Monday, July 8, 2019

الدّعوة غاية الخلق (الحلقة 5): الإذن بالدّعوة

الإذن من الله تعالى بالدّعوة إليه في زماننا هو الإلهام والتّوفيق..

قال الله تعالى يخاطب رسوله صلّى الله عليه وسلّم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾[1]. فتبليغُ الرّسالةِ للنّاس كافّة هو الغاية التي من أجلها بعث الله رسله للخلق، وحملُها وراثةٌ.. وتبليغها للأمة وللنّاس كافّة غايةُ جماعة المؤمنين المحسنين الموعودين بالاستخلاف في الأرض. فهم الورثة المسؤولون عن الرِّسالة النبويّة وحفظِها وتبليغِها. [2]

“غايةُ جماعة المؤمنين المحسنين”.. كأني أقرأها أوّل مرة..

وبما أن غاية الخلائق الإحسان.. أي أن يكونوا محسنين.. فالدّعوة غاية الغاية..

فالحمد لله على صحّة اختيار عنوان السلسلة (وقد كنت أبحث عن مرجع يؤيّد قرن الدّعوة بغاية خلق الإنسان فالحديث عن الغاية والمقاصد الكبرى ليس بالأمر الهيّن.. بل هي مخاطرة أخافتني..)..

فالحمد لله ربّ العالمين.. ثانيا وأوّلا وآخرا..

 

والمسؤولون عن الرِّسالة النبويّة  “يستحقّون هذه الوراثةَ إن هُمْ طابقوا الوصفَ النّبويّ في هذا البلاغ الإلهي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾”[3]

 

  • »الشهادةُ«: الحضورُ المسؤول.. شهداء في الأرض: قوة سياسية في مراحل ما قبل الدّولة، ثم –بعد قيام الدّولة – تكون قوة تتخذ القرارات المصيرية والعامة، وتكون الحكومة جهاز التنفيذ.. [4]

فإنّ “الدولة بلا دعوة جسم بلا روح.التنظيم والحركة بلا تربية إيمانية تحزب سياسي ما هو من الإسلام في شيء. قيادة تنطق بالإسلام والقلب فارغ من حب الله والتوكل عليه تقود القافلة للتيه. التحليل السياسي والفقه الفكري دون ذكر الله، والخشوع الدائم بين يديه، هذيانٌ على مستوى هذيان العالم. الحركة دون معرفة النفس وأمراضها وعلاجها هوس.لا يقدر يغير المنكر من في قلبه منكر النفاق.ولا يقدر يأمر بالمعروف من لا يعرف الله عز وجل.”[5]

  • »البشارة والنذارة«:تكون بالرحمة والحكمة»السراج المنير»: هو نصيبُك من ذلك النورِ الذي يودِعُه الله قلوبَ أصفِياءِه من النّبيئين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين
  • »الدعوة إلى الله بإذنه»: و”الإِذْنُ” بالنّسبة لرُسل الله عليهم الصّلاة والسّلام هو بعثة ووحي. والإذن بالنّسبة للدّعاة هو الإلهام والتوفيق.

تنسينا أنفسنا الأمارة بالسوء أن التوفيق من الله عز وجل، وأن هدايته وإلهامه ونصره هي زادنا الأول والأخير.

“في حق الأنبياء والرسل كل هذه المعاني وهب وقدم صدق سبقت لهم بالحسنى. وفي حقنا اجتهاد وجهاد في ذات الله. وقدم الصدق والسابقة بالحسنى هي على كل حال الموئل والمعاد.

الإنابة إلى الله، وإسلام الأمر إليه، والتعويل عليه، مع إثبات الأسباب، وإعداد القوة، وأخذ الحذر والأسلحة والوسائل على مستوى العصر والمستقبل؛ تلك هي المعادلة التي تجمع لنا بين لب الأمر وهو الإيمان بالله، وبين الجسم وهو التنظيم والحركة.”[6]

وقلّما يتساءل الدّعاة عن أسباب فشلهم خارجاً عن دائرة الأسباب الحركيّة. وقلّما ينظرون هَلْ هُمْ يرعَون الله تعالى لِيَرْعاهم؟ هل يُطيعونه حقَّ الطاعةِ ليُوفِّقَهُمْ؟ هل طهّروا قلوبهم وعقولهم بذِكره والقيامِ على بابه بالدعاء والتضرّع ليُلْهِمَهُم؟

يقول الإمام المجدّد رحمه الله تعالى: “قولوا لي: أيّةَ تربيةٍ تلقّيتم.. وأيّةَ عبوديةٍ حقَّقْتُم لمولاكم، أَقلْ لكمْ بلسان القرآن أيَّ مصيرٍ هنا وهناك ينتظركم، وأيّةَ هدايةٍ..”

قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾[7]

ما قال: مع الشّاطرين..

وقال عزّ من قائل: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز﴾[8]

ما وعد بالنّصرِ من يعتمدُ على حيلتِه وينسى أنها قضيّةُ الله لا قضِيَّـتُه..

لا إله إلا الله محمّد رسول الله. [9]

 

 

[1]  سورة سبأ – الآية 28

[2]  “المنهاج النّبوي: تربية وتنظيما وزحفا” – عبد السّلام ياسين –  صفحتا 454 و 455 بتصرّ.والنصّ الأصلي هو:” فتبليغ الرسالة للناس كافة هو الغاية التي من أجلها بعث الله رسله للخلق، وحملها وراثة. الدفاع عنها وتبليغها للأمة وللناس كافة غايةُ جند الله الموعودين بالاستخلاف في الأرض.”

[3]  سورة الأحزاب – الآية 46

[4]  “المنهاج النّبوي: تربية وتنظيما وزحفا” – عبد السّلام ياسين –  صفحتا 458 بتصرّف بسيط

[5]  “المنهاج النّبوي: تربية وتنظيما وزحفا” – عبد السّلام ياسين –  صفحة 459

[6]  “المنهاج النّبوي: تربية وتنظيما وزحفا” – عبد السّلام ياسين –  صفحة 459

[7]  سورة العنكبوت – الآية 69

[8]  سورة الحجّ – الآية 40

[9]  أخذت مادّة فقرة “الشعبة 77:”الدّعوة إلى الله”‘ من كتاب “المنهاج النّبوي: تربية وتنظيما وزحفا” – عبد السّلام ياسين –  من الصفحة 454 إلى الصفحة 462

The post الدّعوة غاية الخلق (الحلقة 5): الإذن بالدّعوة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2JzcqeY
via IFTTT

No comments:

Post a Comment