شهره. والأيام التي يحرم صيامها عند المالكية هي العيدان (يوم الفطر ويوم الأضحى)، واليومان اللذان يليا يوم الأضحى وهي أيام التشريق، أما اليوم الرابع فهو على الكراهة ولا يحرم.

شروط الوجوب والصحة معا:

  1. العقل، فلا يجب الصوم على المجنون والمغمى عليه ولا يصح منه، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها: ” رفع القلم عن ثلاث، النائم حتى يستيقظ والصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق[18]
  2. النقاء من دم الحيض والنفاس: فلا يجب على الحائض ولا النفساء، ولايصحُّ منهما، بل يحرم على الحائض الصوم وقت الحيض ولا ثواب لها فيه، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم[19]. وإذا طهرت المرأة مع طلوع الفجر فيجب عليها الصَّوم ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر، وإن شكّت هل كان طهرها قبل الفجر أو بعده تنوي الصَّوم، ثم تقضي اليوم بعد رمضان، لا حتما لأحد الأمرين،  فإن طهرت بعد طلوع الفجر فلا يصح صومها، ولا تطالب بالإمساك، فتأكل وتشرب، ونحو ذلك بقية اليوم.
  3. دخول وقت الصوم فيما له وقت معين كرمضان: فلا يجبُ الصَّوم قبل ثبوت الشهر أو دخول الوقت، ولا يصح.

ما يندب في رمضان وما يستحب للصائم:

  • تعظيم الشهر بالعبادة والقرآن: ينبغي للصائم أن يعظم رمضان الذي عظمه الله تعالى بقوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)[20]
  • تعجيل الفطور لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطور[21].
  • ويندب تقديم الفطور على الصلاة.
  • الفطر على رطبات وترا، أو تمرات، أو حسوات من ماء لفعله صلى الله عليه وسلم ولقوله: ” إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة ، فإن لم يجد فليفطر على ماء ، فإنه طهور[22]
  • الدعاء عقب الفطر بالدعاء المأثور، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول عند فطره: “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وبك آمنت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت[23]، وكان يقول: “ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله[24].
  • السحور، يندب للصائم أن يتسحر ليقوى على الصيام لقوله صلى الله عليه وسلم: “تسحروا فإن في السحور بركة[25]، كما يستحب تأخير السحور، لما وري عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ” تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة. قلت كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية[26]
  • كف اللسان والجوارح عن فضول الكلام والأفعال التي لا إثم فيها.
  • الإكثار من الصدقات والإحسان تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان أجود الناس بالخير في رمضان، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة.”[27]
  • الإكثار من تلاوة القرآن ومن الذكر، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: “كان يَعرِضُ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآنَ كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرَضَ عليهِ مرَّتينِ في العامِ الذي قُبِضَ فيه[28]
  • صلاة التراويح وهي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه[29]، فقد ورد في الصحيحين وغيرهما “قام بأصحابه ثلاث ليال وفي الثالثة أو في الرابعة لم يُصلّ، وقال: إني خشيت أن تُفرض عليكم فتعجزوا عنها[30] وأشار العلماء إلى أن المانع من عدم الاستمرار فيها، خوفه صلى الله عليه وسلم أن تُفرض وليس عدم مشروعيتها.
  • الاعتكاف خاصة في العشر الأواخر فهو من نوافل الخير، وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت:  “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده“.[31]
  • الصوم في السفر إذا كان رمضان، فالمسافر مخير بين الصوم والفطر، والصوم مستحب عند المالكية لمن قوي عليه لقوله تعالى: (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) .[32]

[1]. ينظر تهذيب اللغة للأزهري، لسان العرب، تاج العروس، مادة الصوم.

[2]. ينظر لسان العرب والمفردات للراغب ص291.

[3]. البقرة الآية 183.

[4].  رواه البخاري، كتاب الإيمان، حديث رقم 8.

[5]. رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث رقم1906

[6].رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث1909،

[7].رواه الترمذي، حديث553، وقال حسن صحيح.

[8]. ينظر حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني لشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، ج1، ص475إلى478 .

[9].رواه البخاري، كتاب بدء الوحي، حديثرقم 1

[10]. رواه الترمذي في السنن، حديث رقم 730.

[11]. البقرة، الآية184

[12]. ينظر حاشية العدوي على كفاية الطالب،ج، ص476. ومدونة الفقه المالكي وأدلته للصادق الغرياني، ج1ص620

[13]. البقرة الآية 186

[14] ينظر مدونة الفقه المالكي وأدلته للصادق الغرياني، ج1، ص621، وحاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني،ج1،ص482-483،

[15] سورة البقرة، جزء من الآية183

[16] حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني، ج1 ص488-489، ومدونة الفقه المالكي وأدلته للصادق الغرياني، ج،1،ص622

[17]. الفرقان، الآية 22

18. رواه الترمذي في سننه، حديث رقم 1423

19. رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث رقم 51[19]

 البقرة الآية183[20]20.

[21] رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث رقم1957

[22]. رواه الترمذي، كتاب الصوم، حديث رقم694.

[23].رواه أبو داوود في سننه، حديث رقم2358

[24]. أخرجه أبو داوود في سننه، حديث رقم: 2357.

[25].رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث رقم1923.

[26]. رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث رقم 1921.

[27]. رواه البخاري، كتاب الصوم، حديث رقم 1902.

[28].رواه البخاري حديث رقم2012

[29]. رواه البخاري حديث رقم 2009.

[30]. رواه البخاري، كتاب صلاة التراويح، حديث رقم2012

[31]. رواه البخاري، كتاب الاعتكاف، حديث رقم2026

[32]. البقرة الآية 183.

The post أحكام الصيام appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2WdU4W0
via IFTTT

أحكام الصيام


via منار الإسلام http://bit.ly/2WdU4W0

Monday, April 29, 2019

مختلِف


via منار الإسلام http://bit.ly/2GQ6hLe

مختلِف

يقال: “فلان درس مُختلَف العلوم الأدبية، وشارك في الانتخابات البلدية مُختلَف الأحزاب السياسية”، مع أن العلوم الأدبية مختلِفة في موضوعاتها، والأحزاب السياسية مختلِفة في برامجها ومطالبها ومقاصدها، فالعلوم الأدبية إذن مختلِفة وكذا الأحزاب، وليس كما يقال: مختلَفة، ذلك أن اسم الفاعل من (اختلف) الخماسي هو (مختلِف) على وزن “مفتعِل” لا على وزن “مفتعَل”قال ابن مالك في الخلاصة:
462- وَزِنَةُ الْـمُضَارِع اسْمُ فَاعِلِ…مِنْ غَيْرِ ذِي الثَّلاَثِ كَالْـمُوَاصِلِ
463- مَعْ كَسْرِ مَتْلُوِّ الأَخِيرِ مُطْلَقَا وَضَمِّ مِيمِ زَائِدٍ قَدْ سَبَقَا
وبه جاء القرآن الكريم: ( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ)[الذاريات: 8]، واختلفت الثمرات في الأكل واللون فهي مختلفة، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ)[الأنعام: 142] ( وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ)[النحل: 13] ( يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ)[النحل: 69]، وكذا اختلفت الناس والدواب والأنعام في اللون فهي مختلِفة: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ)[فاطر: 27و28] ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ)[الزمر: 20]. واختلف الناس في نبإ الآخرة فهم مختلِفون، قال تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)[النبأ: 1-3]، واختلف الناس في الدين والسياسة والفقه فهم مختلِفون، ومنه: ( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ)[هود: 118].
فإذا وقع الاختلاف على أمر أو فيه أو عليه فهو مختلَف فيه أو عليه، وفي هذه الحالة يسوغ لنا أن نقول: “قول مختلَف فيه”.

The post مختلِف appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2GQ6hLe
via IFTTT

Sunday, April 28, 2019

مبطلات الصيام:

الصوم هو الكف عن قضاء شهوتي البطن الفرج من طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس بنية التقرب إلى الله تعالى. ولذلك فكل ما يفسد هذا المقصد فهو مبطل للصوم كالأكل والشرب والجماع. ومبطلات الصيام ليست على درجة واحدة، فمنها ما يوجب قضاء ذلك اليوم بعد خروج رمضان، ومنها ما يوجب القضاء والكفارة، ومنها ما يظنه البعض أنه من مبطلات الصيام وهو ليس كذلك؛ إذ لا يوجب لا قضاء ولا كفارة.

أولا: ما يبطله ويوجب القضاء.

1-قضاء من أكل أو شرب ناسياً لصومه.

لا خلاف بين الفقهاء الثلاثة أبي حنيفة[1]والشافعي[2]، وأحمد[3]، أن من أكل أو شرب ناسياً لصومه أن صومه صحيح ولا قضاء عليه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه[4].

ورواه الدارقطني بلفظ: “إذا أكل الصائم ناسياً، أو شرب ناسياً، فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولا قضاء عليه“، وقال: إسناده صحيح، وكلهم ثقات[5].

وخالف المالكية هذا الأمر وأولوا حديث أبي هريرة السابق على زوال الإثم، وقالوا حديث أبي هريرة في صوم التطوع لخفّته وأنه يلزمه القضاء، واستدل مالك على إيجاب القضاء بأن المطلوب منه صيام يوم تام لا يقع فيه خَرْم لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾”[6].

و في مبطلات الصيام قال القرطبي: “هذا ما احتج به علماؤنا وهو صحيح، لولا ما صح عن الشارع، وقد جاء بالنص الصريح الصحيح ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة[7].

فزال الاحتمال وارتفع الإشكال والحمد لله ذي الجلال والكمال”[8].

ورغم قول القرطبي هذا فإن المشهور عند المالكية أن من أفطر ناسيا في نهار رمضان فإنه يتم صومه ويقضي ذلك اليوم بعد انتهاء رمضاء؛ مبالغة في الاحتياط، وحرصا من المسلم أن يكون صيامه كاملا تاما لا خرم فيه كما قال مالك.

اقرأ أيضا: زكاة الفطر: أحكامها و مقاصدها

2- مبطلات الصيام: القيء:

أما القيء فالجمهور من الفقهاء -أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد: أن من استقاء فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه[9]. والأصل في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض[10].

فإن وصل القيء إلى لسانه بحيث يقدر على طرحه فابتلعه فعليه القضاء، وإن لم يبلغ موضعا يقدر على طرحه فلا شيء عليه.

3-لمس النساء

لمس النساء من مبطلات الصيام، لا خلاف بين الفقهاء الأربعة – أبي حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد أن المباشرة فيما دون الفرج، والتقبيل، واللمس، توجب القضاء إذا صاحب ذلك إنزال للمني، وكان عامداً لا ناسياً.

أما من قبّل فأمذى، أو كررّ النظر فأنزل فعليه القضاء، لأنه قد أفسد صومه، وبه قال مالك[11] واستدل المالكية أن المذي خارج تتخلله الشهوة، خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني، أما خروج المني بالاحتلام فلا يوجب القضاء لأنه خرج بغير إرادة صاحبه ومثله أيضا القيء.

4-قضاء من جامع ناسياً

عليه القضاء دون الكفارة. وبه قال مالك في المشهور[12].

5- الحيض والنفاس:

و هو أبرز مبطلات الصيام عند النساء لو حاضت المرأة في آخر اليوم قبل غروب الشمس بدقائق فعليها الإفطار وقضاء ذلك اليوم.

6-فقدان النية في الصوم:

-من نوى الفطر وهو صائم بطل صومه وان لم يتناول مفطرا فإن النية من أركان الصيام.

7- التأويل القريب يوجب القضاء.

-إذا أكل أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فظهر خلاف ذلك فعليه القضاء.

8- وصول الدواء إلى الحلق.

– المشهور في المذهب المالكي القضاء إن وصل دواء العين والأنف إلى الحلق، لأن اجتهادات المالكية مبنية على الأحوط، وخالفهم غيرهم فقالوا قطرة العين لا تفطر، سواء كانت في العين أو في الأذن. لأن العين والأذن ليستا منفذاً معتادا.

والذي أراه أن يستعمل المريض الدواء ليلا إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه ذلك وكان في تأخير الدواء إلى ما بعد الإفطار سيسبب الضرر فلا حرج عليه ساعتها.

ثانيا: ما يبطله ويوجب القضاء والكفارة.

ما يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفارة هو الجماع لا غير عند الجمهور، ومستندهم حديث أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – وَالعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ[13].

ومذهب الجمهور أن المرأة والرجل سواء في وجوب الكفارة عليهما ما داما قد تعمدا الجماع مختارين في نهار رمضان ناويين الصيام.

والكفارة على الترتيب المذكور في الحديث:

عتق رقبة، فإن عجز عنها صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا من أوسط ما يطعم منه أهله.

ثالثا: ما لا يبطل الصيام ولا يوجب قضاءا ولا كفارة.

1-ما لا يمكن الاحتراز منه: إذا وصل شيء إلى الحلق أو المعدة ولا يمكن الاحتراز منه فلا قضاء ولا كفارة على صاحبه كغبار الطريق والحشرات ونحو ذلك.

2-الكحل: من اكتحل ليلا لا يضره هبوط الكحل في معدته نهارا، ومن علم من عادته أن الكحل ونحوه لا يصل إلى حلقه فلا شيء عليه وإن اكتحل نهارا. ويلحق بهذا الحناء والدهن للجلد وغيرهما.

التطيب بالطيب: فنقل صاحب المعيار عن الامام ابي القاسم العقباني أنه قال: لا أعلم من يقول فيه بالإفطار وإنما يكره في مذهب بعض أهل العلم[14].

-ابتلاع بقايا الطعام غلبة: المشهور في المذهب المالكي أنه لا شيء على من ابتلع بقايا من الطعام كان بين الأسنان غلبة.

المضمضة لوضوء أو عطش جائزة، فإن غلبه إلى حلقه فالقضاء وإن تعمد فالقضاء والكفارة.

السواك:يباح السواك في كل نهار الصيام خلافا للشافعي الذي أجازه قبل الزوال فقط لعموم قوله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ»[15]. وإنما يجوز السواك بما لا يتحلل منه شيء.

ذوق الطعام: كره المالكية للصائم ذوق القدر من الملح ونحوه، وكذا مضغ العلك ومضغ الطعام للصبي

الإصباح بالجنابة مغتفر وذلك بأن يؤذن المؤذن لصلاة الصبح ولم يغتسل المرء من الجنابة بعد، ففي الصحيح عن عائشة وأم سلمة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ[16].

-انقطاع الحيض قبل الفجر:من انقطع حيضها قبل الفجر فلم تغتسل حتى طلع الفجر فظنت بطلان صومها فأفطرت لا كفارة عليها. والأصل أنها تصوم وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.

الحقن: حقن الإبر المغذية التي يستغني بها عن الطعام تفطر. فأما الإبر التي لا تغذي فلا تفطر سواء استعملها في العضلات أم في الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجده.

خروج الدم بنفسه كالرعاف أو خروجه بجرح أو بقلع سن أو نحوه فلا يفطر.

الاحتلام لا يبطل الصوم؛ لأنه ليس باختيار الصائم، وعليه أن يغتسل غسل الجنابة.

الحقنة الشرجية: يجوز أخذ الحقنة الشرجية للحاجة إذا احتاج إليها المريض لعدم مشابهتها للأكل والشرب.

تنظيف الأسنان بالمعجون: يجوز للصائم أن يستعمل معجون الأسنان وهو صائم في نهار رمضان وأن يحتاط من ابتلاع شيء منه.

الربو واستعمال البخاخ: المريض بمرض الربو يجوز له استخدام العلاج بواسطة البخاخ عن طريق الفم لقول الله عز وجل: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}[الأنعام: 119]، ولأنه لا يشبه الأكل والشرب، ولأن حصة كبيرة من قطرة الماء التي توجد في البخاخ تضيع إما في الهواء وإما في الفم ولا يتسرب إلى المسالك التنفسية إلا جزء يسير جدا.

والحمد لله رب العالمين.


[1]شرح مختصر الطحاوي للجصاص،2/411-412.

[2]المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي، 1/335،

[3] المغني لابن قدامة، 3/131،

[4]– صحيح البخاري،كِتَابُ الصَّوْمِ،بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا، رقم: 1933.

[5]– سنن الدارقطني،كتاب الصيام، باب تبييت النية من الليل،رقم:2242 .

[6]–  البقرة، 187.

[7]– رواه الدارقطني، كِتَابُ الصِّيَامِ، باب، رقم: 2243. وقال: تفرد به محمد بن مرزوق وهو ثقة عن الأنصاري.

[8]الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 2/323.

[9]– ينظر رأي المالكية في الموطأ، 3/436.

[10]– مسند أحمد، مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ، مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، رقم: 10463.

[11]– المدونة، 1/268،

[12]-المدونة، 1/ 277. الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر، 1/341.

[13]– البخاري،كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ، رقم: 1936.

[14]– الدر الثمين والمورد المعين لميارة، 464.

[15]– البخاري، كِتَابُ الجُمُعَةِ،بَابُ السِّوَاكِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، رقم: 887.

[16]– البخاري، كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا، رقم: 1926.

The post مبطلات الصيام: appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2V0xh3F
via IFTTT

مبطلات الصيام:


via منار الإسلام http://bit.ly/2V0xh3F

Saturday, April 27, 2019

المرأة في السنة النبوية

تقديم

كثيرة هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تحدث فيها عن طبيعة المرأة وبعض خصائصها فتلقتها أفهام طائفة من الفقهاء والمفسرين والمحدثين بشروحات تتهم المرأة وتسيء إليها، وبأحكام تعد المرأة كمًّا مهملا محجورا عليه وتعطل دورها الحضاري في بناء مستقبل الأمة، وبتأويلات بعيدة كل البعد عن المنهج الرباني المتصف بالعدل والرحمة، الذي ألفناه نموذجا تطبيقيا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ظلت هذه الأحاديث النبوية موضع الرفض والتشكيك من قبل دعاة تحرير المرأة والحركات النسوية الذين يرون في الفقه الإسلامي تأويلا ذكوريا لأحكام الشريعة وتحيزا ضد المرأة ينبغي مساءلته واتهامه.

فكيف إذن نتعامل مع مثل هذه الأحاديث النبوية؟

أنُضَعِّفُها ونردها لأنها تعارض ما قرره القرآن الكريم من قواعد المساواة بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والتكاليف والجزاء والحساب؟ فهي صحيحة عند الشيخين البخاري ومسلم وغيرهما، أم نقرأ الأحاديث ونفهم معانيها وفق مقاصد الوحي، وتوجيهات الشرع ووصل الجزئيات بالكليات؟ وهل اتباع السنة الشريفة يستوجب أن نطبقها تطبيقا حرفيا، ونعطل علاقة تبعية السنة للكتاب؟ أم إنها وإنما تدرك بالنظر إلى مقاصد فعله صلى الله عليه وسلم وخصوصية الظرف وسياق الحال؟

تعتبر هذه الدراسة محاولة لتصحيح سوء التأويل الذي أدرك أحاديث نبوية تخص المرأة، كما تهدف إلى فهم شمولي وفق الرؤية القرآنية لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكون مفتاحا لرؤية تجديدية حول قضية المرأة ومظلوميتها.

المبحث الأول: المرأة بين النقص والكمال

روى الإمام البخاري عن أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)[1]، فما معنى الكمال؟

يقصد به في اللغة كما ورد عند ابن فارس كمل: الكاف والميم واللام أصل صحيح يدل على تمام الشيء، يقال: كمل الشيء وكمل فهو كامل أي تام”[2].

ويرى الإمام النووي أن ” لفظة الكمال تطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه، والمراد هنا التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى”[3].

إن حقيقة الكمال من خلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلوغ المرأتين النهاية في جميع الفضائل التي تخص النساء، هذا ما اتفق عليه شراح الحديث والفقهاء، لكنهم اختلفوا في دلالة صيغة الحصر على رأيين:

أولا: كمال النبوة قبل زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر”استدل بهذا الحصر على أنهما نبيتان لأن أكمل النوع الإنساني الأنبياء ثم الأولياء والصديقون والشهداء، فلو كانتا غير نبيتين لَلَزِم ألا يكون في النساء ولية ولا صديقة ولا شهيدة، والواقع أن هذه الصفات في كثير منهن موجودة، فكأنه قال ولم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة، ولو قال لم تثبت صفة الصديقية أو الولاية أو الشهادة إلا لفلانة وفلانة .. وعلى هذا فالمراد من تقدم زمانه صلى الله عليه وسلم[4].

ثانيا: نموذج الكمال في الفضائل وبلوغ التمام في خصال الخير يقول القاضي عياض: وليس يشعر الحديث بأنه لم يكمل ولا يكمل ممن يكون في هذه الأمة غيرهما… إذا قلنا إنهما صديقتان لم يمنع أن يكمل من هذه الأمة غيرهما.[5]

إذن يسوق لنا الحديث نموذجين ونوعيين للكمال على سبيل التأسي والاقتداء لا الحصر كما قال الإمام الصنعاني: “وليس في الاقتصار عليهما حصر للكمال فيهما[6]. وهذا المعنى ينسجم مع ما جاء عند الترمذي عن أَنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وخديجَة بنت خوَيلد، وفاطمة بِنت محمد وآسية امرأة فرعون”[7]. علق عليه صاحب التحفة بقوله: “(حسبك) أي يكفيك (من نساء العالمين) أي الواصلة إلى مراتب الْكاملين في الِاقتداء بهن وذكر محاسنهنّ ومناقبهنّ وزهدهنّ في الدنيا وإِقبالهن على الْعُقْبَى”[8].

وبالرجوع إلى كتاب الله تعالى نجد ذكر مريم وآسية في قوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ التحريم 11-12. المثل والأسوة هنا للرجال والنساء كما يرى ابن عاشور “وجاء أحد المثلين للذين آمنوا مثلاً لإِخلاص الإِيمان. والمثل الثاني لشدة التقوى فكانت امرأة فرعون مثلاً لمتانة إيمان المؤمنين ومريم مثلاً للقانتين”[9].

يتضح مما سبق أن:

–  الحديث النبوي ذكر نماذج للكاملات وموافقة لما ورد في القران الكريم حين ضرب المثل للمرأة المسلمة بمريم وآسية الصالحتين.

– الحديث النبوي لا يقرر ندرة الخير وشحه في جنس النساء، وإنما يبين نماذج نوعية لصلاح المرأة وكيفية سلوكها إلى الله تعالى. فلم مريم وآسية نموذجا؟

الأولى طفلة كانت الكرامات تظهر على يدها، أعظمها لزوم العبادة، حتى تتعلم النساء أن الله عز وجل كما يصطفي من الرجال عبادا يصطفي من النساء إماء، وأن باب كرمه مفتوح للمرأة كما هو مفتوح للرجل.

الثانية مؤمنة في بيت كافر، حافظت على فطرة نبي الله موسى وغذتها رغم البيئة الملوثة، ما ضرها فجور الزوج الكافر، لتوقن النساء أن المرأة لا يرفعها ولا يحطها إلا عملها، وأن الصلاح الأخروي ما هو وقف على من ولدهن صالحان وكفلهن وتزوجهن رسول.

المبحث الثاني: نقصان عقل ودين المرأة

عن أبي سعيد الخدري قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن بلى، قال: فذلك من نقصان دينها))[10]، وفي رواية مسلم: ((…فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: تكثرن اللَّعن، وَتكفرن الْعشير…))[11]

اختلف في فهم الحديث بناء على اعتبارات متعددة، منها: الالتزام بحرفية النص، أو النظر للسياق العام، أو فهمه على ضوء القرآن.

يربط الإمام ابن حجر أول الحديث بآخره، ويعلل دخول النساء النار بقوله: ” (..من ناقصات) صفة موصوف محذوف…. وَيَظهر لي ذلك من جملة أسباب كونهن أكثر أهل النار، لأنهن إذا كن سببا لإذهاب عَقْل الرجل الحازم حتى يفعل أَوْ يَقُولَ مَا لَا يَنْبَغِي فَقَدْ شاركنه في الإثم وزدن عليه”[12].

ثم يعتبر سؤال النساء دليلا عاما وجازما على نقصانهن إطلاقا فيقول: قلن: (وَما نقصان ديننا)؟ كأنه خفي عليهن ذلك حَتى سألن عنه ونفس السؤال دال على النقصَان، لأنهن سلمن ما نُسب إِليهن من الْأمور الثلاثة الإكثار وَالكفران والإذهاب، ثم استشكلن كونهن ناقصات. وما ألطف ما أجابهن به صلى الله عليه وسلم..لأن الاستظهار بأخرى مؤذن بقلة ضبطها وهو مشعر بنقص عقْلها”[13].

وهنا يُطرح السؤال: هل تدخل المرأة النار لأن بعقلها نقصا ولأنها مسؤولة عن معصية الرجل؟ وهل هي ناقصة لأنها تسأل والسؤال ورد هنا بصيغة الاستفسار وليس الاستشكال؟ كيف والسائلة كما جاء عند مسلم جَزْلَة ” أي ذات عقل ورأي، والجزالة العقل والوقار” كما قال الامام النووي[14].

استنبط بعض العلماء من الحديث فوائد تؤكد أفضلية الرجال وسفاهة النساء منها:

يقول الإمام النووي “من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه. ثم نقص الدين قد يكون .. على وجه هو مكلف به كترك الحائض للصلاة والصوم، فإن قيل: كانت معذورة فهل تثاب …فالجواب أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب”[15].

ويرى الامام ابن حجر “وليس المقصود بذكر النقص فِي النساء لومهن عَلَى ذلك، لأنه من أَصْلِ الخلقة، لَكن التنبيه على ذلك تحذير من الافتتان بهن، ولهذا رتب الْعذاب عَلَى مَا ذكر من الكفران وغيره لا على النقص”[16].

ومن فوائد الإمام ابن بطال “وفيه أن للعالم أن يكلم من دونه من المتعلمين بكلام يكون عليهم فيه بعض الشدة والتنقيص في العقل …وفي الحديث ترك العتب للرجل أن تغلب محبة أهله عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عذره بقوله: أذهب للب الرجل الحازم منكن، فإذا كن يغلبن الحازم فما الظن بغيره”[17].

استنتج الإمام القرطبي ” إنما كان النساء أقل ساكني الجنة لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الدنيا لنقصان عقولهن أن تنفذن بصائرها إلى الأخرى، فيضعفن عن عمل الآخرة والتأهب لها، ولميلهن إلى الدنيا والتزين بها ولها، ثم مع ذلك هن أقوى أسباب الدنيا التي تصرف الرجال عن الأخرى لما لهم فيهن من الهوى والميل لهن، فأكثرهن معرضات عن الآخرة بأنفسهن صارفات عنها لغيرهن سريعات الانخداع لداعيهن من المعرضين عن الدين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إلى الأخرى وأعمالها من المتقين”[18].

من خلال ما سبق يظهر أن المرأة جبلت على النقص وخفة العقل والسفاهة، فرفع العتب عن الرجل وعذر، ولم يلتمس لها العذر فصارت ناقصة دين لأنها لا تقرب الصلاة أيام الحيض امتثالا لأمر ربها. فلماذا تستوي مع الرجل في التكليف والحساب إذن؟

الواجب أن تفهم السنة النبوية على ضوء القرآن الكريم وتستصحب في فهم أحكامه العامة وتوجيهاته وليس اجتزاء أحاديث متفرقة من سياقها العام وفهمها فهما ضيقا، لأنه لا يستقيم أن يصدر هذا الحكم الجاهز على جنس النساء من نبي الرحمة الذي أوتي جوامع الكلم ومفاتيح البلاغة، وهو الذي أحسن إلى المرأة أوصى بها خيرا كما تدل على ذلك السنة العملية.

ثم إذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد قاعدة عامة في التفاضل يقول تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل 97)، يعلق الإمام الطبري على الآية قائلا  “من عمل بطاعة الله، وأوفى بعهود الله إذا عاهد، من ذكر أو أنثى من بني آدم، وهو مؤمن: وهو مصدق بثواب الله الذي وعد أهل طاعته على الطاعة، وبوعيد أهل معصيته على المعصية ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾”[19].

أما الامام ابن عاشور فيقول في تفسيره قوله تعالى﴿ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى﴾” تبيين للعموم الذي دلت عليه (من) الموصولة، وفي هذا البيان دلالة على أن أحكام الإسلام يستوي فيها الذكور والنساء، عدا ما خصصه الدين بأحد الصنفين، وأكد هذا الوعد كما أكد المبين به”.[20]

يتضح من كلام المفسرين أن الآية تساوي بين الذكر والأنثى في جزاء الأعمال شريطة الإيمان، ويتضمن خطاب الآية استعدادا فطريا للمرأة لطلب الكمال الإيماني والترقي في مراتب الدين كما الرجل، فلا ترجح كفة أحدهما إلا بالعمل الصالح.

وفي القرآن الكريم أيضا يتحدث الله تعالى عن بعض صفات الإنسان الطبع البشري فيقول ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴾ العاديات 6،  يفسرها الإمام ابن عاشور بقوله “والتعريف في الإنسان تعريف الجنس وهو يفيد الاستغراق غالبا، أي أن في طبع الإنسان الكنود لربه أي: كفران نعمته، وهذا عارض يعرض لكل إنسان على تفاوت فيه ولا يسلم منه إلا الأنبياء، وكُمَّل أهل الصلاح، لأنه عارض ينشأ عن إيثار المرء نفسه، وهو أمر في الجبلة لا تدفعه إلا المراقبة النفسية وتذكر حق غيره. وبذلك قد يذهل أو ينسى حق الله، والإنسان يحس بذلك من نفسه في خطراته، ويتوانى أو يغفل عن مقاومته، لأنه يشتغل بإرضاء داعية نفسه، والأنفس متفاوتة في تمكن هذا الخلق منها، والعزائم متفاوتة في استطاعة مغالبته”[21].

يتضح إذن أن كفر النعمة خلق متأصل في الإنسان وطبع متعلق بالنفس البشرية عامة غير مخصوص بالأنثى فقط.

أما استدلالهم على قصور شهادة المرأة في آية الدَّيْنِ ﴿فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ﴾، فالمقصد من الآية ليس التنقيص من عقل المرأة أو اتهامها لأن الشرع أجاز شهادتها دون الرجل في مواضع عدة، وإنما المقصد كما يقول الإمام ابن عاشور ” وجيء في الآية بـ (كان) الناقصة مع التمكن من أن يقال: فإن لم يكن رجلان، لئلا يتوهم منه أن شهادة المرأتين لا تقبل إلا عند تعذر الرجلين كما توهمه قوم، وهو خلاف قول الجمهور، لأن مقصود الشارع التوسعة على المتعاملين، وفيه مرمى آخر وهو تعويدهم بإدخال المرأة في شئون الحياة، إذ كانت في الجاهلية لا تشترك في هذه الشئون فجعل الله المرأتين مقام الرجل الواحد وعلل ذلك بقوله ﴿أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ﴾، وهذه حيطة أخرى من تحريف الشهادة، وهي خشية الاشتباه والنسيان لأن المرأة أعف من الرجل بأصل الجبلة بحسب الغالب، والضلال هنا بمعنى النسيان”[22].

وبالرجوع إلى ما ذكر في مناسبة الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم (فِي أَضْحى أَوْ فِطْرٍ) يتضح أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان في المسجد يعلم الصحابيات ويعظهن ويعالج الأخطاء اليومية، خاصة بعدما اشتكى المهاجرون لرسول الله تبدل أحوال نسائهم، كما عبر عن ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بقوله “وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يأخذن من أدب الأنصار”[23].

وفي يوم العيد يخص رسول الله النساء بالموعظة التي جاءت على صيغة تعجب من حال الضعيفة القليلة الخبرة بخصام الناس وشدائد الحياة التي تغلب الأقوياء، تعجب من قدرة الله الذي غَلَّبَ الضعيفات بلباقتهن وحب أزواجهن لهن فيطيعهن، كما يقول الإمام العييني عندما سئل ” أليس ذلك ذما لهن؟ قلت: لا وإنما هو على معنى التعجب بأنهن مع اتصافهن بهذه الحالة يفعلن بالرجل الحازم كذا وكذا”[24].

الحديث إذن كلمة رقيقة وجهها رسول الله إلى النساء، جاءت في صيغة تعجب وانبساط يوم العيد. وهل يُعْقَلُ أن َيَغُمَّ نبي الرحمة المرأة ويحزنَها يوم الفرح بالله، وفي مناسبة السرور والبهجة، أو يسيء الظن ببنات آدم اللواتي أكرمهن الله تعالى على يديه، وهو الذي أمر النساء بالخروج ليشهدن معه العيد، كما روي عن أم عطية قالت ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أخرجوا العواتق وذوات الخدور ليشهدن العيد ودعوة المسلمين وليجتنبن الحُيَّض مصلى الناس))[25]، فإنما أخرجهن ليبشرهن بالخير ويكرمهن، وليعلم النساء أنهن ركيزة أساسية في التغيير وفي بناء حاضر ومستقبل الأمة، وهو ذو القلب الرحيم صاحب الذوق الرفيع عليه أزكى الصلاة والتسليم. إذن ما الغرض من ذكر هذا الحديث؟

  • ليس في الحديث حكم قاطع جازم ببوار جنس النساء بالنظر إلى ما أقره القرآن الكريم من مبادئ عامة تعدل بين الرجل والمرأة في العطاء والجزاء، فلو سبق عند الله في حقهن الهلاك فما الجدوى من التربية والتوجيه؟
  • جاء الحديث في سياق تعليمي لأن اجتماع النساء في العيد مناسبة للوعظ والنصح عبر التنبيه على بعض العيوب والطباع المذمومة والتحفيز على البذل والعطاء، وليس للفضيحة وسوء الظن بالمرأة وتوجيه اللوم والتوبيخ.

المبحث الثالث: أصل خلقة المرأة

أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا))[26].

يُفَسِّرُ ظاهر الحديث مجمل القرآن، حيث قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ الأعراف 189، بَيَّن أن حواء خلقت من ضلع آدم، غير أن بعض العلماء فهموا الحديث فهما حرفيا. فالمرأة عوجاء مطلق الاعوجاج في أصل خلقتها وطبعها، والرجل هو الاستقامة. وكأن رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم لا يفهم حديثه إلا متحيزا ضد المرأة ومهينا لها وهو الذي أوصى بها ودارى وأحسن إليها.

يقول الإمام ابن حجر ” المعنى أن النساء خلقن مِنْ أَصْلٍ خُلِقَ مِنْ شيء معوج، وهذا لا يخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه، وأنها عوجاء مثله لكون أصلها منه …قوله ( وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ) ذكر ذلك تأكيدا لمعنى الكسر، إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن…وفي الحديث …سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال: الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها”[27]

أما الامام النووي فيرى أن ” في هذا الحديث ملاطفة النساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب وأنه لا يطمع باستقامتها”[28].

ويستنبط الإمام ابن العربي منه ” فضل الله تعالى الذكر على الأنثى من ستة أوجه؛ الأول: أنه جعل أصلها وجعلت فرعه، لأنها خلقت منه، كما ذكر الله تعالى في كتابه. الثاني: أنها خلقت من ضلعه العوجاء”[29].

أما الإمام الشوكانيُّ فيؤكد أن ” الفائدةُ في تشبيه المرأة بالضِّلع التنبيه على أنَّها معوَّجة الأخلاق، لا تستقيم أبدًا، فمن حاول حملَها على الأخلاق المستقيمة أفسدَها، ومَن تركَها على ما هي عليه من الاعوجاج انتفع بها، كما أنَّ الضِّلع المعوج ينكسر عند إرادة جعلِه مستقيمًا وإزالة اعوجاجه، فإذا تركه الإنسانُ على ما هو عليه انتفعَ به”[30].

وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل من العدل الإلهي أن يجبل المرأة على الاعوجاج في الطبع والخلق ثم يجعلها متساوية للرجل في التكليف والحساب وأمينة على الفطرة؟ علما أن عموم القرآن الكريم كرم الإنسان بحسن الخُلُق والخلقة، امرأة كانت أم رجلا، وفق المبدأ القرآني ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ (سورة التين الآية 4)، وبهذه الرؤية القرآنية نفهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في هذا الإطار يقول الإمام الشنقيطي” شامل لخلق الإنسان حسا ومعنى، أي شكلا وصورة وإنسانية… والإنسان وإن كان لفظا مفردا إلا أنه للجنس بدلالة قوله: ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا”[31].

ويستفيد ابن عاشور من الآية ” أن الإنسان مفطور على الخير وأن في جبلته جلب النفع والصلاح لنفسه وكراهة ما يظنه باطلا أو هلاكا، ومحبة الخير والحسن من الأفعال”[32].

فالمرأة من المنظور القرآني مفطورة على خصال البر لا على الاعوجاج إذن. ومن التجني على اللغة وبلاغتها ومقاصد الشرع وطبيعة المرأة أن يفهم الاعوجاج في الحديث سوء وخسة في المرأة، ونقمة وبلية على الرجل تحملها. فهم لا يستقيم مع الرؤية القرآنية ولا مع سنة رسول الله العملية.

جملة القول في الحديث إن” الاعوجاج في الضلع كناية عن الاختلاف بين الرجل والمرأة في التركيبة النفسية …إن اختلاف نفسية المرأة وغلبة العاطفة عليها إن غلب على الرجل المنطق العقلي مزية وتكامل، لا يصح أن نُنْقصها لمكان تركيبتها النفسية إلا لو صح أن نلومها على اختلاف تركيبها الجسمي. اعوجاجها الضلعي هو استقامتها، هو انحناء معنوي وحنو، هو عاطفة ورحمة”[33].

وعليه فالحديث وصاة نبوية ومداراة مقصده الرفق بالمرأة وحسن معاملتها تحقيقا للتساكن الذي أراده الله تعالى أن يعمَّ كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم 21).

المبحث الرابع: فتنة النساء

روى الإمام مسلم في صحيحه عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء))[34].

كثيرا ما يستشهد الناس – الفقهاء منهم والعوام –بهذا الحديث للتنقيص من قدر المرأة، فماذا تعني الفتنة؟

جاء في مقاييس اللغة “فتن الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار ومن ذلك الفتنة … وفتنت الذهب بالنار، إذا امتحنته ..” [35]، يتطابق هذا الكلام مع المعنى القرآني للكلمة، فالفتنة شدة ومصائب من فعل الله تعالى المقضي المقدر، ومن فعل الناس يصيبهم بأس الله تعالى ويظهر بينهم الفساد بما كسبت أيديهم.

الفتنة إذن اختبار له معنى وهي أنواع مختلفة حذر منها القرآن الكريم ونبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سمي بأحاديث الفتن في تصنيفات المحدثين. يفتن الإنسان ذكرا أو أنثى بالمال وحب الشهوات وقسوة القلب …كما تنزل الفتن التاريخية على ميعاد بين قدر الله وانحطاط العباد كما جاء في حديث أبي هريرة ((بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم))[36]، أشدها فتكا بأمة الإسلام الفرقة واقتتال المسلمين فيما بينهم والتكالب على السلطة.

فما موقع فتنة النساء الواردة في الحديث من الفتن الأخرى؟

يرى الحافظ ابن حجر أن “الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن، ويشهد له قوله تعالى ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾ آل عمران 15، فجعلهن من حب الشهوات، وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك… وقد قال بعض الحكماء: النساء شر كلهن وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن”[37].

ويعلل المباركفوري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أضر على الرجال من النساء)) لأن الطباع كثيرا تميل إليهن، وتقع في الحرام لأجلهن، وتسعى للقتال والعداوة بسببهن، وأقل ذلك أن ترغبه في الدنيا، وأي فساد أضر من هذا؟[38]

يبدو أن المرأة أصل كل الفتن وأم كل البلايا التي تقع للرجل وهو بريء وغير مسؤول عن كل ذلك، يضيف الإمام القرطبي مؤكدا شر النساء أثناء تفسيره لقول الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾ “ففتنة النساء أشد من جميع الأشياء. ويقال: في النساء فتنتان …فإحداهما أن تؤدي إلى قطع الرحم، لأن المرأة تأمر زوجها بقطعه عن الأمهات والأخوات، والثانية يبتلى بجمع المال من الحلال والحرام وذلك لينال رضاهن .. وروى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تسكنوا نساءكم الغرف ولا تعلموهن الكتاب)). حذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن في إسكانهن الغرف تطلعا إلى الرجال، وليس في ذلك تحصين لهن ولا ستر، لأنهن قد يشرفن على الرجال فتحدث الفتنة والبلاء… وفي تعلمهن الكتاب هذا المعنى من الفتنة وأشد”[39].

وهل يعقل أن تُتَّهم المرأة في كتاب الله تعالى؟ ليس ذلك هو المقصد من كلام رب العالمين، أيجوز شرعا تعميم الحكم على جنس النساء بفساد وخسة الطبع والخلق، والتحريض على حبسهن؟

لا بد من توضيح المسألة من أوجه عدة:

أولا: إن ميل الرجل إليها وتعلقه بها جعله الله تعالى مركوزا في الفطرة، والمقصد منه هو استمرار الإنسان كما يقول الإمام ابن عاشور “وضعه الله تعالى (أي الميل) لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل، إذ المرأة هي موضع التناسل، فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلف ربما تعقبه سآمة”[40].

ثانيا: لا تمنع الفتنة بحبس المرأة وتواريها عن الأنظار، إذ ليس في سنة رسول الله القولية ولا العملية ما يدعو إلى سجن المرأة وتجهيلها، أو يفيد سوء الظن بها.

ثالثا: حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي عزز به الإمام القرطبي الآية موضوع ومكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أثبت الإمام الألباني[41]، وهذا يعبر عن واقع أهينت فيه المرأة.

اعتمادا على ما سبق نستنتج أن:

  • مرام الحديث ومقصده التحذير من فتنة انحطاط الأمة نتيجة تغييب المرأة وتهميشها وتعطيلها عن أداء مهمتها حافظة في بيتها وفي مجتمعها.
  • فتنة النساء هي تجهيل المرأة لأن مكانة النساء في المجتمع ودرجتهن في التقوى ودركتهن في الانحطاط، معيار لنهوض الأمة وسقوطها، فالمرأة إذا جهلت واستضعفت ركنت إلى الدنيا تمكر وتكيد لا شغل لها من أمر حاضر ومستقبل أمتها.
  • قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بالرفق بالمرأة والتلطف بها، ولم ينقم قط عليها أو يحذر منها باعتبارها شرا وفتنة.

خاتمة

مررت من خلال هذا البحث بوقفات مع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول بعض شؤون المرأة وتباين آراء أئمة العلم في تأويلها، ابتغيت من خلالها كشف الغمة عن الأمة في شأن المرأة، وإبراز أهمية المرأة المسلمة وعظم مهمتها، فقادتني الدراسة إلى جملة من النتائج أجمل الحديث عنها فيما يلي:

– أهمية فهم نصوص السنة النبوية وفق الرؤية القرآنية واستحضار مقاصد الشريعة بعيدا عن سوء التأويل وضيق الفهم الذي أنتج أحكاما مجردة معممة سطحية مستوحاة من السنة النبوية تناقض ما قرره صريح القرآن الكريم.

– ضرورة التحرر من ذهنية التشدد والتضييق على المرأة وسوء الظن بها واتهامها، لأن الرفق هو المنهاج الأصلح للتغيير والإصلاح.

– نبذ التقليد والجمود الفكري ومساءلة فقه منحسر منحبس أهمل المرأة وألجمها وأثقل كاهلها بموروث يعرقلها عن ممارسة حافظيتها كاملة داخل بيتها وفي مجتمعها، ورسخ فيها على مر العصور الانحطاطية الشعور بالدونية والعجز وكسرَ ثقتها بنفسها وبربها.

– محاولة التجديد في قضية المرأة باجتهاد يبصر الأمور في شمولها، ويستنبط الأحكام من أصولها، ويتتلمذ مباشرة للنموذج الصحابي، وبفقه يستفيد من ذخائر أئمتنا دون أن يقف عندها وينحبس في أفقها.

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]– صحيح البخاري،كتاب أحاديث الأنبياء باب قوله تعالى “وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون“، رقم 3411، صحيح مسلم باب فضائل خديجة رضي الله عنها ورواه الترمذي وابن ماجة في الأطعمة.

[2]– معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، كتاب الكاف مادة كمل، حققه عبد السلام محمد هارون. دار الفكر 1399/1979، 5/139.

[3]– المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكرياء محيي الدين بن شرف النووي، كتاب الصحابة باب فضائل خديجة، دار إحياء التراث العربي بيروت ط 2، 1392ه،15/198.

[4]– فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني كتاب أحاديث الأنبياء باب وضرب الله مثلا امرأة للذين آمنوا، صححه محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت 1379ه، 6/447.

[5]-إكمال المعلم بفوائد مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضل خديجة أم المؤمنين، تحقيق د يحيا إسماعيل دار الوفاء ط 1،1409 /1998،7/440

[6]– التنوير شرح الجامع الصغير الصنعاني، 8/239 دار السلام الرياض 1432/2011.

[7]– سنن الترمذي كتاب المناقب باب فضل خديجة رقم ح 3878، صححه الألباني.

[8]– تحفة الأحوذي،  محمد بن عبد الرحمان المباركفوري دار الكتب العلمية بيروت لبنان، 266/ 10.

[9]– التحرير التنوير، ابن عاشور، دار سحنون تونس، 29/376.

[10]–  صحيح البخاري، كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم رقم الحديث 298.

[11]– صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله.

[12]– فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/406.

[13]–  المصدر نفسه، 1/406

[14]– المنهاج شرح صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب نقصان الايمان بنقص الطاعات، 2/66.

[15]– المصدر نفسه ،2/68.

[16]–   فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/406 -407.

[17]– شرح صحيح البخاري، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم مكتبة الرشد الرياض السعودية، ط 2، 1423ه-2003م،1/420.

[18]–  كتاب التذكرة في أحوال الموتى والآخرة، أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي باب ما جاء في أكثر أهل الجنة وأكثر أهل النار، تحقيق الصادق بن محمد إبراهيم، مكتبة دار المنهاج الرياض ط1 ،1425ه، 1/818.

[19]– جامع البيان عن تأويل آي القرآن محمد بن جرير الطبري. ‑289/17 حققه محمود محمد شاكر دار المعارف مصر.

[20]–  التحرير والتنوير، 15/273.

[21]– المرجع نفسه، 31/502.

[22] – التحرير والتنوير، 3/109.

[23]–  صحيح البخاري، كتاب النكاح باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها رقم 4895.

[24]– عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني، كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم ، صححه عبد الله محمد عمر دار الكتب العلمية بيروت ط1 ،1421/2001،  3/402.

[25]– سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في خروج النساء في العيدين رقم 1305.

[26]– صحيح البخاري كتاب النكاح باب الوصاة بالنساء رقم 4890، مسلم في كتاب النكاح باب الوصية بالنساء.

[27]–  فتح الباري شرح صحيح البخاري 2/254.

[28]–  المنهاج شرح صحيح مسلم، كتاب النكاح باب الوصية بالنساء، 10/57.

[29]–  أحكام القرآن 1/335.

[30]–  نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأبرار” محمد بن علي بن محمد الشوكاني، 6/244 دار الحديث مصر ط1، 1413/1993.

[31]– أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، دار الفكر بيروت 1415/1995، 9/6.

[32] – التحرير والتنوير 31/422.

[33]– تنوير المؤمنات عبد السلام ياسين مطبوعات الأفق الدار البيضاء ط  1،1996م، 2/196.

[34]– صحيح مسلم،كتاب الرقاق باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار، رقم2740، صحيح البخاري كتاب النكاح باب ما يتقى من شؤم المرأة، ح 4808 الترمذي كتاب الادب باب ما جاء في تحذير فتنة النساء.

[35]– معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكرياء، مادة فتن  4/472.

[36]– صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل ظهور الفتن، رقم118.

[37] – فتح الباري، كتاب النكاح باب ما يتقى من شؤم المرأة 9/139.

[38]– تحفة الاحوذي، عبد الرحمان المباركفوري دار الكتب العلمية بيروت، 8/53.

[39]– الجامع لأحكام القرآن، 4/28-29.

[40]–  التحرير والتنوير، 3/179.

[41]– سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة محمد ناصرالدين الألباني، مكتب المعارف الرياض ط 1، 1412/1992، 5/30.

 

قائمة المراجع

  1. أبو زكرياء محيي الدين بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ط 2، دار إحياء التراث العربي بيروت 1392ه.
  2. أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، معجم مقاييس اللغة، حققه عبد السلام محمد هارون، دار الفكر بيروت 1399/1979.
  3. أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني المعروف بابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، صححه محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت 1379ه.
  4. بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صححه عبد الله محمد عمر، ط1، دار الكتب العلمية بيروت، 1421/2001.
  5. الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، دار سحنون، تونس1997.
  6. عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، ط 1 مطبوعات الافق الدار البيضاء المغرب،1996م.
  7. عبد الرزاق بن همام الصنعاني، التنوير شرح الجامع الصغير الصنعاني، دار السلام الرياض 1432/2011.
  8. علي بن خلف بن عبد الملك ابن بطال القرطبي، شرح صحيح البخاري، تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم، ط 2، مكتبة الرشد الرياض  1423ه-2003م.
  9. القاضي عياض، إكمال المعلم بفوائد مسلم، تحقيق يحيى إسماعيل، ط 1، دار الوفاء 1409 /1998.
  10. محمد الأمين الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر بيروت 1415/1995.
  11. محمد بن أحمد القرطبي، كتاب التذكرة في أحوال الموتى والآخرة، تحقيق الصادق بن محمد إبراهيم، ط1، مكتبة دار المنهاج الرياض 1425.
  12. محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، ط 2، دار الكتب المصرية القاهرة، 1964.
  13. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن. حققه محمود محمد شاكر، دار المعارف مصر.
  14. محمد بن عبد الرحمان المباركفوري، تحفة الأحوذي، دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
  15. محمد بن عبد الله بن العربي الإشبيلي المالكي، أحكام القرآن، راجعه محمد عبد القادر عطا، ط 3، دار الكتب العلمية بيروت 2003.
  16. محمد بن علي بن محمد الشوكاني، نيل الأوطار ” شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأبرار”، ط1، دار الحديث مصر  1413/1993.
  17. محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ط1، مكتب المعارف الرياض المملكة السعودية 1412/1992.
  18. محمد بن إسماعيل البخاري، جامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه المعروف بصحيح البخاري.
  19. محمد بن يزيد بن ماجة الربعي القزويني، سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في خروج النساء في العيدين رقم 1305.
  20. مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، صحيح مسلم.

 

The post المرأة في السنة النبوية appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2Vv3E9Q
via IFTTT

المرأة في السنة النبوية


via منار الإسلام http://bit.ly/2Vv3E9Q

التأصيل الشرعي للمواطنة

تمهيد:

    إن موضوع المواطنة يشكل حاليا أحد موضوعات الساعة، التي تطرح  ويكثر النقاش حوله، ويعتني به المفكرون على مختلف تصوراتهم واتجاهاتهم للدور الذي تقوم به في رقي الفرد والمجتمع، وخاصة أنها صمام الأمان الذي يضمن التوازن بين الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين ويؤسس لقواعد العيش المشترك بين المختلفين.

    والإسلام قد وضح رؤيته لهذا المفهوم ممارسة وتطبيقا منذ الهجرة النبوية حيث ظهرت المواطنة عمليا في أسمى تجلياتها أمام خليط من الشعوب والقبائل بل والديانات المتعددة التي وجدت لها مكانا في المجتمع المسلم لم تجده في موطن آخر.

    وعند التأصيل الشرعي للمواطنة سيتم التركيز على المضمون الإجمالي للمواطنة لا على وجود لفظها ومشتقاتها، لأن لفظ “المواطنة” أو أحد مشتقاته سيكون مستعملاً في معناه اللغوي (المنزل تقيم به)، لأن النصوص التراثية أنتجت قبل زمن الاصطلاح، ولذلك لن نستطيع استنتاج المعنى الاصطلاحي للمواطنة في التراث الإسلامي اعتماداً على استعمال لفظها في ذلك التراث، لأنه سيكون استعمالاً في المعنى اللغوي لِلّفظ وليس في المعنى الاصطلاحي.

      لهذا سنعرض لمجموعة نصوص شرعية تدل بمضمونها على أهم أسس المواطنة المتعارف عليها اليوم من حب للوطن والعيش المشترك بين المسلمين وغيرهم وعلى قيم الحرية والعدل والمساواة.

أولا: من القرآن الكريم

  • قال تعالى: ﴿ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾[i]، فقد اعتبر القرآن الكريم الدفاع عن الوطن جهادا في سبيل الله، واعتبر أيضا الإخراج من الوطن وسيلة عقاب وزجر للمفسدين فيه حيث قال: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[ii]، بل جعل القرآن الكريم إخراج الإنسان من وطنه معادلا للقتل إذ إن التمسك بالوطن والانتماء إليه غريزة وجبلة في الإنسان، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا﴾.[iii]
  • قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[iv]، هذه الآية توضح وحدة النوع البشري، وصدوره عن أب واحد وأم واحدة، فالبشر كلهم كافرهم ومؤمنهم مشتركون في الأخوة الإنسانية، يقول الطبري: “ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفًا بذلك بعضهم على بعض، ليتناصفوا ولا يتظالموا، وليبذُل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له، فقال: ﴿الذي خلقكم من نفس واحد﴾، يعني: من آدم”.[v]
  • قوله تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُون﴾.[vi] و﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه﴾.[vii] و﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه﴾.[viii] و﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُون﴾.[ix] ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُون﴾.[x] فكل هذه الآيات تعتبر الأنبياء إخوة لأقوامهم الذين كفروا بهم أخوة قومية وإنسانية، ويؤكد هذه الحقيقة صاحب تفسير المنار بقوله: “أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم في النسب هودا، كما يقال في أخوة الجنس كله يا أخ العرب، وللدين أخوة روحية كأخوة الجنس القومية والوطنية، والآية دليل على جواز تسمية القريب أو الوطني الكافر أخا”[xi]، وأضاف: “وفيه أيضا: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ أي وأرسلنا إلى ثمود أخاهم في النسب والوطن صالحا، سئل ابن أبي ليلى عن اليهودي والنصراني يقال له أخ؟ قال: الأخ في الدار”.[xii]
  • قوله تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[xiii]، وقوله: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾[xiv]، وقد نزلت الآية الأخيرة في أهل بيت من الأنصار سرقوا يهوديا، فكاد النبي أن يصدقهم حتى فضحهم الله وحذر نبيه من الدفاع عن الخائنين، وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن خاصم عن الخائن، ولكنه هَّم بذلك، فأمره الله بالاستغفار مما هَمَّ به من ذلك[xv]، فنزل القرآن ينتصر للإنسان المظلوم رغم كفره، ويشنع على الظالم رغم إيمانه، فهذه هي عدالة الإسلام الناجزة التي يتساوى أمامها جميع المواطنين كيفما كانت دياناتهم.

ثانيا: من السنة النبوية الشريفة

  • صحيفة المدينة[xvi] وهي المعاهدة التي كتبها رسول الله ﷺ لتنظيم العلاقات بين أهل المدينة بمختلف قبائلهم وأديانهم، فهي العقد المنظم لعلاقات المسلمين فيما بينهم وعلاقاتهم مع قبائل اليهود، وتتكون المعاهدة من 47 بندا، ويعتبرها سليم العوا دستورا ويقول: “ولا تزال المبادئ التي تضمنها الدستور – في جملتها معمولا بها- والأغلب أنها ستظل كذلك في مختلف نظم الحكم المعروفة إلى اليوم وصل إليها الناس بعد قرون من تقريرها في أول وثيقة سياسية دونها الرسول ﷺ.[xvii] ويضيف موضحا تميزها عن باقي العقود: “وحق المواطنة الذي أبدعته الوثيقة وكفلته للأقليات الدينية الموقعة عليها، هو وضع أرقى من عقد الذمة وعقد العهد، لأن حق المواطنة لم يوجب جزية على أي من المنضوين تحته، ولم يحرم أحدا من ممارسة الدفاع عن المدينة بنفسه وسلاحه، وهذا هو الوضع الأنسب للدولة الحديثة، التي تميل إلى اشتراك جميع المواطنين في مسؤولية الدفاع عن الوطن”[xviii]، ويضيف أيضا مبرزا السبق الدستوري لهذه الصحيفة: “وهذه الصحيفة هي أول دستور مدون في التاريخ كله، ولم يسبق إلى مثلها أحد ولم ينسج على منوالها أحد، إلى أن صنع الإنجليز بعد ثورثهم في سنة 1215م وثيقتهم التي سموها العهد الأعظم وشتان ما بين الوثيقتين”.[xix]

لم تمنع الصحيفة حق المواطنة عن غير المسلمين حين نصت على اعتبار اليهود والمشركين من أهل المدينة رعايا الدولة الإسلامية وحددت لهم حقوقهم وواجباتهم (البنود 16-20 ومن25 إلى 36)[xx]، فمثلا: “وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم” و”وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين” فهم مواطنون ما داموا محافظين على العهود أي شروط المواطنة، وقد تناولت البنود من 25 إلى 35 العلاقة مع المتهودين من الأوس والخزرج إذ تمت نسبتهم إلى قبائلهم وجعلتهم الصحيفة تحت إطار دولة الإسلام، فاختلاف الدين بمقتضى أحكام الصحيفة ليس سببا للحرمان من مبدأ المواطنة.

  • كان سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام ، فقيل له إنها جنازة يهودي ، فقال: “أليست نفسا”، والحديث صريح في احترام النفس الانسانية بغض النظر عن دينها، وسواء في حياتها أو بعد مماتها. [xxii]
  • والرسول ﷺ تعامل مع ثمامة بن أثال [xxiii] المشرك المحارب بحق الإنسانية ورفض تجويعه وإظماءه، وهذا التعامل بالحسنى دفع ثمامة رضي الله عنه لتغيير موقفه من الإسلام رأسا على عقب، وحول بغضه للإسلام حبا شديدا، وأصبح جنديا ينصر المسلمين على أعدائهم، وهذا أحد نماذج تعاطف الرسول ﷺ مع الحالات الإنسانية من غير المسلمين.
  • عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ ﷺ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ.[xxiv] مما يؤكد التعامل التجاري مع غير المسلمين إلى درجة رهن آلة حرب لديهم.

 

[i] سورة البقرة، 246.

[ii]  سورة المائدة، 33.

[iii] سورة النساء، 66.

[iv]  سورة النساء، 1.

[v]  (تفسير الطبري)، ابن جرير الطبري، ط4: 1400ه/1980م، دار المعرفة : بيروت، لبنان، 7/513.

[vi] سورة الأعراف، 65.

[vii] سورة الأعراف، 73.

[viii] سورة الأعراف، 85.

[ix] سورة الشعراء، 106.

[x] سورة الشعراء، 161.

[xi] (تفسير القرآن الحكيم)، المشهور بالمنار، محمد رشيد رضا، ط3: 1367ه، مطبعة المنار: مصر، الأعراف 65، 8/497.

[xii] (تفسير المنار)، محمد رشيد رضا، الأعراف 73، 8/502.

[xiii] سورة المائدة،8.

[xiv] سورة النساء، 105.

[xv] (تفسير الطبري)، تفسير النساء 105، 9/175-176.

[xvi] نسختها الكاملة في ملحق البحث، مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة)، محمد حميد الله، ط6: 1987م، دار النفائس بيروت، ص57-64.

[xvii] (السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث)، علي محمد الصلابي، ط7: 1429ه/2008م، دار المعرفة: بيروت، ص332.

[xviii] (للدين والوطن)، سليم العوا، ص25.

[xix] المرجع نفسه، ص60-61.

[xx] (دستور المدينة والشورى النبوية)، محمد سليم العوا، ص135.

[xxi] صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي، ح1312، 2/85.

[xxii]  (الحريات العامة في الدولة الإسلامية)، راشد الغنوشي، طبعة عام 2008م، مركز الناقد الثقافي: دمشق سوريا، ص52.

[xxiii] صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، ح4272، 5/170.

[xxiv] صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب، ح2916، 4/41.

The post التأصيل الشرعي للمواطنة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2VxgzZ4
via IFTTT

المؤمنة وحياتها مع القرآن

المحاور الأساسية

مقدمة

أ – المؤمنة والدعوة إلى التصالح مع القرآن

ب- مشروعية ختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام

1- النهي عن الختم في أقل من ثلاث في تلك الأحاديث ليس للتحريم:

2-  عدم بلوغ بعض الأشخاص أحاديث النهي عن الختم في أقل من ثلاث:

3- استثناء الأوقات الفاضلة:

4 – عدم ورود نص مرفوع صريح في النهي عن القراءة في أقل من ثلاثة

ج – نماذج من السلف ممن كانوا يختمون القرآن في أقل من ثلاثة أيام

خاتمة.

*****

مقدمة

أختي المؤمنة، هاهو رمضان المبارك على الأبواب، شهر القرآن، شهر التلاوة والغفران، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[1]. فإن لم تضعي فيه برنامجا محكما للحياة مع القرآن، لا يتعارض مع متطلبات البيت وحقوق الزوج والأبناء، فستضيع منك فرصة ثمينة لا تعوض لتطهير القلب وتنويره وتعميره، وحياة الروح، وتزكية النفس، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: (إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ إِذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا جِلَاؤُهَا؟ قَالَ: كَثْرَةُ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ)[2] .لهذا لابد من الحرص على ختمتين على الأقل في شهر رمضان، بنسبة أربعة أحزاب كل يوم، لتتدربي على المحافظة على حزبين كل يوم خارج رمضان.

أ – المؤمنة والدعوة إلى التصالح مع القرآن

كانت العالمة الفقيهة مولاتنا عائشة رضي الله عنها، تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت.  وهذا الأثر أورده الإمام ابن رجب في “لطائف المعارف”، وهو يدل على عناية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالقرآن الكريم ومراعاتها لكل الحقوق التي عليها دون إفراط أو تفريط. فكانت تبدأ يومها من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس بتلاوة كتاب الله. وفي هذا قدوة للمسلمات في كل زمان ومكان،ـ بأن يشغلن الأوقات في شهر الخيرات بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم. فرمضان هو شهر القرآن، شهر الصيام والتلاوة للقرآن، وهما عبادتان عظيمتان إذا اجتمعتا في هذا الشهر الكريم نالت الصائمة أجراً عظيماً.

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَار،ِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ”[3]، فينبغي للصائمة أن تكثر من تلاوة القرآن في هذه الأيام المباركة والليالي الشريفة، فإن لكثرة القراءة في رمضان مزية خاصة ليست لغيره من الشهور، فلتغتنم الصائمة شرف الزمان في هذا الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن. وأن تتصالح مع المصحف، وتربط معه صحبة دائمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من سره أن يحب الله و رسوله فليقرأ في المصحف)[4]، قال المناوي رحمه الله: “وذلك لأن في القراءة نظر زيادة ملاحظة للذات والصفات، فيحصل من ذلك زيادة ارتباط، توجب زيادة المحبة”[5]. وقال يونس بن عبيد رحمه الله  وهو من صغار التابعين: “كان خلق الأولين النظر في المصحف”.[6]

كما أن قراءة القرآن في ليالي رمضان لها مزية، إذ في الليل تنقطع الشواغل وتجتمع الهمم، ويتواطأ القلب واللسان على التدبر لقلة العمل المتعب بالنهار. وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يُكثرون من تلاوة القرآن في رمضان، وكانوا إذا صاموا جلسوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا، فكانوا يقرؤون القرآن في الصلاة وغيرها ويختمونه ختمات عديدة، وكذلك الصالحات المؤمنات، كن يلزمن بيوتهن لا للغرق في أشغال المطبخ التي لا تنتهي، وإنما للصلاة والتلاوة، مع التقليل من أعمال المطبخ، لاتفاق الأسرة على كون شهر رمضان شهر العبادة، وليس شهر الطعام والشراب والسهر والسمر.

ب – مشروعية ختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام:

قد تتساءل الأخت الصائمة، هل يمكن لي أن أختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام؟ بوب الإمام البخاري في كتاب فضائل القرآن من صحيحه:” باب في كم يقرأ القرآن.” و ذكر حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْرَأ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: ” فَاقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: ” فَاقْرَأْهُ فِي عَشْرٍ، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ)[7]، وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَزَادَ قَالَ: (فَمَا زَالَ حَتَّى، قَالَ: اقْرَأ الْقُرْآنَ فِي ثَلاثٍ)، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْن عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ )[8]، و في رواية: (اقرأ القرآن في كل شهر، اقرأه في خمس و عشرين، اقرأه في عشرين، اقرأه في خمس عشرة، اقرأه في سبع، لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث).[9]، ومن أقوال السلف في النهي عن الختم في أقل من ثلاثة أيام:

1. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (اقرؤوا القرآن في سبع، ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث).[10]

2. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.[11].

3. قال ابن كثير – رحمه الله – : (وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقلِّ من ثلاثٍ، كما هو مذهبُ أبي عبيد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما من الخلف أيضاً).[12].

ومما لا شك فيه أن السلف كانوا أحرص الناس اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف أُثر عن بعضهم أنهم كانوا يختمون القرآن كله في ليلة، مع ورود النهي عن قراءته في أقل من ثلاث؟ و من الأجوبة التي ذكرها العلماء:

1- النهي عن الختم في أقل من ثلاث في تلك الأحاديث ليس للتحريم:

يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله – في الفتح:” وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم؛ كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق، وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل، وأغرب بعض الظاهرية فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث”.

يقول الإمام النووي رحمه الله:” والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر؛ استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة”.[13]

و قال النووي أيضا كما نقل عنه الحافظ في الفتح:” أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك؛ وإنما هو بحسب النشاط والقوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص”.

2-  عدم بلوغ بعض الأشخاص أحاديث النهي عن الختم في أقل من ثلاث:

و يمكن أن يقال: إن هؤلاء السلف الذين كانوا يختمون في أقل من ثلاث، لم تبلغهم تلك الأحاديث، وهذا مستبعد لكثرة عددهم، أو أنهم حملوا النهي على غير التحريم كما سبق ذكره.

3- استثناء الأوقات الفاضلة:

و يحتمل أنهم رأوا استثناء الأوقات الفاضلة كشهر رمضان، لما فيه من الخصوصية عن غيره من الشهور. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»[14]، كما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرأ القرآن في أربعين».

4 – عدم ورود نص مرفوع صريح في النهي عن القراءة في أقل من ثلاثة

أشارت بعض النصوص إلى أن هذه الأسئلة قد سألها عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم إبان شبابه. والملاحظ هنا أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما خيارات عدة، لكنه وضع سقفاً لأعلى هذه الخيارات وهو: أربعون يوماً، فإن من لم يختم القرآن خلال هذه المدة؛ فقد غفل عنه وهجره، وليس له عذر في ذلك، كما وضع حداً لأقلّ هذه الخيارات وهو ثلاثة أيام، فإن من يختم القرآن في أقلّ من ثلاثة أيام؛ فقد لا يعي ما يقرأ، ولا يستطيع فهمه، لسرعة القراءة. ولم يثبت نص مرفوع صريح في النهي عن القراءة في أقل من ثلاثة أيام، وإنما ورد تعليل ذلك بعدم الفقه، وفي هذا إشارة إلى أن المقصود من ذلك التدبر وفهم القرآن. أما من أراد كسب الأجر بالقراءة دون التدبر التام، وخاصة في الأوقات الفاضلة كرمضان، فله أجر القراءة؛ وقد يفوته أجر التدبر. والقصد أن من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه رضي الله عنهم، وإنما اختار كسب حسنات القراءة المجردة استثمارا لوقت فاضل.

والأكمل والأفضل عدم قراءة القرآن في أقل من ثلاث ليال غير رمضان، لأن المقصود التلاوة مع التدبر، والاستمرار على الفعل حتى الموت دون انقطاع، لأن الله يحب من الأعمال أدومه وإن قل، أما من قرأه في أقل من ثلاث فلا يعتبر مخالفا للسنة.

ج – نماذج من السلف ممن كانوا يختمون القرآن في أقل من ثلاثة أيام:

1 – عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يحيي الليل كله فيقرأ القرآن في كل ركعة [15]، وعن السائب بن يزيد أن رجلاً سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبد اللهفقال: إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان، قال: نعم، قال: قلت: لأغلبن الليلة على الحِجْر – يعني المقام – فقمت، فلما قمت، إذا أنا برجل متقمع يزحمني، فنظرت فإذا عثمان بن عفان رضي الله عنه، فتأخرت عنه، فصلى فإذا هو سجد سجود القرآن حتى إذا قلت: هذه هوادي الفجر أوتر بركعة، لم يصلِّ غيرها ثم انطلق[16]. وفي رواية: فتنحيت، وتقدم فقرأ القرآن كله في ركعة ثم انصرف [17]. وعن نائلة بنت الفرافصة الكلبية حين دخلوا على عثمان ليقتلوه فقالت: “إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن”.[18].

2 – كان للشافعي رحمه الله في رمضان ستون ختمه يقرؤها في غير الصلاة. حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأحمد بن عبد الله بن سيف قالا: سمعنا الربيع بن سليمان يقول: كان للشافعي في كل شهر ثلاثون ختمة، وفي شهر رمضان ستون ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة. [19] .

3 – كان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة.

4 – عن ابن أبي داود أنه روى عن الأسود بن يزيد:” أنه كان يختم القرآن في رمضان كل ليلتين”.[20].

5 – عن سعيد بن جبير:” أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين”.[21].

6 – عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين.[22]

7 – ومن طريق واصل بن سليمان قال:”صحبت عطاء بن السائب فكان يختم القرآن في كل ليلتين”.

8 – عن تميم الداري أنه قرأ القرآن في ركعة.

9 – وعن سعيد بن جبير أنه قرأ القرآن في ركعة في البيت.[23]

10 – عن علقمة أنه قرأ القرآن في ليلة، طاف بالبيت أسبوعاً، ثم أتى المقام فصلى عنده بالمِئِين، ثم طاف أسبوعاً، ثم أتى المقام فصلى عنده بالمئين، ثم طاف أسبوعاً، ثم أتى المقام فصلى عنده فقرأ بقية القرآن.[24].

11 – عن سليم بن عتر التجيبي أنه كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات.[25].

12 – “ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات:

– “سليم بن عمر” – رضي الله عنه – قاضي مصر في خلافة معاوية – رضي الله عنه – .

– وروى “أبو بكر بن أبي داود” أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات…، وهذا أكثر ما بلغنا من اليوم والليلة.

– وروى أحمد الدروقي بإسناده عن منصور بن زادان من عُباد التابعين – رضي الله عنه – أنه كان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر، ويختمه أيضاً فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل.

– وروى أبو داود بإسناده الصحيح أن مجاهداً كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء.

– وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان.

– وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يَحتبي، فما يحل حَبْوته حتى يختم القرآن.

– وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم…”. [26].

خاتمة

أيتها الأخت المؤمنة، اعرفي قدرك الذي منحك الإسلام إياه، فقد بوأك مكانة عظيمة، فأنت القدوة في البيت، فاجعليه روضة من رياض الجنة، بتلاوة القرآن، وكوني قدوة لأبنائك وبناتك، وسندا لزوجك، فقد كانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل: ” قد ذهب الليل، وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، قوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا! “. واعلمي أن العناية بالقرآن قراءة وحفظًا تعلُّمًا وتعليمًا، مدارسة ومذاكرة، تدبُّرًا وتفهُّمًا، عناية وتطبيقًا، دعمًا ومساندة، لمِن سمات الأخيار وعلامات الأبرار، وكلما ازدادت الأمة وازداد المسلمون تمسُّكًا بكتاب الله، وعناية به، ومحافظة عليه، تعلُّمًا وتعليمًا، زادت فيهم الخيرية، ونمى فيهم الفضل، وكثر فيهم الخير؛ روى البخاري في صحيحه عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه). فالخيرية مرتبطة بالقرآن؛ فكلما ازدادت الأمة تمسُّكًا بالقرآن قراءة وحفظًا، تلاوة وتدبُّرًا، عملاً وتطبيقًا، زاد الخير فيهم، ونمى الفضل، وعظم النُّبل بحسب تمسكهم بكتاب الله – جلّ وعلا – ولهذا روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أنه قال: “عليكم بالقرآن، فتعلموه وعلموه أبناءكم؛ فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظًا لمن عقل”.

فاللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء أبصارنا، وذهاب همومنا  وأحزاننا، علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نُسّينا، ارزقنا حلاوة تلاوته والعمل به والدعوة إليه، اجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقف عند حدوده، واجعله حجة لنا لا علينا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

[1][سورة البقرة، الآية 185].[2][أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، (2/352 ، رقم 2014)].[3][رواه أحمد “ح 6589”.].[4][رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن مسعود رضي الله عنه، (حسن)، انظر حديث رقم: 6289 في صحيح الجامع.].[5][فيض القدير، المناوي 2/ 145.].[6][هو أبو عبد الله يونس بن عبيد بن دينار العبدي، من حُفَّاظ الحديث الثِّقات ولد في نهاية القرن الأول الهجري، من صغار التابعين وفضلائهم رأى أنس بن مالك وحدث عن الحسن البصري وابن سيرين وغيرهم، له نحو مائتي حديث، قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث، تُوفي سنة 139 هـ أو 140 هـ. تقريب التهذيب، وسير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي].[7][رواه البخاري ( 4767 )، ومسلم ( 1159 ).].[8][رواه الترمذي ( 2949 )، وأبو داود ( 1390 )، وابن ماجه ( 1347 )، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.].[9][السلسلة الصحيحة، الألباني، 1513].[10][رواه سعيد بن منصور في ” سننه ” بإسناد صحيح كما قاله الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” ( 9 / 78 ).].[11][رواه أبو عبَيد في ” فضائل القرآن ” ( ص 89 )، وصححه ابن كثير في ” فضائل القرآن ” ( ص 254 ).] [12][” فضائل القرآن ” ( ص 254 ) ].[13][التبيان في آداب حملة القرآن للنووي.].[14][ أخرجه أبو داود (1394)، والترمذي (2950) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده صحيح ].[15][سنن البيهقي الكبرى ج2/ص396.].[16][ رواه أبو عبيد (277)، وابن أبي شيبة (2/502).].[17][ابن أبي شيبة (2/503) وصححه ابن كثير في فضائل القرآن (50).].[18][أخرجه أبو عبيد (278) وابن أبي شيبة (1/367،2/503) وحسنه ابن كثير في فضائل القرآن (50)].[19][معرفة السنن والآثار للبيهقي، وزاد بعده قائلاً: (وكذلك رواه علي بن عمر الحافظ، عن أبي بكر بن زياد النيسابوري)، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي.] [20][ذكره ابن علان (231/2) وقال: سنده صحيح].[21][أخرجه الحافظ من طريق الدارمي، قال: وأخرجه ابن أبي داود.] [22][أخرجه ابن سعد في الطبقات.] [23] [أخرجه أبو عبيد (279) وابن أبي شيبة (2/502) وصححهما ابن كثير (50).] [24][أخرجه أبو عبيد (281)، والفريابي (140)، وصححه ابن كثير (50)، ورواه ابن أبي شيبة (2/503) مختصراً بلفظ أنه قرأ القرآن في ليلة بمكة].[25][أخرجه أبو عبيد (282) وابن أبي شيبة (3/502)]. [26][النووي في التبيان(46)، والأذكار].       

The post المؤمنة وحياتها مع القرآن appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2L6B9vh
via IFTTT

التأصيل الشرعي للمواطنة


via منار الإسلام http://bit.ly/2VxgzZ4

المؤمنة وحياتها مع القرآن


via منار الإسلام http://bit.ly/2L6B9vh