Friday, July 26, 2019

الدّعوة غاية الخلق (الحلقة 14): نور الدّاعية المورَّث بالصّحبة

 

الدّعوة نور وطاقة ينبعثان من الدّاعي.. لا كلمات فقط..

فمن أين يستمدّهما ؟

نتحدث اليوم عن شرط أساسي للدّعوة –وفي الدّعوة- إلى الله.. ألا وهو الصّحبة الممتدّة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبر سلسلة من الأفراد والجماعات غبر الأجيال والقرون..

ولقد تأبى الأنانيّة أن يأخذَ الرّجلُ نورَ العلم النبويِّ عن بَشَرٍ يراه مثلَه.. رأيَ العين.. مع أن اتّباع “الوليّ المرشد” عنصر آكدُ في الهداية كما جاء في سورة الكهف.. ﴿..مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا[1]. وكانت تربية سيّدنا موسى على عين ربّه، فلم تترك لنفسه حظّا من الأنانية يمنعه من أن يهاجر للبحث عن صحبة وليٍّ لله وأن يقول له في تواضع وتقدير وانفتاحٍ أمام ما لا يَعلمُه: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾[2]. فإنّه لا تُغلب الأنانية إلا بهداية ولا هدايةَ إلا من الله، فمن لم يكن له وليّ مرشدٌ فهو عرضةٌ للضلال”[3].

وعلى كثرة ما كتب عن الإسلام، لا تكاد تجدُ تركيزاً على نقطة البدء في حركة الإسلام الأولى، ألا وهي لقاء الإنسان بنور الهداية في شخص حامل الهداية.. شخصا كان أو جمعاً[4].. “يبدو الأمر وكأن مفكري الإسلام نَسُوا هذه الظاهرة التي فتنت مُعاصري الرّسول الكريم، ظاهرةِ الاهتداء المفاجئ والتحوّل الغريب الذي يطرأ على المرء بمجرّد اتِّصاله بحامل الرّسالة الإلهية. فقال الناس “ساحر”، وحُقَّ لهم أن يلتمسوا وجه الشبه لما لا يعرفونه بما يعرفونه”[5].

هذه الطّاقة تَكمُن في شخص الدّاعي إلى الله بإذنه الذي أُنزل معه نورٌ.. النّورُ الذي أوتي به الصحابةُ الإيمانَ قبل القرآن..

هذه الطّاقةُ-النّورُ، هي المحرّك الأول للإسلام، وهي نفسُها التي تُعيد إلى الإسلام حيويّتَه كلّما برز إلى النّاس وارثٌ أو وُرّاثٌ للنبوّة من جملة «العلماء ورثة الأنبياء».. وهذه الطاقة هي مناط هذه الوراثة النبوية..

فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ضمن حديث طويل: “إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر”.

وكلُّ حركات الإسلام المثمرة بدأت بصحبة رجلٍ قام يدعو إلى الله بصدق واتّبَعه المؤمنون.. فاتّبعهم بدورهم مؤمنون.. فنصرهم الله.. كما نصر الصّحابة من قبلهم.. وكما نصر من رأى من صحب[6] أو صاحب من صاحب أصحاب رسول الله (كما روى البخايّ في الحديث الذي سنورده).. وكما سينصرنا إن سِرنا على منهاجهم رضي الله عنهم، إن شاء الله ربّ العالمين..

فقد روى الشيخان -واللفظ لمسلم- عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يأتي على الناس زمان يغزو فئام (جماعة) من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم“.

وبلفظ البخاري نقرأ الحديث على هذا النّحو:”يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم

 سورة الكهف – من الآية 17[1]

[2] سورة الكهف – من الآية 66

[3] “الإسلام غدا” – عبد السلام ياسين –  ص 51

[4]  “المنهاج النّبوي: تربية وتنظيما وزحفا” – عبد السلام ياسين – صفحة 35

[5]  الإسلام بين الدّعوة والدّولة – عبد السلام ياسين –  صفحة 18

[6]  من حديث رواه الشيخان -واللفظ لمسلم- عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ضمن حديث طويل: “إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر”.

وكلُّ حركات الإسلام المثمرة بدأت بصحبة رجلٍ قام يدعو إلى الله بصدق واتّبَعه المؤمنون.. فاتّبعهم بدورهم مؤمنون.. فنصرهم الله.. كما نصر الصّحابة من قبلهم.. وكما نصر من رأى من صحب[1] أو صاحب من صاحب أصحاب رسول الله (كما روى البخايّ في الحديث الذي سنورده).. وكما سينصرنا إن سِرنا على منهاجهم رضي الله عنهم، إن شاء الله ربّ العالمين..

فقد روى الشيخان -واللفظ لمسلم- عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يأتي على الناس زمان يغزو فئام (جماعة) من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم“.

وبلفظ البخاري نقرأ الحديث على هذا النّحو:”يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم

[1]  من حديث رواه الشيخان -واللفظ لمسلم- عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يأتي على الناس زمان يغزو فئام (جماعة) من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم“.

 

The post الدّعوة غاية الخلق (الحلقة 14): نور الدّاعية المورَّث بالصّحبة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2YrbjaM
via IFTTT

No comments:

Post a Comment