Sunday, September 29, 2019

نحو بناء علاقة فاعلة بين المعلم والطلاب

في عملية التعليم والتعلم هناك قطبين أساسيين لابد من تكاملهما وتناغمهما لتعطي هذه العملية ثمارها، فعلاقة المعلم بالطالب تُعد من الضروريات في أي مرحلة تعليمية، فإن صحت وقويت كانت النتائج ايجابية وممتازة والحصيلة نجاح وتميز، وإن سقمت وتعللت وأصابها التوتر وعدم العطف من المعلم على الطالب وقلة احترام من الطالب لمعلمه فإن النتيجة تكون سلبية والحصيلة ترك للدراسة وإحباط وتدني المستوى التعليمي وبالتالي ضياع الأجيال في زمن أصبح العلم سلاح الأمم وسر نهضتها وتقدمها.

ومن أسباب سوء العلاقة بين المعلم وطلابه: عدم قدرة المعلم على فهم مشكلات الطلبة والنظر إليهم بعين العطف والأبوة، وهنا يجب على المعلم أن يسعى إلى احتواء الطلاب وتدارك مشكلاتهم ويساعدهم على التخلص منها بالسماع لهم وتفهم مشكلتهم ونفورهم من الدراسة، فكثير من الطلاب المقصرين دراسيا يعانون من مشكلات أسرية تنعكس سلبا على تحصيلهم الدراسي، بالإضافة إلى الإهمال الأسري للطلاب وعدم متابعتهم أثناء وجودهم في البيت ما يجعلهم متخلفين عن أقرانهم فيحاولون أن يغطون على تقصيرهم بالمشاغبة وكثرة الحركة في الصف، وبالإضافة إلى كون الطالب المقصر قليل الاستيعاب والفهم يعتبر مشكلة لدى المعلم ما يضطره إلى اتخاذ موقف سلبي تجاهه أو يضطر إلى توقيفه داخل الصف أو يطرده خارج الصف حتى يتسنى له تدريس الطلاب الآخرين الموجودين في الفصل الدراسي.

وهنا تبرز شخصية المعلم ومدى احتوائه لمثل هذه الحالات وكيفية التصرف معها بحكمة وعطف، حتى يخرج الطرفان من هذه المشكلة التي أسلفنا أسبابها سابقا محققين أروع النتائج من تربية وتعليم وإنسانية، وبذلك يكون المعلم قد حقق نجاحات؛ بأن قوّم سلوك طالب وأخذ بيده إلى طريق العلم وانتشله من الفشل، وبالتالي بناء مستقبله بنجاح وتفوق، وتحقق رضا المعلم النفسي، إذ انه قام بواجبه المهني والتربوي واستطاع أن يكون الأب الحنون العطوف على أبنائه الطلبة، الأمر الذي عجزت الأسرة عن توفيره لابنها في البيت.

أما الفائدة الثالثة فهي استقرار العملية التعليمية والتربوية داخل المدرسة، بنأيها عن المشكلات وقضايا الضرب والتوقيف عن الدراسة وعصيان لتوجيهات المعلم وغيرها من السلوكيات التي تحصل في الحرم المدرسي، وباعتقادي أن المعلم الصالح الذي يسعى إلى تأدية واجبه المهني بأفضل الطرق وأنسبها سيجنب الطلبة كثير من التعنت والجفاء، ويغرس في نفوسهم حب العلم وحب المدرسة والإقبال عليها برغبة دون إكراه.

 

The post نحو بناء علاقة فاعلة بين المعلم والطلاب appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2oexJLR
via IFTTT

نحو بناء علاقة فاعلة بين المعلم والطلاب


via منار الإسلام https://ift.tt/2oexJLR

حوار الأديان عند الغرب -الأسباب والمقاصد-

بعدما تطرقت من خلال مقال سابق ،  إلى أن دين الإسلام يحث على الحوار ويدعو إليه من خلال النصوص في الكتاب والسنة الدالة على أصالته في دين الإسلام ، وفي كون رسول الله عليه الصلاة والسلام خلق الحوار في دعوته ومسيرته ، فحاور أهل الكتاب من يهود المدينة ونصران نجران ، وكاتب ملوك الأرض وأبرز مثال في ذلك رسالته إلى عظيم الروم.

كما تعرفنا على أن الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى من أجل دعوتهم للدين الإسلامي، ومد جسور التعاون بينهم أمر مطلوب شرعا وعقلا.

 سأخصص هذا المقال لبيان موقف غير  المسلمين من حوار الأديان ، حيث يشوبه الاضطراب من الناحية الواقعية ، كما يحمل مدلولا سلبيا في إطارة العام ، هذا إذا استثنينا فئة تكاد تمثل الأقلية في صفوفها ،والتي أبدت حسن نيتها في توظيف الحوار كآلية للتواصل مع المسلمين ، ومع ذلك تبقى نظرة الغرب إلى المسلمين لا من الناحية الدينية أو الحضارية  نظرة استعلاء وإقصاء ، وهذا ما سنحدد معالمه في الأسطر الموالية بحول الله .

يشير الدكتور أحمد بن حسين الفقيهي أن مصطلح “حوار الأديان ” عرف تدرجا من حيث المصطلح ، كما أن الحوارات إنما هي مبادرة من الغرب يقول : ” المصطلح عرف تدرجا ، حيث سمي بالتقارب الإسلامي المسيحي ” ظهر قبل ثلاثة عقود ، ثم لطفت الكلمة فسميت ” الحوار الإسلامي المسيحي” ، ثم وسعت بين يدي اتفاقية أوسلو ” التطبيع مع اليهود ” ، فصارت حوار الأديان وربما حوار الأديان الإبراهيمية ” ثم لم تزل تتسع في ظل الدعوة إلى العولمة لتصبح ” حوار الحضارات ” ، فتشمل الهندوسية ، والبوذية ، وسائر الملل الوثنية “1

كما يذكر الدكتور بأن الحوار بين الأديان الحالي لم تبدأ بمبادرة إسلامية ، ولم ترسم أهدافها وخطتها في بلاد المسلمين، بل جاءت بطلب من الغرب بعد الدراسة العميقة لها عندهم ، وتحديد أهدافها و غاياتها من قبلهم .

” فالحوار الذي يدعو إليه الغرب (غير المسلمين ) إنما هو بضاعة أجنبية ، تدفع بقوة من الدول الغربية، لتروج على نطاق واسع ، تحقيقا لفكرة العولمة ، لذا فلا غرو أن تكون هذه البضاعة ذات مواصفات خاصة ، وضعها منتجها  بغير مراعاة لأي اعتبار آخر ، سوى ما يلبس أمرها ليتستر رواجها ضمن مجموعة من الطرق والقنوات تحت مسمى الحوار “2 .

هذا وقد عبرت الدكتورة زينب عبدالعزيز (أستاذة الحضارة بمصر) عن موقف الغرب المعادي للإسلام والمسلمين باستثناء فئة من المسيحين الذي لم يتغير ، كما أشارت إلى أن النقطة الفارقة في تاريخ المسيحية قد بدأت مع المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني (1965)  ، وهو أول مجمع هجومي في التاريخ.

لقد أصدر المجمع جملة من القرارات يمكن تحديد ماله علاقة بالموضوع على النحو التالي :

– فرض بدعة الحوار كوسيلة للتبشير وكسب الوقت حتى يتم التنصير بلا مقاومة تذكر، بينما تتوالى التنازلات بالتدريج من جانب المسلمين .

– إنشاء لجنة الحوار برئاسة ” الكاردينال آرنزي” ، وهو ما يوضح أهمية الحوار في مفهومهم  أو فيما يخططون له ، فالكاردينال هي الرتبة السابقة لرتبة البابوية .    

– إنشاء لجنة خاصة بتحضير العالم برئاسة الكاردينال ” يوسف طومكو “3 .

وقد تم إصدار وثيقة انطلاقا من أعضاء اللجنتين في 20/06/1990م بعنوان “حوار وبشارة ” حيث تتكون من  تسعة وتمانين بندا وهي مقسمة إلى 13 بندا ، وثلاثة أجزاء بندا ، وخاتمة 3 بنود الجزء الأول فيها بعنوان ” الحوار بين الأديان (56-16) والثاني بعنوان التبشير بشيوع المسيح (55-75) والثالث بعنوان ” الحوار بين الأديان والتبشير (77-85)

فهذه الوثيقة صدرت في ذكرى مرور خمسة وعشرين عاما على صدور وثيقة مجمع الفاثيكان الثاني ،  والمعنونة حاليا ب”حوار علاقات الكنيسة مع الديانات الأخرى ” حيث توضح أهمية الحوار بين الديانات في هذه العلاقة القائمة على ازدواجية رهيبة بين القول والتنفيذ ، فالحوار والتبشير يمثلان وجهين لعملة واحدة في رسالة الكنيسة التبشيرية ،وذلك واضح من خلال البنود التي اطلعت عليها والحديث سيطول إن فصلنا  في ذكرها .

يقول أحد الكتاب الأجانب وهو ” جليان رييس”  : ” الحوار في مفهوم الكنيسة الفاتيكان ليس إلا حربا صليبة جديدة ، حربا بالكليات بدلا من السلاح ، وهو ما كان قد أعلنه بطرس المبجل “رئيس دير كلوني ” في مطلع القرن الثاني عشر إذ قال للمسلمين ” إني لن أبدأ حربا صليبية جديدة بالسلاح وإنما بالكليات أي بالحوار ” 4

فعلى حد قول الرجل ” جليان رييس ” الأمر يوضح لعبة الحوار الحالية التي تدار على الصعيد العالمي ، التي تمثل جزءا  متواصلا من مخطط قديم ، حيث الارتباط الحميم بين الاستعمار والتبشير والحوار، من القضايا التي لم تعد بحاجة إلى مزيد من الأدلة والبراهين .

“إن ظهور الإسلام في القرن السابع كقوة حضارية وروحية وإمبراطورية ، جعل الإسلام يشار إليه في الغرب بأنه العدو الأكبر والعدو اللذوذ، الذي يجب القضاء عليه بكل السبل العسكرية والثقافية ،واستعمال أسلحة السب والتشهير ، ووجدت تلك الألفاظ البذيئة والصفات المقيتة طريقها إلى ما يسمى “بالكتاب التنوير يين ” من أمثال ” جان جاك روسو ” ، و” فولتير ” وغيرهم ، ليكرسوا صورة نمطية سيئة للإسلام والمسلمين وذلك في سياق ما اصطلحوا عليه بالحوار في كتاباتهم”5    .

إن هذا الطرح والحضور هو الذي جعل الغرب في القرون المتأخرة حاضرا وبقوة في خطاب التحديد الإسلامي ، على اعتبار الخطر الذي صار يهدد المسلمين كمفكرين ، والذي انتبهوا إليه من خلال دراساتهم للظاهرة الغربية حيث ” مثلث العلاقة بالضرب في خطاب التحديد الإسلامي محورا مهما ، يكاد الغرب يكون عاملا حاضرا في كل الخطابات الإسلامية ، منذ الغزو الاستعماري للعالم الإسلامي في القرن التاسع عشر ، وكانت الدراسات الإسلامية للظاهرة الغربية لم تتجاوز أغلبها النظرة الحدية التي اتسمت بها ثقافة ثنائية الحكم “6 .

إن الحوار بين الأديان يقتضي البحث عن القواسم المشتركة فيما بينها ، أما أن نقف عند خصوصية هذا الدين دون ذاك ، فهو أمر لن يحقق مدا الجسور بقدر ما سيضيق المساحة التي نسعى نحن المسلمين إلى توسيعها .

سئل الدكتور سيد ” حسين نصر ” وهو بروفسور في قسم  الدراسات الإسلامية في جامعة جورج واشنطن ، كيف يمكن تحديد الأهداف الأساسية للأديان؟ هل من الممكن أن نجد قواسم مشتركة فكان جوابه ” حين نتكلم عن الدين فإننا نتكلم عن عنصر مشترك بين أديان مختلفة ، ولكن بمعاني وتطبيقات مختلفة ، ولكن أيضا تدرس الدين على أساس أنه دينك كما يفعلون في المعاهد اللاهوتية ، وفي هذه الحالة يمكنك أن تكون حصريا ، وتقول ذلك هو الدين الوحيد ،تلك بالطبع هي مشكلة العالم الذي نعيش فيه “7. وفي المقابل يرى الدكتور أن الوظيفة الخصوصية للإسلام والمسلمين ليست نفس نظرة الآخر، فالقرآن الكريم يتكلم باستمرار عن الأديان ، فيدعو المسلمين إلى إبراز أهمية الحوار بين الأديان ، وقبول الكتب والأنبياء ورسل الله سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو أتباع أي دين آخر .

 

إن ما توصلت إليه من خلال هذه الدراسة أن المراد من حوار الأديان عند غير المسلمين تحقيق أهداف وخلفيات جمة يمكن تحديدها على النحو التالي:

-الباعث الأول : التصدي للعقيدة الإسلامية حيث لما بدأت شعوب الكنائس الغربية في العصر الحديث تنفتح على الإسلام ، واعتنقت ألوف منهم إياه ،رأوا أن لا جدوى من المواجهة ، فهي أضعف من أن تقف أمام مثانة العقيدة الإسلامية ، فتفتقت عقولهم عن فكرة الحوار والتقريب ليطفئوا روح التشوف لدى شعوبهم  ويقروا في قلوبهم أن الفروق بين الأديان فروقا شكلية ، وكلها تؤدي إلى الله.

-الباعث الثاني :  تحقيق البعد التنصيري في صفوف المسلمين ، حيث تبنى النصارى خيار الحوار ، لم يكن ذلك تحليا منهم عن وظيفتهم الأصلية ، فمجلس الكنائس العالمي رأى أن الحوار وسيلة مفيدة للتنصير لكشف معتقدات وحاجيات الآخر  وهي نقطة البداية الشرعية للتنصير .

-الباعث الثالث :هو الباعث السياسي ، فطغيان المد الشيوعي الملحد على العالم وتهاوي معاقل النصرانية ،   هي محاولة للوقوف أمام المد الشيوعي ، خاصة في الشرق الأوسط ، كما أن الحكومات الغربية تبنت الحوار والتقريب بين الأديان لتتمكن من دمج المهاجرين المسلمين في البلدان الغربية ، واتخاذهم ورقة ضغط على الحكومات الإسلامية ، ومهاجمة مشروع الدول الإسلامية  وتطبيق الشريعة .

هناك أهداف أخرى سطرها الغرب من خلال دعوته إلى الحوار مع المسلمين ، أوردها الدكتور موسى الإبراهيمي في سياق تشخيص الصراع القائم  بين الحق والباطل نذكرها على سبيل الإجمال .

-التهجين : ويقصد به الخلط بين الثقافات ، ليتم قبول أفكار النصرانية ولو مجزأة .

-تليين الدين الإسلامي :  من خلال تقديم تنازلات من أي نوع كانت ،بالنظر إلى صلابته ، وخلخلة عقيدة الولاء للمؤمنين والبراء من غيرهم .

-ترويض الشباب :من خلال جمعهم في مخيمات إسلامية نصرانية مشتركة.

-تكريس الانقسامات بين المسلمين: بمنع قيام وحدة إسلامية ، وذلك عن طريق الحوارات التي تتبناها الكنيسة مع الجماعات الإسلامية والمجامع والمراكز الإسلامية على كل وحدة ” 8

إن ما سبق ذكره من بواعث في تبني الحوار كآلية من طرف الغرب للإطاحة بالمسلمين والإسلام ، لا ينفي وجود فئة منهم ، و إن كانت تمثل أقلية تسعى إلى التواصل والتحاور ،وهي تعكس النوايا الحسنة التي تدعو المسلمين إلى فتح الباب لهم في الإطار المسموح به ، وفي هذا الباب يقول الدكتور سعيد بن سعيد ” ما يشجع على التحاور مع الغرب تلك الأصوات العاقلة الغربية  التي تتسم بالحياد ، فإن قليلين هم أولئك الذين يأخذون مأخذ الجد في شن حروب صليبية تستهدف المسلمين والإسلام ” 9 .

وهو نفس الكلام الذي تزكيه الدكتورة زينب عبدالعزيز في سياق حديثها عن موقف الغرب من الإسلام ” موقف الغرب من الإسلام واحد لم يتغير ، وتعامله مع القرآن سواء من خلال الرؤية التاريخية أو الرؤية المعاصرة ، يتبع منهجية عدائية الموقف ، وإن تنوعت الأساليب وفقا للعصور ، ومن جهة أخرى ليس كل المسيحيين معادون للقرآن أو للإسلام والمسلمين ” 10 .

 

1-حوار الأديان: د. أحمد بن حسين الفقيهي ، ص12 ،خطبة الجمعة 16/04/1429

2-الحوار مع غير المسلمين: د. سعد بن مطر العتيبي ،ص17 ، المعهد العالي للقضاء ، جامعة محمد بن سعود الإسلامية .

3-موقف الغرب من الإسلام :–مقال- دة . زينب عبدالعزيز، 23يونيو 2015 (مؤمنون بلا حدود) .

4 -Julien Réis :Les chretiens parmi les réligions « Desclée » , Paris p :3  .

5- الحوار مع الاخر : د. أحمد صدقي الدحاني (ت2003) 16/17/12/ 2002 ،ص4، الناشر : دار الكتاب العربي دمشق القاهرة.

6-الظاهرة الغربية : د . سيد حسين نصر ،ص13، العدد 05- 2005  ، كتب الأمة .

7- مجلة أديان: د. سيد حسين نصر ،ص13، العدد 05-2005  ، كتب الأمة .

8-حوار الحضارات وطبيعة الصراع بين الحق والباطل : د. موسى الإبراهيمي، ص 292، الناشر: دار الأعلام للنشر والتوزيع ،  سنة النشر:2003 .

9- مسارات تشكل الدولة بين الغرب والإسلام : د . سعيد بن سعيد 2015 م.

10- موقف الغرب من الإسلام : دة . زينب عبدالعزيز ،  ص18 ، الناشر : دار الكتاب العربي ، دمشق – القاهرة، الطبعة 3.

The post حوار الأديان عند الغرب -الأسباب والمقاصد- appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2m6AxtZ
via IFTTT

حوار الأديان عند الغرب -الأسباب والمقاصد-


via منار الإسلام https://ift.tt/2m6AxtZ

Friday, September 27, 2019

حب الجاه والرئاسة


via منار الإسلام https://ift.tt/2mhd2hZ

حب الجاه والرئاسة

من أفواه الرجال:

حب الجاه والرئاسة

بديع الزمان سعيد النورسي

عندما يندفع الإنسان في العمل انطلاقا من حب الجاه والرئاسة، فإن عمله سينغمس كنتيجة لذلك في الأخطاء، الجاه والرئاسة تستدعي تصرفات غير مشروعة أحيانا.

ثم إن اندفاع الإنسان في مثل هذا يجعله يقصر في الخير إذا لم يحقق له ما يريد. وقد يؤدي التنافس على الجاه والرئاسة إلى أنواع من الشرور والخصومات عدا عن كونه يؤثر في أصل النية فيحبط العمل. لذلك كان المرض خطيرا وعلاجه ضروريا. وقد كتب الغزالي في ذلك وهذه مختارات من كلامه رحمه الله:

بيان ما يحمد من الجاه وما يذم:

مهما عرفت أن معنى الجاه ملك القلوب والقدرة عليها فحكمه حكم ملك الأموال فإنه عرض من أعراض الحياة، وينقطع بالموت كالمال، والدنيا مزرعة الآخرة، فكل ما خلق في الدنيا فيمكن أن يتزود منه للآخرة، وكما أنه لا بد من أدنى مال لضرورة المطعم والمشرب والملبس، فلا بد من أدنى جاه لضرورة المعيشة مع الخلق، والإنسان كما لا يستغني عن طعام يتناوله فيجوز أن يحب الطعام أو المال الذي يبتاع به الطعام، فكذلك لا يخلو عن الحاجة إلى خادم يخدمه، ورفيق يعينه، وأستاذ يرشده، وسلطان يحرسه ويدفع عنه ظلم الأشرار، فحبه لأن يكون له في قلب خادمه من المحل ما يدعوه إلى الخدمة ليس بمذموم، وحبه لأن يكون له في قلب رفيقه من المحل ما يحسن به مرافقته ومعاونته به ليس بمذموم، وحبه لأن يكون له في قلب أستاذه من المحل ما يحسن به إرشاده وتعليمه والعناية به ليس بمذموم، وحبه لأن يكون له من المحل في قلب سلطانه ما يحث ذلك على دفع الشر عنه ليس بمذموم، فإن الجاه وسيلة إلى الأغراض كالمال، فلا فرق بينهما إلا أن التحقيق في هذا يفضي إلى أن لا يكون المال والجاه بأعيانهما محبوبين له.

بيان علاج حب الجاه:

اعلم أن من غلب على قلبه حب الجاه صار مقصور الهم على مراعاة الخلق مشغوفا بالتودد والمراءاة لأجلهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله ملتفتا إلى ما يعظم منزلته عندهم وذلك بذر النفاق وأصل الفساد، ويجر ذلك لا محالة إلى التساهل في العبادات والمراءاة بها إلى اقتحام المحظورات للتوصل إلى اقتناص القلوب، ولذلك شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حب الشرف والمال وإفسادهما للدين بذئبين ضاربين، وحب الجاه ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل إذ النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن بالقول أو الفعل، وكل من طلب المنزلة في قلوب الناس فيضطر إلى النفاق وإلى التظاهر بخصال حميدة هو خال عنها، وذلك هو عين النفاق.

فحب الجاه إذن من المهلكات، فيجب علاجه وإزالته عن القلب فإنه طَبْعٌ جُبِلَ عليه القلب كما جبل على حب المال.

قال تعالى: (بل تؤثرون الحياة الدنيا، والآخرة خير وأبقى) (الأعلى: 16/17)

وقال عز وجل: (كلا بل تحبون العاجلة، وتذرون الآخرة) (القيامة: 20/21)

فمن هذا حده فينبغي أن يعاجل قلبه من حب الجاه بالعلم بالآفات العاجلة، وهو يتفكر في الأخطار التي يستهدف لها أرباب الجاه في الدنيا، فإن كل ذي جاه محسود، ومقصود بالإيذاء وخائف على الدوام على جاهه ومحترز من أن تتغير منزلته في القلوب، والقلوب أشد تغيرا من القدر في غليانها وهي مترددة بين الإقبال والإعراض، فكل ما يبنى على قلوب الخلق يضاهي ما يبنى على أمواج البحر فإنه لا ثبات له.

The post حب الجاه والرئاسة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2mhd2hZ
via IFTTT

المجتمع المدني في الصحراء: الواقع والآفاق


via منار الإسلام https://ift.tt/2ncLfzm

المجتمع المدني في الصحراء: الواقع والآفاق

يكاد يجمع الباحثون اليوم على أن الصحراء تعيش انبعاثا جديدا لحركة ثقافية علمية غير مسبوقة يقودها بعض الفاعلين المثقفين تحت يافطة المجتمع المدني، بل لعلنا قد نجزم أنها في تزايد وتصاعد مستمر وبطاقات متجددة، وقد سجلت هذه الفعاليات المدنية انجازات إيجابية لابأس بها على الصعيد المحلي والوطني، في مجالين أساسيين: المجال الثقافي الإشعاعي، والمجال التربوي، التي تهدف إلى الرعاية والاهتمام بالنشء، والمجال الرياضي، والمجال الإحساني، والمجال الحقوقي..

ومما نرمقه متفائلين في الآونة الأخيرة أن هذه الحركة الثقافية العلمية تركت أثرا طيبا في نفوس فئات عريضة من المجتمع، وهذا ما يفسر حضورها الوازن لأغلب التظاهرات العلمية والثقافية التي تنشطها فعاليات المجتمع المدني في الصحراء، وربما سبب ذلك يرجع إلى أن الفاعلين الذين يقودون هذه الحركة الثقافية هم نشطاء من البيئة الصحراوية، مما أكسبها تعاطفا كبيرا وشرعية مباركة من متتبعيها.

لعل المجتمع المدني اليوم صار قناعة تترسخ يوما بعد يوم، وربما أضحى بديلا من بين البدائل التنموية في التغيير والنهوض بالشأن المحلي في الكثير من الأصعدة والمجالات الحيوية. ولاشك أن هذه الطلائع التي باتت تضع لها موضع قدم كقطاع ثالث إلى جانب القطاع العام والخاص. استطاعت بتظافر الجهود والشراكة مع الفاعلين والمنتخبين والمؤسسات الوصية أن تحقق نتائج محفزة في غاية الأهمية، دفعت المزيد من الفئات المثقفة إلى الانخراط نسبيا تحت لواء المجتمع المدنية.

المجتمع المدني في الصحراء: التساؤلات والانشغالات

هذه المعطيات تدفعنا إلى طرح بعض التساؤلات عن أسباب ودواعي هذه الحركة الثقافية العلمية، ومن بين تلك الأسئلة:

هل هذه الحركة الثقافية العلمية موجة عابرة حفزتها مثيرات خارجية أم قناعة راسخة تنم عن وعي بأهمية الانخراط في العمل الجمعوي؟ هل منح فضاء المجتمع المدني مساحة كافية من الحرية المقننة، ومجالا خصبا لتفريغ الطاقات الكامنة التي لم تتحها بعض الفضاءات الأخرى؟ هل وجد الفاعلون في المجتمع المدني الحيز الأرحب لإطلاق إبداعاتهم وأفكارهم وآراءهم دون معوقات تحد من إنجاز تصوراتهم واقتراحاتهم على أرض الواقع؟ هل التعثر الذي تعرفه الصحراء في مجال التنمية العلمية كان عاملا في ظهور هذه الحركة الثقافية العلمية؟ أم أن التطور التكنولوجي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي وبروز بعض الصفحات الإعلامية الالكترونية المحلية دفعت بظهور هذه الحركة الثقافية العلمية؟

قد لا يهمنا بالدرجة الأولى الإجابة عن كل هذه الاسئلة، بقدر ما يهمنا طرح المزيد من مثيلها بشكل أعمق، فقد تحمل هذه الأسئلة إجابات بعضها البعض تلميحا ضمنيا أو تصريحا إذا ما استوعبت بمفهوم المخالفة. إننا نتحدث عن مجتمع مدني حديث الولادة حديث الانخراط في الشأن المحلي والإقليمي، فما هي الحلقة المفقودة التي وجدها الفاعلون في المجتمع المدني دون غيره؟ قبل الشروع في الإجابة عن هذا السؤال، لابد أن نسجل عدة ملاحظات عن طبيعة مجال المجتمع المدني:

  • نعني بالمجتمع المدني كل المنظمات غير الحكومية كالجمعيات ذات البعد (الثقافي والإحساني والتكافلي والرياضي والاجتماعي والاقتصادي..) والمراكز البحثية والنقابات المهنية والحقوقية.. فكل مؤسسة خاصة تعمل بعيدة خارج سلطة الدولة وإمرتها أو أي حزب سياسي قد يؤثر على سيرها وأهدافها المسطرة، اللهم ما يؤطرها من قانون تنظيمي فهو يحدد صلاحياتها ويراقب أنشطتها ومدى تطابقها مع دستور البلاد.
  • المجتمع المدني هو الفراغ المكاني الذي يقع بين سلطة الانتماء للأسرة والدولة بسبب القرابة أو الانتماء الجغرافي، وكلاهما مجال ينعدم فيه الاختيار بل يجد المرء نفسه منتميا إليهما وجوديا ومكانيا وزمانيا. في حين أن المجتمع المدني يكون الانتماء له نابع من حرية الاختيار القائم على فكرة أو هدف ما.
  • المجتمع المدني رأسمال اجتماعي وبطبيعة الحال لن يكون بديل عن الدولة بل مكملا لعملها ونشاطها وتنخرط في برامجها[1].
  • المجتمع المدني ليس نظاما تراتبيا يفرض انتقال القرارات من الهرم إلى القاعدة بل العمل فيه يقوم على مبدأ التشاركية والمساواة واحترام الرأي الآخر.

المجتمع المدني: المفهوم والمقومات.

 من خلال هذه الملاحظات يمكن أن نعرف المجتمع المدني بأنه: هيئة اجتماعية معقدة مستقلة غير انتمائية تؤطرها رؤية مشتركة، سمتها العمل الجماعي والإرادي الذي يخدم الإنسان.

ونرصد من خلال هذا التعريف أن المجتمع المدني يرتكز على ست مقومات أساسية، وأن أي تجربة اجتماعية ناجحة لابد أن تتوفر فيها هذه المقومات، مما يقتضي منا بسط الكلام فيها أكثر:

الهيئة: هي التي تضفي على العمل الصبغة القانونية وتتيح لها إمكانية تقمص الصفة المعنوية التي تمكنها من نسج علاقات مع مختلف أطياف المجتمع، قطاعا عاما أو خاصا داخليا أو خارجيا.

العلاقة المعقدة: يشير هذا الوصف إلى النزعة التي يتسم بها العنصر البشري باعتباره كائنا معقدا قد يتطلب آليات محددة للتواصل والإقناع.

الرؤية: ونعني بها كل الأهداف المسطرة التي يتوخى الفاعلون تحقيقها آنيا أومستقبليا.

الإرادية: “أي يقيمها الناس وينخرطون فيها، أو يحلونها، أو ينسحبون منها، وذلك على النقيض تماما من مؤسسات المجتمع البدوي التي هي مؤسسات طبيعية يولد الفرد منتميا إليها مندمجا فيها ولا يستطيع الانسحاب منها كالقبيلة والطائفة”[2]. كما تتضمن هذه الإرادية مبدأ التطوع وهو الصفة الوحيدة القادرة على الإلزام المعنوي الذي يفرض الفاعل فيها إلى بذل المزيد من الجهد والعطاء.

العمل الجماعي: ونقصد به بأن رأي الاثنين أفضل من رأي الواحد ، ورأي الثلاثة أفضل من رأي الاثنين، فكلما درست الهيئة عملا ما بشكل جماعي كان مصانا ومعضدا بغيره من الآراء مما يكسبه مصداقية عملية كبيرة، وهذا ما تجسده الآن الاجتهادات الجماعية مثل القضاء الجماعي والاجتهاد الفقهي الجماعي المتمثل في المجامع الفقهية والمجامع اللغوية والمراكز البحثية التي تشتغل في إطار جماعي تشاركي.

يخدم الإنسان: ونعني بذلك أن مؤسسات المجتمع المدني هي هيئات غير ربحية، ولا يرجى منها تحقيق مصالح شخصية أو الوصول إلى سدة السلطة أو المناصب المرموقة..

ونعود للإجابة عن سؤال: ما هو الشيء المفقود الذي وجدته الفئات الشبابية المثقفة في المجتمع المدني دون غيره؟

عرف المغرب مجموعة من المؤسسات التقليدية الشعبية[3] ذات الصلة والشبيهة بالعمل الجمعوي المستقل منذ القديم انبجست من رحم المجتمعات القبلية مثل: آيت الأربعين والكتاتيب القرآنية والزوايا الدينية والمؤسسات الوقفية التي تخدم المجالات الاجتماعية، فكان لهذه الهيئات دور كبير في تأطير جهود المجتمع وتوجيه اختياراته التربوية والعلمية خارج سلطة المخزن، بل كان هذا الأخير يستمد قوته وسلطته من مدى تفاعله وعلاقته التي يقيمها مع هذه الهيئات المجتمعية. وفي هذا الصدد يقول محمد عابد الجابري:” إن المجتمع المغربي إلى حدود الثلاثينيات من هذا القرن، كان مجتمعا تؤطره القبيلة والزاوية. لقد كان هناك إطاران اجتماعيا وحيدان ومتداخلان ينظمان أفراد المجتمع المغربي، هما القبيلة والطريقة الصوفية أو الزاوية. أما الدولة فقد كانت جهازا فوقيا يستمد سلطته وفاعليته بل ووجوده من نوع العلاقة التي يقيمها مع الإطارين المذكورين”[4].

كما يحتل مفهوم المجتمع المدني مكانة كبيرة في الكتابات الغربية من حيث “مضامينه وأدواره المختلفة فهو يمكن أن يحد من سلطة الدولة أو مواجهة هيمنة الدولة من خلال النقابات والأحزاب المُعبِّرة عن الطبقات المُستغلَّة لتحقيق التغيير بطرقٍ سلمية كما يقول غرامشي (ت1937م)”.[5]

وتبعا لما سبق “يعتبر المجتمع المدني في عصر العولمة “جيشا” عاتيا يمكنه تحقيق ما عجزت عن تحقيقه القطاعات الحكومية في أقدر الدول وأكبرها. ذلك لما يملكه هذا المجتمع من قدرات وطاقات ووسائل لا حصر لها، ناهيكم عن خزان الإبداعات والمواهب التي يزخر بها”[6]

يمكننا أن نستشف من هذا الطرح أن ما وجدته الفئات المثقفة في المجتمع المدني هو أمران اثنان: المشاركة في تدبير الشأن المحلي والسلطة المعنوية التي تمنحها هذه التمثيلية للمجتمع المدني من طرف المجتمع، حيث مكنها هذان العاملان من تفعيل وتنزيل التصورات والآراء النابعة عن الانشغالات ذات الطابع الخصوصي التي تشغل بال الفاعلين الجمعويين في المنطقة، بدل الانتظار والتوقف إلى أن تفد الاصلاحات والمشاريع التنموية من المصالح المركزية للدولة ويتم إنزالها دون أدنى استشارة أو تداول مع الشأن المحلي.

استنتاجات ومقترحات:

ومجمل القول إن للمجتمع المدني دور كبير في العملية التنموية المحلية ولا يتم تفعيل هذا الدور إلا بانفتاح المؤسسات الوصية على أطيافه وإشراكه في هذه العلمية التنموية، وتمكينه من السبل والاجراءات القانونية التي تعطيه الحق في مزاولة مهامه وتفعيل دوره المنوط به. لذلك:

  • لابد من ترسيخ ثقافة العمل الجمعوي التطوعي، والدفع بالمزيد من الطاقات رجالا ونساء إلى الانخراط في فكرة المجتمع المدني الهادف.
  • يستحسن التركيز على القضايا المحورية الملحة آنيا مثل قضايا: التعليم والتربية والصحة وحقوق الإنسان..
  • للمجتمع المدني دور كبير في الوقاية من التفكك الأسري وصيانة المجتمع من الظواهر الاجتماعية السلبية وتفشي الصراعات العرقية والإثنية.
  • يمكن للمجتمع المدني أن يجدد بناء الثقة من جديد بين الدولة والمجتمع التي شابتها سياسة بعض الأحزاب السياسية أو المجالس المنتخبة ويبني حوارا أكثر ثقة وانفتاحا، قد يستغرق ذلك البناء وقتا طويلا لكنه قد يتحقق إذا ما أنجزت أعمال إيجابية على رأض الواقع.
  • حبذا لو تم الإعلان عن القطيعة مع مرحلة الكم التي تشهدها الساحة الجمعوية في الصحراء والتي أنتج عنها تأسيس الآلاف من الجمعيات المدنية والتي ربما تنقصها الكثير من الجدة والفاعلية، بل لابد من الانتقال من المرحلة العشوائية إلى المرحلة التنظيمية التي تتغيى التجويد في العمل الجمعوي والتركز على الحضور (الكيفي لا الكمي).
  • يجب الاهتمام بالمصادر التمويلية الخاصة وعدم الاكتفاء بالموارد التي تقدمها الدولة سنويا والتي غالب ما تكون شحيحة وربما تعتبر من معوقات العمل المدني فضلا عما تفرضه من تبعية قد تضعف من العمل الجمعوي وتفرغه من محتواه، لذلك لابد من التفكير في التمويل الذاتي بإنشاء مشاريع ذاتية تكفل عدم توقف سير الأنشطة اليومية داخل العمل الجمعوي.
  • يلزم التفكير في توحيد الجهود والتنسيق بين هيئات المجتمع المدني تلافيا للصراع حول الأدوار أو التحزب وراء جهات معينة.

وفي الختام يمكن القول: يُتوقع أن يصبح المجتمع المدني هو المرشح الأبرز والقادر على قيادة المرحلة التنموية التي تعيشها الصحراء وذلك لثلاثة أسباب: أولها: توفرها على نخبة مثقفة لا بأس بها صارت تتشكل في الآونة الأخيرة من مختلف الحقول المعرفية. ثانيها: معرفتها بخصوصية المنطقة وبيئتها وما تحتاجه مرحليا واستشرافيا. ثالثها: استمد العمل الجمعوي في الصحراء أسباب نجاحه وقوته من وعي المجتمع بأهمية ودور المجتمع المدني في إحداث تنمية اجتماعية وثقافية واقتصادية..مما أضفى عليه شرعية علمية أكسبته احتراما وتقديرا كبيرا في المنطقة.


[1] – حركة الخدمة والمجتمع المدني نسمات محمد جكيب: https://nesemat.com

[2] – محمد عابد الجابري، إشكالية الديمقراطية والمجتمع المدني في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، عدد176 يناير 1993، ص:8. نقلا عن عبد القادر العلمي، مقال بعنوان” المجتمع المدني”

https://ift.tt/2na9azc

[3] – المجتمع المدني بين السياق الكوني والتجربة المغربية، رشيد جرموني، مقال بموقع

https://ift.tt/2lFBCJ2

[4] – المغرب المعاصر: الخصوصية والهوية الحداثة والتنمية، محمد عابد الجابري، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى الدار البيضاء، ص:155.

[5] – مفهوم المجتمع المدني المروج في أدبيات التنمية نصوص من منظمة الإسكوا نموذجا، أحمد بعلبكي، مجلة عمران العدد الأول سنة 2016، ص:103.

[6] – الحركات الإصلاحية وعائق المجال الثقافي، عبد المجيد بوشبكة، مقال مجلة نسمات: https://nesemat.com

The post المجتمع المدني في الصحراء: الواقع والآفاق appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2ncLfzm
via IFTTT

Thursday, September 26, 2019

الله والعلم: ترجمة لكتاب بالفرنسية


via منار الإسلام https://ift.tt/2lnWhku

الله والعلم: ترجمة لكتاب بالفرنسية

تأليف: جون جيطون

ترجمة: محمد دحان

العنوان الأصلي: Dieu et la science

Jean Guitton

Grichka Bogdanov

Igor Bogdanov

قليل من العلم يبعد عن الله، لكن كثيرا منه يقرب إليه”

لويس باستور

مقدمة

تمخض هذا الكتاب عن سلسلة من المحادثات، وهو فضلا عن ذلك نتيجة لقاء برجل اقتضى التقليد الفلسفي أن يعتبره آخر المفكرين النصارى العظام: إنه جون جيطون.

سنجد هنا نوعا من “الفلسفة بصوت عال”كما كانت تمارس في الزمن الغابر، في ثقافات أخرى، عند الإغريق أو في العصر الوسيط. ومن الطبيعي أننا توصلنا إلى وضع تلك الأسئلة البسيطة والأساسية: ما هو أصل الكون؟ ما هو الوجود؟ هل لمفهوم العالم المادي أي معنى؟ لم هناك شيء ما بدلا من لا شيء؟

ومهما بحثنا، فلن نعدو ثلاثة سبل تهدي إلى الإجابة على هذه الأسئلة وعلى الردود المتوقعة التي ستثيرها: هذه السبل هي الدين والفلسفة ثم العلم. ولحد الآن، فإن الدين والفلسفة وحدهما حاولا، كل بطريقته الخاصة، أن يجد أجوبة للإنسان.

لكن في عالم يزداد انشغالا يوم عن يوم بالعلوم وبالأنساق الفكرية التي ولدتها، بالتكنولوجيا وما أدت إليه من طرق العيش، فقد الخطاب الفلسفي ما كان له من صدقية. الفيلسوف اليوم، مهدد بالعلوم الإنسانية، عاجز عن إنتاج نظم إيديولوجية يكون دورها على الأقل إرشاد السياسي. إنه فيما يبدو قاب قوسين أو أدنى من أن يفقد آخر خصوصياته: التفكير.

بقي أن نتحدث عن الدين. وهنا أيضا يبدو أن المعارف المستقاة من العلوم تتعارض شيئا فشيئا مع الطبيعة العميقة لليقينيات التي هي أساس المقدس: الله والعلم. كلمتان تنتميان فيما يبدو، إلى عالمين مختلفين أشد الاختلاف، بحيث لا يجرؤ أحد على التفكير والمجازفة من أجل التقريب بينهما. ومع ذلك فإن بعض العلامات المبشرة تخبرنا أن الوقت قد حان لفتح قنوات جديدة بين هذين العالمين عبر المعرفة العميقة، كما أنه قد حان أيضا للبحث فيما وراء المظاهر الإوالية للعلوم، عن بصمة تقترب من أن تكون ميتافيزيقية تدل على شيء مختلف، هو في نفس الوقت قريب وغريب، قوي وخفي، علمي وغير قابل للتفسير: بصمة تدل على الله. هذا مجال بحثنا في هذا الكتاب.

نظرا للتغيرات التي خضع لها كل من الفلسفة والدين بتأثير من الاندفاعة الهائلة للعلوم، بات من المستحيل محاولة مقاربة الحقيقة دون الرجوع إلى الآراء التي أنتجتها حديثا الفيزياء العصرية. وبالتدريج، انسقنا نحو عالم آخر، عالم غريب وخلاب، تبدّى لنا فيه أن معظم يقينياتنا حول الزمان والمكان والمادة لم تكن سوى أوهام لا يظهر لنا فيها عيب، هي من غير شك أيسر على الفهم من الحقيقة نفسها.

القارئ الذي سيصحبنا في هذا الكتاب لا يمكنه إلا أن يتساءل حول النتائج التي تدرك بالكاد لواحدة من أعظم كشوفات الفيزياء العصرية، وهي كون العالم “الموضوعي” لا يوجد كما يبدو خارج الوعي الذي يحدد خصائصه. وعلى هذا فإن الكون الذي يحيط بنا سيصبح شيئا فشيئا أقل مادية: سوف لن يقارن بآلة ضخمة ولكن بفكرة هائلة.

إذا حدث هذا وحدث أن تهاوت فرضية الكون ـ الآلة التي دبجها لابلاس ـ انشتاين، ستقتفي أثرها المجموعة الكبرى للنماذج المادية والواقعية التي ستهتز تدريجيا وتنمحي. لكن من ذا الذي سيستفيد من هذا الوضع؟

عندما نلاحظ عن قرب تاريخ الأفكار، فإننا نلمح تجانبا ـ وفي بعض الأحيان تصادما قويا ـ لتيارين متناقضين، لمعسكرين تصوريين متضادين: الروحانية والمادية.

حسب البروتوكول الروحاني كما تجلى لأول مرة مع القديس توماس الأكويني ـ ثم تم تهذيبه تدريجيا على يد ليبنيتز أو برغسون ـ فإن الوجود فكرة بحتة، وليس لها بالتالي وبالمعنى الصارم أي مرتكز مادي: لهذا لا يمكننا أن نتيقن إلا من حاجة واحدة هي وجود أفكارنا وأحاسيسنا.

وبالمقابل، فإن القراءة المادية للوجود تفرض بكل صرامة قرارا معاكسا: من ديموقريط إلى كارل ماركس، لا يعتبر العقل وهو مجال الفكر، إلا ظاهرة عارضة للمادة، والتي لا يوجد شيء خارجها. يكتمل هذان المذهبان حول طبيعة الوجود بنظريات المعرفة التي تناسب كلا منهما: المثالية والواقعية. هل بإمكاننا معرفة الوجود؟ مستحيل حسب المثالي الذي يرى أننا لا يمكننا التوصل إلا إلى الظواهر ذات التصورات المبعثرة حول الوجود. مقابل هذا، يضع الواقعي تصورا مناقضا: العلم بالنسبة إليه مدرك لكونه يعتمد على إواليات ودواليب وإن كانت معقدة بكل تأكيد، فإنها عقلانية وقابلة للحساب.

والحال أننا على وشك ثورة فكرية وقطيعة إبستمولوجية لم تعرفها الفلسفة منذ قرون عديدة. يبدو لنا عبر المسلك التصوري الذي فتحته النظرية الكمية، تصور جديد للعالم طفا على السطح، مختلف جذريا عن التصورات الأخرى، والذي يعتمد أساسا على التيارين السالفي الذكر، ثم يتجاوزهما بعد أن يصنع منهما تركيبا جديدا. نضع هذا التصور الوليد في مرتبة دون الروحانية، لكن بعد المادية بكثير.

ما الجديد في هذا الفكر؟ الجديد أنه يمحي الحدود بين الروح والمادة. وقد قررنا أن نطلق عليه اسم:

ما وراء الواقعية (Métaréalisme). هل هي مفاجأة أن تطفح وجهة نظر فلسفية جديدة مثل هذه؟

ليس الأمر كذلك إذا ألححنا على كون أن وجهة النظر هذه نفسها منطوية ضمن انزياح إبستمولوجي من حجم كبير استشعره عديد من المفكرين، وبالأخص مشيل فوكو. هذا المفكر، وصف التحولات في المعرفة ـ وبالتالي في أنماط التفكير ـ منذ عصر النهضة إلى يومنا هذا. وقد أبرز بوضوح “لحظتين” حاسمتين في التاريخ: فبعد أن كان الفكر يركز على القياس، منشغلا أساسا بربط العلاقات بين مختلف أصناف الأشياء أو الظواهر، أصبح له مع نهاية القرن السابع عشر بعد جديد يتمثل في حصره خصائص الظواهر فيما هو مقدارها وآلياتها وقابليتها للحساب: إنها سيادة العقل المنطقي.

ما موقعنا ونحن في نهاية القرن العشرين من كل هذا؟

إنها المعرفة العلمية في طريقها للبروز، وذلك في تناقض مع الفهم العام وبدون إسهام الفلاسفة. إنه تصور للعالم مختلف تماما، ورؤية للكون تصطدم بعنف بالعقل المألوف، نتائجها مذهلة وغير قابلة للاستيعاب.

هذا الفضاء الجديد للمعرفة الذي تنتظم داخله شيئا فشيئا فكرة ثورية ما وراء واقعية، ألا يتحدد بالفعل في مجال ما وراء المنطق الكلاسيكي؟ ألسنا بصدد التدرب على نموذج لتفكير قاعدي المنطق (métalogique)؟

إنه تحول في غاية الأهمية: فبينما يتحدد حقل التفكير المنطقي بالتحليل النسقي للظواهر المجهولة ـ لكن مع ذلك بالإمكان معرفتها في نهاية المطاف ـ فإن التفكير القاعدي المنطق يتجاوز من جهته الحد النهائي الذي يفصله عن المعرفة التي لا يدركها الإنسان: إنه يقع فيما وراء التعبيرات، فيما وراء أبواب الإدراك نفسها، وبدون أن يفقد شيئا من صرامته فإنه يقترب من الوحي ويسعى لتقريبه إلى الأفهام. هل نعطي أمثلة؟ اللابتية في الرياضيات (التي تبرهن على أنه من المستحيل إثبات كون افتراض ما صحيحا أم خطأ). والتكاملية في الفيزياء (التي تعتبر أن الجزيئات، أو بالأصح، الظواهر الأولية هي في نفس الوقت جسيمية ومتموجة).

الفصل الأول من فكر قاعدي المنطق هو الأكثر إقناعا، يرتكز إذا على مسلمة وجود حدود مادية للمعرفة: إنها شبكة من الحدود يتم الكشف عنها تدريجيا، وغالبا ما يتم حسابها. حدود تحيط بالوجود ولا يمكن خرقها مطلقا. لقد تم الكشف في شهر دجنبر 1900 عن حالة خاصة في مغزاها لهذا النوع من الحدود المادية، وذلك من قبل الفيزيائي الألماني ماكس بلانك. يتعلق الأمر ب “كم الحركة” الذي يعرف جيدا تحت اسم “ثابتة بلانك”، فهو متناهٍ في الصغر (قيمته هي 6.626×10-34 جول ـ ثانية) وهي أصغر كمية من الطاقة موجودة في عالمنا المادي.

ولنتوقف لحظة لتأمل هذا الأمر الذي هو في نفس الوقت مصدر للعجب والإذهال: أصغر “فعل إوالي قابل للإدراك”، وها نحن أولاء أمام جدار الأبعاد: ثابتة بلانك تشير إلى الحد الفاصل لانقسام الإشعاع، وبالتالي الحد الأقصى لكل انقسام.

وجود حد أدنى في مجال الفعل المادي يفضي بطبيعة الحال إلى نتيجة، وهي إدراج حدود مطلقة أخرى حول الكون المدرك. وهكذا سنصطدم، من بين ما سنصطدم به، بطول نهائي ـ يطلق عليه اسم “مدى بلانك” ـ الذي يمثل أصغر مسافة ممكنة في ما بين جسمين منفصلين ظاهريا. ونفس الأمر بالنسبة لزمن بلانك الذي يشير إلى أصغر وحدة زمنية ممكنة الوجود.

إن هذا يطرح علينا سؤالا محيرا: لماذا هذه الحدود؟ بأية أعجوبة ظهرت بهذا الشكل الدقيق جدا، والأكثر من هذا القابل للحساب؟ من أو ما الذي قرر وجودها وقيمتها؟ وأخيرا، ماذا وراء ذلك؟

إذا قبلنا الولوج إلى التفكير القاعدي المنطق، إذا لم نستسلم أبدا للمجهول، وإذا سلمنا أن هذا المجهول هو في قلب المنهج العلمي الحديث نفسه، سنستسيغ لم كانت الكشوفات الأكثر جدة في مجال الفيزياء الحديثة تلحق بحقل الحدس الميتافيزيقي. وفي سيرنا نحو هذا الفهم، سندرك جيدا، إلى أي مدىً كان أنشتاين ـ وهو آخر علماء الفيزياء الكلاسيكيين المقتنعين بإمكانية معرفة الكون والوجود ـ مخطئا.

اليوم، وعند الحدود المجهولة وغير الثابتة التي برهنت النظرية الكمية عليها، يجري الفيزيائيون كلهم وبدون استثناء، التجربة حول هذه اللاأدرية الجديدة التي تقول: ليس بالإمكان الإحاطة علما بالوجود؛ الوجود محجوب عن الأفهام وسيبقى كذلك.

القبول بهذه الخلاصة يعني الكشف عن وجود حل بديل للغرابة الفيزيائية: إنها الغرابة المنطقية. نتحدث عن منطق للمجهول؟ لا ينقص إلا هذا من أجل تشييد هذا النسق التصوري الجديد، الأقوى لكنه أكبر مصدر للحيرة في قرننا هذا: يتعلق الأمر بالنظرية الكمية. مع هذه النظرية لا يمكن أن نستمسك بتفسيرات للكون من قبيل الموضوعية والحتمية رغم تساوقها مع العقل. ما الذي علينا أن نسلم به في المقابل؟ علينا أن نسلم بكون الوجود “في حد ذاته” غير موجود، بأنه يخضع لطريقة رؤيتنا له وبأن العناصر الأولية التي تؤلفه يمكن أن تكون شيئا (موجة) وفي نفس الوقت شيئا آخر (جزيئا). ونسلم على أية حال بأن هذا الوجود، في العمق، غير واضح المعالم. لقد بدأ التصور المادي للعالم ينهار أمام أنظارنا رغم متانته التي اكتسبها بفضل عمل قرون عدة من الصياغة النظرية الفيزيائية ومن التجارب: علينا أن نتهيأ للدخول إلى عالم مجهول تماما.

تجل آخر لهذه الغرابة المنطقية هو وجود نظام في قلب الفوضى. ترى، ما هو القاسم المشترك بين دخان متصاعد ولمعة برق في السماء، وبين راية ترفرف بفعل الريح وبين ماء يسيل من صنبور؟ هذه الظواهر في حقيقة الأمر فوضوية، أي غير منتظمة، ومع ذلك فعندما ندقق النظر إليها على ضوء هذه المقاربة الجديدة التي هي نظرية الفوضى، سنكتشف أن هذه الحوادث الغير منتظمة والطارئة، تخفي نظاما بقدر ما هو مدهش فهو عميق. كيف يمكننا تفسير هذا النظام في قلب الفوضى؟ وبتعبير أدق: في كون يخضع لقصور حراري، مجرور قهرا نحو فوضى متصاعدة، لم وكيف يبرز النظام؟

هذا الكتاب لا ينحصر اهتمامه في المجمل، في الكشف عن خفايا الروح والمادة بنظرة كلاسيكية. ولا يكتفي أيضا بمنح القارئ مقاربة مؤثرة عن الإيمان والدين: إنه ينفتح على نظرة كونية جديدة، على طريقة مختلفة بعمق للتفكير في الوجود نفسه. وراء النظام المتلاشي للظواهر، فيما وراء المظاهر، تقترب الفيزياء الكمية بشكل مدهش من المفارقة.

خلاصة القول، فإن هذا اللقاء الأول الجلي بين الدين والعلم، هذا العمل المحدد المدون في العالم المدهش للفيزياء الطليعية، لربما يجسد أيضا حيوية ميتافيزيقا جديدة: ألا يوجد اليوم نوع من التقارب بين عمل الفيزيائي وعمل الفيلسوف؟ ألا يطرح كل منهما نفس الأسئلة الأساسية؟ كل سنة تحمل حصادا من التنقيحات النظرية تمس تلك الجبهات التي تحد وجودنا: اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر.

تعمل النظرية الكمية كما هو الشأن بالنسبة لعلم الكونيات في كل لحظة، على توسيع مجال المعرفة إلى غاية الوصول إلى اللغز الأكثر جوهرية والذي جابه العقل البشري: وجود خالق مفارق هو في نفس الوقت سبب وجود الكون العظيم ودليل على هذا الوجود.

في نهاية المطاف، ألا نجد نفس الشيء في النظرية العلمية والمعتقد الديني على حد سواء؟ ومن الآن فصاعدا، ألا يمكن اعتبار أن الله من مدركات العقل البشري التي يستدل عليها، وهو قريب من التجلي بقدرته التي تظهر في العمق النهائي للوجود الذي انبرى الفيزيائي لوصفه؟

(يتبع في العدد القادم)

The post الله والعلم: ترجمة لكتاب بالفرنسية appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2lnWhku
via IFTTT

الدين في خدمة الإنسان… !!

 لعقود طويلة ظل الدين يشكل للإنسان المحرك الأساس والمصدر الوحيد الذي ينتقي منه معرفته، كما أنه المصدر الوحيد الذي يقدم له أجوبة عن تساؤلاته الوجودية، لكن مع التقدم العلمي الهائل سرعان ما أصبح العلم مصدرا منافسا وبديلا للدين، لكن ما يعاب عنه أنه ترك فراغا روحيا للإنسان، ليكون بذلك الدين مصدرا هاما لملء ذاك الفراغ الروحي الذي تركه العلم، فالسؤال الذي يطرح نفسه وبشدة.

_ كيف يمكن للدين أن يكون خادما للجنس البشري دون أي صراع أو تصادم ؟

     إن فكرة الدين فكرة قديمة قدم الإنسان. تقول إحدى الباحثات في علم مقارنة الأديان بالمغرب، أن الحفريات والآثار القديمة جدا التي عثر عليها سواء بالمقابر أو بالأماكن المقدسة، تبين تعلق الإنسان بفكرة الدين منذ ألاف السنين..، بحيث كان الإنسان طوال هذه المدة يبحث عن معنى لوجوده، فعلى سبيل المثال، تكون للإنسان أو للطفل الصغير خصوصا العديد من الأسئلة أهمها تلك الأسئلة الوجودية، من قبيل سؤاله عن القوى الخفية التي تتحكم في الكون أو ما يمكننا تسميته “بالخالق… أو الصانع “، أو من خلق هذا وكيف بني الكون؟، حتى وأن لم يتفوه بهما كلاما منطوقا، لكن تبقى الفكرة كامنة في الذهن، فيتلقى غالبا أجوبة تكون ذات مرجعية دينية ممزوجة بمنطلقات عقائدية للأبوين، حتى جاء العلم وأحدث ثورة علمية معرفية، كان لها الأثر الكبير في شتى المجالات من بينها المجال الديني.

هذه الثنائية، الدين والعلم ستصبح فيما بعد على الأقل بعالمنا العربي، بمثابة صراع إيديولوجي بين المتشبثين بالدين باعتبارهم أن الدين صالح لكل زمان ومكان، رافضين بذلك فكرة تعايش الدين مع متطلبات العصر، وبين الحداثيين الذين يؤكدون ويتبنون فكرة أنه يجب على الدين أن يكون صالحا للتأقلم مع جميع الظروف والأزمنة، وبين الطرف الثالث الذي يلغي الدين ويؤمن بأن فكرة الدين متجاوزة كانت صالحة في فترة زمنية محدودة…

 لما اشتدت معاناة بني إسرائيل بأرض مصر من جراء التنكيل الذي كان ممارسا عليهم من قبل ملكها فرعون “رمسيس”، أرسل الله تعالى نبيه “موسى  “، فخرج بقومه من مصر إلى سيناء طالبا النجاة و الشريعة والمسلك، غاياته في ذلك خدمة البشرية، ليكون بذلك الدين خادما له وللجنس البشري وليس العكس، هذا من جهة، أما من جهة أخرى إذا انتقلنا إلى رسول الإسلام، فحتما سنجد نفس الغاية والمقصد من مجيء الدين. لما وصلت المشاكل الاجتماعية أوجها بمكة من استغلال الطبقة الغنية للطبقة الفقيرة، واستعباد الناس، وقتل للأنفس بدون موجب حق، كان رسول الإسلام يتحنث بغار حراء يسأل الله النجاة والخلاص، فجاءته الرسالة والتعاليم ليكون الدين بذلك خادما للإنسان، وليس الإنسان خادما للدين، لأن الدين في نظري هو وسيلة حياة ونمط عيش، يرتقي بالجنس البشري، هدفه تمكين الإنسان من العيش الكريم، متجنبا الفقر والأوبئة، محققا تنمية اقتصادية وبشرية شاملة، بمنهج يغلب عليه اليسر والسماحة في كل شيء: في التصور والاعتقاد، والتعبُّد والتنسُّك، والأخلاق والسلوك، والمعاملة والتشريع. وصفات الوسطية واليُسر والسماحة تمثل الخصائص العامة للدين، بعيدا عن كل أشكال العنف والتطرف، الذي عانت منها المجتمعات البشرية في السنين الأخيرة ولا زالت تعاني منه، سببه بالدرجة الأولى الإهمال والتهميش والاحتكار والفقر والجهل والفهم المغلوط للدين، وإذا ما أخذنا الدين الإسلامي على سبيل المثال، فسنجده يتحدث ويشير في آيات كثيرة إلى أن الدين لم يأتي ليشدد على الناس، فالقرآن لم يأت من أجل التعسير، وهناك آيات تدل على هذا مثل”… وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۩. “سورة الحج الآية 78.

 من هنا أعتقد أن الدين جاء ليكون خادما للإنسان، لذا يجب أن تكون الغاية القصوى من وجود الدين في حياة الناس هي تحسين ظروفهم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية بالدرجة الأولى، بعيدا عن كل أشكال الصراعات الطائفية.

 

The post الدين في خدمة الإنسان… !! appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2nuyTmb
via IFTTT

الدين في خدمة الإنسان… !!


via منار الإسلام https://ift.tt/2nuyTmb

الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية دراسة مقارنة بين المذاهب الاقتصادية


via منار الإسلام https://ift.tt/2lMnrC4

الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية دراسة مقارنة بين المذاهب الاقتصادية

مقدمة:

     أطّرت حياة الناس على مر العصور في جانب الكسب والمعيشة أنظمة اقتصادية عديدة، وكل نظام اقتصادي اتصف بخصائص وسمات حددت طبيعته وميزته عن باقي الأنظمة الأخرى.

وهذه الخصائص والسمات نابعة من تصور فكري ونظرة مذهبية لأهم ركائز الاقتصاد وقضاياه الرئيسة، من قبيل:

طبيعة الملكية، وأسلوب التوزيع، ودوافع الإنتاج وموجهاته، وطبيعة العمل، ومقدار تدخل الدولة.

وبناء على تلك النظرة المذهبية للنظام الاقتصادي يمكننا التمييز بين ثلاثة أنظمة اقتصادية كبرى، وهي:

النظام الاقتصادي الرأسمالي، والنظام الاقتصادي الاشتراكي، والنظام الاقتصادي الإسلامي.

ويعتبر مبدأ الحرية من المبادئ الرئيسة التي شغلت بال الاقتصادين واستفردت بنصيب وافر من الرؤى والأطروحات، نظرا لمحورية المبدأ وصلته الوثيقة بالفعل والفاعل الاقتصاديين.

وقد اختلفت وجهات نظر منظري الفكر الاقتصادي حول مبدأ الحرية تبعا لاختلاف وتباين مرجعياتهم الفكرية وتصوراتهم للكون والحياة والإنسان.

ويعتبر موضوع الحرية من المواضيع المثيرة التي استرعت الاهتمام قديما وحديثا، وتناولها أهل الفكر من زوايا متعددة وفي حقول معرفية مختلفة.

وسنركز في هذه الورقة البحثية على مبدأ الحرية في صلتها بالحياة الاقتصادية، ونتناول في دراسة مقارنة بين المذاهب الاقتصادية الوضعية والمذهب الاقتصادي الإسلامي تمثلات المذاهب الاقتصادية لمبدأ الحرية، وأهم الأسس الفكرية التي أطرت المفهوم وصاغته وتأسست وفقه رؤى مختلفة وصلت بعض الأحيان حدّ التناقض.

وستكون البداية ببيان الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية في المذاهب الوضعية. ونقصد بالمذاهب الاقتصادية الوضعية تحديدا المذهبين الرأسمالي والاشتراكي.

ثم نثني ببيان الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية في المذهب الاقتصادي الإسلامي.

وقد قصدنا في كل ذلك التركيز والاختصار ما أمكن.

  • الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية في المذاهب الاقتصادية الوضعية:

وأقصد بالمذاهب الاقتصادية الوضعية مذهبين اثنين، هما: المذهب الاقتصادي الرأسمالي أو الاقتصاد الحر، والمذهب الاقتصادي الاشتراكي أو الاقتصاد الموجّه. وسأبدأ بالمذهب الرأسمالي وأثني بالمذهب الاشتراكي.

يُعرَّف النظام الاقتصادي الرأسمالي بأنه:

” النظام الاقتصادي الذي يمتلك فيه الأفراد آحاداً أو جماعات الموارد الإنتاجية ملكية خاصة، كما أن لهم الحق في استخدام مواردهم بأية طريقة يرونها مناسبة”[1].

ويعتبر هذا النظام من أقدم النظم الاقتصادية الوضعية ظهورا، وقد مرّ بمراحل كثيرة تطورت فيها أفكاره ونظرته للاقتصاد، بدءاً بالمرحلة التجارية، ووصولا إلى المرحلة الصناعية مع الثورة الصناعية الكبرى في منتصف القرن الثامن عشر.

وتعتبر الحرية الاقتصادية حجز الزاوية والأساس الذي تنبثق منه كل الحقوق والقيم التي تنادي بها الرأسمالية.

فللفرد الحرية المطلقة في النشاط الاقتصادي الذي يزاوله، وفي الاستهلاك الذي يرغبه، وفي الإنفاق أو الاستثمار الذي يناسبه[2].

وتستند الحرية في التفكير الرأسمالي على عدة أفكار وقيم تستمد منها وجودها و”مشروعيتها”، ويمكن إجمال الأسس الفكرية للحرية في المذهب الرأسمالي في ثلاثة أسس[3]، وهي كالتالي:

  • الحرية وسيلة لتحقيق المصالح العامة:

يرتكز هذا الأساس على فكرة التوافق بين مصالح الفرد ومصالح المجتمع، فالرأسمالية تعتقد بأن الفرد الحرّ تقوده دوافعه الذاتية إلى تحقيق مصالحه الخاصة، وهذه الأخيرة تؤدي بصورة آلية إلى توفير المصالح العامة، فتغدو الحرية أداة تخدم الصالح العام وتضمن ما يتطلبه المجتمع من خير ورفاه وسعادة.

ولا حاجة للقيم الروحية والخلقية لضمان سعادة المجتمع ومصالحه، لأن الحرية الاقتصادية عندما تفتح مجال التنافس الحر بين مختلف مشاريع الإنتاج تجعل الفرد ملزما بالبحث الدائم عن الجديد النافع للمجتمع، والضامن للتنافسية والاستمرارية، لأن الشعار الذي سيتبناه المجتمع هو “البقاء للأصلح”، وبالتالي سيحقق المجتمع مصالحه ويلبي حاجاته بالشكل الذي يرضيه.

والمتأمل في تاريخ المجتمعات الرأسمالية سيقف على حجم التناقضات الصارخة بين المصالح الخاصة والعامة، ويرى البؤس الشديد الذي عانت وتعاني منه طبقات كثيرة، مما يؤكد عدم صحة الفكرة التي انبنى عليها هذا الأساس الفكري للحرية عند الرأسمالية.

ونظرا لتفاوت الناس في حظوظهم ومواهبهم ومقدراتهم فلن تعدو الحرية بهذا المعنى إلا أن تصبح تعبيرا قانونيا عن حق القوي في كل شيء.

  • الحرية سبب لتنمية الإنتاج:

لا يختلف اثنان في كون الحرية الاقتصادية قوة دافعة للإنتاج، ووسيلة كفؤة لتفجير الطاقات وتجنيدها، وبالتالي مضاعفة الثروة الاجتماعية التي تخدم الصالح العام. لكن خلوّ الحرية من كل قيمة ووازع خلقي يجعل التنافس حول الإنتاج صراعا عنيفا يأكل فيه القوي الضعيف، ويفتح الباب واسعا للاحتكار والاستحواذ، ويقضي على التنافس الشريف. وثمة منقصة أخرى تضعف هذا الأساس الرأسمالي وتتجلى في كون سعادة المجتمع لا تتعلق بكمية الناتج العام فقط، بل هي رهينة كذلك بالكيفية التي يوزع بها هذا الناتج ومدى توخيها للعدالة الاجتماعية. فالرأسمالية عندما تعتمد على جهاز الثمن في التوزيع فإنها تعلن بأن من لا يملك ثمن السلعة لسبب من الأسباب فلا حق له في العيش والحياة.

  • الحرية تعبير أصيل عن الكرامة الإنسانية:

تقرر الرأسمالية أن الحرية بوجه عام هي حق إنساني أصيل، وتعبير عملي عن الكرامة البشرية فهي ليست أداة لسعادة المجتمع فقط، بل هي تحقيق لإنسانية الإنسان ووجوده الطبيعي الصحيح. وهنا تخلط الرأسمالية بين الحرية الطبيعية والحرية الاجتماعية، بينما لكل منهما صفاته وخصائصه.

فالحرية الطبيعة عنصر جوهري في كيان الإنسان، وظاهرة أساسية تشترك فيها الكائنات الحية بدرجات مختلفة تبعا لمدى حيويتها، وقد نال الإنسان الحظ الأوفر من هذه الحرية. فالحرية الطبيعية هي منحة الله سبحانه للإنسان.

أما الحرية الاجتماعية فهي تلك الحرية التي يكسبها الإنسان من المجتمع، وهي نوعان:

حرية اجتماعية جوهرية وهي تلك القدرة التي يكسبها الإنسان من المجتمع على القيام بفعل شيء معين. بمعنى أن المجتمع يوفر للشخص كل الوسائل والشروط التي يتطلبها القيام بذلك الفعل.

حرية اجتماعية شكلية وتعني امتلاك مبدأ الحرية دون القدرة الفعلية للاستفادة منها في واقع الحال.

والحق أن الرأسمالية تؤمن بالحرية الاجتماعية الشكلية فقط دون الحرية الاجتماعية الجوهرية، فهي تعطي للفرد الحق في الحرية ولا تعطيه القدرة على الاستفادة من الحرية، وتعلل ذلك بمبررين اثنين:

أولهما: استحالة ضمان أي مذهب اجتماعي للحرية الاجتماعية الجوهرية لكل أفراده.

وثانيهما: تشجيع الأفراد على النشاط واستثمار أقصى طاقاتهم التنافسية والإنتاجية. وهذان المبرران وجيهان إلى حدّ ما، لكنهما لا ينفيان مسؤولية المذهب الاجتماعي في توفير حدّ مقبول من الحرية الجوهرية، وإعطاء ضمانات كافية لمستوى معين من المعيشة لجميع أفراده مهما كانت فرصهم وشروطهم.

تدخل الدولة:

إن موقف الرأسمالية من الحرية في المجال الاقتصادي نابع من الإطار العام والموقف الكلي للمذهب الفكري الوضعي الذي يستبعد كل تدخل لأي سلطة خارجية سواء كانت دينية أم اجتماعية في حريات الأفراد إلا بقدر محدود وفي نطاق محسوب جدا.

وهكذا نادى منظر الاقتصاد الحر آدم سميث(1723‑ 1790) بضرورة إبعاد النشاط الاقتصادي عن كل تدخل خارجي وإخضاعه فقط لحرية الأفراد ومنطق السوق(قانون العرض والطلب)، وكان شعار المرحلة:

“دعه يعمل، دعه يمر  Laisser travailler. Laisser passer”.

ولا شك أن هذه الدعوات كانت ردّة فعل عنيفة اتجاه الظلم الفظيع الذي عانى منه الإنسان الغربي عموما والأوروبي تحديدا من السلطتين المقيتتين الروحية والزمنية، سلطة الكنيسة والإقطاع.

لكن، ونظرا لعدم واقعية الطرح الرأسمالي في مسألة الحرية الاقتصادية، وما شهده الاقتصاد الحر من أزمات متكررة سُمِح أخيرا للدولة بالتدخل على خلاف الأصل، وحددت مجالات تدخلها أو إشرافها طلبا لقدر من الاستقرار والتوازن في مجال يعد صلب حياة الناس ومربط الفرس فيها.

كما تكفلت الدولة بتوفير قدر كاف من الضمان لكل الأفراد يعينهم على العيش الكريم مهما كان جهدهم وحظوظهم في الإسهام في الناتج العام للدولة.

فهذه أهم الأسس الفكرية التي اعتمدها المذهب الاقتصادي الرأسمالي في تعاطيه مع مسألة الحرية الاقتصادية.

أما المذهب الاقتصادي الاشتراكي فقد تبنى أطروحات نقيضة لأطروحات الاقتصاد الرأسمالي، ووجّه منظّره كارل ماركس (1818‑ 1883) انتقاد لاذعا للمذهب الرأسمالي وكشف سوءاته، لكنه لم يوفق في البديل، حيث انبنى مذهبه على رؤية غير علمية[4]تنكرت للفطرة والغريزة فألغت حرية الأفراد الاقتصادية، وأخضعت الجميع للتخطيط الحديدي الصارم الذي يحدد كل شيء، فعزف الناس عن العمل، وتفشت المكتبية والبيروقراطية. 

 

 

 

 

 

 

 

 

  • الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية في الإسلام:

الإسلام هو الرسالة الخاتمة والدّين المرتضى والشريعة الكاملة، ونظامه الاقتصادي يختلف منهجا وأسلوبا وغاية عن الأنظمة البشرية الوضعية، وإن ظهرت بعض التشابهات والتوافقات هنا وهناك. فللإسلام مذهبه الخاص في قضايا الملكية والإنتاج والتوزيع…وله أدواته التي يعالج بها الاقتصاد وهي عبارة عن معايير كمية مادية، وأخرى قانونية شرعية، وثالثة نفسية تربوية.

  • أصول هادية للحرية الاقتصادية في الإسلام:

تحكم علاقة المسلم بالمال ومتاع الدنيا أصول ثلاثة:

1‑ أن يملك الدنيا ولا تملكه:

فالاقتصاد وسيلة لغاية، ولا بد للمؤمن في رحلته الدنيوية من زاد مادي، وسعي لكسبه، وتصرف حكيم في إنفاقه. وعلى الدولة المسلمة مسؤولية تحقيق الكفاية والعيش الكريم لأفرادها كي لا يشغلهم هم الرزق والمعيشة عن غايتهم الكبرى التي خُلقوا من أجلها ” تحقيق العبودية الكاملة لله “، استعدادا للنعيم المقيم والسعادة الأبدية في دار الخلد.

2‑ أن يتسبّب لكسب المعاش لتحقيق النفع الخاص والعام:

فيجتهد لكسب معاشه ومعاش أهله حيث أقامه الله، ويجدّ لينفع بنشاطه الاقتصادي أمّته، فالعمل الصالح عبادة، والسعي الاقتصادي من جملة العمل. و” أخوه أعبد منه “[5] ميزان عمري حكيم.

ولا ينفصل في ذهن المؤمن هم كفايته وسعادته عن هم كفاية الأمة وعزتها وأمنها وقوتها.

3‑ أن يكسب من حل وينفق في حل:

فلا يحتكر ولا يبذر ولا يكنز، ويلتزم بضوابط الشريعة في المال، تملكا وإنتاجا وتوزيعا…

  • حرية مسؤولة:

أعطت الرأسمالية للأفراد حرية مطلقة لا رقيب عليها ولا حسيب، لا تخضع إلا لنوازع الأنانية المستعلية والجشع والهلع الذي يميز الإنسان الذي نفض يده من تراب القيم الأخلاقية والروحية، فأصبح وحشا كاسرا يحركه الربح والربح وحده.

وبالمقابل صادرت الاشتراكية حريات الجميع وتنكرت للغريزة والفطرة، وألغت المبادرة الحرة وعطّلت دوافع التدافع الذي به يكون العمران في الأرض.

ولما كان الإسلام رسالة خالق الإنسان وفاطره الخبير العليم سبحانه، فقد كانت نظرته إلى الموضوع نظرة ثاقبة متكاملة، فلم ينكر جانب الغريزة ولم يكبتها ولم يقمعها، بل اعترف بها وعمل على توجيهها لتكون دافعا نحو العمل والعطاء والعمران، فحث على التنافس والتسابق والمسارعة إلى الخيرات. فهذه نظرة الإسلام إلى الغرائز على اختلاف أنواعها.

والإسلام عندما يقر بحرية الفرد في الاقتصاد يتبع ذلك ببيان دوائر ونطاق ممارسة تلك الحرية، وعموما فالحرية تمارس داخل دائرتين اثنتين، وهما:

الدائرة الأولى:

هي حدود الله المتمثلة في أحكام الواجب والمحرم، في البواعث الحافظة لمقاصد الشريعة من جانب الوجود، وفي الروادع الحافظة لها من جانب العدم كما يعبر الشاطبي رحمه الله.

الدائرة الأولى التي تحدد مسؤولية الأفراد أمام الدولة هي دائرة الأحكام الشرعية التي يسهر على تطبيقها المحتسب، ويطالب بها المسلمون بعضهم بعضا تآمرا بالمعروف وتناهيا عن المنكر، ويفصل في نوازل خرقها القاضي، وتنفذ أحكامه على الجاني يد الدولة.

فهذه الدائرة تجسد الرقابة الخارجية، وقد تجلت في ضبط شريعة الإسلام للنشاط الاقتصادي من خلال بيان ما يحل وما لا يحل من المعاملات.

والمتأمل في هذا الجانب من الفقه الإسلامي يجد تنصيصا واضحا صريحا دقيقا في حظر أو إباحة عدد من المعاملات والتصرفات، كما يجد بالمقابل تركيزا على الكليات والمقاصد الهادية المسددة للنشاط الاقتصادي دون تفصيل وتفريع، تركا للباب مفتوحا لاستيعاب الجديد الطارئ وتكييفه من الناحية الشرعية.

فقد نصت الشريعة على تحريم الربا بنوعيه، والغش، والقمار، والكسب الخبيث، وأكل أموال الناس بالباطل…

كما استثنت السنة من عموم حلية البيع النهي عن بيع الغرر، وبيع الدين بالدين، وبيع المعدوم، وبيع ما لا يملك، وبيعتين في بيعة، وسلف وبيع، وربح ما لم يضمن…

 

الدائرة الثانية:

أما الدائرة الثانية التي لا تخنق الحرية لكن تصعدها لتستعلي على الأنانية، فهي دائرة الإحسان، وهو أن يعبد المومن الله تعالى كأنه يراه، أي: أن يراعي وجهه الكريم في كل ما يأتي وما يذر من أعمال ليكون سعيه في الأرض ابتغاء وجه الله عز وجل خالصا.

فالدولة المسلمة يمكنها أن تقيم صلب الكيان الاجتماعي بواسطة القسمة العادلة، لكنها قد تعجز عن التوسعة المادية والمعنوية التي تريد أن يعيش المسلمون بعضهم قريبا من بعض، وبعضهم حانيا على بعض، مستمعا لشكواه مسرعا لمساعدته، مما يستوجب تدخل الإحسان الفردي.

وقد حرص الإسلام على تنمية هذه الرقابة الداخلية في أتباعه من خلال أصول عقدية وتوجيهات تربوية تكشف عن حقيقة المال ومقاصده.

فالقرآن الكريم يقرر حقائق واضحة تؤكد أن المال خَلقا وإيجادا وتسخيرا هو لله تبارك وتعالى ﴿وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾[6] وأن الإنسان مستخلف في هذا المال        ﴿ وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾[7].

وهذه الحقائق تسهم في إرساء مفهوم متميز للملكية والحيازة، بحيث يصبح الإنسان وكيلا فقط وليس مالكا حقيقيا للمال، ويصبح المال الذي بيده مجرد وديعة وعارية.

كما تسهم في إرساء مفهوم التصرف المقيد، فما دام الإنسان مجرد وكيل فعليه أن يخضع في تصرفاته لإرادة المالك الحقيقي ويلتزم بأوامره ونواهيه.

فعندما ترسخ تلك الحقائق في فكر المؤمن ووجدانه تثمر نظرة جميلة لعنصر المال، فيصبح المال وسيلة لا غاية، وسيلة للنفع الشخصي وأيضا للنفع العام، فيسعى المومن لنيل رضا ربه بكفالة اليتيم، وإطعام الجائع، ومواساة الأرملة، ومساعدة المحتاج…

تدخل الدولة:

تعتبر عملية التخطيط محاولة لعقلنة الاقتصاد، بمعنى إخضاعه لمنطق العقل الذي لا مجال فيه لاحتمالات الرفض، وتردد الإرادة، ونزوة العاطفة، وتحرك الغريزة.

فالعقلنة الاقتصادية محاولة لمحاربة الفوضى الناشئة عن التناقضات بين نفس الإنسان وعقله، بين اتجاه الفرد واتجاه الجماعة، بين المطالب الاقتصادية المتزاحمة على باب التنفيذ.

وفي المذهب الاقتصادي الإسلامي تكون المبادرة الحرة هي الأساس، ويكون تدخل الدولة طارئا، ويكون التخطيط محدودا.

إن التخطيط المعتمد على هدي الشريعة والمدرك لنواميس الله في الكون يمكّن من إصلاح الوسائل والإمكانيات وتوجيهها لتحقيق الكفاية والكرامة، كما يمكّن من تنسيق الجهود الفردية صوب التكامل والانسجام، وبالتالي حماية المصالح العامة من نزعات الأنانية ونزغات الشيطان.

خاتمة:

إن الإسلام يتعامل مع الحرية باعتبارها قيمة إنسانية كبرى، وقد نظر إليها نظرة متوازنة متكاملة، ووضع لها مرتكزات وضوابط وحدودا، لتؤدي وظيفتها وتحقق مقاصدها في السياقين الفردي والجماعي في تناغم وتكامل بعيدا عن التناقض والتنافي المؤديين للصراع والاحتراب، وهذا ما فشلت في تحقيقه المذاهب الاقتصادية الوضعية، فشتان بين تشريعات الناس وشريعة رب الناس، وشتان بين الثرى والثريا.

والحمد لله رب العالمين.

 

المصادر والمراجع:

القرآن الكريم برواية ورش عن نافع.

محمد باقر الصدر، اقصادنا، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، ط13، 1400هـ/1980م

محمد حامد، النظم الاقتصادية المعاصرة.

محمد حمدي النشار، النظم الاقتصادية ، الناشر جامعة أسيوط، 1965م.

 

 

 

[1] محمد حامد، النظم الاقتصادية المعاصرة ص16.

[2] محمد حمدي النشار، النظم الاقتصادية ص33، الناشر جامعة أسيوط، 1965م.

[3] انظر: محمد باقر الصدر، اقصادنا ص270‑ 292، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، ط13، 1400هـ/1980م

[4] وإن كان أتباع المذهب يصرون على وصف اشتراكيتهم ب”العلمية”.

[5] كلمات قالها عمر رضي الله عنه لرجل اعتزل في المسجد للعبادة وترك “السعي” واعتمد على سعي أخيه.

[6] سورة النور، الآية:33

[7] سورة الحديد، الآية:7

The post الأسس الفكرية للحرية الاقتصادية دراسة مقارنة بين المذاهب الاقتصادية appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2lMnrC4
via IFTTT

Wednesday, September 25, 2019

المونولوج في رواية “قلادة قرنفل” للكاتبة “زهور كرام”

تستدعي الرواية حالات الضياع، والقهر، والعذاب التي تعيشها المرأة المغربية في المجتمع، ويبرز ذلك عبر صوت الساردة النموذجي، المهيمن في المتن، والذي يناشد كذلك  الحرية، والتحرر من ربقات العقليات  التقليدية الجامدة، ويكشف الصرخة المكتومة للمرأة، أمام تناقضات الكون النفسي الذي يحيطها كحريم، وكسجينة للخلفيات الثقافية السائدة.

تنقل الساردة، المرأة المثقفة الطموحة، المناضلة، الصراع الفكري، والنفسي الذي تعيشه،  جاعلة من القرنفل رفيقا لها في ثورتها ضد السائد والمعتاد، وضد عمتها الحاجة فضيلة المرأة التقليدية الجاهلة، المستبدة، التي أرغمت كل الشخصيات على العيش في جبتها تحت أنواع من العذابات النفسية والجسدية، (زوجها، إبنيها ، وزوجاتهما..)،

تملك الحاجة فضيلة أياد طويلة تبطش بها في القرية، والمدينة، وتغرق الفلاحين بالديون ثم تقضم أراضيهم، والمقدم يتبعها خادما أمينا، كما قضمت حق أخيها في الإرث، وهو أب الساردة الذي مات مغبونا يقاوم عن الوطن، وصار أغنية تحفظها الساردة وترددها.

  • عنوان الرواية:

للقرنفل علاقة وطيدة بالمرأة من حيث وظيفته، فهي تستعمله في التجميل، وهو كذلك رمز ثورتها ضد الاستعمار، (ثورة القرنفل في البرتغال 1974م).

تأخذ قلادة القرنفل موضع الجيد من جسد المرأة، فتكون قريبة من نبضاتها، وأنفاسها . وما تجميع القرنفلات في القلادة سوى رمز لتأسيس هويتها. تقول الساردة: “تذكرت أني أحمل في عنقي قلادة قرنفل، كان قد أهداني إياها شاعر منسي..” [1]

ورد القرنفل في الرواية كدلالة على روح التحدي، والمقاومة.  رافق عطره الساردة في كل تفاصيل الحياة. بمبادئه تقاوم الساردة الجبن والتسلط، والقهر، وتنجو من عملية قتل الذاكرة، وتدفع باقي الشخصيات للصحو، تقول الساردة عن ابن عمتها، “سأنفرد به في غرفتي سألقنه مبادىء القرنفل” .

  • المونولوج:monologue

إن المونولوج كلمة يونانية، مكونة من  مقطعين: مونو (mono): بمعنى فرد أو فردي، ولوج (logue) : بمعنى أداء، أو إلقاء، أي الإعداد الفردي.

والمونولوج، عكس الحوار الخارجي،  يكون فيه الحوار من جهة واحدة، أي أنه “حديث النفس للنفس بعيدا عن أسماع الآخرين” [2]

“مع المونولوج اتجهت الرواية اتجاهات نفسية، تهتم برداسة باطن الشخصية في العمل الأدبي، وأخذت تقف على أبعاد الحياة اللامرئية، وتسجل بكل دقة ميول واستعدادات ونزعات الفرد الموروثة والفطرية.. لذا أصبحنا ننظر داخل الشخصية، ونعرف كيفية ارتباط الحدث الخارجي بالواقع النفسي”[3] .

يقول ميلان كونديرا: “وبفضل هذا التجسس الغريب  وهوالمونولوج الداخلي، تعلمنا الشيء الكثير عن هويتنا”[4]

يمكن تقسيم المونولوج الداخلي في رواية “قلادة قرنفل” إلى ما يلي:

  • مونولوج الاحساس: يعبر عن الحالة الروحية للساردة كالفرح، والحزن، والحب، والكراهية: “أدور في غرفتي المغتصبة في غيابي، جسدا ثائرا يرتطم بالجدار، نفسا تائهة، احتارت في سر الاغتصاب. من بعثرني على الأرض”[5] وترسم عبره شطحاتها النفسية، وآلامها الباطنية، “داخلي يهتز.. اسمعه يتكسر زجاج يرتطم ببضعه، يحدث جروحا، أرى النزيف يخترقني..” [6]
  • مونولوج الأحلام: تترك عبره الساردة العنان لأفكارها أثناء تأملها دون أن تؤثر في تقدم الأحداث، تقول: “أدور في الغرفة وأنا أخضن الكتاب وأضمه إلى صدري. يمهلني الصمت الذي  يشهده البيت في غياب العمة على التفكير والتركيز وأنا أشده بين ضلوعي. انسابت فكرة كأنها قطرة ماء في لحظة العطش الشديد.. رفعت يدي إلى عنقي وابتسمت ثم اقتربت من المرآة:

هذه المرة حركت شفتي، وقلت لنفسي:

سأصنع منها قلادة

سأزين بها عنقي.. سأتعطر بها.. سيفوح مني عطر دائم.. سألتحم به.. سيصبح الطريق إليه سهلا، سأربك العمة.. هي تكره العشق وأثرة.. سأقحمها في لغته.. وعطره.. هل ترميه في المزبلة؟ إن فعلت تكون الخاسرة..”[7]

  (3المونولوج السردي: تدخل الساردة مباشرة في الحدث لكي تعلمنا بأشياء لا يمكننا معرفتها بطريقة أخرى، تقول عن زمن السيبا: “تجد أشخاصا يقتحمونك في عقر دارك .. يتقيؤونك خارج دارك.. وينتشرون داخل دارك.. تسمع عن آخرين وصلتهم السيبا إلى حد ابتلعتهم كانئنات، قيل إنها غريبة عن المدينة.. نزلت صباحا وأكلتهم كما تأكل الذئاب بني آدم..”  

عبر المونولوج تصور الساردة بواطن الشخصيات ، التي اتسمت بالصمت الخلاق. تقول: “صالح حين تراه في المنصة يخطب في الجمع، تحسب أنه يملك العالم، وحين تراه أمام الحاجة تشهد كيف يقزمه الخوف، ويحوله دمية صغيرة تتسلى بها العمة..”[8] .

وتقول عن زوجتي صالح، ورغبتهما في الإنجاب للبقاء في البيت “من أجل اليوم المنتظر تحيا فاطمة، وإلا يتقيؤها البيت خارجا، وتعود من حيث أتت جسدا فارغا إلا من الخدش.. أما زهرة فإن الحياة والموت عندها سيان، كان بإمكان العمة أن تطردها بعدما تعذر اليوم المنتظر، غير أنها اعتبرتها من ممتلكاتها فأبقت عليها”[9]

                خاتمة:

إن السرد في الرواية نبضات حالمة، ينبري المخيال الانزياحي عبرها، في استدعاء وضع المرأة المغربية، وكشف رغباتها، واستجلاء أغوار نفسيتها. وهو تجلى مع مونولوجات الساردة  المتعددة لكشف هذه العوالم، وامكاناتها.

وقد اعتبر سعيد يقطين هذه الرواية مستقبل السرد النسائي بالعالم العربي.

 

المراجع:

1_ زهور كرام، قلادة قرنفل،الطبعة لأولى 2004،  دار الثقافة، ، مطبعة النجاح الجديدة  الدار البيضاء                                                                              

2_ فريدة الكتاني، صورة المرأة في روايات نجيب محفوظ، الطبعة الأولى 2005، مطبعة أنفو برانت ، 12 شارع القادسية، الليدو، فاس.

3_ ميلان كونديرا، فن الرواية،ترجمة خالد بلقاسم، الطبعة الأولى، 2017، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب.

  1. _ نبيل راغب، موسوعة الإبداع الأدبي، مكتبة ناشرون، ط1، لبنان 1996.

[1] _ زهور كرام، قلادة قرنفل،الطبعة لأولى 2004،  دار الثقافة، ، مطبعة النجاح الجديدة  الدار البيضاء، ص:17                                                                              

 

[2] _ نبيل راغب، موسوعة الابداع الأدبي، مكتبة ناشرون، ط1، لبنان 1996، ص:141

[3] _ فريدة الكتاني، صورة المرأة في روايات نجيب محفوظ، الطبعة الأولى 2005، مطبعة أنفو برانت ، 12 شارع القادسية، الليدو، فاس. ص:287_288

[4]  _ ميلان كونديرا، فن الرواية،ترجمة خالد بلقاسم، الطبعة الأولى، 2017، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ص:37

 

[5] _ الرواية، ص:128

[6] _ الرواية، ص: 135

[7] _ الرواية، ص: 172_173

[8] _ الرواية، ص:91

[9] _ الرواية، ص: 127

The post المونولوج في رواية “قلادة قرنفل” للكاتبة “زهور كرام” appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2n7Q7FH
via IFTTT

المونولوج في رواية “قلادة قرنفل” للكاتبة “زهور كرام”


via منار الإسلام https://ift.tt/2n7Q7FH

Monday, September 23, 2019

تعدد الزوجات بين الرخصة و العزيمة


via منار الإسلام https://ift.tt/2l2qzt1

تعدد الزوجات بين الرخصة و العزيمة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيد الأولين و الآخرين سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين.

شرع الله تعالى الزواج لمقاصد سامية و عظيمة لتكثير سواد الأمة و استمرار الحياة و حفظ المجتمع من الفاحشة و غيرها من الحكم الربانية، و قد اعتبر الإسلام عقد الزواج ميـثاقا غليظا و رابطة متينة و مشروعا جديا يمتد للآخرة، يقول عز من قائل: ” و إن أردتم استبدال زوج مكان زوج و آتيتم إحداهن قنطارا فلا تاخذوا منه شيئا أتاخذونه بهتانا و إثما مبينا ، و كيف تاخذونه و قد افضى بعضكم إلى بعض و أخذن منكم ميثاقا غليظا ” (1).

قال القاسمي: أي عهدا وثيقا مؤكدا مزيد تأكيد ، يعسر معه نقضه، كالثوب الغليظ يعسر شقه.

و قد كان تعدد الزوجات موجودا عند العرب قبل الإسلام مثلما كان موجودا عند معظم الشعوب القديمة و البدائية لأسباب أغلبها اقتصادية، و كان للرجل قبل الإسلام كما يقول الطبري نقلا عن الضحاك – أنه كان للرجل أن يتزوج عشرا- (2)

   و بعد مجيء الإسلام ، أباح في أحكامه تعدد الزوجات و لم يوجبه، بل أبقى عليه مباحا مع إدخال الإصلاحات الجذرية التي تجعله يتماشى مع ما شرعه الله من أحكام للعلاقة الزوجية، بل للنظام الأسري الكامل، و أدخل الإسلام هذه الإصلاحات قصد الحد من مساوئ التعدد و مضارها التي كانت موجودة قبل الإسلام، حيث كان بدون عدد، و كانت كرامة النساء مهدرة و حقوقهن مسلوبة (3)

فما هي إذن شروط التعدد؟

 و ما هي الأحكام التي تعتريه؟ 

و هل التعدد هو الأصل أم الواحدة هي الأصل؟

شروط تعدد الزوجات:

أجمع علماء المسلمون على جواز التعدد ، و لكن بأربعة شروط:

1-العدد: يجب ألا يجمع المسلم في عصمته أكثر من أربع نسوة في وقت واحد، و مستند هذا الكتاب و السنة و إجماع الأمة، لقوله تعالى:” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع”(4)

2-العدل: انطلاقا من قوله تعالى:” فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة”، و قد جاء في الحديث النبوي الشريف،” من كانت له امرأتان ، و لم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة و شقه مائل(5)

 و المقصود هنا العدل في المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و المبيت و المعاملة، أما العدل في الميل القلبي فلا يملكه الإنسان لقوله تعالى:” و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة”(6)، و لقد ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال :” اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك و لا أملك” (7)، لأنه كان صلى الله عليه و سلم  يحب أمنا عائشة رضي الله عنها أكثر من باقي نسائه اللاتي كن في عصمته، أما أمنا خديجة رضي الله عنها  فمكانتها لا مثيل لها حيث أنه صلى الله علي و سلم لم يتزوج عليها طيلة حياته معها، لمدة خمسة و عشرون سنة،  حتى توفاها الله، و بعد ذلك جاء أمر الله تعالى و تزوج باقي نسائه بوحي و أمر من الله تعالى لغاية أرادها سبحانه.

3-القدرة البدنية لأداء حق كل امرأة و القدرة على الإنفاق على الزوجتين أو أكثر، و تشمل النفقة و الطعام و الشراب و الكسوة و المسكن و ما يلزم من أثاث يناسب المرأة حسب العرف و الزمان و المكان و الأشخاص،  فان لم يكن الراغب في التعدد مستطيعا للنفقة فلا يجوز له الإقدام عليه، لأن النفقة على الزوج واجبة بالإجماع المستند إلى كتاب الله .(8)، لقوله تعالى :”الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم” (9) ، و انطلاقا أيضا من قوله تعالى:” و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله” (10).

4-أن لا يكون الجمع بين من يحرم الجمع بينهن: مثل الجمع بين الأخوات لقوله تعالى:” و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف انه كان فاحشة و مقتا و ساء سبيلا، و أن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف” (11)،  ويحرم الجمع بين المرأة و عمتها ، و المرأة و خالتها و هذا بإجماع أهل العلم .

أحكام تعدد الزوجات:

للتعدد خمسة أحكام مختلفة باختلاف النية و الظروف الاجتماعية و النفسية والسياسية و غيرها…، فتارة يكون واجبا ، و في أخرى يكون مندوبا ، و قد يكون  مباحا و قد يكون مكروها و قد يكون منهيا عنه أو محرما.

 يكون التعدد واجبا في حالة خشية الزوج على نفسه من الوقوع في الزنا: لعجز زوجته  على إشباع شهوته لظروف صحية أو لعيب جنسي  مثلا.

 يكون التعدد مندوبا إذا كان لا يخاف على نفسه الفاحشة و لكن يريد الإنجاب و تكثير سواد الأمة مثلا: خصوصا إذا كانت زوجته لا تنجب.

و يكون بين الكراهة و التحريم إذا كان الزواج بقصد التنويع و التلذذ و التذوق الانغماس في الشهوات ، و يكون هذا الأمر غالبا عند مرضى القلوب و ضعاف الإيمان،  أو إذا كان المعدد يفتقد للقدرتين البدنية و المالية ، أو كان لا ينوي إقامة العدل بين زوجاته.

و ما دون الواجب و المندوب و المكروه و المحرم فحكمه الإباحة.

هل التعدد أصل أو رخصة:

اختلف أهل العلم، هل الأصل في الزواج التعدد أم الواحدة، فهناك من يرى أن الأصل في الزواج هو الإفراد، و يسوغ للشخص عند الحاجة ووجود المبرر و أمن العدل أن يتزوج أكثر من واحدة.

 فقد جاء في المستقنع للحجاوي الحنبلي، و يسن نكاح واحدة.

و قال الشيخ ابن عثيمن في الشرح الممتع على زاد المستقنع:” ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يسن أن يقتصر على واحدة، و علل ذلك بأنه أسلم للذمة من الجور ، لأنه إذا تزوج اثنتين أو أكثر فقد لا يستطيع العدل بينهما، و لأنها أقرب إلى منع تشتت الأسرة ، فانه إذا كان له أكثر من امرأة تشتتت الأسرة…و الاقتصار على الواحدة أسلم، و لكن مع ذلك إذا كان الإنسان يرى من نفسه أن الواحدة لا تكفيه و لا تعفه، فإننا نأمره بان يتزوج … حتى يحصل له الطمأنينة، و غض البصر وراحة النفس (12)

كما أن الإسلام أعطى للمرأة الحق أن تشترط في العقد أن لا يتزوج عليها زوجها ثانية، فيلزم حينئذ الوفاء بالشرط، و إلا فلها الحق أن تطلب الطلاق.

و يقول الشيخ ابن محمود:” إننا لا نشك و لا ننكر أن الاقتناع بزوجة واحدة متى حصل المقصود منها ، أنها أفضل من التعدد لأن الله سبحانه حين أباح تعدد الزوجات لم يبحه بطريق التوسع فيه عل حسب التشهي و التنقل في الملذات و تنوع المشتهيات، و إنما أباحه بشرط العدل بين الزوجات” (13)

و يقول أيضا ، كما جاء في كتاب العدل في التعدد :” ثم إن بعض هؤلاء متى استجد أحدهم نكاح امرأة، ووقعت في نفسه موقع الحظوة و الرغبة، أقبل عليها بكليته ووحدها باتصاله و صلته، و قطع صلته بالأولى و قطع نفقته عليها و على عياله منها، حتى يدعها معلقة لا هي ذات زوج و لا مطلقة ، فيتضاعف عليها الضرر من كل الحالات ، لعجز الزوج عن القيام بكفاءة المرأتين لا في البيت و لا في المبيت و لا في النفقة. و إن هذا يستحق أن لا يسمح له بالتعدد لعجزه عن القيام بواجبه، و لإخلاله بشرطه. (14)

و قال العلامة ابن العربي في بحث له: ” فإذا قدر الرجل من ماله و من بنيته على نكاح أربع فليفعل. وإذا لم يحتمل ماله و لا بنيته في الباءة ذلك فليقتصر على ما يقدر عليه. و معلوم أن كل من كانت عنده واحدة أنه إن نالها فحسن و إن قعد عنها هان ذلك عليها، بخلاف أن تكون عنده أخرى، فانه إذا أمسك عنها اعتقدت أنه يتوافر للأخرى، فيقع النزاع و تذهب الألفة (15)

 وأما أصحاب الرأي الثاني فأكدوا أن الأصل هو التعدد متى تحقق شروطه ، وأن الإفراد لا يكون إلا لمن خشي ألا يعدل بين زوجاته، لقوله عز و جل،” و إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم  ذلك ادني ألا تعولوا” (16)

و قال ابن قدامة في المغني:” و لأن النبي صلى الله عليه و سلم تزوج و بالغ في العدد، و فعل ذلك أصحابه ، و لا يشتغل النبي صلى الله عليه و سلم إلا بالأفضل. ولا تجتمع الصحابة على ترك الأفضل، و الاشتغال بالأدنى” (17)

 وقال ابن قدامة رحمه الله  أيضا:” و ليس للرجل أن يجمع بين امرأتين في مسكن واحد بغير رضاهما صغيرا كان أو كبيرا لأن عليهما ضررا، لما بينهما من العداوة و الغيرة ، و اجتماعهما يثير المخاصمة و المقاتلة ، و تسمع كل واحدة منهما حسه إذا أتى إلى الأخرى، أو ترك ذلك، فان رضيا بذلك جاز لأن الحق لهما فلهما المسامحة بتركه” (18)

خلاصة القول أن التعدد مباح و جائز شرعا، وهو ضرورة و حبل نجاة لحل مشاكل خاصة، لكنه مقيد بشروط صعبة للغاية خصوصا في زمان الفتنة والفساد الذي عم جميع القطاعات و الميادين ، حيث أصبحت الباءة و الاستطاعة المادية ضعيفة مع كثرة البطالة و الفقرو الظلم، فالعديد من الشباب لا يستطيعون الزواج حتى  بواحدة مع رغبتهم الشديدة، و يلجئون لطرق غير شرعية لتلبية رغباتهم و شهواتهم، مقابل صمت و لامبالاة العديد من الجهات المسئولة للأسف.

و أختم مقالي بقول الأستاذ عبد السلام ياسين:” إن تعدد الزوجات في شريعة الإسلام حل استثنائي لحالات استثنائية، ما هو أصل و قاعدة. فان استغل بعض الرجال هذه التوسعة الشرعية ليشبعوا أنفسهم لذة و يشبعوا النساء ظلما فالحيف منهم لا من الشريعة. التعدد حل لما يمكن أن يلقاه الرجل، أو يعانيه المجتمع من مشاكل، الرجل تقوى فيه الحاجة فلا تكفيه امرأة واحدة، و تمرض و هو صحيح، أو تعقم و هو يطلب الولد. و المجتمع يربو فيه عدد النساء على عدد الرجال ، فتجيء شريعة التعدد لتصون حصة منهن عن العنوسة و الشارع. تكون شريعة التعدد هي الحل الوحيد إن حصدت الحرب الرجال كما حدث في الحربين العالميتين في قرن العجائب و العنف. (19)   

فالله نسأل أن يوجه همتنا لطلب ما عنده و التعلق به وحده و السعي لنيل رضاه، حتى لا ننسى الغاية التي خلقنا من أجلها وهي العبادة التي تحتاج لاستفراغ القلب من كل المشوشات  و الاستخلاف في الأرض بإقامة العدل و دفع الجور عن المرأة و الرجل معا.

المراجع:

(1) سورة النساء آية: 20-21

(2) موسوعة تاريخ العرب لعبد عون الروضان.

(3) حقوق المرأة في الإسلام د محمد عرفة ص: 94

(4) سورة النساء، آية: 3

(5)  رواه أبو داود و النسائي.

(6) سورة النساء آية:129  

(7) رواه أبو داود في سننه.

(8) كتاب العدل في التعدد للدكتور عبد الله الطيار بتصرف  .

(9) النساء آية: 34

(10) سورة النور آية: 33

(11) سورة النساء 22-23

(12) الشرح الممتع 10/119.

(13)كتاب حكم إباحة تعدد الزوجات للشيخ ابن محمود ص: 25

(14) حكم إباحة تعدد الزوجات للشيخ ابن محمود،  ص: 30

(15)  أحكام القران لأبي بكر بن العربي ج 1 ص: 313

(16) النساء، آية: 3

(17) المغني ج 6 ص: 447.

(18) المغني ج 7 ص: 26

(19) تنوير المومنات للأستاذ عبد السلام ياسين،ص: 189   

الكتب و البحوث المعتمدة:

-سنن الترمذي للإمام الترمذي.

– تنوير المومنات للأستاذ عبد السلام ياسين.

– تعدد الزوجات: دراسة فقهية مقاصدية للأستاذة : نصيرة منصور.

-العدل في التعدد للدكتور عبد الله الطيار.

-المغني لابن قدامة رحمه الله .

-أحكام القران لأبي بكر بن العربي.

-حقوق المرأة في الإسلام للأستاذ محمد عرفة.

The post تعدد الزوجات بين الرخصة و العزيمة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2l2qzt1
via IFTTT

عالمية الإسلام والعولمة


via منار الإسلام https://ift.tt/30lEWew

عالمية الإسلام والعولمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه الغر الميامين، ومن تبع هداهم إلى يوم الدين. 

إن واقع الإسلام التاريخي يثبت هذه المبادئ النظرية. فلقد جاء محمد مأمورا أن يبلغ الرسالة للناس كافة:﴿وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا،ونذيرا1وأن يعلن دعوة الله خالصة بلا منّ وبلا أجر:﴿ يا أيها المدثر، قم فأندر،وربك فكبر،وثيابك فطهر2وأن يسلك بالدعوة طريق الجدل بالحسنى, والإقناع بالحجة. في غير قسوة ولا غلطة:﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. وجادلهم بالتي هي أحسن3.﴿وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد4. 

وهكذا سارت الدعوة على هذا الأساس,لايريد  محمد صلى الله عليه وسلم من الناس إلا أن يستمعوا إليه.فإن صغت قلوبهم إلى الإيمان فليؤمنوا، فإن قست قلوبهم وران عليهم الظلال فأمرهم إلى الله.ويقول سيد قطب: “متى تحقق لهم أن يتحرروا من سلطان الطواغيت,ويواجهوا عقيدة الإسلام أحرارا في الاختيار بغير ضغط من سلطة قاهرة تصدهم عن هذى الله وتقف لهم بالقوة دون الاستجابة للهداة، وكما يقال“الحق ما شهدت به الأعداء، ونحن نقول بأن هؤلاء أصدقاء وليس أعداء يقول “سيرت.و.ارنولد في كتابه”الدعوة إلى الإسلام “ترجمة حسن ابراهيم حسن. 

“ويمكننا أن نحكم من الصلاة الودية التي قامت بين المسيحيين والمسلمين من العرب بأن القوة لم تكن عاملا حاسما في تحويل الناس إلى الإسلام, فمحمد صلى الله عليه وسلم قد عقد حلفا مع بعض القبائل المسيحية،وأخذ على عاتقه حمايتهم ومنحهم الحرية في اقامة شعائرهم الدينية، كما لرجال الكنيسة أن ينعموا بحقوقهم ونفوذهم. 

عالمية الدعوة: 

مفهوم العالمية: لامناص من الرجوع الى المعاجم اللغويةلتحديد مفهوم العالمية. 

جاء في المعاجم في مادة(علم) العلم: الأثر الذييعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش والمنار, ومنه سمي:المشهور والجبل، والشق في الشفة العليا، علم. والعالم جمع أشياء مختلفة ولا واحد له من لفظه وهو في الاصل اسم لما يعلم به،والعالم:الخلق كله، والعالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض، قال الراغب في المفردات:والعلم آلة في الدلالة على صانعه ولذلك احالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيته فقال:﴿ أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض5وذل لفظ العالم على الجمع لأن كل نوع من أنواع الجواهر والأعراض أصناف للخلق، وقد يسمى كل نوع من هذه الأنواع عالما فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء،وعالم النار وجمع العالم  عالمون، والعالمون أصناف الخلق ايضا.6 

العالمية: اذن نسبة الى العالم على غير قياس, وهي مصدر صناعي يدل على سيرورة الشيءعالميا، وان ما فسر به لفظ العالمية في القرآن الكريم: عالم الإنس والجن. 

العالمية “نسبة إلى العالم”موصوفة منعوتة بالقرآنية, فانه يعني ان القران رسالة الله وناموسه الى الناس اجمعين عربهم وعجمهم, والجن تبع لهم في هذا, لأن القرآن خطاب تكليف. 

والعالمية القرآنية تستمد دلالة مفهومها هذا من كون العالم بكل اشيائه وأنواعه مخلوق لرب العالمين, ومن الدلالة اللغوية والمفهومية لألفاظ آيات القرآن الواردة في هذا الشأن, ومن العقائد والتشريعات والأخلاق والقيم التي نص عليها الخطاب القرآني. 

عالمية الخطاب القرآني. 

أ عالمية التنزيل: 

قال عز وجل﴿وماكان هذا القرآن ان يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.7 

قال سبحانه وتعالى:﴿وإنه لتنزيل رب العالمين نزله الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين.8 

قال جل وعلا:﴿الم تنزيل الكتاب لاريب فيه من رب العالمين.9 

ب توجيه الخطاب الى عامة الناس: 

قوله عزوجل:﴿قل يا أيها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض10 

قول عز وجل:﴿وما انزلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا.11 

جاء في تفسير هذه الآية.”هذا إعلام من الله تعالى بأنه بعت محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع العالم و”الكافة”الجمع الأكمل من الناس، وكافة نصب على الحال وقدمها للاهتمام، وهذه احدى الخصال التي خص بها محمد صلى الله عليه وسلم من بين الانبياء التي حصرها في قوله صلى الله عليه وسلم:أعطيت خمسا لم يعطهن احد قبلي….وذكر منها (وبعث كل نبي إلى خاص من الناس وبعثت الى الاسود والأحمر“. وقوله تعالى: ولكن اكثر الناس لا يعلمون يريد بها العموم في الكفرة والمؤمنون هم الأقل.12 

قال عز وجل:”كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور بادن ربهم الى صراط العزيز الحميد.13 

يصور الأستاذ سيد قطب”رحمه الله”هذه الآية تصويرا في غاية الروعة،يقول”لتخرج هذه البشرية من الظلمات،ظلمات الوهم والخرافة، وظلمات الأوضاع والتقاليد.وظلمات الحيرة في تيه الأرباب المتفرقة، وفي هذا اضطراب التصورات والقيم والموازين.لتخرج البشرية من هذه الظلمات كلها إلى النور الذي يكشف هذه الظلمات. والإيمان بالله نور يشرق في القلب، فيشرف به هذا الكيان البشري، المركب من الطيبة الغليظة، ومن نفخة روح الله. فليس في قدرة الرسول إلا البلاغ، وليس من وظيفته إلا البيان. اما اخراج الناس من الظلمات الى النور بادن ربهم،فإنما يتحقق بإذن الله، وفق سنته التي ارتضتها مشيئته14 

فقد  أرسل رسول الله  صلى الله عليه وسلم، لجميع الناس. ليبلغهم امور ربه عز وجل، ويبشرهم بالجنة للمطيع الموحد، ونذيرا  من عذاب الله وعقابه، لمن لم يتبع ما جاء به هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم. 

د توجيه الخطاب إلى جنس الإنسان: 

قال عز وجل:﴿يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريمالذي خلقك فسواك.15 

قوله عز وجل:﴿لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم16 

قوله عز وجل:﴿يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم17 

وفي هذا يدخل جانب المشترك الانساني 

وحدة الخلق:خلق الله عز وجل الناس من اصل واحد ومن اب واحد لقوله صلى الله عليه وسلم”كلكم لآدم وادم من تراب”. 

توجيه الخطاب باسم العباد: 

قال سبحانه وتعالى ﴿قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد.18 

قوله عز وجل:﴿وكذلك أوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا19 

عالمية الرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم. 

أرسل الله عز وجل رسوله للعالمين(أي لجميع البشر) برسالة هي خاتمة الرسالات،فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل الناس على اختلاف ألوانهم، وأعراقهم ولغاتهم ومعتقداتهم، لدين واحد وهو دين الإسلام قال عز وجل﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلاذكرى للعالمين20 

جاء في بيان معاني هذه الآية.هو التفات للنبي الكريم من الله عز وجل ودعوة له ان يلقى قومه الذين دعوا الى الاقتداء بمن سبقهم من اخوانهم الى الإسلام وان يحثهم على ان يسرعوا ليلحقوا بهم وليدخلوا في دين الله مع الداخلين فيه، وذلك أمر لا يتكلفون له مالا لان ما مع النبي من كتاب، لايباع وإنما هو ذكرى وموعظة للعالمين أي للناس جميعا….قريبهم وبعيدهم, على السواء”إن هو إلا ذكرى للعالمين”21. 

قال سبحانه وتعالى:﴿وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكرى للعالمين22 

أي يا محمد، ما تسألهم على ما تحدتهمبه وتذكرهم أن ينيلوك منفعة وجدوى، وإنما هو ذكر عطاء من اللهللعالمين عامة، وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله.23 

قال عز وجل:﴿إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين,وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين24. 

ذكر الإمام الطبري رحمه الله في تأويل معنى هذه الآية قوله:”إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لبلاغا لمن عبد الله بما فيه من الفرائض التي فرض الله إلى رضوانه,وإدراك الطلبة عنده قال كعب الأحبار(إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين):لأمة محمدوقوله: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين يقول تعالىذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك يا محمد إلى خلقنا إلا رحمة لمن أرسلناك إليه من خلقي.ثم اختلف أهل التأويل في معنى هذه الآية،أجميع العالم الذي أرسل إليهم محمد أريد بها مؤمنهم وكافرهم؟أم اريد بها أهل الإيمان خاصة دون أهل الكفر؟ 

فقال بعضهم:عني بها جميع العالم المؤمن والكافر.ثم يأتي في الأخير بعد عرضه لتأويلات السلف حول الآية. 

منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته أهل الكتاب. 

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته لغير المسلمين كان خير مترجم أمين لتوجيهات المنهج الالهي القرني العظيم. فكان عليه الصلاة والسلام يبعث  إلى ملوك ورؤساء القبائل والبلاد المجاورة والبعيدة برسله, ورسائله التي تحمل إليهم دعوته إلى دين الله بأسلوب غاية في السمو والحكمة والموعظة من ذلك-على سبيل المثال-لا الحصر- كتابه الكريم الذي بعث  به”دحية الكلبي” إلى هرقل عظيم الروم.والذي جاء فيه”من محمد بن عبد الله ورسوله غلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين”. ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله.فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون”، وقال هرقل في هذا الصدد(… ولو أني أعلم أني أخلص-أصل-إليه لأحببت لقاءه, ولو كنت عنده لغسلتعن قدميه, وليبلغن ملكه ما تحت قدمي…ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه.) 

  1. عالمية دعوة الرسول صلى الله عليه, حيث أنه بعث للناس كافة, عربهم وعجمهم. وهذا من مميزات وعظمة هذا الدين الإسلامي الحنيف. 
  1.  تعظيم وإعطاء قدر لملك الروم”إلى هرقل عظيم الروم. 
  1. بدؤه بالسلام ويعني أنك بإتباعك ما جئت به فإنك تسلم. 
  1. بدأه بالدعوة,وكما هو معلوم, فإنه لا إكراه في الدعوة. وإنما هي دعوة لمعرفة هذا الدين الاسلامي والدخول فيه. 
  1. بدأه بالبشار والأجر الذي يترب إن دخل في هذا الدين وبما أنه ملك, فإن رعيته لزاما ستتبعه فيحصل الثواب مرتين بإسلامه وإسلام رعيته.(يؤتك الله أجرك مرتين). 
  1.  ثم ذكره بان في اعراضهسيتحمل اتمه واتم من هو في تحت امرتهم ثم تلا عليه الآية العظيمة المؤسسة للحوار المشترك, وهو عبادة الله عز وجل. 

من خلال ما ذكرناه، يتبين أنه لم يعرف التاريخ نموذجا من هذا الاحترام والتوفير لأهل الكتاب، كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان في غاية السمو في هذه الدعوة. 

وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أيضا عمر بن أمية إلى النجاشي(ملك الحبشة)واسمه”أصحمة”تعني بالعربية،  عطية، فعظم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم.ثم أسلم وشهد شهادة الحق.فبلغ ذلك النبي, فلما مات النجاشي صلى الله عليه وسلم، واستغفر له، وكان موت النجاشي في رجب سنة تسع للهجرة، ونعّاه رسول الله في اليوم الذي مات فيه:وصلّى عليه بالبقيع. وتكلم المنافقون أو تساءلوا أيصلي على هذا العلج؟فأنزل الله تعالى:﴿وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما انزل إليهم25 

من هنا يظهر بطلان دعوى اكراه الاسلام لغير المسلمين, وتصبح مقولة حمل الاسلام السيف لإرغام غير المؤمنين به على اعتناقه دعوى لاسند لها ولا قائم عليها من دليل.إذ يقول عز وجل: ﴿لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي, فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم.26 

على هذا المبدأ الذي رسمه القرآن الكريم، سار رسول الله صلى عليه وسلم،وأصحابه من بعده، والمسلمون الأوائل طوال حياتهم وعهدهم في الدعوة الى الله وفي معاملاتهم السلمية، والحربية مع أهل الأديان والنحل الاخرى. فلم تكن ثمة دعوة للإسلام بحد السيف كما زعم- ويزعم-المبطلون، ولكن فقط-كانت دفاعا عن بيضة هذا الدين وعن منهج القرآن الصالح لكل زمان ومكان. 

إن الحرب شرعت في الإسلام لإزالة الظلم، الأعظم وهو ادعاء حق الألوهية، وتعبد الناس، مع تعطيل احكام الله وقوانينه هنا يحمل الاسلام السيف لا للقهر،والإجبار،وإنما للذود عن مبدأ اساسي من مبادئه…مبدا حرية تبليغ دعوة الله الى الناس جميعا, وحرية العقيدة”. 

قول “سيرت و ارلوند” في كتابه(الدعوة إلى الاسلام).حيث قرر ما نصه “نستطيع ان نستخلص بحق ان هذه القبائل المسيحية التي اعتنقت الاسلام انما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة حرة. وان العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد عيان على هذا التسامح.27 

مفهوم العولمة. 

تباينت رؤى الباحتين حول ابعاد هذه الظاهرة فهناك من سامها: 

العالمية/ الكوكبة/تبعا لما تهدف اليه من خلق عوالم جدية/التأويل.ا 

العالمية الارتقاء بالخصوصية إلى المستوى العالمي في حين تنصرف الظاهرة موضوعة البحت إلى احتواء العالم,والعالمية تفتتح على ما هو عالمي وكوني universalism  

استخدم مصطلح”العولمة”(مؤنث عوالم)وزن(فوعل)واصلها,فيعل)وقلبت الياء إلى واو. 

تعريف العولمة: 

ان تعريف العولمة لم تلتف حوله وجهات النظر, وكل واحد يعطيها تعريفا ينسجم مع فهمه.حيث دخلت العولمة”الإطار أو الفكر السياسي (في كتابات(مارشال مالك لوهن,وزبيغي نوبريجبنكي)يصورانها على أنها”عالم تتقارب اجزاؤه لتغدو كقرية عالمية بفضل الثورة العلمية والتكنولوجية(العصر الالكتروني)فلا تخرج العولمة عن كونها نتاجا لحركة التقدم التكنولوجي وتورة الاتصالات.28 

اغلب الكتابات الغربية تؤكد أن العولمة:ما هي إلا زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الانسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الاموال وتقنيات الانتاج  والأشخاص والمعلومات. 

عرفها آخرون بأنها واحد من التيارات الفكرية المعاصرة التي انطوت على مضامين ومفاهيم  وأنساق جديدة, تهدف من خلالها إلى توحيد العالم انطلاقا من تغير واقع دوله الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.والعولمة مشتقة من الانجليزية كرة، ظاهرة الكوكبة(بعد جغرافي)globle،globalisation 

وقال البعض بانها على وزن فوعلة تدل على تحويل الشيء الى وضعية أخرى مثل(قولبة)والعولمة:هي وضع الشيء على مستوى العالم. 

فهي تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل. 

يعرفها محمد الأطريس(إن: العولمة(هي اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات والتقانة، ضمن الرأسمالية حرية الأسواق. 

وعرفوها بأنها:خضوع العالم لقوى السوق العالمية. 

وعرفها “برهان غليون” بان العولمة دينامية جديدة تبرز داخل دائرة العلاقات الدولية من خلال درجة عالية من الكثافة والسرعة في عملية انتشار المعلومات 

يؤكد العديد من الكتاب على ان العولمة هي امركة العالم حيث تختفي الحدود الفاصلة بين المفهومين.تعريف العولمة من طرف”مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية” العولمة بأنها النتيجة الحتمية لاتساع مجال التعاملات الدولية حتى اصبحت الاقتصادات الوطنية اكتر اعتمادا على الاسواق الخارجية. وبعد عرض هذه التعاريف، نجد أن من كتب في هذا المجال، يرجح تعريف”صادق جلال العظم”وصول نمط الانتاج الرأسمالي  عند منتصف هذا القرن الى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والتسوق…فهي اذا حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها, وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ.29 

 

 

الفرق بين عالمية الإسلام والعولمة. 

نجد ان أوجه الخلاف والتباين بين عالمية الاسلام والعولمة جوهرية: 

  1. العالمية:من خصائص هذا الدين السماوي المنزل من عند الله . 

العولمة:هي ابتكار إنساني وصنعة بشرية مضادة لدين الله تعالى.لذلك فإن عالمية الإسلام ربانية المصدر. فهي من عند الله كما ذكرنا، ومنبثقة عن تصور اعتقادي موحى به من عند الله سبحانه ومادامت ربانية متكاملة شاملة، فهي بعيدة عن الظلم. 

بينما العولمة بشرية في مصدرها، أي من تفكير العقل البشري وحده، مع اعتماده على شهوة التسلط والانفراد وحب السيطرة على الآخرين، ولذلك فإنها لم تنفع البشرية بقدر ما أدت الى الظلم والسيطرة السياسية الغربية على الأنظمة الحاكمة والشعوب،فإن  العولمة تصدّر للناس والفساد الخلقي  والفوضى الجنسية والانحراف. وتفرضه في مؤتمرات عالمية. 

بينما الإسلام حريص كل الحرص على تطهير الناس من الانحرافات والأدناس التي علقت بروحه ليرفع الانسان الى منزلة أرادها الله له.إن النموذج الحضاري الذي تقدمه العولمة يشكل فتنة كبيرة للناس,لأن فيه من ألوان التقدم المادي ما هو نافع حقيقة للناس، ولازم لهم ليرتفع مستوى حياتهم، وهذا انعكس سلبا على الانسان الذي صار شيئا، لإهماله إشباع روحه، فصار البعض احط من الحيوان. 

الاختلاف في طبيعة المنهج: فمنهج الاسلام قائم على الايمان والتسليم، والمتابعة والانقياد لجملة أصوله وأركانه والتطبيق العلمي لتشريعاته وأحكامه، أما العولمة فقائمة الرفض من الشعوب، والعولمة تدعو إلى محاربة الدين الحق. 

عالمية الإسلام تمتاز بالواقعية,فهي تصور يتعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي.لا كالعولمة فهي تتعامل مع تصورات عقلية مجردة. او تصورات لا وجود لها في عالم الواقع. 

عالمية الاسلام تمتاز بالرحمة للعالمين، ويظهر ذلك عند تتبع آيات القران وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تتحدث عن رحمة الله وعفوه وغفرانه, وبعت رسوله رحمة للناس.قال عز وجل﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين30، قال عز وجل: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما غنمتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم31،كما ان رسالة الاسلام قائمة في العبادة والتشريعات على الرحمة, والتي تتمثل في رفع الحرج والمشقة. 

الوسطية من خصائص عالمية الاسلام، وذلك واضح في القران الكريم والسنة النبوية، وواضح في التطبيقات العلمية للرسالة الإسلامية، قال عز وجل:”﴿وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا32لذلك فان التشريعات الاسلامية تؤكد على اشباع الرغبات المادية(بضوابط)والحاجات الروحية على حد سواء عكس العولمة التي اهملت الروح، وهي الجوهر، وارطت في تبلية الحاجات المادية. 

ان عالمية الإسلام هي وحدها العالمية الحقيقية الوحيدة التي يمكنها ان تحقق للإنسان أهدافه في حياة كريمة. اما العولمة فدعوة عاجزة عن تحقيق ذلك, لأنها تنبع من اصل بشري. 

ثم الفرق بين عالمية الاسلام والعولمة، فالإسلام يقوم على العدل وإنصاف المظلوم، ويرفض الاعتداء،أما العولمة فتقوم على الظلم. وتفتقد للعدل. وتهدف لصالح الغرب، فيقول“وأولى القولين في ذلك بالصواب.القول الذي روي عن ابن عباس وهوأن الله أرسل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم رحمه الله لجميع العالم،مؤمنهم وكافرهم، فأما مؤمنهم فان الله هداه به وأدخله بالإيمان به وبالعمل بما جاء به من عند الله الجنة.وأما كافرهم فانه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالأمم المكذبة رسلها من قبله. 33 

ولذلك فلا خلاص للعالم بصفة عامة والعالم الإسلامي بصفة  خاصة مما هو فيه من التيه والضلال والضعف والانحراف إلا بالرجوع إلى خصائص هذا الدين الإسلامي السمح ,لا نقول هذا الكلام لكوننا ننتسب لهذا الدين ,ولكن لكونه التشريع الوحيد الذي ضمن ويضمن للبشرية السعادة في الدارين من خلال تحقيق الصلاح في الحال والفلاح في المال . 

The post عالمية الإسلام والعولمة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/30lEWew
via IFTTT