Saturday, June 29, 2019

مسار: قصة قصيرة ( الجزء الأول)


via منار الإسلام https://ift.tt/2JceidF

مسار: قصة قصيرة ( الجزء الأول)

 
     نزالة سي حمو ترقد هادئة في تلك الليلة المقمرة قبل أن يبدد سكونها بعربدته المعتادة و صراخه المجنون :
غانغا ، عاش ما كسب ، مات ما خلى !
ثم يقف على باب العريش ، وقنينة الكحول ترتعش بين أصابعه ، ينظر يمينا وشمالا ، ويبصق في وجوه ترقبه من خلف العرائش ، وتطلق ضحكات هستيرية ، ثم يتمتم :
المراكشية ، أطعمتك الغالي والنفيس ، ألبستك الحرير وحليتك بالذهب ، ولم تخبريني بعد من أنا وابن من أكون .
هبت من مرقدها مسرعة ، أمسكته من يده ، أدخلته برفق ، وحاولت أن تنزع منه قنينة الخمر ، لكنه انفلت منها بقوة حتى كاد يسقط على الأرض ، ثم نظر إليها نظرات غاضبة ، وقال : أعلم أني ابن حرام ، لكن ألم تجدي غير ذلك الذميم لتطاردني بشاعته إلى يوم الدين ..
ضمته إلى صدرها كطفل صغير ، ربتت على كتفه ، مسحت صدره الأشعث بيدها ثم ردت بلطف :
إلى متى تردد هذا الهراء يا ولدي ؟ ألم أخبرك مرارا بأنك ابن صالح الزهراوي بطل الأبطال !؟
انسل من حضنها ، وقال : لكن أهل النزالة يقولون بأني ابن سنغالي ويسمونني باسمه .
قاطعته قائلة : دع عنك هذا الكلام، وأخبرني : هل تعشيت؟
وقبل أن تكمل كلامها ، سمعت شخيرا ، فأمسكته برفق ، ووضعته على السرير.
مر شريط الذكريات بطيئا ، أذهب عنها النوم …

الجزء الثاني 
في الصباح الباكر، وقبل بزوغ الشمس ، تستيقظ النزالة ، التي حوت فقراء المنطقة ومهمشيها ، لتشتغل على عربدة محمد غانغا وكلماته الهستيرية التي يرددها الصغار والكبار ، ويجعلونها أحاديث مجالسهم وقوت لغطهم اليومي ، غير مبالين بالمسكينة التي تكاد تموت كمدا على ابنها الوحيد الذي تراه يسوء يوما بعد يوم، وهو يعاقر هذا النوع من الكحول ، الذي يذهب العقل ويقهر الجسم و النفس . 
ها هو صوته قد بح واخشوشن ، ووجهه أصبح شاحبا مسوادا كقطعة فحم ، والجسم من هزال إلى هزال .
ماذا تفعل المسكينة ؟ ولمن تلتجئ سوى الله تعالى ضارعة متذللة ، شاكية باكية ، كي يبدل الحال ، وينقذه من المغبة التي أوقع نفسه فيها بمعية رفاق مشردين، يتسكعون في محطة المسافرين، يبيعون السجائر والأكلات الخفيفة أو يمسحون الأحذية ويلمعونها، أو يحملون البضائع والسلع لقاء دريهمات لا تكفي لسد الجوع ودخان السجائر ، وقنينة كحول يتعاقرونها أمام الملأ ، ثم يعربدون ويتصارعون فيما بينهم، أو يجمعون ثمن تذكرة لمشاهدة فلم هندي في سينما متواضعة هرئة. أو يخسرون ما جمعوه على فراش قمار.

جيل ضائع بأكمله، وشباب لفظهم المجتمع ورفضتهم الأسر والمدارس ، فحرموا التربية والتعليم والرعاية وباقي الحقوق ، وعاشوا بلا رؤية ولا هدف ولا حياة

The post مسار: قصة قصيرة ( الجزء الأول) appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2JceidF
via IFTTT

Friday, June 28, 2019

أساليب ووسائل لمعالجة ضعف التدين والالتزام


via منار الإسلام https://ift.tt/2ZVoD4o

أساليب ووسائل لمعالجة ضعف التدين والالتزام

أصل البحث: كتاب مشكلات وحلول من إعداد نخبة من الباحثين (لتحميل الكتاب كاملا اضغط هنا)

لا شك أن معالجة مشكلة أو ظاهرة ما يتوقف على مدى سلامة تشخيصها وينطلق من تعميق النظر في الأسباب الموصلة إليها، للتمكن من اقتراح السبل الكفيلة بالوقاية منها ومنع حدوثها أو التخفيف من حدتها على الأقل،  وكذا اقتراح سبل العلاج لمواجهة استحكامها وانتشارها، وفيما يلي أهم هذه السبل نعرضها في اختصار شديد نظرا لارتباطها بالأسباب التي سبق تفصيلها:

  • محاسبة النفس؛ فمتى استحضر الإنسان وقوفه للسؤال بين يدي الله امتنع وحبس نفسه عن استباحة ما حرمه سبحانه ونهى عنه هيبة وخوفا، وأقبل على العبادة والطاعة طلبا ورغبا.
  • الإكثار من ذكر الله، وأفضل الذكر “لا إله إلا الله”، بها يتجدد الإيمان كما أخبر الصادق المعصوم، و بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنشرح الصدور فتعرف المعروف وتنكر المنكر.
  • الاستغفار والتوبة؛ يندم على ارتكاب المعصية، ويتركها ويعزم على عدم الرجوع إليه، ويبادر بالتوبة والتضرع لله تعالى، ويتبع السيئة الحسنة، استمطارا لرحمات الله وأرزاقه المادية والمعنوية.
  • ملازمة القرآن الكريم؛ قراءة وتدبرا، واكتسابا للعلوم والمعارف والحكم والفوائد التي يزخر بها، وطلبا للشفاء والعلاج منه، وعملا بما جاء فيه، وتخلقا بأخلاقه، اقتداء بخير الخلق صلى الله عليه وسلم.
  • صحبة الصالحين وملازمتهم؛ فالمرء على دين خليله، ومتى كان الصاحب صالحا انتفع بحاله ومقاله، وتشرّب من قلبه وأخلاقه، ما أدام المجالسة وأخلص المودة، وصبر النفس وحارب نوازع التشكيك والتحقير، متأدبا معظّما محبا صادقا.
  • الحرص على مجالس العلم والإيمان؛ فزاد المؤمن من العلم حصن له من الوقوع في المعاصي، يتعلم أمور دينه ويملأ بذلك وقته، فيزداد قربه من الحق سبحانه وتزداد خشيته له، ويتجدد إيمانه.
  • إشاعة قيم المحبة والتعاون والتناصح؛ حيث يسود بين المؤمنين التحاب والتراحم، حتى يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، ويكون الأخ في عون أخيه، وينصح له، لتحقيق معاني الأخوة الإيمانية.
  • العدل والاعتدال والوسطية؛ وضابط ذلك منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعطاء كل ذي حق حقه، وهو السبيل لمعرفة ما للنفس من حقوق وما عليها من التزامات مع الله تعالى ومع خلقه، وكذا توسط المتدين في الالتزام بما شرع له بلا إفراط يحصل معه الملل والكلفة أو تفريط يقع به الخلل.
  • إشاعة الروح الجماعية للتدين؛ فالبعد الاجتماعي له دور كبير في الالتزام، ففي رمضان مثلا لا تجد مفطرا عصيانا إلا أن يكون كفرا وإنكارا، لأنه يتأثر بغيره حيث أجواء ونفحات الصيام، وكذلك الفرح الاجتماعي بالعبادات كما في الحج والأعياد، ومنه كذلك انتشار صلاة الجماعات في المقاهي، فسلطة المجتمع التي ينقاد لها الفرد، أدعى ان تكون مرقاة يتدرب فيها المتدين، ريثما يصبح الانقياد لسلطان الأمر والنهي الرباني هو الديدن والحافز…
  • تحقيق الأبعاد المختلفة للعبادات؛ فعندما تكون العبادات وسيلة لتحصيل الطمأنينة والراحة النفسية، وتصبح إقامة الصلاة راحة كما روي عن الحبيب صلى الله عليه وسلم في قوله لسيدنا بلال رضي الله عنه: “أرحنا بها يا بلال”، فحينها يصبح التدين ملاذا، وتصبح العبادة ارتياحا، وتنشط الأعضاء للطاعات. وحينها يمكنا الحديث عن أثر العبادة في الأخلاق، وصرفها صاحبَها عن الفواحش والمنكرات، وإبعاده عن الفجور وقول الزور ، وغير ذلك من الفوائد التي ما شرعت العبادات إلا من أجل تحقيقها في أنفس الناس وسلوكاتهم، صونا لآخرتهم وضمانا لفوزهم برضا الله وقربه، ﴿فمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ (آل عمران: 135).

The post أساليب ووسائل لمعالجة ضعف التدين والالتزام appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2ZVoD4o
via IFTTT

Thursday, June 27, 2019

“دلل أرضك”


via منار الإسلام https://ift.tt/2LmcEbW

“دلل أرضك”

اتبعت مدة معينة سياسة :”دلل أرضك” و قصدت بها النفس، فجنيت ما جنيت و حصدت ما حصدت و ما حصدت غير القلق و الخوف و التشاؤم و التواكل وما جنيت إلا تقدير ما حصدت و تقبله لأنه مني لكنني لست منه. فحدث انقلاب سلمي بين أمسي و يومي بيني وبين أفكاري التي لم تعد تمثلني فأنا لم أعد أفكاري و بالتالي لم أعد أنا، أفكاري صارت تابعة للسياسة التي سلمتها نفسي فسولت لها سجن روحي و تغيري ، فتغيرت على ما أردت الثبات عليه و ثبت إلى التغير . صحيح أن الأحداث تتغير ، الأشياء تتغير ، المخلوقات تتغير ، العالم يتغير ، الكل يتغير لكن الجوهر ثابت وجب عليه الثبات. جوهرُ الأحداث و الأشياء والمخلوقات و العالم و الكل و عليه الثبات و الثبات من الله و في الله نصب جميعا و إليه مصبنا و مرجعنا و جوهرَنا.

The post “دلل أرضك” appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2LmcEbW
via IFTTT

إدماج الشعائر التعبدية في النضال السياسي.


via منار الإسلام https://ift.tt/31WdIsO

إدماج الشعائر التعبدية في النضال السياسي.

بعد وفاة الرئيس الشرعي لمصر، صلى عليه مسلمو المشرق والمغرب صلاة الغائب، أحيانا في إطار التبني الرسمي، وأحيانا خلسة من الأنظمة السياسية، وأحيانا في مواقع نضالية خارج سيطرة الأنظمة، مثل ما قام به طلبة مغاربة في مواقع جامعية متعددة، ومثل ما قاموا به اليوم في تظاهرة الرباط.
بعض الإخوة كتبوا مستنكرين هذه التصرفات، وهي بالمناسبة تتكرر بتكرارا الشرط والمناسبة، فهل الأمر مبتدع في حياتنا السياسية؟ أم كان معمولا به من غير نكير؟ 
بالرجوع إلى التاريخ المعاصر حيث سهولة نقل المعلومة من منطقة إلى أخرى، نجد استشهاد المناضل النقابي فرحات حشاد قدس الله روحه، وما أن انتشر خبر مقتله، حتى توالت حركة التضامنات والاحتجاجات في العالم العربي، وخصوصا في المغرب العربي، حيث كان مجرد التعاطف واستنكار مقتله يعد حركة احتجاجية ضد الفاعل الرئيس، وهو الإجرام الفرنسي.
قرر الوطنيون المغاربة إقامة صلاة الغائب على المناضل الراحل، وقرروا تفاصيلها وجزئياتها، حيث أوكلوا إلى كل واحد أن يتوجه إلى مسجد بعينه، وأن يطلب بعد صلاة الجمعة من الإمام إقامة الصلاة، وإذا امتنع – نظرا لبطش المستعمر- يتقدم ذلك العضو لإقامتها، مع ما في ذلك من تضحية ومخاطرة. كما عينوا مجموعة مساعِدة تقوم بعد الصلاة في جنبات المسجد المتعددة للدعوة للصلاة، وهذه تقنية في التعبئة الجماهيرية.
في هذا السياق، تقدم بنعبد الله الوكوتي رحمه الله إلى إمام المسجد، ولما رفض وفرّ، تقدم الوكوتي رحمه الله وصلى بالناس، وما أن أتم صلاته حتى اندس في المصلين ليتفلت من المخبرين الذين أسرعوا إلى المحراب ليتعرفوا على الإمام. وبعدها توجه إلى بيت أحد الوطنيين ولم يغادر بيته إلا ليلا.
وعلاقة بموضوع الشعائر التعبدية، فإن الحركة الوطنية قامت بتعبئة الناس ضد المستعمر بواسطة الصيام، يحكي ر. ريزيت أن الأحزاب الوطنية – وفيها علماء – كانت تطالب مرارا أعضاءها بالصيام، وقال: “بالإضافة إلى ذلك، فإن حزب الاستقلال بل حتى الحزب الشيوعي كانا قد طلبا في 8 دجنبر 1952 من منخرطيهما أن يصوموا كتعبير عن الحداد وذلك بعد موت الزعيم النقابي فرحات حشاد”… سطِّروا بالأحمر القاني على الحزب الشيوعي.
ويستمر ريزيت قائلا: “وقد تم تحرير مناشير بالعربية وتوزيعها عشية عيد العرش السابق بتاريخ 18 نونبر 1953 وكانت تطالب المسلمين بالصيام لتسأل الله عودة السلطان السابق”.
هكذا كان الصيام في معمعة النضال.
ومما أذكره وأنا تلميذ في الثانوي، أن أحزاب الكتلة (حزب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التقدم والاشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) طالبوا من المجتمع المغربي الصيام والدعاء تضامنا مع العراقيين الذين تعرضوا لمجزرة العامرية في حرب الخليج الأولى التي قادها جورج بوش الأب بنفَس صليبي، وقد صُمتها حينذاك، كما صامها بعض أفراد العائلة، وتجاوب معها المغاربة بكل عفوية، ومن مؤشرات ذلك، أذكر أنني مررت مساء ذلك اليوم ببائع الحلويات (الشباكية) التي تستهلك عادة في وجبة الفطور في رمضان، ووجدت طابورا من الناس يريدون شراءها، وهو مشهد لا يتكرر إلا في شهر رمضان، أو منتصف شعبان.

The post إدماج الشعائر التعبدية في النضال السياسي. appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/31WdIsO
via IFTTT

التوازن التربوي: أسسه الإسلامية وتجلياته في النُظم التربوية


via منار الإسلام https://ift.tt/2NexL2s

التوازن التربوي: أسسه الإسلامية وتجلياته في النُظم التربوية

استهلال

 التوازن مبدأ كلي مطرد في سنن الله لا يتخلف عنه مجال من مجالات ، أو مخلوق من المخلوقات المسخرة  لتحقيق مبدإ الاستخلاف،  وحيث إن الإنسان جوهر الوجود الذي  أناط الله به الخلافة في الأرض، فلا مندوحة أن يتمثل هذا الأصل اعتقادا وتشريعا وسلوكا وامتثالا، وتربية وتعليما ليحيا حياة طيبة في العاجل والآجل.

والقول بضرورة التوازن  في شخصية  الإنسان يحيلنا على أبعاد شتى متعلقة بهذا المبدأ، منها التوازن بين مطالب  الدنيا والآخرة لقوله الله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ) (القصص:77)،  كما ينسحب ذات المفهوم على التوازن  بين حق الله  وحق  النفس  وحق الغير و او بين حق النفس  وحق الأهل في القيام بالوجبات والوفاء بالالتزامات[1]،  أو التوازن بين العقل والروح والجسد…

والناظر في هذه الأبعاد  يلفيها مُتعالقة لا يفصلها فاصل، وإن توزعت في شعب الالتزامات والحقوق المتصلة بالإنسان أخذا وعطاء. وعلى الرغم من تنوع  هذا الأبعاد  فإن منشأها وأصلها الأصيل هو بالتوازن  في ذات الشخصية الإنسانية، لأن التوازن في أداء الواجبات والحقوق مرتهن بتحقق التوازن  في عناصر هذه شخصية  ابتداء وانتهاء.

واهتماما بهذه القضية، تروم هذه الورقة الإلماع إلى أصول توازن الشخصية الإنسانية في  المنهج التربوي الإسلامي؛  ورصد أثر هذا التوجيه الإسلامي المتوازن  في بناء النظم التربوية والتعليمية. وذلك وفق خطة ثنائية ناظمة لمحورين: أولهما: أسس التوازن التربوي في التصور الإسلامي؛  وثانيهما:  تجليات التوزان في النظم التربوية.

أولا: أسس التوازن التربوي في التصور الإسلامي 

أرسى المنهج التربوي الإسلامي أصولا ضابطة لتكامل  عناصر الشخصية الإنسانية  بما يحقق مطلب الانسجام والتآلف في تنشئة الإنسانية، وبالوجه الذي يعكس التوازن بين متطلبات الروح والعقل والجسد، ويجمع بين التربية الإيمانية والعقلية والجسمية والاجتماعية.

     ولا شك أن هذه الرؤية لمفهوم الإنسان، تقتضي -في ظل النظرية التربوية الإسلامية- استصحاب مفهوم الوسطية وما تتضمنه من القول بتكامل الشخصية الإنسانية. فالإنسان عقل وروج وجسد و لابدَّ أن يجد كلُّ جانب منها موضعاً له في بناء الشخصيَّة وتنشئتها ولو بالحدِّ الأدنى ، ، بحيث تستهدف هذه العناصر برؤية نسقية دون استبعاد، وبنهج لا يترك منه شيئا ولا يغفل عن شيء من هذه الأبعاد وفق منظور متكامل ومتوازن.

ولعل أهم  يبرز   مركزية   التوازن في  التربية   الإسلامية،  أن المقصد من بعثة المربي والمعلم الأول للأمة  رسول الله  صلى الله عليه وسلم هو تنشئة الإنسان  بنهج  يجمع بين تأديب النفس وتزكية الروح وتثقيف العقل وتقويم الجسم، قال الله تعالى:  (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (آل عمران: 164).

      فمنطوف النص صريح في الدلالة على أن البعثة المحمدية جاءت بفقه  تربوي  شامل ومتوازن، ومن ثم  كانت التربية الإسلامية متآلفة منسجمة معتدلة، وقد «عُدَّ هذا المزج أساسا للتربية العقلية، والتكوين الذهني في المنهج الإسلامي، الذي ربي عليه المسلمون، بدعوة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة»([2]).

فـ «الخطاب الديني الإسلامي في عمقه إنما يخاطب المسلم في بعده العقلي المعرفي والنفسي الوجداني وبالتالي العملي السلوكي، بمعنى أن عناصر الشخصية –في إطار الدرس الإسلامي – عندما نعمد إلى مساءلتها وإثارتها، فإننا ندفع بعملنا هذا نحو صيغة من التنظيم والضبط والعقلنة، فنجعل المتعلم يتمثل الخطاب الإسلامي على مستوى مراحل متدرجة وبتراتبية، وهو العمل الذي ميز المنهج القرآني في تبليغ الدعوة الإسلامية» ([3]).

   إن صفة التوازن والتكامل في بناء شخصيَّة الإنسان لا يمكن أن يتحقق بها الفرد حتى ينال كفايته التربويَّة من جميع جوانب الشخصيَّة: الإيمانية ، والأخلاقية ، والعقلية ، والنفسية، ، فتظهر على المسلم معالم التوازن بعد تزكت نفسه بالإيمان  الصادق الموجه للفكر والسلوك، ويتعزز التكامل بتعزيز التربية العقلية باكتساب العلوم والمعارف والمهارات النافعة في أرض الاستخلاف، ويترسخ توازن الشخصية بالعناية بالتربية الجسدية  لأن الجسد عطية الله  هو رداء العقل والروح.

  ومن الواجب التنبيه أن إفراد كل جانب من هذه الجوانب بالحثّ على العانية لا يعني وجود قطيعة بينها، إنما  هو نظر وظيفي ينظر إلى أبعاد الشخصية الإنسانية بوصفها كلاّ لا يتجزأ؛  ولا يتحقق التوازن المطلوب إلا  باستهدافها  بنهج شمولي قاصد، ف«طريقة الإسلام في التربية هي معالجة الكائن البشري كله معالجة شاملة، لا تترك منه شيئا ولا تغفل عن شيء، جسمه وعقله وروحه»([4]).

 واذا استصحابنا  هذه الرؤية التربوية الشاملة لمفهوم الإنسان أمكننا القول بأن أخطر المثالب  التربوية  في تاريخينا الإسلامي، تمثلت في منزلقات  ثلاثة: الإسلام الفكري، والإسلام الحركي، وإسلام الدروشة؛  وهي تصدعات تربوية أثرت على تنشئة الإنسان وفاعليته في عمارة الأرض.

    فالإسلام الفكري وجه من العناية بالجانب العقلي دون مراعاة التوازن جوانب الشخصية الإنسانية في بناء الإنسان وتنشئته؛ والإسلام الحركي   هو مظهر من مظاهر العناية بالفعل الجسدي (المادي) و تغليب أثره في التغير والاصلاح، وإسلام الدروشة معلم من معالم الانزواء والعناية بتزكية النفس وإهمال جوانب الفكر والفاعلية الحركية. وهذه المزالق التربوية عنوانه البارز والمشترك هو الاخلال بالتوازن المطلوب.

وعليه، يكون التجديد التربوي المنشود مشروطا باستصحاب فقه التربية الإسلامية المستمد من الأصول التربوية  التأسيسية،  والاجتهاد في إعادة تشكيل الوعي التربوي وفق رؤية تحقق انسجاما وتكاملا بين مختلف عناصر شخصية الإنسان، وتوازنا بين أنشطته العقلية الروحية والمادية، الفردية والجماعية، الدينية والدنيوية؛ فلا انفصال بين هذه الواجهات التربوية والاستخلافية في التصور الإسلامي.

 وهذا التجديد  التربوي االمقصود  مشروط   -كذلك- بتصحيح مفهوم ” العبادة “، بنقله   من النظر الجزئي  الذي يحصرها في شرائع تعبدية مخصوصة من صلاة وصيام وحج وزكاة… إلى نظر كلي شامل يستصحب عناصر الشخصية الإنسانية في كل مراحلها، ويجمع البعدين الدنيوي والأخروي؛ فهذه المفاهيم الراقية هي فرائد إسلاميَّة سامية، فالمنهج جاء بمفهوم شامل للعبادة ناظم لكل سكنات الإنسان وحركاته ، في نفسه وعقله وجسم  ومحيطه إذا ما صلحت النية.

 ثانيا: تجليات التوزان في النُظم  التربوية

 إذا كان التصور التربوي الإسلامي قد أرسى مبدأ التكامل بين العقل والروح والجسد في تربية الإنسان وتعليمه، فإن هذا المبدأ لا يُعدم بحال في فلسفة بناء  النظم التربوية والتعليمية، لأنها نظم كفيلة بالإسهام بسهم وافر في بناء الشخصية المتوازنة وتحصينها من المنزلقات التربوية.

  إن المنهج  التربوي وسيلة وليس غاية، أي أن الهدف الأساس من تصميم النظم التربوية إنما هو تحقيق التربية المتوازنة لطلاب العلم، «بأن” يتعلموا” و”يعدلوا” سلوكهم أو “يكتسبوا” سلوكيات جديدة وذلك من خلال تفاعلهم مع الخبرات التربوية التي يحتويها المنهج.  بحيث إن نمو الطالب يجب أن يكون شاملا، أي يشتمل النمو المعرفي الذي يتعلق بتعلم المعلومات، والنمو انفعالي المتصل بالقيم ونواحي الجمال، والنمو النفس حركي مرتبط بتعلم المهارات الحركية» ([5]).

فالإنسان كل متكامل، يتكامل فيه الجانب العقلي مع الجانب الوجداني مع الجانب السلوكي، ومراعاة التوازن بين هذه الجوانب في بناء النظم  التربوية وترسيمها، يشكل قاعدة صلبة لتنشئة الأجيال الفاعلة في الأمة بوسطيّتها واعتدالها في الفكر والمنهج والتحصيل، حيث يجتمع فيها العلم النافع بالعمل الصالح، والأخلاق الفاضلة بسداد المنهج.

 إن بؤرة تميز النُظم  التربوية  ماثلٌ  في قدرتها  على تخريج كفاءات علمية متوازنة فكرا، وعقيدة وسلوكا، قادرة على الإسهام في بناء وتجديد الحضارة الإنسانية، فـ «المناهج الجيدة هي التي تصدر عن رؤية شاملة ومتكاملة لوظيفة الإنسان في الحياة مع الأخذ بعين الاعتبار ما يحتاجه بناؤه الشخصي من مبادئ ومفاهيم ومهارات، والانتباه كذلك إلى متطلبات الاندماج في الحياة العامة، والمحافظة على النسيج الاجتماعي بالإضافة إلى تكوين الانتماء إلى الدائرة الأوسع، دائرة الإنسانية»([6]).

      وقد أكد المؤتمر العالمي للتعليم في العالم الإسلامي أن التربية هي رعاية نمو الإنسان في جوانبه الجسمية والعقلية والعملية واللغوية والوجدانية والاجتماعية والدينية وتوجيهها نحو الصلاح والوصول بها إلى الكمال، وأوصى المؤتمر بضرورة تعزيز فكرة التكامل بين المعارف والعلوم والقيم في مؤسسات التعليم العالي في العالم الإسلامي ([7]).

   إن عدم التكامل في جوانب شخصية الطالب يؤدي إلى قصور في إدراكه لمتطلبات التفكير العلمي، ووعيه بكيفية التفاعل الصحيح والآمن مع ما يقابله من مشكلات في الحياة اليومية. فالمبدأ أن الخبرة التربوية تُشكّل منظومة تتفاعل فيها جوانب الشخصية الثلاث (الجانب المعرفي، الجانب النفس-حركي، الجانب الوجداني).

ف« الطالب ليس بحاجة اليوم إلى التمتع بعقلية جيدة فحسب وإنما هو بحاجة إلى نوع من الإحياء الكلي: العقلي والنفسي والروحي والشعوري مع ملاحظة التوازن والانسجام بين هذه الجوانب. » ([8]).والحديث عن ضرورة التوازن في شخصية طلاب العلم لا يلغي الفروق الفردية بينهم، بقدر ما يسعى إلى تقليص حدودها، واستثمارها في سيرورة التحصيل العلمي، لتكون النظرة التكاملية للفئة المستهدفة داعمة لمنهج  التربية والتكوين والتحصيل.

 

 

 

 

 

خاتمة:

إن أهم ما يميز النظرية التربوي الإسلامية هو ذلك النظر  الشامل المتوازن  للشخصية الإنسانية، بنهج تتفاعل فيه  الأبعاد النفسية والعقلية والجسمية دون اخلال او استبعاد. ولعل أهل ما ابتليت به الأمة تاريخا وحاضرا هو الانفصام النكد لهذه الأبعاد في تربية الإنسان وتعليميه  وتفكيره وسلوكه وفاعليته، فظهرت  بذلك منزلقات تربوية أثرت على  بناء الشخصية الإسلامية وفاعليتها في عمارة الأرض.

ولعل المسلك الأسلم لوصل ما انفصل  من أصولنا التربوية الإسلام، هو الاجتهاد في احياء ما اندرس من هذه الأصول برؤية شمولية لمفهوم الإنسان تستحضر  مختلف عناصر الشخصية الانسانية  بنهج متوازن دون استبعاد ، واستصحاب هذه الأصول لتجديد  النظم  الموجهة لمحاضن التربية ومحافل التدريس. والله المستعان

ثبت المصادر والمراجع

– ابن عاشور، محمد الفاضل. المحاضرات المغربيات، تونس: الدار التونسية للنشر، 1974م، ص 170.

– البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري، بيروت: دار ابن كثير، الطبعة1، 1423ه/2002م.

– العمراوي، أحمد، والبقالي، وخالد. ديداكتيك التربية الإسلامية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة 1، 1999م.

– بدوي، رمضان مسعد. المنهج وطرق التدريس، عمان: دار الفكر ناشرون وموزعون، الطبعة 1، 2011م/1432ه.

– بكار، عبد الكريم. حول التربية والتعليم، سلسلة المسلمون بين التحدي والمواجهة، دمشق (سوريا): دار القلم، الطبعة 3، 1432هـ/2011م

– قطب، محمد. منهج التربية الإسلامية، بيروت: دار الشروق، طبعة 1417هـ/1997م، ج1، ص18.

— توصيات المؤتمر العالمي للتعليم العالي في العالم الإسلامي: تحديات وآفاق  المنعقد  في :ربيع الأول لعام 1429هـ، بماليزيا، منشورة بموقع جامعة ام القرى السعودية، على الرابط :http://uqu.edu.sa/page/ar/144046

 

 

 

 

 

[1] – التوازن بين هذه الالتزامات والحقوق  له شواهد  كثيرة من القرآن الكريم  والسنة  النبوية، منها ما رواه البخاري: عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذِّلة ( وهذا قبل نزول آية الحجاب ) فقال لها ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصل ، فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” صدق سلمان ” .    البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري، رقم الحديث 1867  .

 

[2]– ابن عاشور، محمد الفاضل. المحاضرات المغربيات، تونس: الدار التونسية للنشر، 1974م، ص 170.

[3]– العمراوي، أحمد، والبقالي، وخالد. ديداكتيك التربية الإسلامية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة 1، 1999م ، ص 133.

[4]– قطب، محمد. منهج التربية الإسلامية، بيروت: دار الشروق، طبعة 1417هـ/1997م، ج1، ص18.

[5]– بدوي، رمضان مسعد. المنهج وطرق التدريس، عمان: دار الفكر ناشرون وموزعون، الطبعة 1، 2011م/1432ه.، ص29.

[6]– بكار، عبد الكريم. حول التربية والتعليم، سلسلة المسلمون بين التحدي والمواجهة، دمشق (سوريا): دار القلم، الطبعة 3، 1432هـ/2011م،ص 346.

[7]–  ينظر:توصيات المؤتمر العالمي للتعليم العالي في العالم الإسلامي: تحديات وآفاق  المنعقد  في :ربيع الأول لعام 1429هـ، بماليزيا، منشورة بموقع جامعة ام القرى السعودية، على الرابط :http://uqu.edu.sa/page/ar/144046

[8]– بكار، عبد الكريم. حول التربية والتعليم، مرجع سابق، ص356.

The post التوازن التربوي: أسسه الإسلامية وتجلياته في النُظم التربوية appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2NexL2s
via IFTTT

Wednesday, June 26, 2019

ضعف التدين والالتزام: المفهوم والأسباب والتجليات

أصل البحث: كتاب مشكلات وحلول من إعداد نخبة من الباحثين (لتحميل الكتاب كاملا اضغط هنا)

كثيرا ما تعقد المجالس واللقاءات، وتنظم المحافل الفكرية والعلمية، وتكتب الكتب والمؤلفات لمعالجة ظاهرة من الظواهر المعقّدة، أو مشكلة من المشاكل الخطيرة المتعددة التي تصيب عددا من المجتمعات الإسلامية كما تصيب غيرها، لكن بالنظر العلمي والواقعي إلى هذه الظواهر أو المشاكل، وبالبحث عن أسبابها وسياقاتها نجد أنها نتيجة سبب رئيس، أو  ظاهرة أصل، ومشكلة أم، فتصبح باقي الظواهر والمشاكل والانحرافات سواء التنظيمية أو الفكرية أو الحركية، مجرد نتائج لتلك المقدمة، وتفريعات لمركز الإشكال، ومن بين هذه الظواهر التي بدأت تسري وتستشري في المجتمع الإسلامي، ضعف التدين والالتزام، وما يترّتب عنه من ضعف وهوان وبلاء، وما يُنسب إليه من انتكاس وتردٍّ ونقص، ولهذا يبدو أنه مشكل/أصل، وظاهرة/ أم، بحاجة إلى الوقوف عندها بقوة وعمق وبعد نظر، تحليلا وفهما، وطرحا لممكنات العلاج والنهوض، وبحثا عن مخرجات التجاوز والوقاية.

فماذا نقصد بضعف التدين والالتزام؟ وما هي أسباب هذا الضعف؟ وما هي أبرز تجلياته وآثاره على الفرد والمجتمع؟

  • المقصود بضعف التدين والالتزام:

ليس المقصود بالتدين مجرد أن يؤمن الإنسان بعقيدة التوحيد، ويعتنق دين الإسلام، ولا أن يتبنى شكلا ومظهرا يوحي بتدينه والتزامه مما تعجب به النفس ويوافق هواها وإن كان من الدين، بل التدين أن يلتزم هذا الإنسان بشعائر الدين وأحكامه وشريعته ظاهرا وباطنا، إنه التزام اختياري بمنهج الدين ومقوماته وأسسه وقواعده، فالمسلم المتدين هو الذي يعمل بما جاء به الإسلام في مختلف المجالات الحياتية، التعبدية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية وغيرها، قلبيا ووجدانيا، عمليا وسلوكيا.

وضعف التدين بناء على ما سبق هو ضعف الالتزام بما جاء به الدين وما شرعه ووضعه للناس من قواعد وأحكام وتشريعات لضبط معتقداتهم وأخلاقهم وسلوكاتهم أقوالا وأفعالا.

  • أسباب مشكلة ضعف التدين والالتزام:

تتعدد أسباب هذه المشكلة، لكنها في المجمل لا تخرج عن عوامل ترجع إلى صيغ الاعتقاد وأشكال تمثُّلِ الدين، وعوامل ترجع إلى الأساس النفسي والفكري الذي يستقبل الاعتقاد ويتفاعل معه، تبنّيا وتشبّثا، وعوامل اجتماعية تهم علاقة الفرد بباقي أفراد المجتمع، والتأثيرات الممكنة لذلك على طبيعة تديُّنه ودرجة التمسك بشعائره والاستمساك بمختلف مظاهره وأبعاده، ويمكن على هذا الأساس التمييز بين:

أسباب ذاتية تتعلق بالفرد:

  • الجهل والتقليد والتبعية؛ وهي متلازمات لا تنفك عن بعضها، فالجهل بحقيقة الدين، وسوء فهم المقاصد والغايات التي جاء من أجلها، والجهل بحقيقة الأحكام والتشريعات التي وضعها الشارع لتحقيق تلك المقاصد، يجعل الإنسان يحكم على الدين من خلال فهمه وتمثلاته الخاطئة عنه، فينعكس ذلك على التزامه بتلك الأحكام والتشريعات، حيث يضعف التدين والالتزام.
  • الترف الفكري والجنوح إلى الجدال؛ وهو مقابل لسابقه، وقد أكد القرآن ميل الإنسان للجدال ولو كان عن جهل أو سوء فهم[1]، كما أنكر على بعض المصرّحين بإيمانهم باللسان فقط، وحذرهم من أن يكونوا قولة لا فعلة[2]، لأن التدين ليس قدرة فكرية على المقارعة والمحاججة والكلام عن الدين، بقدر ما هو التزام وتطبيق عملي لما جاء به هذا الدين في الاعتقاد والقول والعمل.
  • الفراغ؛ وهو النعمة العظمى التي يغبن فيها كثير من الناس كما في الحديث[3]، وخصوصا في ظل التطورات التي تشهدها الحياة في مجال التكنولوجيات الحديثة التي تأخذ الكثير من أوقات الإنسان، فتجد الواحد من الناس يجلس الساعات أمام هذه الوسائل، ويضيع فيما تعرضه وتتيحه من خدمات ومتاهات فينحرف عن القصد الذي من أجله وجد وخلق.
  • الانشغال بطلب المال والجاه والسلطة؛ وهو على نقيض سابقه. فإن كان طلب الرزق والتكسب عبادة، فإن الانشغال عن طلب وجه الله والاستجابة لداعي الفلاح، والغفلة عن الحقيقة اليقينية أن الله سبحانه الرزاق، يجعل الإنسان يتيه في سعيه وبحثه حتى يصير المال والجاه والسلطة سلطانا وإلهاً يُتَوَدَّدُ إليه ويُرجى في مذلّة وخنوع واستماتة، فيشغل كل وقته ويسطو على اهتمامه الأكبر، ويستأثر بالمرتبة الأولى في سلم أولوياته.
  • اتباع شهوات النفس وملذات الدنيا؛ وهي أول دواعي الانحراف كمظهر من مظاهر ضعف التدين، إذ النفس هي العدو الأول للإنسان ومكمن الشرور والآفات، وهي المثبّطة للإنسان والباعثة على التكاسل والتقاعس والخمول والتثاقل، وكلما استحكمت هواها ونوازعها في شخصية الإنسان صار ضعيفا أمامها لا يقوى على مقاومتها، حتى يصير خاضعا لها أسيرا لرغباتها وأهوائها وسافسفها، غارقا في ظلامها وظلمها.
  • اتباع خطوات الشيطان؛ وأول خطواته التي يستدرج فيها الإنسان حتى يقع في الفواحش والمنكرات، أن يزين له التوسع في المباحات التي تنشغل بها النفس، ثم تبرير المشتبهات التي تقربه شيئا فشيئا إلى المحرمات حتى يقع فيها، ومن ثم يوصله إلى الموبقات والفواحش الكبيرة. وقد بين الحق سبحانه ذلك بقوله عز من قائل: “وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ” (النور: 21).
  • قسوة القلب وكثرة أمراضه؛ كالأنانية وحبّ الذات، والتكبّر والاستعلاء على خلق الله، والبخل والشح، وضعف الإيمان بقضاء الله وقدره، والطباع السيئة، والتهاون في أداء الحقوق والواجبات وأولها العبادات، وهي آفات تستفحل حتى يصير القلب عاجزا بالكلية عن مقاومتها.
  • الغفلة عن ذكر الله، وضعف الإيمان؛ وهو نتيجة حتمية لما سبق من انشغال وانحراف عن القصد، وقسوة للقلب، حتى إنه مع توالي الساعات والأيام تصبح العبادة أثقل على النفس، فتتوهم النفس أنها منشغلة ولا وقت لديها لقرآن وأذكار وصلوات ومجالس وطاعات، فيضعف الإيمان ويخلق كما يخلق الثوب[4].
  • التسويف وطول الأمل؛ وهي من الآفات الخطيرة التي تتهدد الإنسان، فرغم علم الإنسان بحاله وبعده عن الله وقسوة قلبه وضعف إيمانه يسوّف التوبة والرجوع إلى الله تعالى، ويلهه الأمل، وقد حذر سبحانه منها في قوله تعالى:  ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (الحجر: 03).

أسباب مؤسساتية: مرتبطة بالبنيات الاجتماعية

وهي أسباب تتأسس على الأسباب الذاتية السابقة، لأنها ترتكز أساسا على قابلية الأفراد للخضوع لها، وتفاوت الرغبة في التدين والقدرة على الالتزام، ويمكن أن نجملها في الآتي:

  • تراجع دور الأسرة في التربية؛ وعلى رأس الأسرة الأبوان، باعتبارهما المسؤولين الأساسيين عن تربية النشء وتعليمه أمور الدين وغرس القيم والأخلاق في نفسوهم، ومع تراجعهما وتخليهما عن هذه المهمة الجليلة طوعا أو كرها، وفي ظل ضعف الروابط الأسرية وعدم تدخل بقية أفراد الأسرة في التربية والتوجيه، وانشغال الجميع بهموم المعاش أصبح التدين مسألة شخصية تضعف باستمرار.
  • تراجع أدوار المدرسة؛ فبعدما كانت المدرسة المحضن الأول للتربية يعهد إليها بعد الأسرة إرشاد النشء وتوجيههم واحتضانهم وتربيتهم، وبعد سلسلة “الإصلاحات” في المناهج التعليمية وميلها إلى التجزيء وتخلّيها عن وظائف التربية وأصولها الأخلاقية، بدأت التراجع، وطغى الاهتمام بالتحصيل العقلي والمهاراتي على الأبعاد الأخلاقية والدينية والوطنية والاجتماعي.
  • الرفقة السيئة وتأثير البيئة؛ فمع تراجع دور الأسرة والمدرسة يجد الإنسان نفسه منذ الصغر مرتبطا بمن يتخذه رفيقا وصاحبا فيدين بدينه ويسبح معه ويلجأ إليه، وغالبا ما تجد ذلك الرفيق قريبا من حاله ليس له من سند ولا موجه يسهر على تربيته وتأهيله، فيصبحان معا ضحية لشهوات النفس ووسوسة الشيطان، يزين أحدهما للآخر ما يقوم به ويؤثر فيه ويتأثر به.
  • التمثلات الاجتماعية للتدين؛ بحيث ينتقل التدين من ممارسات مؤطرة بضوابط وأحكام الدين، إلى مجرد ممارسات اجتماعية ومظاهر وطقوس مفرغة من قيمها ومقاصدها الأساسية، فتجد بعض المنتسبين إلى الدين يخالفون المقاصد الأساسية التي من أجلها وجدت الشعائر والتشريعات، فلا تنتهى صلاة الفرد عن الفحشاء والمنكر، ولا صيامه عن قول الزور والكذب والفحش، وغير ذلك.
  • التنشئة الاجتماعية التطبيعية؛ بحيث يجد “المتدين” نفسه متعودا على كثير من الآفات التي يتم التطبيع معها حتى تصبح مقبولة اجتماعيا، فالكذب والفحش في القول والتبرج وعدم غض البصر وما يفضيان إليه من فواحش وعقوق الوالدين، كل ذلك من الكبائر التي كان المتدين يتهيب الاقتراب منها، ومع تطبيع المجتمع معها أصبحت تنتشر بشكل خطير جدا.
  • الواقع الاجتماعي المتردي؛ بحيث يعيش “المتدين” على المستوى النفسي في واقع من التحبيط والتيئيس والتثبيط والتشتيت، وعلى المستوى المادي في واقع من التفقير والتجهيل والتبخيس، فيصبح التدين والالتزام مسألة ثانوية في سلم الأولويات، لانصراف الجهد الأكبر في السعي إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية والنهوض والانعتاق من ذلك الواقع النفسي.
  • التوجهات السياسية والتربّصات العالمية؛ والتي تبعد الدين عن حياة الإنسان شيئا فشيئا، وخصوصا بعد ظهور الدعوات اللائكية واستحكام الفصل بين الدين والسياسة رعاية لمصالح الأنظمة المستحكمة الموقنة بأن تعاليم الدين بما هو رحمة للناس وعدل بينهم في الحقوق والأرزاق يهدد استمرار حكمهم القائم على الاستبداد والتسلط والتحكم في رقاب العباد وخيرات البلاد.
  • التشويه الإعلامي والهجوم على التدين؛ وهي حملات منظمة خادمة لمصالح أصحاب المال والسلطة، فالإعلام اليوم مع اتساع سطلته وتعدد وسائله ووسائطه أصبح بشكل أو بآخر تابعا لسياسات تضرب في العمق الثوابت والقيم الدينية المهددة لمصالحها وعلى رأسها تحقيق العدل والأمن والكرامة الإنسانية بما يجعل الإنسان يقبل على التدين ويلتزم بمقتضياته طواعية.

——————–

[1] – في قوله تعالى: ” وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا” (الكهف: 54).

[2] – في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ” (الصف: 2-3).

[3] – قول النبي صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ”، (رواه البخاري).

[4] – كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب”. (رواه الحاكم)

The post ضعف التدين والالتزام: المفهوم والأسباب والتجليات appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2xgo7Sg
via IFTTT

ضعف التدين والالتزام: المفهوم والأسباب والتجليات


via منار الإسلام https://ift.tt/2xgo7Sg

Monday, June 24, 2019

الصراع الإسلامي الإسرائيلي ومركزية المرابطة المقدسية من زاوية فلسفية (إطلالة في كتاب ثغور المرابطة)


via منار الإسلام http://bit.ly/2X3f0n9

الصراع الإسلامي الإسرائيلي ومركزية المرابطة المقدسية من زاوية فلسفية (إطلالة في كتاب ثغور المرابطة)

في ظل ألوان الأذى والظلم الذي تتلقاه الانسانية الضعيفة في عالمنا، يبقى “الإنسان الفلسطيني” هو الحاصل على القسط الأكبر من هذا الأذى، أذى الأباعد والاقارب.

 هكذا ينظر الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان نظرة مخالفة للمعهود في قضية الإنسان الفلسطيني في صراعه مع “الكيان الإسرائيلي”، الذي شبهه بالشر المطلق. في الفصل الأول من كتاب: “ثغور المرابطة”، والذي جعل له عنوان “مرابطة المقدسي ثغر الصراع الإسلامي الإسرائيلي”[1].

 وحتى يقفنا بنا الفيلسوف طه عبد الرحمان على حقيقة وطبيعة هذا الإيذاء، سلك في حديثه عن القضية الفلسطينية مسلك المقاربة الفلسفية، معللا ذلك بأن خصوصية الإنسان الفلسطيني المتمثلة في كون أرضه هي “ملتقى العوالم” الشهادي منها والغيبي، وكون إرثه “ملتقى الأبعاد” الزمني منها والسرمدي (الأزلي)، لا تفيد في معرفة حقيقتها جل المقاربات التي اعتمدت من قبل، ف “المقاربة التاريخية” تسقط بعده السرمدي، و”المقاربة القانونية” تسقط عالمه الغيبي، وأخيرا “المقاربة السياسية” فهي  تسقط “عالمه الغيبي وبعده السرمدي كليهما.”[2]   وقد أطلق على هذه المقاربة اسم “المقاربة الائتمانية”، حيث يرى أنها الطريق الهادي إلى إيقاف الإيذاء الاسرائيلي. كما ترسم هذه المقاربة قبل دفع ضرر الشر المطلق،  صورة إيذاء الفلسطينيين المتجلية في صورتين:

  • “إيذاء الأرض التي بارك فيها ربهم” وبالتالي إيذاء الذي بارك هذه الأرض أي “إيذاء الإله”.
  • “إيذاء الإرث الذي أنتجته فطرتهم” وبالتالي إيذاء “إيذاء الإنسان”

ولما كانت مسألتا الإله والإنسان لا تعنيان الفلسطيني وحده، يؤكد طه عبد الرحمان على وجوب اشتغال غير فلسطيني على دفع الأذى الإسرائيلي “الذي لحق الإله من حيث هو إله ولحق الإنسان من حيث هو إنسان”[3]   

  • احتلال الأرض وإيذاء الإله

يتجلى إيذاء الإسرائيليين للإله عند طه عبد الرحمان من خلال منازعته في إحدى صفاته وهي “المالك”، وهذا النزاع أو الحرب مع الإله ليست بالغريبة عن الإسرائيليين، فأسفارهم التوراتية ما زالت تحفظ تاريخهم المليء بنقضهم للمواثيق والعهود الإلهية، والمخالفات للأوامر والنواهي، وإذاية الرسل، “وكأنهم في حرب سجال معه”[4]

ومن خبث وظلم وطغيان الإسرائيليين أنهم  يسعون إلى أن يكونوا مالكين، والفلسطينيون مملوكين، بشتى الوسائل، فأصبح عندهم الملك يعني الوجود “فمن لا يملك أنى له أن يوجد”[5] “مستشعرين أنهم يضاهون الله في التصرف في ملكه كيف يشاء”[6].

هذا الأمر الذي دفع فيلسوفنا إلى إطلاق نعت “الإحلال” بدل الاحتلال. فمنازعتهم للمالكية الإلهية مبنية على المبدأ التالي:

  • كل ما يمكن احتلاله من أملاك غيرهم، فهو، بالضرورة، ملك لهم.
  • الإحلال هو احتلال الأرض، منازعة للمالكية الإلهية.
  • على قدر قدسية المكان المحتل، يكون الشعور بالملكية.

وبالتالي فالكيان الإسرائيلي قائم على طغيان روح التملك، والقصد من تأسيسه “الاستعداد لمزيد الامتلاك بطريق الاحلال”[7].

  • احتلال الفطرة وإيذاء الإنسان

من “الإحلال” الذي هو احتلال للأرض الفلسطينية ومنازعة الإله في المالكية، ينتقل طه عبد الرحمان إلى نوع آخر من الإذاية سماه ب”الحلول”  وهو احتلال لفطرة الإنسان، “الذاكرة التي تحفظ القيم والمعاني الأصيلة المبثوثة في روحه منذ خلقه”[8].

هذا الحلول، المتمثل في: إفساد فطرة الإنسان الفلسطيني بغية القبول بتدنيس الأرض المقدسة، ينقسم إلى قسمين: “قلب القيم” الذي هو حلول جزئي، و “سلب الفطرة” وهو حلول كلي.

  • قلب القيم: بحيث يسعى الإسرائيليون إلى قلب قيم الفلسطينيين الأصيلة إلى أضدادها، بما يتماشى ومساعيهم في إفساد هذه الفطرة والمتجلية في :
  • إفساد الذاكرة: وهي محاولة خلق اختلال في علاقة الفلسطيني بماضيه، إما قدحا أو نكرانا أو تخاذلا. ومن أمثلة هذا الفساد أن يرى الفلسطيني “أن تعلق المسلمين بالمسجد الأقصى انتهى مع تحويل القبلة إلى المسجد الحرام، أو يرى أن تعظيم الصخرة يرجع إلى الأمويين، دعما لمركزهم السياسي”[9].
  • إفساد الثقة في الذات: وهو إخلال علاقة الفلسطيني بحاضره، بحيث يفقد الثقة في القدرة على التغيير، متوهما أن مصيره هذا قدر مقدر يجب مسايرته.
  • إفساد التوجه: أي إخلال علاقة الفلسطيني بمستقبله، وجعله متقلبا في تحديد مطالبه ومقاصده، فهل يذهب مذهب الاندماج مع الاسرائيليين أم يخار خيار المقاومة أم خيار المفاوضة أم يتخذ مبدأ التعايش السلمي.

فإذا اختلت علاقة الفلسطيني بهذه الأبعاد الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل، يرى طه عبد الرحمان بضرورة اختلال علاقته بالمكان.

  • سلب الفطرة: ليس هو فصل بعض القيم عن الفطرة و استبدالها بأضدادها، بل هو تجريد كلي للإنسان من فطرته، وجعله تبعا لغيره صورة وروحا. وغاية الإسرائيليين من هذا الإيذاء هو جعل “الانسان الفلسطيني مرتبطا ب”الكيان الإسرائيلي” وقد سماه طه بالحلول الكلي. وذلك حسب فيلسوفنا من خلال أربعة أشكال من التضييع:
  • تضييع الطبيعة: لما كان سلب الفطرة هو ارتباط الفلسطيني ب”الكيان” كان هدف تضييع طبيعة هذا الفلسطيني هو شرعنة الوجود الإسرائيلي بأرض فلسطين، وذلك من خلال الدخول في علاقة طبيعية معه.
  • تضييع الروح: بحيث يؤثر المطبع موت فطرته على موت بدنه، والمعرفة الأسطورية على الحقيقة الروحية، وتعلقه بالمعرفة الإسرائيلية التي تضره ولا تنفعه.
  • تضييع القداسة: فلما فسدت ذاكرة المطبع، استوى عنده احتلال الإسرائيلي للأرض المقدسة والحرم المقدس والمسجد الأقصى، بغيرها من الأمكنة. بل يتعدى هذا التجريد للقداسة حتى “للمنزل” أي الكتاب، فيعبث به “على قدر ما يطلبه المحتل الإسرائيلي”[10] وهكذا يبقى المطبع على استعداد لرفع القدسية عن كل مقدس ديني امتدت إليه يد الإسرائيلي.
  • تضييع الحياء: ويتجلى ذلك حسب صاحب “ثغور المرابطة” في: نسيان النظر الإلهي، فقدان التمييز الأخلاقي، ممارسة النفاق.

ومن خلال ما سبق يرى الفيلسوف طه عبد الرحمان أن المطبع لا يقنع بتضييع الجبلة والفطرة والقداسة والحياء في نفسه، بل يسعى إلى يضيع ذلك في كل العرب وكل المسلمين. وبالتالي، “فالمطبع ذات ضائعة ومضيعة، وتضييعها ذو وجهين: تضييع للقيم و تضييع للأمم”[11].

  • ماهية المرابطة المقدسية

باشر طه عبد الرحمان حديثه عن المرابطة المقدسية بالتساؤل التالي: كيف ندفع الاحتلالين الاسرائيليين “الاحلال بالأرض” و “والحلول بالفطرة”؟ فيجب قائلا: لا نهاية للاحتلال الإسرائيلي إلا بنهايتين: نهاية دنس الأرض، ونهاية زيف الفطرة،(أي بعودة قداسة الأرض وأصالة الفطرة)[12]، والمقاومة القائمة على هذا المبدأ هي التي يسميها طه بالمرابطة المقدسية، هذا اللون من المقاومة يتميز عنده بخاصيتين لا توجد في غيره من أشكال المقاومة هما:

  • الخاصية الائتمانية لمرابطة المقدسي:

المرابط المقدسي يستمد شرعيته الروحية من حادثة إسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وحقيقة المسجد كما يقول طه عبد الرحمان أنه البيت الذي لا يملكه أحد غير الله، كما أن الإنسان قد تعهد بحمل الأمانة بعد أن أبت باقي المخلوقات حملها وأشفقنا منها، فهذا المسجد (الأرض الفلسطينية) هو أمانة الإله في ذمة المرابط المقدسي.

 فكيف يقاوم تدنيس الإحلال لأرضه مقاومة ائتمانية؟ جواب طه عبد الرحمان هو : عن طريق ثلاث مستويات:

  • تجريد الإسرائيلي من المالكية: قد وصل طغيان التملك بالإسرائيليين إلى درجة نسبة ما يختص به الله تعالى لهم، فدور المرابط المقدسي هنا أن يتصدى لهذا الجشع الامتلاكي من خلال نزع صفة “المالكية” عنهم، وعدم الإقرار بأي شيء احتلوه، مهما كانت التضحيات والضغوطات. نصرة لأرضه الذي ائتمنه الله عليها. وفي هذه الصدد يوجه الفيلسوف المغربي نقذا لادغا للمؤسسات الدولية والقوانين الدولية التي وصفها بالغير منصفة، والتي اضفت صفة الدولة على الكيان الإسرائيلي الغاصب.
  • ترسيخ ثقافة الائتمان: يأتي ترسيخ هذه الثقافة عند طه عبد الرحمان في إطار إعادة بناء الإنسان الفلسطيني عقلا وروحا. فهنا يسعى المرابط المقدسي في محيطه إلى زرع ثقافة مجددة، قصدها الأول هو إخراج القضية الفلسطينية من نطاق ملكية الأرض إلى ثقافة الائتمان، بحيث يتجدد فهم الفلسطينيين لأرضهم بأنها أمانة، وملكيتها إنما هي تبع.
  • استرداد الأمانة المسلوبة: بعد أن بين فيلسوفنا أذى الفلسطينيين من بني جلدتهم الذين أفسدتم قلوبهم شهوة الحكم فظاهروا إسرائيل وأغلقوا المعابر وقطعوا المعونات وهدوا الانفاق واتهموا المقاومة بالإرهاب وتاجروا بالقضية، يتساءل عموما قائلا: فكيف إذا والحال هذه، يسترد الإنسان الفلسطيني أرضه؟ ثم يتساءل على وجه الخصوص: هل تقدر “المرابطة المقدسية” على ما لم يقدر عليه غيرها؟ فتأتي إجابة طه عبد الرحمان منطلقة من فلسفتها الائتمانية. فهو يرى أنه على المرابط المقدسي أن يغير في خطة مقاومته مقصدا ومنها. اما من حيث المقصد بحيث يتعدى مقصده المتمثل في حفظ قداسة الأرض إلى ” “حفظ ميثاق الأمانة” الذي أخذه الحق سبحانه من الإنسان”[13]. أما من حيث المنهج “فلا يبقى إذن إلا بث الروح الرباطية في كل مكان”.
  • الخاصية الإشهادية للمرابطة المقدسية:

الخاصية الإشهادية للمرابطة المقدسية عند طه عبد الرحمان تتجلى في كون الله تعالى ذرية آدم على ربوبينه و وحدانيته، فهذا الإشهاد عنده هو الأصل في وجود الفطرة. هذه الفطرة المتجلية في الإنسان من خلال المعاني الروحية والقيم الخلقية “هي عبارة عن إرادة الله فيه”[14] (أي الانسان).

فإذا كانت علامة أصالة الفطرة هي حلول إرادة الله في الإنسان، فعلامة زيفها عند طه يلزم حلول إرادة غير الله فيه، وهذا، حال الحلولي المطبع، ففطرته هي إرادة الإسرائيلي فيه.

يقسم طه عبد الرحمان المطبعين الحلوليين من حيث سعة تأثيرهم في محيطهم إلى فئتين: “فئة الافراد” و “فئة الأنظمة”، وبالتالي على المرابط المقدسي أن يقاوم تجليات الإرادة الإسرائيلية في سلوك الفرد المطبع عن طريق تحريره بشتى الوسائل من عبوديته المزيفة. كما عليه مقاومة التدبير التطبيعي للأنظمة، وذلك أن الحاكم المطبع أوقعه تطبيعه في خيانتين خيانة لنفسه بتعبيدها للإسرائيليين وخيانة لشعبه بتعبيده لهم. فواجب المرابط المقدسي هنا “أن يعمل على إخراج الحاكم المطبع من ظلمه الناتج عن عبوديتين اثنتين…كاشفا دلائل هذا التعبيد المزدوج في تدبيره للشأن العام ومساوئ تأثيره في وضع الإنسان”[15].

خاتمة                                                      

هكذا نظر مؤلف “ثغور المرابطة” إلى الصراع الإسلامي الإسرائيلي، من زاوية فلسفية قائمة على نظريته “الائتمانية”، جعلت لب الصراع وجوهره ذا طابع ديني.

 كما كشفت هذه النظرية صورة الصراع المتجلية في أنواع الأذى الإسرائيلي، للفلسطينيين باحتلال أرضهم، وللمسلمين بتطويع إرادتهم وحملهم على التطبيع، وللإنسانية بتدنيس المقدس وقلب القيم.

وبالتالي فمعركة القضية الفلسطينية ليست معركة الفلسطينيين وحدهم وإنما هي معركة العرب والمسلمين جميعهم بل هي معركة كل أحرار العالم.

وقد اختار طه عبد الرحمان مفهوم “المرابطة المقدسية” كوسيلة فعالة لرد العدوان الصهيوني، ولم يحصر هذا المفهوم في المقاومة التي تلازم الأرض المقدسة، وإنما جعله مفهوما واسعا يشمل المرابطين بأرض القدس وخارجها. 

 

[1]  الفصل الأول من الكتاب

[2]  ثغور المرابطة، ص 19

[3]  نفس المصدر ص 21

[4]  ص 21

نفس الصفحة[5]

 ص 22[6]

 ص 23[7]

[8]  ص 24

 ص 25[9]

 ص 31[10]

 ص 35[11]

 ص 36[12]

 ص 50[13]

 ص52 [14]

 ص 56[15]

The post الصراع الإسلامي الإسرائيلي ومركزية المرابطة المقدسية من زاوية فلسفية (إطلالة في كتاب ثغور المرابطة) appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2X3f0n9
via IFTTT

غرور الملحدين (الحلقة 14): “اتجاه مجهول” (Destination Unknown)


via منار الإسلام http://bit.ly/2xajrNB

غرور الملحدين (الحلقة 14): “اتجاه مجهول” (Destination Unknown)

في كل يوم يمرّ من حياتي على الأرض، أزداد يقينا كلما ناقشت مع ملحد أنها “موضة” تخفي وراءها أشياء كثيرة مبعثرة.. ماض ديني منحبس أو متشدد “كاثوليكيا” كان أو “يهوديا أرثدكسيا” أو “إسلاميا جغرافيا وراثيا” يهتم بمظاهر التدين لا بعمقه ورفقه وخشوعه.. أو نفور ممن ينصبون انفسهم قضاة على الناس.. أو ماض عاطفي ترك أثرا بليغا في قلب من رفض الزواج ممن كان يريد بدعوى “التزام” طارئ.. أو تصرّف بلا ذوق أو كلمة خرجت من فم “ملتح” أو “متحجبة” في لحظة استعلاء بطهرانية زائفة.. أو خيانة من قريب كنت ترى فيه رمز الصلاح والتدين..خيانة تركت جرحا غائرا في نفس باحث عن فطرته أو باحثة عن فطرتها وسط الفتنة العارمة.. فكرِهها الدّين جملة واحدة من أجل خطأ بدر ممن تقمصا جلباب الدين لا لبَّه ورحمتَه.. وإنّ منّا لمنفّرين.. كما جاء في الحديث…
تعرفت على “لويدجي”[1] الفرنسي ذي الأصول الإيطالية والتربية الكاثوليكية ذات مساء –وهو جار لنا في العمل- التقيناه أنا وصديق لي في مطعم قرب المكتب فدعوناه ليتناول طعامه على نفس المائدة فوافق.. 
كان “يعرف” “المسلمين” ودفاعهم الكلاميّ المستميت عن دينهم –عن علم وعن غير علم- فباغتنا بالقول قبل أي كلام، درءاً لكل تعصب محتمل: “أنا ملحد”.. فقلت له “أنت حرّ في ما تعتقد.. ليس لدينا أدنى تحفظ على ذلك”.. فبدأ في تعليل موقفه دون أن يطلب منه أحد ذلك.. ربما لكثرة ما واجه من انتقاد.. 
فأكدت له أن في القرآن آيات تحتم علينا تقبّل هذا الأمر واحترام حريته وأولها: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ، فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”[2] 
نعم.. من شاء فليكفر..
غير أنني لما آنست منه طيبة عميقة وذكاء ثاقبا وحسن استماع جيّد، قلت له “سيدي أنت لست ملحدا” فضحك مستغربا.. إذ كيف يمكنني أن أعرفه أكثر من نفسه.. فعاودت قولي وأنا ابتسم “والله أنت لست ملحدا في الأصل.. لا يمكن ذلك”.. فقال “كيف ذلك لقد قلت لك إني ملحد”.. أحسست بآثار التّعليم الدّيني “النّصرانيّ” المحرّف الذي تلقاه في صغره فنفّره من الدين الأصلي: الإسلام لله.. فأردت إن أرجعه إلى ما قبل هذه الفترة من حياته.. إلى فطرته.. دون كثير نقاش فمن الواضح أنه سئم النقاشات غير المجدية..
قلت له “أن في فطرة الناس ميلا طبيعيا لاعتقاد أن هناك شيئا ما بعد الموت.. ورفضا باتاً للعدم.. لكنهم يطمرونه لسبب ما.. غالبا ما يكون السبب نفسيا.. وسأبرهن لك من نفسك على هذه الفطرة..”..
فواصل تبسمه المتهكم المتعجب قائلا “حسنا..أنا انتظر برهنتك..”..
قلت له “قال لي صديقي إنك تعمل كثيرا وتسافر لتحرز على صفقات أكبر.. وبحماس كبير”.. فردّ بالإيجاب..
هنا سألته “إن لم يكن هناك شيء بعد الموت فما هو تفسيرك لأملك المستمر اللانهائي.. ؟؟ ما الشيء الذي يدفعك للعمل ولبذل الجهد لتطوير عملك..؟؟ ” 
(S’il n’y a rien après ta mort, qu’est ce qui te fait courir alors.. sans cesse..)
لم يستطع الردّ بسرعة على سؤال غير منتظر فواصلت بسؤال يبرز جانب التوقان لعالم آخر في فطرة الإنسان وانتظاره البديهي الفطري لمستقر نهائي بعد عناء السفر :
“انظر ‘لويدجي’.. إذا كنت في سفر واعترضتك في طريق سفرك إشارة مرور مكتوب عليها (بدون اتجاه) أو (اتجاه مجهول) هل كنت ستستمر في السير..؟؟ وبحماسك هذا..؟؟ “.. 
فانتهى الكلام..
وهرب إلى المزاح.. 
لعله ينسى.. سؤاله الملح.. الذي ذكرته به فقط..

[1]  حورت الاسم قليلا لرفع أي حرج

[2]  الكهف ٢٩.

The post غرور الملحدين (الحلقة 14): “اتجاه مجهول” (Destination Unknown) appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2xajrNB
via IFTTT

يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ


via منار الإسلام http://bit.ly/2YccQya

يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ

يقول الله عز وجل: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[1].

جاءت هذه الآية في سياق تعليم الصحابة رضوان الله عليهم الأدب في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة، وتربية النفوس المؤمنة على التواد والتراحم فيما بينهم من جهة أخرى.

 قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

سبب نزول الآية كما بينه ابن عاشور في تفسيره، قال: “روي عن مقاتل أنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في الصُّفَّة، وكان في المكان ضيق في يوم الجمعة فجاء أناس من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس بن شماس، قد سبقوا في المجلس فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يفسح لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر فقال لمن حوله: قم يا فلان … بعدد الواقفين من أهل بدر، فشق ذلك على الذين أقيموا، وغمز المنافقون وقالوا: ما أنصف هؤلاء، وقد أحبوا القرب من نبيهم فسبقوا إلى مجلسه، فأنزل الله هذه الآية تطيبا لخاطر الذين أقيموا، وتعليما للأمة بواجب رعي فضيلة أصحاب الفضيلة منها، وواجب الاعتراف بمزية أهل المزايا.”[2]

فالآية تحض على الإفساح للقادم ليجلس، كما تحض على إطاعة الأمر، إذا قيل لجالس أن يرفع فيرفع، وظاهر الآية أنها تحض على إيجاد فسحة في المكان ليجلس القادم، ولكن حين نتدبر الأمر فهو تربية النفس أولا وإيجاد فسحة فيها، ومتى رحب القلب واتسع وتسامح واستقبل الجالس إخوانه بالحب والسماحة، فأفسح لهم في المكان عن رضى وارتياح، فهذه تربية الحق عز وجل لخير أمة أخرجت للناس. التربية على المحبة والتواد بين المؤمنين وما يتولد عنه من سماحة ونظام في الصف وطاعة لولي الأمر[3]،

قال صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”[4]، وقال صلى الله عليه وسلم “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”[5].

فالله سبحانه يعد المفسحين في المجالس بفسحة من الله لهم وسَعَة، (فافسحوا يفسح الله لكم)، ويعد الناشزين الذين يرفعون من المكان ويخلونه عن طاعة لأمر الرسول برفعة في المقام، (وإذا قيل انشزوا….)، فلا يظن من أُمِر بالخروج فخرج أن ذلك نقص في حقه، بل هو رفعة وزيادة قربى عند الله، وذلك جزاء تواضعهم وقيامهم عند تلقي الأمر بالقيام. فالآية تعلمهم أن الإيمان الذي يدفع إلى فسحة الصدر وطاعة الأمر، والعلم الذي يهذب القلب فيتسع ويطيع، يؤديان إلى الرفعة عند الله درجات، فيرفع الله المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم والعالمين منهم خاصة درجات كثيرة في الثواب ومراتب الرضوان[6].

ولبيان منزلة العالم عند الله عز وجل ومكانة هذه الرفعة المذكورة في الآية، تكاثرت الأحاديث النبوية في بيان فضلها عند الله وعند الناس، ورفعت العلماء مكانا عليا. ولقد روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ” من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله به طريقا إلى الجنة”[7].

وفي حديث آخر يخبر صلى الله عليه وسلم: “إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر”[8].

وارتباطا بهذه الآية، ورد عن ابن مسعود قوله: “مدح الله العلماء في هذه الآية، ثم قال: يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم فإن الله يقول يرفع المؤمن العالم فوق المؤمن الذي ليس بعالم درجات.”[9].

وفي الختام أشير إلى كون لفظة درجات وتبيين من ينالها في القرآن وردت في القرآن أكثر من سبع عشرة مرة، وقرنت بلفظة الرفع ست مرات. وبَيَّنَ التنزيل من خصهم الله عز وجل ب: “الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ” أنهم صنفان من المؤمنين، )الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ)[10]، في آية سورة النساء و(الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)، في هذه السورة، وهي آخر آية ذكر فيها لفظ درجة في ترتيب المصحف الشريف.      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

[1].  سورة المجادلة، الآية 11.

[2]. ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج28، ص37.

[3]. ينظر في ظلال القرآن ليسد قطب، ج6، ص3512.

[4].  رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة

[5]. رواه البخاري،

[6]. ينظر في ظلال القرآن لسيد قطب، وتفسير المراغي

[7]. رواه مسلم وأصحاب السنن.

[8].  رواه أحمد وأبو داود والترمذي

[9]. الصابوني، صفوة التفاسير، ج3، ص305.

  سورة النساء الآية 34[10]

The post يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2YccQya
via IFTTT

Sunday, June 23, 2019

تدحرج فلسطين في غياهب الجب، في انتظار القميص!

كلنا تابع قضية فلسطين وهي تتدحرج تباعا على النحو التالي :
✓ من قضية عالمية إلى قضية عربية، ثم إلى قضية إقليمية، ثم إلى قضية داخلية.
✓ من من جلسات الأمم المتحدة إلى مؤتمرات القمة العربية، إلى لقاءات المصالحة الوطنية.
✓ من معركة تحرير لكل الوطن (أراضي 1948) إلى معركة استرجاع بعض الوطن (أراضي 1967), ثم إلى المطالبة برفع الحصار عن مدينة غزة، وتخفيف المعابر، وايقاف المستوطنات في 33٪ من أراضي الضفة الغربية وليس فلسطين!
✓ من معركة كل الجيوش العربية إلى معركة دول الطوق، إلى معركة منظمة التحرير الفلسطينية
✓ من منظمة تحرير مكافحة بالسلاح والسياسة إلى سلطة حارسة لأمن الكيان الصهيوني عبر التنسيق الأمني، مقابل استخلاص الضرائب وتسيير البلدية.
✓ من اتفاق سلام دولي تتعهده دول عظمى إلى مبادرة عربية، إلى محادثات بين السلطة والكليات الصهيوني.
✓ من رفض التفاوض مع مغتصب الأرض ومصافحته، إلى اتفاقية كامب ديفيد1، إلى اتفاق أوسلو، إلى كامب ديفيد الثانية.
✓ من المطالبة بالأرض ورفض السلام إلى المطالبة بالأرض مقابل السلام، إلى مطالبة السلام من أجل السلام.
✓ من وحدة الوطن كل فلسطين إلى الوحدة الوطنية متمثلة في الضفة وغزة
✓ من الجنيه الفلسطيني، إلى الشيكل الفلسطيني، إلى الشيكل الجديد الصهيوني.
✓ من المؤتمرات إلى المنتديات إلى الورشات
✓ من الاتفاق إلى الصفقة !
فهل وصلنا إلى القعر أم أن بئر الذل ما يزال عميقا؟
ومتى سيأتي العزيز بسيارته لإخراج القضية من غياهب الجب الصهيوني العالمي، فيحسن مثواها بعدما حاول الإخوة قتلها طوال كل هذه المدة، بل ظنوا أنها ماتت وانتهت. إن فلسطين هي يوسف وإن يعقوب هم أحرار العالم عامة والمسلمين خاصة، وكم طال حزننا وابيضت أعيننا، وكم من صبر جميل حملنا، ونحن نرى حكام العرب إخوة يوسف لا هَمَّ لهم سوى البضاعة والكيل والمتاجرة وإن أراد الكيان الصهيوني أخا آخر ليوسف فهم مستعدون لتقديمه.
خسئت صفقتكم أيها الأوغاد، فما عدنا بعد اليوم نُسِرًُ القضية كما أسررناها في أنفسنا من قبل، يا حكام الخزي لقد أكلتم كل السنوات السمان وحدكم، وهاهي تَمُرُّ السبع العجاف بعد الربيع العربي، وستتلوها سبع شداد علينا وعليكم، ستكون الحاسمة والفاصلة، بعدها سيغاث الناس ويحصحص الحق، فيأتي العرب والعجم وكل أحرار العالم ليسجدوا على أرض فلسطين المباركة بعدما تآمروا عليها، وحاولوا قتلها، واتهموا أهلها المجاهدون بالخيانة والإرهاب، وكذلك فعلوا مع كل أخ يمدهم بيد العون في كل الأمصار. لا تحجبنا أحداث الصُّوَاعِ والمقايضة وجعجعة البضاعة عما يجري في الوطن العربي من حراك مبارك سيحصد سنابل الحكام اليابسات، ليزع حكما راشدا تصبح فيه الأمة مصرا واحدا، عزيزها واحد، ويوسفها فلسطين كل فلسطين. حينها فقط ستعود فيروز لا لتقول وحين هوت مدينة القدس تراجع الحب وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب”، بل لتقول للعالم أجمع وبلغة الحب والسلام ما قاله يوسف ونبينا عليهما السلام لإخوتهما:” لا تثربب عليكم اليوم”
فمنذ ذهاب الدولة العثمانية ألقى الإخوة الصغير يوسف في بئر الاستعمار البريطاني، ليباع بثمن بخس للصهاينة اليهود، فَتَحَمَّل القتل والتهجير على أن يبيع الأرض أو يتنازل عنها، وكله يقين أي يوسف في رؤيته المحررة لفلسطين، والتي تبشر عاجلا أم آجلا بسجود كل قوى العالم إجلالا وإكبارا لها.
إلى ذلكم الحين أذكروا فلسطين عند ربكم وفي كل منتدياتكم
حتى تستيقظ العزة في نفوسنا وتحل روح العزيز فينا لِنُخْرِجَ رؤيا فلسطين من سجن الأماني المعسولة إلى أرض التمكين حيت التعايش والسلام الحقيقين.
فسلام على يوسف، وسلام على فلسطين، وصبر جميل ليعقوب في انتظار القميص الذي سيعيد لنا البصر والبصيرة لنرى طريق التحرير نحو القدس

The post تدحرج فلسطين في غياهب الجب، في انتظار القميص! appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2Y8bbcS
via IFTTT

تدحرج فلسطين في غياهب الجب، في انتظار القميص!


via منار الإسلام http://bit.ly/2Y8bbcS

Saturday, June 22, 2019

سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع الأبناء — د محمد سعيد بكر


via منار الإسلام http://bit.ly/2Kz0Cwn

سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع النبي ﷺ — د محمد سعيد بكر


via منار الإسلام http://bit.ly/2N6H5pb

سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع الأبناء — د محمد سعيد بكر

The post سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع الأبناء — د محمد سعيد بكر appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2Kz0Cwn
via IFTTT

سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع النبي ﷺ — د محمد سعيد بكر

The post سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع النبي ﷺ — د محمد سعيد بكر appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2N6H5pb
via IFTTT

سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع الله — د. محمد سعيد بكر


via منار الإسلام http://bit.ly/2X1IhP1

سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع الله — د. محمد سعيد بكر

The post سلسلة مفاتيح: مفاتيح التعامل مع الله — د. محمد سعيد بكر appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2X1IhP1
via IFTTT

الفكر المقاصدي وترشيد الاجتهاد المعاصر– د. عبد الصمد المساتي


via منار الإسلام http://bit.ly/2Y1VofA

الفكر المقاصدي: مفهومه وضرورته ومقوماته — د. عبد الصمد المساتي


via منار الإسلام http://bit.ly/2ICl1P3

الفكر المقاصدي وترشيد الاجتهاد المعاصر– د. عبد الصمد المساتي

The post الفكر المقاصدي وترشيد الاجتهاد المعاصر– د. عبد الصمد المساتي appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2Y1VofA
via IFTTT

الفكر المقاصدي: مفهومه وضرورته ومقوماته — د. عبد الصمد المساتي

The post الفكر المقاصدي: مفهومه وضرورته ومقوماته — د. عبد الصمد المساتي appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2ICl1P3
via IFTTT

الاجتهاد وإشكالاته المعاصرة (2) إشكالات التأهيل والتنزيل — د. محماد رفيع

The post الاجتهاد وإشكالاته المعاصرة (2) إشكالات التأهيل والتنزيل — د. محماد رفيع appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2WZcezi
via IFTTT

الاجتهاد وإشكالاته المعاصرة (2) إشكالات التأهيل والتنزيل — د. محماد رفيع


via منار الإسلام http://bit.ly/2WZcezi

الاجتهاد وإشكالاته المعاصرة (1) إشكال التأصيل — د. محماد رفيع


via منار الإسلام http://bit.ly/2WZWpDw

الاجتهاد وإشكالاته المعاصرة (1) إشكال التأصيل — د. محماد رفيع

The post الاجتهاد وإشكالاته المعاصرة (1) إشكال التأصيل — د. محماد رفيع appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2WZWpDw
via IFTTT

Friday, June 21, 2019

استشراق أرنست رينان بين الفكرانية والخوف من مستقبل الإسلام


via منار الإسلام http://bit.ly/2LcpF85

استشراق أرنست رينان بين الفكرانية والخوف من مستقبل الإسلام

مقدمة

أرنست رينان (1823-1892م) فيلسوف ومؤرخ فرنسي، اهتم كثيرا بتاريخ الأديان واللغات والأجناس، واشتهر بدفاعه عن العلم والعقل والعقلانية، كما عُرف عند الباحثين بتحيزه للحضارة القومية الأوربية، وتقليله من شأن حضارة الإسلام والمسلمين والعرب، بدا هذا التحيز واضحا في أغلب مؤلفاته ومقالاته ومحاضراته، ولعل أشهرها المحاضرة التي ألقاها في السوربون بتاريخ 29 مارس سنة 1883م عنوانها: “الإسلامية والعلم”[1]، ونشرت في “Journal  des Dèbats”  بتاريخ 30 مارس 1883م، وتلخص هذه المحاضرة موقف رينان من الإسلام والحضارة الإسلامية، وقد رد عليها جمال الدين الأفغاني -الذي كان آنذاك في باريس- بمقال نشر في 18 مايو سنة 1883 في نفس الجريدة، ثم رد رينان في اليوم التالي على رد الأفغاني بتاريخ 19 مايو من نفس السنة.

فكيف قرأ رينان موضوع الإسلام؟ وهل استطاع أن يتخلص من عباءة المستشرق الفكراني الذي يصدر عن مرجعية تصنيفية مغلقة غير قابلة للمراجعة أم أنه بقي وفيا لها؟ كيف فسر تخلف المسلمين في عصره؟ وإلى ماذا أرجع تقدم الغرب التقني والصناعي والعسكري والسياسي؟

الإسلام والعلم

 في هذه المحاضرة الشهيرة وصف رينان الإسلام بأنه تديُّن متعصب يستخفُّ بالعلم والعلماء والفكر والمفكرين، ويقلص عقل الإنسان في أفكار متحجرة تمنعه من أية فكرة لطيفة أو إحساس رقيق أو بحث عقلاني، بل أكثر من ذلك فقد عدَّ الإسلام “أثقل قيدٍ حملته الإنسانية”[2] عبر تاريخها الطويل.

 في نصوص كثيرة وباستدلالات فاسدة يحاول رينان أن يظهر أن الإسلام يتعارض مع المعرفة العلمية والفلسفية والفنية وجميع القيم النبيلة، وكأن الإسلام هو الشر الذي تسلط على العالم وما دونه الخير! من ذلك قوله: “الواقع إن الإسلام قد عمل باستمرار على اضطهاد الفلسفة والعلوم وانتهى به الأمر إلى وأد هذه المعارف… وكل مجتمع يحكمه الإسلام هو مجتمع منغلق على ذاته ومحرِّم للعلم والفلسفة والتقدم، لأن الإسلام بطبيعته يتناقض مع العلم ومع الفلسفة ويُضر بالعقل لذلك نجده يدخل معهما من أول وهلة في صراع، كما أن دغمائيَّته هي التي تمنع الشرق اليوم من الانفتاح على العلوم وعلى الفلسفة، كشرط ضروري لأيِّ تقدم”[3].

يحمل هذا النص -وغيره من النصوص- من الفساد في تدليل صاحبه ما يكفي لرد قوله المتحامل قبل حكمه القاسي، إذ إن موقفه هذا “لا يعكس حقائق أو وقائع بل يصور تمثلات أو ألوانا من التمثيل حيث تتخفى القوة والمؤسسة والمصلحة”[4]، فهل يقبل باحث منصف القول بأن الإسلام اضطهد العلوم؟ بل وأدها نهائيا؟ أليس الإسلام هو من احتضن هذه العلوم وطورها المسلمون وتلقفها الغرب واستأنف المسير؟ وكيف استنتج من مقدمة فاسدة مثل هذه أن كل مجتمع مسلم هو مجتمع منغلق على ذاته ومحرم للعلوم؟ هل المسلمون اليوم يحرمون العلوم؟ أليس هذا كذبا وتلفيقا من مُستشرق خبير بالثقافة الإسلامية غير أن رغبته في إرضاء قومه أعمته عن الحقيقة وقادته إلى تبني إيديولوجية سفسطية تضليلية؟ ثم أليس الشرق منفتحا على العلوم والمعارف والفلسفات؟ أوليس مهد الثقافة المسيحية نفسها التي يبرؤها من كل عيب هو الشرق؟

علة الدين أم علة التدين

لا يفرق رينان بين الدين والتدين، بين الوحي وتطبيقات الناس المظروفة بظروفهم ومصالحهم، فالدين عنده هو كل شكل من أشكال التدين في تاريخ المسلمين، حتى ولو كان انحرافا عقديا وسلوكيا، وبناء على ذلك ينسب تخلف المسلمين وخفة وزنهم في العالم خلال القرن التاسع عشر إلى علة ملازمة لتاريخهم ولا يتصور أنها تفارقهم مذ أن تمكنت منهم وهي علة “الدين الإسلامي”! هكذا!

المسلمون متخلفون بالدين مطلقا لأنهم يدينون بدينٍ يحارب العلم والعقل والفلسفة، ولا يتساكن علم مع الدين، فهو يقول: “الحق أن الدين الإسلامي حاول خنق العلم ووقف تقدمه. وعلى هذا النحو أفلح في تعويق الحركة العقلية أو الفلسفية، وفي صرف العقول عن البحث عن الحقيقة العلمية، ومثل هذه المحاولة، إذا لم أكن مخطئاً، قد قام بها الدين المسيحي، وبحسب علمي فإن الزعماء الموقرين للكنيسة الكاثوليكية لم يكفّوا حتى الآن عن ذلك. إنهم يواصلون الكفاح القويّ ضد ما يسمونه روح الحيرة والضلال”[5].

 استفاد رينان من المناهج النقدية المعاصرة غير أنها لم تزح من ذهنه فكرانية التفوق الأوربي والازدراء بالآخرين،  ولم تمنعه من أن يتعامل بتعميم وانتقائية كلما تعلق الأمر بقضية من قضايا الإسلام والمسلمين والعرب، فهو لا يخفي اتهامه للدين في نسبة كل نقص وقع في تاريخ المسلمين وحاضرهم له، إذ يقول مثلا: ” كلّ إنسان يتمتع بالحدّ الأدنى من الاطلاع على شؤون العصر يرى بوضوح الدونية الحالية للبلدان الإسلامية والانحطاط الذي يميّز الدول التي يحكمها الإسلام والبؤس الفكري للأعراق التي لا تقتبس ثقافتها وتعليمها إلاّ من هذه الديانة. كلّ الذين زاروا الشرق أو إفريقيا يصدمهم الانغلاق الذي يميّز عقل كلّ مؤمن صادق، حتى كأنّ دماغه قد أحيط بسوار معدني يمنع عنه العلوم ويحظر عليه التعلّم ويدرأ به أن ينفتح على فكرة جديدة. والطفل المسلم قد ينشأ بعقل يقظ لكنّ التربية الدينيّة تحوّله في سنّ العاشرة أو الثانية عشر إلى كائن متعصّب يدعي حمقا أنّه يمتلك الحقيقة المطلقة ويسعد بوضعه الدوني الذي يحسبه امتيازا. تمثّل هذه العزّة الجنونيّة الرذيلة الجذريّة للمسلم. والبساطة التي تبدو عليها عباداته تملأه باحتقار غير مبرّر للأديان الأخرى. يحتقر المسلم التعليم والعلوم وكلّ ما يميّز العقل الأوروبي لأنّه يعتقد أنّ الله يمنح الثروة والسلطان بمطلق مشيئته فلا دخل في ذلك للتعلّم ولا للاستحقاق. هذه العادة الرديئة التي رسختها العقيدة الإسلاميّة بلغت من القوّة حدّا جعل الفوارق بين الأعراق والقوميات تختفي باعتناق الإسلام.”[6] فهو إذن يرد أسباب التخلف والدونية والجهل التي يعيشها من رآهم أو سمع بهم ممن يستوطنون بلدا يقال عنه أنه مسلم أو يدين أكثر سكانه بدين الإسلام إلى الإسلام نفسه التي يحمل في ذاته العداوة للتعلم والتحضر والتمدن، ويلقي في قلوب وعقول المتدينين به عقلية التواكل والجهل واحتقار الآخر.

العرب والثقافة اليونانية

رغم أن رينان لا يتقن اللغة العربية، ولم ينشر أيّ نص عربي[7]، ورغم ذلك يفتي في تفاصيل القول في الثقافة الإسلامية العربية، ولا يتوانى في وصفها بمجرد نسخة رديئة من الثقافة اليونانية، فقط تم تدوينها بلسان عربي، و”العرب لم يصنعوا غير انتحال مجموع الموسوعة اليونانية”[8]، لكن إذا كانت الموسوعة اليونانية موسوعة علمية وفلسفية عقلانية، وكان العرب قد تلقفوها واحتضنوها وانتحلوها، أليس ذاك كافيا في القول بأنهم لا يحاربون العلم والفلسفة إذن؟ إذ لو كانوا يحاربون العلم والفلسفة حقا ما ترجموا مؤلفات الفلسفة والعلوم اليونانية وقربوها بالشرح والتلخيص والفحص والنقد.

و”الشرق السامي والقرون الوسطى مدينان لليونان بكل ما عندهما من الفلسفة طبعا، ولذا فإذا ما دار الأمر حول اختيار حجة فلسفية لنا في الماضي كان لليونانية وحدها حق إلقاء دروس علينا”[9]، ويضيف في محاضرته الشهيرة حول “الإسلام والعلم”: “هذا هو المجموع الفلسفي الذي تعوّدنا أن نطلق عليه صفة العربي لأنه مدوّن باللغة العربيّة. لكنه في الحقيقة تراث إغريقي ساساني. وقد يكون أكثر دقّة أن نصنفه إغريقيا لأنّ العناصر الأكثر حيوية في هذا كله قد أتت من اليونان. في عصور الانحطاط تلك كانت قيمة العالم تتحدّد بما تتوفر لديه من معرفة بعلوم اليونان القديمة وكانت اليونان المصدر الوحيد للمعرفة والتفكير السليم. ولئن تفوقت سوريا وبغداد على الغرب اللاتيني فإنما السبب الوحيد لذلك قرب مفكريها من الميراث الإغريقي… وفي غياب الفلسفة الإغريقية الحقيقية التي كانت مطمورة في المكتبات البيزنطية اتجه البحث نحو إسبانيا كي تستخرج علوم إغريقية رديئة الترجمة مغشوشة”[10].

يقرر رينان في هذا النص وغيره من النصوص أن العرب يفتقرون إلى نمطي التفكير العلمي والفلسفي، على غرار ما هو عليه الحال عند اليونان القديمة وأوربا الحديثة، وتمسكهم بالدين المنزل زادهم بعدا عن العلم والعقل والبحث الحر، حيث حارب الإسلامُ العلوم في نظره حتى جنى على نفسه والمتدينين به، ذلك أن” العقائد المنزلة تتعارض دائما مع البحث الحرّ الذي قد يخالفها. ليست محصلة العلوم أن تقضي على الألوهية وإنما أن تبعدها عن عالم الجزئيات حيث كان المؤمنون يرون حضورها بدون انقطاع. فالتجربة تحاصر مجال الخوارق وتضيقه والحال أنه قاعدة كلّ لاهوت. والإسلام وفيٌّ لمنطقه إذا ما حارب العلم لكن الوفاء قد يتحوّل أحيانا إلى خطر على صاحبه. كان من سوء حظّ الإسلام أنّه نجح في مسعاه فجنى على نفسه بقضائه على العلم وحكم على أتباعه بأن يظلوا في الدرجة الدنيا من الرقي البشري”[11]. فهل حقا إذا كان المرء مسلما سيكون في الدرجة الدنيا؟

لا أظن عاقلا يسلم بهذا القول المرسل، إذ برز من المسلمين آلاف الحكماء والعباقرة والعلماء وأنجزوا ما لا يحصى من الأعمال العلمية التي يشهد بها الجميع، وفي بلاد الغرب نفسها آلاف المسلمين ممن يتزعمون ويديرون مؤسسات ومراكز بحثية علمية دقيقة في مختلف التخصصات. أما رينان فهو يتساءل مستنكرا “هل وجدت حقا علوم إسلامية أو على الأقلّ علوم قبلها الإسلام أو تسامح معها؟”[12] ويجيب “جاء الإسلام في معزل عما يسمّى العقلانيّة والعلم واعتنقه الفرسان العرب وتعلقوا به لتبرير الغزو والنهب[13].

أليست الدول الاستعمارية التي يدافع عن عقلانيتها رينان هي من يحترف الغزو والنهب والقتل؟ أليست بلاد المسلمين هي من تعرض للاحتلال والاضطهاد وسرقة الثروات؟ هل كان للحروب الصليبية الاستئصالية هدف نشر العلم والعقلانية والمدنية؟

أما الفلسفة التي تطلق عليها صفة الإسلامية العربية إنما هي فلسفة إغريقية قديمة مدونة بلغة عربية تدوينا رديئا لا أقل ولا أكثر، ذلك أن مضمونها هو نفسه المضمون الذي راج في الثقافة اليونانية والثقافات التي لحقتها ونسجت على منوالها. وكتب في مقدمة كتابه “ابن رشد والرشدية” قائلا: “إن الساميين (العرب) هم أعجز من يعطينا دروسا في الفلسفة. بل إن ما لديهم من فلسفة لا يمتلك أية أصالة أو ثراء إنما هو مجرد تقليد سيئ للفلسفة الاغريقية”[14]، وبمحوِ الفلسفة من طرف بعض الملوك الذين تضايقوا من التفكير الفلسفي “يكون الإسلام قد كشف عما هو ملازمٌ لعبقريته لزوما عُضالا…وإذ لم يستطع الإسلام أن يتحول وينتحل أيَّ عنصر من الحياة المدنية والعلمانية فقد نزع من جوفه كلَّ أصلٍ من الثقافة العقلية …(وخاصة) لما تسلم قيادةَ الإسلام أقوامٌ من البرابرة كالترك والبربر وغيرهم. فهنالك دخل العالم الإسلامي دورا من الغِلظة العمياء لم يخرج منها إلا ليقع في نزعٍ كئيب”[15].

 عندما يُقهر رينان بحجج تفوق المشرق على المغرب في أحايين كثيرة من التاريخ، فإنه لا يرجع مصدر هذا التفوق إلى ذوات مسلمة مفكرة ومبدعة من مثالها الخاص، وإنما يعده دوما نسخة وتقليدا للتراث اليوناني الوافد، من خلال القرب الجغرافي من بلاد الإغريق. وهو هنا لا يعيب ما وقع لفلاسفة المسلمين فقط وإنما ينفي تماما عن عنهم إمكان إنجاز حضارتهم الخاصة بهم، والعائق عن إنجاز تلك الحضارة في نظره هو الدين، يقول: “العقيدة المستمدة من الوحي تتعارض دائماً مع البحث الحرّ الذي يمكن أن يناقضها. ونتيجة العلم ليست طرد، بل إبعاد ما هو إلهي دائماً من عالم الوقائع الجزئية التي كان يُعتقد أنه موجود فيها. والتجربة تجعل الخوارق تتراجع وتقلل من ميدانها. والخوارق هي أساس كل لاهوت. والإسلام، حين يعتبر عدوّاً له. هو منطقي مع نفسه”[16]، أما كلمة التوحيد “لا إله إلا الله” فهي -في نظر رينان- مجرد تحصيل الحاصل، إذا كان الدين قائما على اعتقاد المعجزات والتدخل الإلهي المعجز في الطبيعة.

يبدو لقارئ نصوص رينان أنه وتحت ضغط الوقائع ووضوح الحقائق، يعترف بفضل العرب في نقل العلم والفلسفة اليونانيين إلى الحضارة الغربية الحديثة، وبتفرد نشأة الإسلام مقارنة مع غيره، يقول: “إن هذا الدين بدلا من الغموض الذي يحيط نشأة كل الأديان الأخرى، يبدو واضح النشأة تماما. فجذوره ترى مباشرة. أما حياة مؤسسه فمعروفة كحياة أي زعيم من زعماء الإصلاح في القرن السادس عشر”[17]، غير أنه سرعان ما يطعن في هذا الاعتراف حينما يقول بأن هذا الناقل رديء، “فترجمات العرب مغشوشة وتفتقد لأدنى شروط الأمانة العلمية. لم أقصد يا سادتي أن أتهاون بشأن هذه العلوم العظيمة المدعوة بالعربية فهي تمثّل مرحلة مهمة من تاريخ تطوّر العقل البشري. أجل بالغ البعض في تأكيد أصالتها في مسائل عديدة منها خاصة المسائل الفلكية لكن ليس من الحكمة الانتقال من النقيض إلى النقيض ومعاملتها بالازدراء. حقا لقد وجدت مرحلة عربية امتدت من زمن انهيار حضارة العهد القديم في القرن السادس إلى ظهور العبقرية الأوروبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. وقد تواصل خلالها تراث العقل الإنساني في الأقاليم التي فتحها الإسلام. لكن ما هو العربي في هذه العلوم المدعوة بالعربية؟ إنه اللغة ولا شيء غيرها”[18].

التحرر من الدين

بالإضافة إلى خُلو الدين الإسلامي وتاريخ المسلمين من العلم والفلسفة، يرى رينان أن الحرية لا توافق هذا الدين ولا هؤلاء البرابرة الذين اعتنقوه فأطبقوا به على أنفسهم وحجروا على عقولهم وأطبقوا على “التنكيل بكلّ مخالف”، فالإسلام “ليس أضرّ بالحريّة من نظام اجتماعي يسيطر فيه الدين سيطرة مطلقة على الحياة المدنية. ولم نر في الأزمنة المعاصرة إلا مثالين من هذا النظام أحدهما العالم الإسلامي والثاني الدولة البابوية السابقة، مع أنّ البابوية الزمنية لم تحكم إلا رقعة محدودة، والإسلام سيطر على أجزاء شاسعة من الكرة الأرضية فرض فيها أشدّ التعاليم معارضة للرقي ومنها مبدأ قيام دولة على وحي مزعوم وتنظيم المجتمع بمقتضى اللاهوت. الليبراليون الذين يدافعون عن الإسلام لا يعرفون منه شيئا. الإسلام هو الاتحاد الكامل بين الروحي والزمني، وهو سلطان العقيدة، وهو أشدّ ما حملت الإنسانية على عاتقها من الأغلال[19].

يتبين لنا من خلال ما صرح به رينان في محاضرته هذه أنه انحاز لهويته الغربية العرقية التي تعتقد بأصولها اليونانية، وتجاهَل بالمطلق الإنجازات الحضارية للمسلمين في أية مرحلة في التاريخ. وهو بذلك يساير مجموعة من المستشرقين -والفرنسيين منهم على الخصوص- الذين يختصرون الفترة التي سادتها الحضارة الإسلامية العربية في عبارة “العصور الوسطى المظلمة”، وإذا ذُكر المسلمون فإنهم يُنعتون بأشد النعوت قباحة، كقولهم: مجموعة من الأعراب الذين دمروا الحضارتين الرومانية والبيزنطية وريثتي الحضارة اليونانية العريقة، ونقلوا تراث اليونان نقلا متعسفا وعاشوا الظلام قرونا حتى انبعث نور الحضارة اليونانية من جديد في أوربا الغربية فأنقد العالم من ظلام الإسلام ! ولا تتجاوز جهودهم نقل التراث اليوناني لمن يستحقه، “لقد اختفت العلوم المدعوة بالعربية بعد أن نقلت لقاح الحياة إلى الغرب اللاتيني. وبينما كان ابن رشد يحقّق في المدارس اللاتينية شهرة تعادل شهرة أرسطو كان مصيره بين أبناء دينه أن يقبع في النسيان.”[20].

ما العمل في نظر رينان لكي يرضى عن المسلمين والإسلام قيد حرية التفكير وعطل العقل؟

الجواب بكل بساطة هو نبذ الدين وطرحه من الاعتبار، وإخراج المسلمين من دينهم وجعلهم كفارا به، آنذاك فقط يمكنهم التحرر والتقدم، يقول: “أفضل مساعدة يمكن لنا أن نقدّمها للمسلم هي أن نحرّره من دينه”[21].

مدنية أم عرقية؟

يتبين إذن الحقد الكبير على الإسلام والانحياز الواضح للهوية الغربية على حساب إسهامات الآخرين في صنع الحضارة الإنسانية المشتركة، لكن هذا الانحياز الممثل بنموذج إرنست رينان لم يقتصر على بيان إسهامات الغرب في تبلور وتطور التفكير الفلسفي وتجاهل الآخر فقط، وإنما أضاف له الطعن في القدرات الإبداعية للمكونات البشرية الأخرى التي لا تحمل -في نظره- سوى صورة مُظلمة، وفضَّل عرقا معينا على باقي الأعراق، حيث رأى في العرق الغربي انفراده بخصائص العلم والوعي والفلسفة والقدرة على قيادة الأمم على جميع المستويات، أما الأعراق الأخرى فليس لها إلا أن تتبع وتقلد وتستهلك. وما دام العرق الأوربي بأصوله الآرية المتفوقة خِلقيا، فإن رينان يرى بأن أي إبداع في أي مجال من المجالات الإنسانية هو إبداع آري خالص لا تخالطه أية حضارة أو ثقافة مغايرة. ناهيك عن أن تكون عربية أو مسلمة، يقول: “إنّ ما يميّز المسلم جوهريا هو كونه يحمل ضدّ العلم حقدا دفينا وقناعة صلبة بأن البحث غير مجد بل هو مدعاة إلى الخطأ ويشبه أن يكون كفرا. والمسلم ينأى بنفسه عن العلوم الطبيعية لأنه يراها منافسة للعلم الإلهي ويعادي العلوم التاريخية لأنّها تحتفظ بذكرى ضلالات الماضي”[22].

تخوف رينان من مستقبل الإسلام

غير أن رينان وإن وقع في خطأ منهجي فضيع -في نظرنا- يتمثل في الخلط بين الإسلام وواقع المسلمين في فترة أو فترات زمنية محددة، حيث حاكم الإسلام من خلال تصرفات المسلمين التاريخية، وعرف موقف الإسلام من العلم والمعرفة والفكر من خلال بعض المواقف والآراء والاجتهادات الطارئة، إلى درجة قوله عن الإسلام بأنه “اضطهد الفكر الحرّ؛ ولا أقول إنه فعل ذلك على نحوٍ أشد وطأة من سائر المذاهب الدينية، وإنما لأن ذلك كان على نحو أكثر فعالية. لقد جعل من البلاد التي فتحها ميداناً مغلقاً دون الثقافة الفعلية للروح”[23] فإنه يُظهر إحساسه بمستقبلية دين الإسلام، إذ يقول: “وللدين الإسلامي مستقبله إذا نظرنا إليه من جهة كونه ديناً. ولم تطأ قدماي مسجدًا قط إلاّ وتملكتني عاطفة حادّة بل لعلّي أشعر بالحسرة لكوني لست مسلمًا”[24] لكنه يرتد من جديد على هذه العاطفة ليقرر أن “الإسلام كان للعقل البشري ضررًا محضًا. لا شكّ أنّ العقول التي حرمها من الأنوار كانت مهيأة لذلك بسبب عوائق ذاتية لكنّه اضطهد الفكر المتحرّر ولن أقول إنّ اضطهاده كان أكثر قسوة من أديان أخرى لكن أقول إنّ اضطهاده كان الأكثر فعالية. لقد حكم على البلدان التي ضمّها إليه بأن تظلّ منغلقة عن الثقافة العقلية”[25].

لذلك ينبغي التخلص من كل عقيدة تقوم على الخوارق التي لا يقبلها العلم الوضعي “إن العقل الإنساني يجب أن يتخلص من كل عقيدة قائمة على الخوارق، إن شاء أن يتوفر على عمله الجوهري، إن أراد هو تشييد العلم الوضعي. ولا يستوجب هذا هدماً عنيفاً، ولا قطيعة مفاجئة. ولا يقتضي الأمر من المسيحي أن يتخلى عن مسيحيته، كما لا يقتضي من المسلم أن يتخلى عن إسلامه. وإنما المطلوب من المستنيرين من المسيحيين ومن المسلمين هو أن يصلوا إلى هذه الحالة من الاستواء المتسامح التي فيها تصبح العقائد الدينية غير مؤذية. وهذا أمر قد تم في نصف البلاد المسيحية تقريباً؛ فلنؤمّل أن يحدث الشيء نفسه بالنسبة إلى الإسلام”[26].

في رده على جمال الدين الأفغاني أثناء المناظرة التي جمعتهما الدليل القاطع على هذا الإثبات، إذ يقول رينان: “أن الشيخ الأفغاني متحرر تماما من تحيزات الإسلام، فهو ينتمي إلى تلك الروح النشطة لإيران العليا الواقعة على الحدود قرب الهند، التي ما زالت الروح الآرية تزدهر فيها بقوة، تحت اللباس الإسلامي السطحي، لأنه أفضل إثبات لتلك البديهية العظيمة، التي أعلنا عنها كثيرا، وهي أن قيمة الدين يجب أن تحدد بقيمة الأعراق التي تعتنقه”[27]. هذا الاستنتاج الأخير يسقط قوله السابق بإرجاع العطالة في العلم والفلسفة إلى الدين، لأنه إذا كانت قيمة الدين تتحدد بقيمة العرق فالمشكل في العرق لا في الدين. وقس على مثل هذه الاستدلالات كثيرا من استدلالات المستشرقين الفاسدة[28].

خاتمة

نخلص إلى أن أفكار رينان المتحيزة هذه، لم تعبر عن وجهة نظر خاصة لهذا الفيلسوف حول حركة التفكير الفلسفي من الفلسفة اليونانية القديمة إلى الفلسفة المعاصرة، وإنما هي تتويج لموقف فكري وفكراني جماعي وحركة واسعة من المستشرقين المتحيزين التي أثرت تأثيرا عميقا في تشكيل عقول الكثير من الغربيين وتنميط أفكارهم. فآفة التحيز من خلال هذا النموذج  تجاوزت حدود تمجيد الماضي الإغريقي كتحفيز للذات الغربية من أجل المزيد من الإبداع والابتكار والوعي بالتفوق، إلى الطعن في الخرائط الإدراكية للآخر المختلف عرقيا ودينيا وحضاريا. وهو تحيز لا يمكن أن نصنفه سوى كونه تحيزا عنصريا فجا بعيدا كل البعد عن الأهداف الموضوعية للتفكير العلمي الذي يفترض الخُلو من الذاتية وأحكام القيمة، وبعيدا أيضا عن التفكير الفلسفي الذي يؤمن بالاختلاف وتعدد الآراء والأطروحات حول أي موضوع أو قضية من القضايا الفكرية والفلسفية مهما كان شأنها وحساسيتها.

لائحة المصادر والمراجع

– الأفغانى، جمال الدين. الأعمال الكاملة، تحقيق محمد عمارة، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، د.ت.

– بدوي، عبد الرحمن. موسوعة المستشرقين، دار العلم بالملايين، بيروت، ط 1، 1984م

– حميش، بنسالم. الاستشراق في آفق انسداده، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية، الرباط، ط 1، 1991م.

– العلاني، محمد الصبحي، الاستشراق الفرنسي والأدب العربي القديم، ألفا للنشر، تونس، ط 1، 1998.

– الفراك، أحمد. فلسفة المشترك الإنساني، مطابع أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2016م.

– رينان، إرنست. ابن رشد والرشدية، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ط1، 1957م.

– رينان، أرنست. والأفغاني، جمال الدين. الإسلام والعلم مناظرة رينان والأفغاني، ترجمة مجدي عبد الحافظ، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط.1، 2005م.

– رينان، أرنست. الأعمال الكاملة

 Œuvre complètes, Ed Définitive établie par Henriette Psichari Calman Levy, 1868

– رينان، أرنست. دراسات في التاريخ الديني، باريس، ط7، 1985م.

– يفوت، سالم. حفريات الاستشراق: في نقد العقل الاستشراقي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط 1، 1989.

– Ernest Renan, L’Islamisme et la science, conférence faite à la Sorbonne, le 29 mars 1883, Calmann-Lévy 1883

– Khatibi, Abdelkbir. J. Berque ou la saveur Orientale, les temps modernes, juin 1976

 

 

[1] – Ernest Renan, L’Islamisme et la science, conférence faite à la Sorbonne, le 29 mars 1883, Calmann-Lévy 1883

وهي محاضرة مشهورة لإرنست رينان، ألقاها في السوربون يوم 29/03/1883، ترجمة: د. محمد الحداد، والترجمة منشورة بموقع أجراس:   http://www.ajras.org/?page=show_details&Id=26&table=studies

[2] – المرجع نفسه.

[3] – المرجع نفسه.

[4] – يفوت، سالم. حفريات الاستشراق: في نقد العقل الاستشراقي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط 1، 1989، ص 8

[5] – ترجمة السيدة جواشون لكتاب “الرد على الدهريين” لجمال الدين الأفغاني، باريس سنة 1942، الملحق ص: 174- 185، نقلا عن: بدوي عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، مرجع سابق، ص: 316

[6] – رينان، إرنست. الإسلامية والعلم، ترجمة محمد حداد، مرجع سابق.

[7] – بدوي، عبد الرحمن. موسوعة المستشرقين، دار العلم بالملايين، بيروت، ط 1، 1984م

[8]– رينان، إرنست. ابن رشد والرشدية، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ط1، 1957م، ص:10

[9] – رينان، إرنست. والأفغاني، جمال الدين. الإسلام والعلم مناظرة رينان والأفغاني، ترجمة مجدي عبد الحافظ، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط.1، 2005م، ص:15

[10] – رينان، إرنست. الإسلامية والعلم، ترجمة محمد حداد، مرجع سابق.

[11] – المرجع نفسه.

[12] – المرجع نفسه.

[13] – المرجع نفسه.

[14] – إرنست رينان، ابن رشد والرشدية، مرجع سابق، ص: 15

[15] – المرجع نفسه، ص: 11. من هؤلاء الملوك يذكر رينان “الخليفة” المستنجد سنة 1150 حيث أحرق جميع الكتب الفلسفية بما فيها كتاب حول الفلك لابن الهيثم. (ينظر ابن رشد والرشدية، مرجع سابق، ص: 48)

[16] – رينان، إرنست. مجموعة مؤلفاته، مرجع سابق، ص: 958، ، نقلا عن: بدوي عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، مرجع سابق، 1/315

[17] – رينان، إرنست. دراسات في التاريخ الديني، باريس، ط7، 1985م، ص:220

[18] – رينان، إرنست. الإسلامية والعلم، مرجع سابق.

[19] – المرجع نفسه.

[20] – المرجع نفسه.

[21] – رينان، إرنست. الإسلامية والعلم، مرجع سابق.

[22] – المرجع نفسه.

[23] – المرجع نفسه.

[24] – المرجع نفسه.

[25]– المرجع نفسه.

[26] – رينان، إرنست. مجموع مؤلفاته، مرجع سابق، ص: 962-963، نقلا عن: بدوي عبد الرحمن، موسوعة المستشرقين، مرجع سابق، 1/316

[27] – Ernest, Renan. L’Islamisme et la science, conférence faite à la Sorbonne, le 29 mars 1883, Calmann-Lévy 1883 في: http://bit.ly/2x6gFca

 

[28] – ولا ننسى فضل الدراسات والأبحاث الاستشراقية في تحقيق آلاف النصوص العربية وكشف آلاف الحقائق العلمية في التراث الإسلامي وغيره، بل إن العديد من المخطوطات والمؤلفات لم يكن للعرب والمسلمين أي علم بها أو اهتمام أبرزها واعتنى بها المستشرقون.

The post استشراق أرنست رينان بين الفكرانية والخوف من مستقبل الإسلام appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2LcpF85
via IFTTT

Thursday, June 20, 2019

قيمتك

دعني في البداية أن أسألك هذا السؤال: أين تجد قيمتك؟

لا شك أن كل واحد منا له جواب على هذه السؤال، والجواب عليه يختلف من شخص لآخر، فمن الطبيعي أن كل واحد منا يحتاج إلى أن يشعر أن له قيمة، والاختلاف بين الناس يرجع بالأساس إلى مصدر هذه القيمة.

فهناك من يجد قيمته في كثرة المتابعين على الفيس بوك، وهناك من يجد قيمته في كثرة المدح من طرف الناس، وهناك من يحد قيمته في السيارة التي يمتلك، وهناك من يجد قيمته في المنصب الذي يشتغل فيه أو الذي وصل إليه وإن كان عن طريق الغش والتحايل، وهناك من يجد قيمته في قوة عضلاته، وهناك من يجد قيمته في كثرة الفيتات اللواتي يتواصلن معه والعكس صحيح، وهناك وهناك…. واللائحة تطول.

لست ضد كل ما سبق لكن، دعني أقول لك أن قيمتك الحقيقية لا تكمن في سفاسف هذه الأمور التافهة الزائلة الفانية. بل قيمتك الحقيقية بداخلك أنت، قيمتك السلام الداخلي، قيمتك التعلق بالله تعالى بدل التعلق بالناس، قيمتك الانس بالله تعالى والانشغال به عن الخلائق، قيمتك الحقيقية هي الشعور بالسكينة والطمأنينة وراحة البال.

فلا أنصحك أن تبحث عن قيمتك عند الناس؛ لأن هذا سيسبب لك الاضطراب النفسي والانزعاج والحزن، فمثلا: الشخص عندما يتوقف عن عمله، يستاء ويشعر باليأس والقنط نتيجة التوقف عن المنصب الزائل، وآخر عندما ينقص عدد متتبيعيه على الفيس بوك يشعر بالانزعاج، والآخر عندما يتسبب في حادثة سير ويخسر سيارته ينزعج وتسودّ الدنيا في عينه.

أيها القارئ إن كنت من هذا الصنف فإني أدعوك أن تقلل من هذه القيم، وتبحث عن مصدر قيمتك بداخلك، ولا تبحث عنها من مصدر خارجي، فحوّل قيمتك في الحصول على كثرة اللايكاة على الفيس بوك إلى قيمة أن تذكر في الملاء الأعلى عند الله تعالى وملائكة الرحمن. لأنك إذا كنت تشعر بقيمتك من عدد متابعيك في الشبكات الاجتماعية (الفيسبوك، انستغرام، تويتر..) فاعلم أنها عملة زائفة مزيفة.  

 

The post قيمتك appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2L3eZII
via IFTTT

قيمتك


via منار الإسلام http://bit.ly/2L3eZII

الرئيس الشهيد: محمد مرسي صخرة الفضح

   الرئيس الدكتور محمد مرسي، أفضى إلى ربه بعدما أدى رسالته الواضحة، فضح الله به، كل متمرس خلف الشعارات، أو خلف المصالح، أو خلف الدناءات، أو حتى خلف اللحى المبيضة بشيب الزور..

  لو لم يحقق المرحوم الدكتور محمد مرسي رحمه الله، إلا تطبيق قول الله عز وجل ( ولتستبين سبيل المجرمين) لكفاه..

  أكنا نعرف لولا مرسي حقارة الجيش المصري ” العظيم” “خير أجناد الأرض” في تقتيل وتجويع وإهانة طائفة من الشعب المصري، ذنبها الوحيد أنها منظمة، وتملك رؤية مخالفة في حب مصر لتكون مصر لكل المصريين؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي شقاوة من يعطون العهود، ويؤدون القسم، ويزينون الكلام ويتظاهرون بالتقوى والورع، وقلوبهم لظى نزاعة للشوى؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن الصهاينة يتحكمون في مفاصل الدولة المصرية، وأنهم حولوا جيشها من حارس الحدود، إلى بائع الماقرونا؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي حقيقة تشذق بعض العلمانيين والليبراليين والقومجيين بالديمقراطية، والحقوق، وحق الإختلاف، بله والإنسانية؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي الوحوش الضارية ذات اللسان العفن الناعق في فضائيات ومواقع وجرائد الإعلام المصري؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي عفن لحى دعاة السلطان وعلماء البلاط، وحال ما وصل إليه الأزهر الشريف، والعمائم الحمراء الملطخة بدماء العار والفضيحة؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي، حقيقة الوهابية، وحزب ” النور” الذي غزت وجهه وجيوبة دولارات النفاق والذل والهوان؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي شياطين آل نهيان وسفاح آل سعود، الذين قتلوا العباد واستحيوا النساء وأظهروا في كل البلاد الفساد؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي، نفاق الغرب، وعلوج الشرق، وحقد أمريكا الدفين على هذه الأمة، وأن قشة حقوق الإنسان، والديمراطقية، قد انكسرت لتكشف أن الذي يحرك الغرب هو المصالح والمصالح فقط..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن الثورة، هي التي يجب أن تقتلع جذور الأنظمة من أصلها، ولا تبق منهم أحدا ولا تذر؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن الثورة هي التي يجب أن تُحصن من أموال السحت في الخليج، ومن تصريحات النفاق في الغرب، ومن ألاعيب المتصهينين عربا كانوا أم يهودا..

  أكنا نعرف لولا مرسي، أن الحركات الإسلامية في العالم العربي، لا يوجد لها مكان في ظل أنظمة الاستبداد، وأن دخولها ضمنها ما هو إلا إعادة إنتاج لنظام أشد استبدادا وفسادا؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي، أن جماهيرية الحركات الإسلامية ما هي إلا كم عاطفي لا يملك قوة ضاغطة، تقف في وجه الاستئصاليين؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن أبناء الوطن الواحد الغيورين الصالحين مهما تنوعت مشاربهم الثقافية والسياسية والإيديولجية، هم محور الرحى في كل عملية تغيير دونما نظر إلى كم، أو لون، أو طيف،..بل يزيد هذا الأمر قوة وتنوعا؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن عقيدة الجيوش العربية الآن ليست في صالح الشعوب، وإنما تربت على أن تكون عقيدتها تبعا لولي النعمة الحاكم المستبد، الذي في سبيل كرسي الحكم، يقتل كل الشعب ويدمر كل الحضارة؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن صراعنا المرحلي ليس مع العدو الخارجي، بل مع العدو الداخلي، وأخطر هؤلاء الأعداء جهل وأنانية وضعف تضحيةِ وتشرذم الشعوب، وخطر المستبدين والمصلحيين والوصوليين والمنافقين، وخطر أنظمة الفساد والإفساد؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن الإشاعة والتحكم في الفضائيات، واستنبات المعارك الهامشية والوهمية، في كرة القدم، والعرقيات والطائفيات والوطنيات.. ما هي إلا أدوات لتأبيد الفساد والاستبداد؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي، أن العرب يجلسون على خيرات كثيرة، وأن الغرب توصل لضمان النصيب الأوفر منها، أن يجعل بأسنا بيننا شديد، يبيع لنا السلاح، ثم يشعل فتيل الفتن بيننا ثم نتقاتل، دون غالب ولا مغلوب، لكن تُسفك دماؤنا وتهدم حضارتنا…وفي الأخير يتدخلون عبر شركاتهم، وبأموال طائلة مقدمة ومؤخرة ومستديمة، لإعادة الإعمار؟؟!!..

  لكن بالمقابل، أكنا نعرف لولا مرسي، أن في الأمة بياضا على قلته، لا تمحه، ريشات السواد، ولو غلظت؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن في الشعوب انعتاق من الظلم وكراهية له، لكن يحبسه الخوف والأنانية وعدم التضحية؟؟..

  أكنا نعرف لولا مرسي، أن في أمتنا الإسلامية امتداد للحق، وبلسم للجراح، على قلته، تركيا الخير، وتونس الأحرار، وقطر الجوار..

  أكنا نعرف لولا مرسي أن في سجلات العلمانيين والقومجيين واليساريين، عناوين وضاءة لن يمحها الزمان، قوالون بالحق، لا يخافون لومة لائم: المنصف المرزوقي مثلا..

أكنا نعرف لولا مرسي أن الله يقيض للمظلومين، من يشهر ظلمهم واستضعافهم، ويراكم الغضب، ويعجل الانعتاق..، قناة الجزيرة مثلا؟؟..

  ذهب مرسي لكن ذهابه لم يكن عاديا، كشف الله به سوءات، وأقام الحجة على الظالمين، كل من موقعه، وحسب شدة ظلمه، ينتظرهم هناك في جولة أخيرة من جولات المحاكمات، للنطق بالحكم الأخير، وللأبد..

  وأقام الحجة أيضا على المظلومين وسكوتهم المريب، إذ أحنوا ظهورهم للظالم كي يركبها ويظل فوقها يُسيرها على هواه..

  وأقام الحجة على أعداء الأمة من أبنائها أولا، أغيلمة الخليج وسفهاؤه، وأذناب التشكيلات التنظيمة والإيديولوجية من إسلاميين ويساريين وقومجيين وعلمانيين..

  رحمك الله يا بطل ستبقى روحك رفرافة إلى يوم الدين وسيبقى دمك لعنة على كل ظالم أفاك سفاك، حتى تستوي الخصوم بين قاضي السماء..

The post الرئيس الشهيد: محمد مرسي صخرة الفضح appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2Fm5GzY
via IFTTT