Sunday, July 14, 2019

الحاجة إلى التجديد في طريقة تدريس العلوم الإسلامية .(2) سبل تطوير التعليم الشرعي وتجديده

التطور سنة كونية :

        التطور سنة كونية، وتنطبق هذه السنة على كل شيء في الحياة، ومن ذلك التعليم الشرعي، فقد بدأ التعليم الشرعي في المساجد، ثم انتقل إلى المدارس والأربطة إلى أن تطور به الحال إلى الكليات والجامعات والمعاهد….
            ويجب أن تسعى المدارس الشرعية جاهدة لتطوير مناهجها وطرق التدريس فيها لتعد طلابها للتعامل مع العصر الذي يعيشونه دون إخلال بأسس العلم الشرعي وأن تعمل على إعداد الباحثين المؤهلين لمواصلة البحث في العلوم الشرعية ليس للاستزادة من العلم فحسب وإنما من أجل الوقوف في وجه التحديات والتيارات الفكرية المعاصرة في شتى المجالات الحياتية.

            يشهد عالمنا المعاصر ومنذ النصف الثاني من القرن الماضي حدوث تطورات وتغيرات على المستوى المحلي، والعربي، والعالمي في القطاع السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي مما يترتب عليه الحاجة الملحة لتطوير المناهج بما يتناسب مع هذه المستجدات والتطوّرات العلميّة المذهلة والمتسارعة في مختلف المجالات ولا سيّما في مجالات الصحّة والهندسة الوراثيّة وارتياد الفضاء ، والاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات التي حوّلت العالم إلى قرية صغيرة .

           وقد تركت هذه الانتصارات العلميّة والتكنولوجيّة بصماتها على مختلف مناحي الحياة في المجتمع ، ومنها بطبيعة الحال المدرسة بوصفها مؤسسة اجتماعيّة  ، فتنادى التربويّون إلى الإفادة من مستجدّات علم النفس وتكنولوجيا الاتّصالات في النهوض بواقع العمل التربويّ وتطوير الوسائل والطرائق والمعلومات والعلاقات الإنسانيّة في المؤسّسات التعليميّة مواكبة للمستجدّات ،وتهيئة للناشئة للانخراط فيها ،والمساهمة الفاعلة في اطّراد تقدّمها ،نهوضاً بالمجتمع وتحقيقاً لأهدافه .

          فكانت الدعوة إلى تطوير العمليّة التربويّة شكلاً ومضموناً ، أهدافاً ووسائل ، نظاماً وعلاقات إنسانيّة لتغدو بيئة صالحة لاكتساب الخبرات والمهارات ، وتشرّب القيم ، وممارسة الحياة الديمقراطيّة .

         وكانت وسيلة التربويين لإجراء التغيير المنشود: المنهج المدرسيّ بما يتضمّنه من معارف ومهارات واتّجاهات وقيم تنسجم وخصائص المتعلّم ، وطموحات المجتمع ، متسلّحين بفلسفة تربويّة متجدّدة  ترى في المنهج كائناً متجدّداً تجدّد الحياة ذاتها [1].

         ومن هنا كانت عمليّة تطوير المنهج بصورة مطّردة حاجة ملحّة ، تمليها المسؤوليّة الأخلاقيّة ، والمصلحة الوطنيّة والقوميّة ، لأنّها تستهدف أغلى ما يملكه المجتمع ، وهو متعلّم اليوم ، باني الغد.

سبل تطوير التعليم الشرعي وتجديده :

                تعيش المنطقة العربية في ظروف حرجة منذ عدة قرون والمعطيات الحالية تحمل أنباء غير سارة وعندما نجد الكتاب يدلون بدلوهم في موضوع إصلاح أوضاعنا التعليمية فلسنا بحاجة إلى التجريح واثبات أن مناهجنا منزهة عن النقص فنحط من قدر المخالف ونخلط بذلك بين الدين المعصوم والاجتهاد القاصر! و يحاول البعض التأكيد في كل مناسبة على سلامة مناهجنا الدينية كلها رغم قصورها المؤكد في جوانب كثيرة وهو أمر يعتري جميع المناهج الدراسية لذلك فإن عملية تقويم وقياس المناهج الدراسية عملية مستمرة مهما تشدد الرافضون ، إذ إن الأمم القوية اليوم هي التي تفخر بمنجزاتها ولا تحتقر النقد المتجرد.

          والنقد التربوي الذاتي الموضوعي ضرورة لتطوير استراتيجيات التعليم الديني والمدني على حد سواء ولا بد من تشجيع النقاش الموضوعي ونقد الموروث السلبي بجميع مفرداته..

          يؤكد الباحث د. عبد الرحمن حللي – عضو الهيئة التدريسية بكلية الشريعة – جامعة دمشق- “أن أزمة البحث العلمي في العلوم الإسلامية ومؤسساتها تكمن -في جوهرها- في مفهوم البحث العلمي ذاته، وغياب الصراحة في مناقشته وتسمية الأشياء بمسمياتها، وانتكاس المنهجية الإسلامية في بناء المعرفة، وتحول الحيرة والشك والمساءلة المعرفية ولو على سبيل الفرض إلى نقيض لليقين والإيمان بينما هي طريق اليقين والإيمان، والسالك فيها واصل أو محكوم له بالوصول، وطريق الوصول إلى بحث علمي حقيقي إنما يبدأ من المساءلة والشك فيما هو جار تحت هذا العنوان ودراسة آثار ما يجري ومقارنة ذلك برحابة الفكر الإسلامي وتنوعه وثرائه في عهود أصبحت من تاريخ الأمجاد والذكريات في عصر لم يعد يمتلك المسلم من فعله الحضاري ما يفاخر به غير ذلك التاريخ. ” [2]

              ويرى د.” عبد الحليم أبو شقة” في كتابه نقد العقل المسلم أن المعاهد الشرعية تعاني من تخدير عقلي كبير بسبب عدة أمور منها:

  • “حشو الذهن بحفظ المتون والشروح واستيعاب الهوامش .
  • الضغط على حرية الآخرين (سياسية واجتماعية واقتصادية) بإعطاء الذات حق الوصاية على الجميع ، فضلا عن الإرهاب الفكري من أفراد ومؤسسات تحمل لافتة دينية.
  • الحرمان من الغذاء الفكري الصحي ، وتقديم غذاء ضعيف أو فاسد لا يحوي المواد اللازمة لنمو العقل.
  • حفظ العلم للامتحان بدلا من فهم العلم للحياة.
  • التلقين بدلا من الفهم والاستيعاب .
  • الاكتفاء بالكتاب الدراسي بدلا من النظرة للمراجع المختلفة وجمع المادة الممتازة.
  • الهيام بالتحليق في التنظيرات ، بدلا من الاهتمام بفهم الواقع والسعي لتغييره.”[3]

             إن التعليم الشرعي في العالم العربي يعاني من إشكاليات عديدة نتجت من وهن الأوضاع السياسية، وجمود حركة الاجتهاد، وقصور في فهم النظريات الحديثة من أجل ذلك” فالحاجة ملحة لإجراء دراسات تقويمية عملية لواقع التعليم الشرعي النظامي والتطوعي تتناول المجالات التالية:

  • ü مخرجات التعليم الشرعي
  • ü المناهج وطرق التدريس
  • ü المدرسون وأعضاء هيئة التدريس
  • ü الكفايات
  • ü البيئة والأنظمة التعليمية [4]     

             هذا وتهدف التربية الإسلامية إلى توثيق صلة الطالب بمقاصد الدين وأهدافه العامة المتعلقة بوحدة المسلمين وخدمة الناس والإحسان في العمل وتربية الإنسان من خلال بناء شخصيته الإسلامية التي توازن بين علوم الدين وبين علوم الحياة.

             إن التطوير الشامل في ساحة التعليم هو الذي يتناول الأركان التربوية وهي تشمل: فلسفة التربية، والمناهج الدراسية، والمدرس، ووسائل التعليم، والطالب والسياسات العامة.

 11استراتيجيات تطوير المناهج وأساليب التدريس الحديثة ص 12. و ينظر تطوير التعليم الشرعي : حاجة أم ضرورة؟  ص 33 ومابعدها.

12أزمة البحث العلمي في الجامعات الاسلامية :انتكاس المنهجية في بناء المعرفة . مقال للدكتور عبد الرحمن حللي على موقع الملتقى الإلكتروني.

 نقد العقل المسلم : الأزمة والمخرج ص 23[3]

 تطوير التعليم الشرعي : حاجة أم ضرورة؟  ص 38 [4]

The post الحاجة إلى التجديد في طريقة تدريس العلوم الإسلامية .(2) سبل تطوير التعليم الشرعي وتجديده appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام https://ift.tt/2XNkTAp
via IFTTT

No comments:

Post a Comment