بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيد الأولين و الآخرين سيدنا محمد وعلى اله و صحبه أجمعين.
عشر ذو الحجة أيام فاضلة ومباركة ، جعلها الله تعالى مميزة عن باقي أيام السنة تجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة و صوم و حج و صدقة و دعاء و ذكر و تتضاعف فيها الحسنات، بل و تعد الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله عز و جل من سائر الأيام ، تاسع أيامها هو يوم عرفة و هو أعظم أيام الحج و اليوم العاشر هو يوم النحر، يوم اهراق الدم تقربا لله تعالى.
فكيف نستقبل هذه الأيام العظيمة؟
وكيف نجعل منها دفعة قوية تقربنا إلى الله؟
يقول تعالى: ” و أذن في الناس بالحج ياتوك رجالا و على كل ضامر ياتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم و يذكروا اسم الله في أيام معلومات” 1
عن ابن عباس رضي الله عنهما:” الأيام المعلومات أيام العشر” تفسير ابن كثير
كما جاء في قول الحق تبارك و تعالى: ” و الفجر و ليال عشر ” 2
و قد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهاته الآية ” و ليال عشر” هي ليالي عشر ذي الحجة، لإجماع الحجة من أهل التـأويل عليه.
فالله عظيم و لا يقسم إلا بعظيم خلقه و منها هذه الأيام المباركة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ” ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله، من هذه الأيام، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، و لا الجهاد في سبيل الله؟ قال: و لا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه و ماله، فلم يرجع من ذلك بشيء “3
و عن الأوزاعي رضي الله عنه قال: “بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها و يحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة “4
هذه النفحات الربانية التي يفوح عطرها و يشرق نورها في هذه الأيام الفضيلة تنادينا قائلة: ” تعرضوا لي و اغتنموا أوقاتي و توبوا إلى الله و اصفحوا و اصبروا و سامحوا، اطرقوا باب ربكم بالدعاء و التبتل و البكاء و التضرع ، طهروا قلوبكم من الغل و النفاق و الرياء و الغفلة و الكسل و التعلق بالدنيا الفانية ، ارحموا الفقير و المحتاج و أدخلوا السرور على الناس و دلوهم على الله ، تقربوا من خالقكم بالفرض و النفل، بالذكر و الصيام و القيام و التكبير و الصدقة و صلة الأرحام…”
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ” ما من أيام أعظم عند الله و لا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل و التكبير و التحميد” 5
و ينقسم التكبير إلى مطلق و مقيد ، فالتكبير المطلق يكون في أي وقت و أي مكان في أيام العشر و أيام التشريق، فعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما :” كان يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات ، و على فراشه، و في فسطاطه، و في ممشاه تلك الأيام جميعا”6.
و التكبير المقيد يكون دبر الصلوات فقط، و يبدأ من صباح يوم عرفة إلى صلاة العصر من أخر يوم من أيام التشريق، و صفته: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. و إن جمع مع التكبير تهليلا و تحميدا فحسن يقول إن شاء ذلك : الله أكبر، الله أكبر ، لا اله إلا الله و الله أكبر ، الله أكبر و لله الحمد ، و قد روي عن الإمام مالك هذا و الأول ، و الكل واسع .7
و يستحب استحبابا شديدا صيام هذه الأيام باستثناء يوم النحر الذي يحرم صومه ، فعن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم قالت:” كان النبي صلى الله عليه و سلم يصوم تسع ذي الحجة ، و يوم عاشوراء، و ثلاثة أيام من كل شهر”8
وروي عن النبي صلى الله عليه و سلم، أنه قال في أيام العشر، ” يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، و قيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر” 9
و يتأكد صيام يوم عرفة لغير الحاج لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم، أنه قال: ” صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله و السنة التي بعده”10، طبعا يكفر الصغائر دون الكبائر.
و لا ننسى أن نجتهد في الدعاء وخصوصا يوم عرفة ، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ” خير الدعاء يوم عرفة، و خير ما قلت أنا و النبيون من قبلي لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير”11.
و يبقى مجال الاجتهاد مفتوحا، وتبقى القناعة من الله حرمان، و الإقبال عليه تعالى و نفع خلقه تجارة لا تبور.
ختاما أحمد الله و أشكره أن أمد في أعمارنا و بلغنا هذا الموسم و أسأله أن يوفقنا فيه لحسن العبادة و حسن النية و حسن الأخلاق، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المراجع:
1 سورة الحج الآيتان 27- 28
2 سورة الفجر الآيتان 1-.2
3 رواه البخاري .
4 رواه البيهقي .
5 أخرجه الإمام أحمد بسند حسن.
6 أخرجه ابن المنذر في الأوسط بسند جيد.
7 رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
The post أعظم أيام الدنيا appeared first on منار الإسلام.
from منار الإسلام https://ift.tt/2KthdiO
via IFTTT
No comments:
Post a Comment