Friday, May 24, 2019

الدرس التشكيلي في المدرسة الابتدائية المغربية مدخل نظري للاشتغال المنهاجي (1)

 

  مدخل: أهمية الفن التشكيلي:

الفن التشكيلي بمختلف صوره مقوم أساس من مقومات الحضارة المغربية،نجده في البيئة المغربية البسيطة معبرا عن أحاسيس المغاربة ومشاعرهم،يضفي عليهم الجمال والوقار،فهذا النقش بالحناء على الأيدي يعبر عن الفرح والزفاف والنفاس،وذلك النقش بالوشم على الأجساد يزين الوجوه،وذاك المعمار يفصح عن مكنون العمارة والهندسة المغربية المتقاطر عليها من الشرق والغرب.فهذه الأندلس شاهدة على عطاء الفن المغربي في المعمار والزخرفة والنمنمات والخطوط.وما الخط المغربي المتميز والفريد إلا شاهد للمغاربة بالتميز والتفرد في الحس الجمالي.وما النقش على الخشب إلا سر مهارة الصانع والفنان المغربي..فهذا الفن التشكيلي المغربي مازال يستمد معطياته ومنجزاته من المخزون التراثي الشعبي المغربي،ومن الموروث الفني الإسلامي،ومن الحياة الاجتماعية المغربية المتنوعة الحافلة بالمستجد الحضاري،ومن العطاء الفني العالمي.. 

ذلك عطاء مستمر عبر الأجيال،كان بداية حرفة تمتهن أصولها بالتجربة والممارسة الميدانية،يؤكد (المعلم) فيها على الأصول التقنية والمهارات اليدوية،والقواعد الخبراتية التي تخرج الشيء متقنا ودقيقا عبر محاكاة النماذج الطبيعية والمصنوعة والموضوعة.فيها (المتعلم) يقلد ويحاكي معلمه لإتقان الصنعة وتعلمها.ثم أصبح الفن فنا خارجا عن إطار الصنعة بتأصيله علميا وأكاديميا وإدخاله في التعليم العام علما قائم الذات،ومادة دراسية مستقلة بنفسها عن باقي المواد بل أصبح مكونا من بين مكونات البرنامج الدراسي.فأبدع وابتكر وتخيل.ونفذ فأنتج فنا رائعا في مختلف ضروب الفن التشكيلي،شهدت له الأسماء المغربية التاريخية.وسجلت له الكتب المتنوعة،وحفظته المآثر والآثار والحفريات والمستحثات والمتاحف والزرابي.. وصانت قواعده وعلومه الثقافة المغربية الأصيلة.وتوارثته الأجيال من جيل لآخر وما زال كذلك،وتأصل تدريسه في المدرسة المغربية فانتقل من مستوى الفن إلى التربية مع جديد المناهج والبرامج حيث ( أن الفن لم يعد غاية المطاف الذي يقصد إليها من تدريس التربية الفنية،إنما الغاية أصبحت إحداث تغيير في المتعلم من خلال ممارسته للفن،وتذوقه له،بحيث يتعدل سلوكه إلى أرقى مستوى)(1).

والفن التشكيلي معطى عالمي يتوق إليه الإنسان من حيث يجد فيه نفسه حرا طليقا مبدعا منفذا،لا حدود لعطائه،ولا حواجز مانعة لتخيله.فيه كل شيء ممكن تصوره والتعبير عنه بمختلف ضروب التعبير التي يتيحها للمبدع.فهو يرتبط بالإنسان بوشائج روحية عميقة وبروابط حسية تمتد من المعرفة إلى القيم إلى المهارات.فكان بذلك المادة العلمية والدراسية التي تمس جميع مناحي الشخصية بعمق وبدلالة حسية تتجسد في معارف الفنان التشكيلي،وفي قيمه النبيلة والجمالية،وفي مهاراته وقدراته التي تعبر عنها إنجازاته.

من هنا نبع اهتمام المبرمج التربوي المغربي بالفن التشكيلي مادة دراسية،انتقل بها عبر التأريخ لها من الرسم والأعمال اليدوية إلى التربية الفنية عن قصد،لتوظيف هذه التربية في صقل مواهب الصغار،و في تربيتهم على الحس الجمالي،وفي تهذيب نفوسهم وطبائعهم.وفي إكسابهم لغة ثانية للتواصل والتعبير تشتغل بالنقطة والخط والحرف واللون والفضاء والشكل والمنظور والإشارة والرمز..على الفضاء والتراب والحجر والجبس والخشب والورق والجلد والخزف والنحاس والجدران..لإنتاج دلالات ومعاني معبرة عن المشاعر والأحاسيس والرغبات والعلاقات والأشياء..من ثمة كانت التربية الفنية بما فيها التربية التشكيلية مادة أساسية ومكونا من مكونات برنامج السنة الخامسة ابتدائي،لها موقعها العلمي والتربوي والتعليمي الخاص من بين مواقع المكونات الأخرى.فهي ليس مادة ثانوية تفضي إلى استرخاء المتعلم والتفريج عنه عناء المواد الأخرى.وإنما مادة للتعلم والتعليم لها أسسها العلمية والتقنية،ولها غاياتها وكفاياتها المعلن عنها في مبادئها إزاء ذلك الاسترخاء والتفريج.

فالفن التشكيلي ليس مادة رئيسة للبرنامج الدراسي فحسب بل حتى للدراسات السيكولوجية.ذلك ( أن هذا النوع من الفنون هو الذي استأثر دون غيره وبشكل واضح بالقدر الأكبر من الدراسات السيكولوجية الخاصة بموضوع التفضيل الجمالي)(2) .وبموضوع تحليل الرسومات بما فيها رسومات الأطفال في علم النفس المرضي من حيث دلالاتها المرضية وعلم النفس المعرفي Cognitive Psychology من حيث دراسة ( القضايا والمفاهيم المعرفية المرتبطة بإدراك المثير الجمالي < الإنتاج التشكيلي > ومعالجته معرفيا )(3) ،وبموضوع تحليل الإبداع  في علم النفس الإبداعي(4)..

فهذا الزمان الذي يعيشه المتعلم زمن الصورة بامتياز، وزمن البث الفضائي المرتكز على الفن بما فيه الفن التشكيلي، زمن للتقبل والإدراك، والتقبل والإدراك لا يقومان إلا على معرفة وثقافة وقيم تشكيلية..  

1 ـ تعريف التربية الفنية:

          هي ( مجموع أنشطة بيداغوجية يتعلم فيها التلميذ أصول الفنون وتقنيات ممارستها ويكتسب معارف حولها لأجل تحقيق نموه العقلي والوجداني والحس حركي.وتشمل التربية الفنية كافة التعبير وأشكاله مثل الرسم والنحت والتعبير الجسدي والمسرح والموسيقى والرقص…كما تستند في طرقها إلى تربية الإبداع قصد تنمية الكفاءات الإبداعية والحس الجمالي لدى التلميذ،أي الوصول بهذا الأخير من حالة محاكاة النماذج إلى حالة التعبير المبدع والأصيل وتبين صنافات الأهداف كيف يتدرج اكتساب المهارات الفنية من حالة الإدراك إلى حالة الإنتاج والإبداع)(1).

          وهذا التعريف يتضمن موضوع التربية الفنية،وأشكالها،وغاياتها وشموليتها.حيث نجد بالنسبة لـ:

1.1. موضوع التربية الفنية:

          وهو هنا موضوع تعليمي صرف،يتشكل من مجموع الأنشطة التعليمية/التعلمية التي تدرس أصول الفنون،وتقنيات ممارستها،ومعارفها،وفلسفتها،وكافة أشكال التعبير فيها.

2.1. أشكال التعبير في التربية الفنية:

          تتعدد أشكال التعبير في التربية الفنية وتتنوع وتتجدد حسب الإبداع،فنجد الرسم والنحت والتعبير الجسدي والمسرح والموسيقى والرقص والعمارة والنقش والحفر والخط والتصوير والغرافيك…وكلها تجسد ثروة غنية للمتعلم.كونها تعتبر في حد ذاتها لغات يعبر بها.فالفن تمثيل وتعبير وإبداع…

3.1. غايات التربية الفنية:

          من التعريف نستشف بعض غايات التربية الفنية وهي:تحقيق نمو المتعلم العقلي والوجداني والحس حركي،وتربية الإبداع عنده تنمية لكفاءاته الإبداعية وحسه الجمالي،والانتقال به من مرحلة المحاكاة إلى التعبير المبدع الأصيل الخلاق.كما أن للتربية الفنية غايات أخري،فحسب رونيه أوبير (René Hubert) تهدف التربية الفنية إلى:

          ( أ ـ أهداف قومية واجتماعية: فيها تساهم التربية الفنية في العبقرية المشتركة للجماعة وفي نظرتها المشتركة إلى الطبيعة وتصورها لها بل في عاداتها وأذواقها وطراز حياتها.فالمفروشات في عصر ما من العصور رموز لمفهوم الوجود ونظرة إلى الأشياء..

          ب ـ أهداف تقنية ومهنية:  من حيث أن التربية الفنية لازمة للمبدعين وللمنفذين على حد سواء.إنها التكملة الطبيعية للتكوين المهني.فالتصنيع لم يقتل العمل اليدوي وإنما هو في أمس الحاجة للتربية الفنية ليزاحم النتاج الحرفي في ميدان الذوق الجمالي.بمعنى أن الصناعة تتوقف تقنيا ومهنيا على التربية الفنية لإضفاء الجمال على منتوجاتها.

          ج ـ أهداف جمالية خالصة:  فالتربية الفنية تبدأ بالسير جنبا إلى جنب مع التربية الحسية والحسية الحركية،ولكنها ما تلبث حتى تتجاوزها بكثير.من حيث إضفاء الصفات الجمالية على الشيء في ارتفاع عن صفاته الحسية.وهذا ما يقع للمبدع حيث في إبداعه شيء غامض يتجاوز مادة الإبداع والإحساس بها.إنه الجمال الذي يعني الاتحاد مع مبدع الثر الذي يبدو لنا وكأن روحه تبعث حية.. )(2).

4.1. شمولية التربية الفنية وخصوصية التربية التشكيلية:

          إذا كانت التربية الفنية حسب تعريفها السابق عامة تتضمن جميع الفنون؛ وهو ما ذهب إليه المبرمج المغربي،حيث ضمنها فقط أربعة فنون في المدرسة الابتدائية هي(3):التربية التشكيلية، والمسرح المدرسي، والتربية الأسرية، والتربية الموسيقية. وهي متكاملة في غاياتها وأهدافها.فإن التربية التشكيلية فرع من التربية الفنية حسب تعريفها وموضوعها وأهدافها.

2 ـ تعريف التربية التشكيلية:

        بناء على عمومية التربية الفنية وخصوصية التربية التشكيلية،فإن هذه الأخيرة هي مجموع الأنشطة البيداغوجية التي يتعلم فيها التلميذ أصول الفنون التشكيلية وتقنيات ممارستها واكتساب معارفها وأطرها المرجعية وفلسفتها،لتحقيق نموه العقلي والوجداني والحس حركي والقيمي والاجتماعي والإنساني والجمالي.وتشمل الرسم والنحت والتصوير والديكور والنقش والحفر والخط.وهي تنقل فن التشكيل من التقنية والاحترافية إلى التربية الجمالية، فتمكن التلميذ من نمو تذوقه الجمال بالاستجابة للمؤثرات الجمالية والتحرك نحوها كلما وجد الجمال في نفسه،وفي غيره،وفي بيئته.وتمكنه من الإبداع المتصف بالجمال الحامل لكل قيمه النبيلة.

1.2. أبعاد التربية التشكيلية: 

          للتربية أبعاد عدة تصب كلها في البعد الجمالي.غير أن المؤلف سيركز على الأبعاد التالية:

1.1.2. البعد المعرفي:

               ويتجلى في كون هذه التربية تقوم على الجانب المعرفي بعدا ذاتيا من حيث تتأسس على معارف ومفاهيم ومناهج تتعلق بفلسفتها وأسسها العلمية ومدارسها وروادها وآليات اشتغالها ووسائلها وأدواتها وإنتاجاتها وعلاقاتها مع المعارف الأخرى.بمعنى أنها علم قائم الذات مستقل عن العلوم الأخرى؛كونه يمتلك موضوعا ـ مثلا: الرسم ـ للاشتغال عليه ( أي المادة التي يعتني بدراستها وعلاقتها مع العلوم الأخرى)(1) ، وجهازا مفاهيميا ـ مثلا: النقطة،الترميد،التخطيط،.. ـ  يوظفه في الاشتغال ( أي مجموع المفاهيم والمصطلحات المميزة التي يستعملها المختص للدلالة على محتويات هذا العلم )(2) ،ومنهجية ـ مثلا:منهجية المدرسة الانطباعية أو التجريدية.. ـ التي يشتغل بها ( أي مختلف الوسائل الإجرائية التي يستعملها لاكتشاف حقائقه )(3).كما تقوم هذه التربية على الجانب المعرفي بعدا غائيا يتحدد في كونها وسيطا معرفيا،إذ ( إن الفن إحدى وسائط المعرفة ومن وسائلها،وعالم الفن نظام من المعرفة/ المعارف لا يقل قيمة للإنسان عن عالم الفلسفة أو العلوم.إننا لا نبدأ في معرفة الفن وفهمه على حقيقته،وإدراك أهميته ودوره في التاريخ الإنساني إلا عندما نعرفه ونتعرف عليه كوسيط ووسيلة للمعرفة،موازية ومقابلة لغيرها من الوسائط والوسائل التي يستطيع بها الكائن البشري أن يصل إلى فهم واستيعاب بيئته،بل ومتميزة عليها،ومنفردة عنها)(4).

          ويتمظهر البعد المعرفي للتربية التشكيلية في المعارف والمعلومات والحقائق التي يستطيع المتعلم الحصول عليها من الممارسة التشكيلية والتجريب بخاماتها، وتذوق أعمالها التشكيلية المختلفة التي تعرفه بالخامات الأساسية والمواد الأولية، وبإمكاناتها المختلفة والمتنوعة وبقيمتها الفنية والاقتصادية.فتغدو نظرته، لها معانيها ودلالاتها العلمية والجمالية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية..وفي معرفة الذات والآخر والطبيعة والخالق.والطبع الاجتماعي المجتمعي للأفراد والجماعة الذي ينشئ العلاقات والآثار والحضارة،ويخلد الوجود عبر التاريخ بالأعمال والمنجزات..

          فالتربية التشكيلية لها بعد معرفي في شخصية الإنسان/المتعلم تنمي معرفته فيها،وتغني معارفه بها،وبجميع مناشطها التي توظفها لذلك.

2.1.2. البعد التقني:

          لا تكتفي التربية التشكيلية بالبعد المعرفي بل تتعداه إلى البعد التقني.كونها تقوم على تقنيات متنوعة ومختلفة تحمل في ذاتها بعدين متلازمين متكاملي:البعد المنهجي والبعد الأدائي،حيث ( كل تقنية تتفرع إلى وسائل متعددة،وأساليب مختلفة،الحفر مثلا مختلف من حفر على الخشب أو على المعادن أو على المواد البلاستيكية،بالمنقاش أو الإزميل أو المحفار أو بالحوامض أو بالطريقة السوداء )(5).فالبعد المنهجي يمكن الفنان/ المتعلم من كيفية الاشتغال على مادته الفنية بطريقة معقلنة منطقية،خطواتها متسلسلة متلاحمة تفضي إلى تحقيق منتوج تشكيلي واضح، يلمس فيه الناقد والمتفرج تلك الحلقات المنهجية المتراصة المتسلسلة؛ فتعلمه أن الفن التشكيلية ليس خربشات اعتباطية عشوائية وإنما منهج علمي متكامل الخطوات.ويعلمه البعد الأدائي أن التربية التشكيلية ليست أداء حرفيا مكتسبا بالممارسة والهواية والتجربة فقط وإنما أداء يقوم على أسس تقنية واضحة وعلى مجموعة قواعد محددة وإجراءات مفحوصة عمليا،تختلف من مادة لأخرى،ومن أسلوب لآخر،لا يمكن للفنان/المتعلم أن يجري تربية فنية واقعية إلا من خلال توظيف تقنياتها بدقة.فلو أراد التجسيم فلا يكفيه رسم الأشياء دون تحديد أبعادها ومستوياتها ومنظورها وكيفية إنجازها.

          فالتربية التشكيلية ببعدها التقني تمس الجانب العقلي من شخصية الإنسان/المتعلم؛لأنها تمكنه من المنهج،وتمس الجانب الحسي منها؛لأنها تمكنه من ممارسة التقنية الموظفة في العمل التشكيلي.وهي بذلك تنمي فيه التخطيط  والمنهجة والتقنين والأداء القائم على العلم لا على الاعتباط ؛ إذ أن الجماليات التجريبية ـ والتربية التشكيلية جزء منها ـ تؤكد أن المصدر الأساس للمعرفة هو الخبرة الحسية ومدخلاتها الحسية Sensory inputs..

3.1.2. البعد المهاراتي:

          لا تقوم التربية التشكيلية إلا على البعد المهاراتي بما يعني مجموع الأفعال التشكيلية التي يقوم بها الإنسان/المتعلم لأداء مهمة تشكيلية ( رسم،نحث،خط..) وتمارين محددة ومعينة (  ملاحظة، محاكاة،تمرن، إبداع، بحث..) تتأسس على المهارة اللفظية والحسية والجسمية واليدوية والعقلية والحركية،وعلى الإنجاز العملي الفعلي للمهمة.وهي تمس البعد الحس حركي من شخصية الإنسان/المتعلم.إذ هذا البعد حاضر في كل تعلمات الإنسان /المتعلم منذ نعومة أظافره وعلى طول حياته؛فهو مدخل التعلم الذاتي.

          والبعد المهاراتي للتربية التشكيلية لا يقف عند إنجاز العمل التشكيلي المطلوب بل يتعداه إلى التحكم في توظيف  وحسن استعمال المواد الأولية الخام والأدوات والوسائل والتقنيات والجهاز المفاهيمي المناسب والمنهج الدقيق بما فيه الملاحظة والاكتشاف والتحليل والتركيب والتخيل والإبداع من أجل التعبير والتواصل مع الآخر.وحتى من أجل تمكين الإنسان/المتعلم من المهارات التشكيلية الأساسية للمساهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بحرف تمتاز بالجمال والدقة في الإنجاز كالمعمار والطباعة والنشر والإعلام والإشهار والتزيين (الديكور) والرسم والتصوير..فتمتهن التربية التشكيلية مجالا (من النشاط ييسر للمتعلم الحرية،والسلوك الذي من خلاله:يفكر،ويحس،وينشط،ويتعلم،ويدرك العلاقات فتتهذب إحساساته ومداركه،وتضفى على شخصيته ككل في أثناء تعامله مع البيئة،ويكفي في هذا المقام التمثيل بشخصين أحدهما نال حظا من التربية الفنية،والأخر لم ينل هذا الحظ ،فهل يتوقع للاثنين نفس المسلك؟ وبلا شك فإن هناك اختلافا،فالذي تربى تربية فنية يمارس أشياء جمالية،فهو يكون استجابات جمالية اتجاه المدركات،ولكن الشخص الذي لم يخبر التربية الفنية فعلى النقيض من ذلك،يصدر أحكاما جزافية ولا يدرك الفارق بين القبيح والجميل،ويقنع بأي مستوى لا يجد فيه تحديا لإدراكه الفني)(1) ..

          والبعد المهاراتي منحى من شخصية المتعلم تستهدفه المواد الدراسية،فيجد له متسعا في التربية التشكيلية من حيث كونها مادة ترتكز على هذا المنحى بعد المعرفة والتقنية.فيجد المتعلم نفسه يمارس التشكيل كلية بعقله وبحسه وبجسمه وبمشاعره.ويحس بوجوده وهو يبدع العمل التشكيلي ويتفنن في إتقانه يدويا.إذ يتجلى البعد المهاراتي في تحكم المتعلم في جسمه كلية وأطرافه خاصة،وفي إتقانه العمل الموكول له ..

4.1.2. البعد الحضاري:

          للتربية التشكيلية بعد حضاري متمثل فيما هو ثقافي واجتماعي وتاريخي وحضاري حيث تعتبر ذاكرة فردية وجمعية حافظة لثقافة المجتمع وتاريخه واجتماعيته وحضارته.فهي كمعطى ثقافي في ذاته تمكن المجتمع من الثقافة التشكيلية التي تؤرخ لثقافته،  ولمسارها التاريخي عبر تجسيدها بمختلف أساليب التعبير،وحفظها في إنجازات الفنون التشكيلية،ومآثر العمران،وأدوات المعيش اليومي لأفراد المجتمع كالأواني الفخارية والمصنوعات اليدوية والمنتوجات الصناعية.وهي كأداة تحصيل الثقافة تمكن المجتمع من اكتسابها من مختلف المجالات التي تشتغل فيها التربية التشكيلية،وتطلعه على ثقافات الشعوب والأمم والأقوام الأخرى من حيث هي عامل تواصل حضاري عالمي؛كونها تهم الجمال الذي هو قيمة إنسانية يتوخاها المجتمع الإنساني.فالتربية التشكيلية بذلك وسيط ثقافي بامتياز بل تعتبر ( مجالا أساسيا من مجالات الثقافة الإنسانية،وتعبيرا متميزا عن قدرات الشعوب وخصائصها)(2).

          والتربية التشكيلية ثقافة وتاريخ وحضارة من ورائها مدلولات فكرية واجتماعية وعلمية وقيمية،وعلاقات اجتماعية متنوعة ترتبط بعادات الناس وقناعاتهم  وتقاليدهم ومعارفهم ومنجزاتهم وحضارتهم.فالتصوير الشعبي مثلا ذاكرة جمعية للثقافة الشعبية ولمنجزاتها الثرية في جميع مجالات الحياة الشعبية انطلاقا من اللباس إلى الشعر إلى الحرفة إلى عادات وتقاليد الزفاف إلى عادات الحفلات والمواسم..ألا ترى الموروث التشكيلي الشعبي المغربي(3) يؤرخ لسيرورة الزواج عبر العصور والأزمنة والأمكنة،ويؤرخ للباس المغربي..؟ ألا ترى كيف يؤرخ دفتر المتعلم في مستوى الخط تاريخ تدرج المتعلم في تعلم الخط،وكيف يكون بداية وإلى ما ينتهي إليه..؟

          فالتربية التشكيلية رافد من روافد الوجود الاجتماعي،والثقافي،والحضاري تمكن المجتمع والفرد من المقاومة الثقافية اتجاه الثقافات الأخرى،وتأبى إلا الدخول معها في التبادل الثقافي والحوار لا الغزو والاستيلاب(4).فهي بذلك حصن منيع للشخصية الجماعية،وللشعور الجماعي بالانتماء إلى حضارة معينة،والانتماء إلى قيم اجتماعية معينة..

          والمرجعية التشكيلية الوطنية تعطي معلومات دقيقة ومستمرة عن المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المجتمع عن كل وسط اجتماعي وثقافي واقتصادي. فاستخدام الفراغ التشكيلي في ارتباط مع الفراغات الأخرى يعبر عن القيم والثقافة والرؤى الاجتماعية.إذ الفراغ المعماري مثلا يبين نوع القيم والثقافة لمستخدميه.فتوزيع البيوت في الفراغ المعماري يكون نظرة عن نوع العلاقة الاجتماعية التي تسود بين ساكنيه.وتوزيع المعروضات القماشية عند بائع الثوب تظهر نظرته للزبائن وهكذا..

          وإذا كانت التربية التشكيلية تؤثر في السياق الاجتماعي للمجتمع،وفي حياة الفرد.فإن هذين الأخيرين يؤثران فيها؛فيحددان طبيعة العمل الفني وقيمته،فإما يبخسانها مكانتها أو يعظمانها.

          والتربية التشكيلية عنصر هام في حياة الفرد والمجتمع المعاصرين،حيث أصبحت رافدا للتزيين والتنميق؛كونها تعلم الفرد والمجتمع قيمة الجمال وثأثيره في الناظر.فنحن نجدها حتى في عرض الأطعمة على الموائد لأنها تضفي الجمال على الطعام،وتذكي شهية الأكل عند الآكل..

          والمتعلم أصبح في حاجة ماسة للتربية التشكيلية ثقافة وتاريخا وحضارة لأنها هوية والهوية أساس في الاستقرار والثبات الشخصي،والتوازن النفسي.

5.1.2. البعد الجمالي:  

          لا يمكن الحديث عن التربية التشكيلية بعيدا عن بعدها الجمالي بما فيه البعد القيمي.لأن هذا البعد هو غايتها التعليمية التعلمية حيث يمكن الإنسان/المتعلم من الإحساس بالجمال وتذوقه وتمييزه واستعماله وتوظيفه في إبداعاته المختلفة،وفي حياته العادية عبر إنماء ( استجابة الفرد للمؤثرات الجمالية،بحيث يمكن أن يتحرك نحو الجمال حينما يجده في مجالات بيئته فيتعشقه،ويقبل عليه، ويستجيب له بنفس صافية فيها متعة،وهو في نفس الوقت يتدرب على أن يلفظ ما ليس جميلا ويستهجنه،ويستقبحه،ويستبعده من بيئته كلما تمكن من ذلك.فكأن التربية التشكيلية في الحقيقة تهذب السلوك عن طريق إمكاناتها في غرس مقومات الجمال ومعاييره في نفوس الناشئة كلما ترعرعوا، ونموا في بيئاتهم، كما أنها بطريق غير مباشر تكون العقلية الناقدة التي تستهجن القبح وتستبعده وتلفظه. فهي بالتالي تكون معايير لدى الناشئ ليتحرك بصورة فيها تمدين تضمن الارتقاء بمستواه إلى حيث يستطيع العقل أن يفكر ويحس، ولقد تمكن بعض فلاسفة الجمال من أن يربطوا الجمال بالأخلاق وهذا هو البعد القيمي للتربية التشكيلية،فاصبح نمو المتعلم من الزاوية التذوقية هو التمكن له بطريق غير مباشر على أن يميز الخير من الشر، ويستجيب للخير لأنه جميل، ويبغض الشر لأنه قبيح،وهكذا يتضح أن الفن والتربية الفنية فيهما التهذيب لسلوك الفرد ليصل إلى سلوك أفضل)(1)،وهذا ما يسمى في الاصطلاح التوافق القيمي والجمالي في التربية التشكيلية.وهناك من جعل تربية الجمال جزء من التربية الأخلاقية كما عند روبير دوتراس؛ حيث يقول:( الواقع أن تربية الجمال تدخل في صلب التربية الأخلاقية لأنها تؤول بالنتيجة إلى تهذيب الذوق ومحض المرء القدرة على الحكم، كما تؤول إلى إرهاف الحس )(2)

          فالجمال ليس مطمح التربية التشكيلية فحسب بل مطمح كل علم حتى أصبح الجمال يستحوذ على العلوم كلها فاستقل بعلم مستقل له يدعى علم الجمال أو الجماليات(*). وأصبح التدريب والتمرن والمشاركة في عالم الفن التشكيلي ذا أهمية قصوى في تحديد الجمال وطبيعته ومواصفاته ومعاييره. فالتدريب والتعليم والتعلم والخبرة والممارسة الفنية مناشط هامة مفيدة في تحسين معارف ومعلومات الأفراد والمجتمعات فيما يتعلق بالمعرفة التشكيلية وأساليبها وتقنياتها وأعمالها وتوظيفاتها. فمثلا ( العين يمكن تدريبها على البحث عن الخصائص الجمالية للتكوينات الفنية، وأن هذا التدريب الرسمي يمكن أن يؤثر على نحو مباشر في تحليل المتلقي الإدراكي وفي تذوقه للتكوينات الفنية البصرية )(3)

          والجمال المتأتى للإنسان/ للمتعلم من التربية التشكيلية يؤدي به إلى الإتقان والدقة في الإنجاز،وفي اعتبار الجمال مكون من مكونات بنية الشيء، ومن طبيعتها لا تستقيم دونه.فالأعمال الجميلة تنبئ عن ذوق رفيع ومستوى عال من الإحساس بالجمال،تستحق به القيمة المادية القصوى بينما الأعمال غير الجميلة تنبئ عن ذوق رديء للجمال ولا تستحق حتى المادة الخام التي استعملت فيها.ألا ترى الجمال جذاب والقبح منفر؟ لذا قيل الله جميل يحب الجمال! فذلك بعد حقيقي من أبعاد التربية التشكيلية..

6.1.2. البعد التربوي:   

          البعد الآخر المكمل للبعد الجمالي في التربية التشكيلية هو البعد التربوي المقصود لذاته.إذ أن التربية التشكيلية تحقق غايات تربوية عامة بما فيها المعرف والقيم والمهارات،وتفعيلها سلوكا إنسانيا ممارسا في المجتمع انطلاقا من المدرسة والفعل التدريسي أو بما فيها من كفايات التأهيل الوجداني والأخلاقي والنفسي،والتكوين الفني والجمالي للشخصية الإنسانية .بمعنى أنسنة الإنسان من خلال التربية التشكيلية لارتباطها الوثيق بأبعاد الشخصية الثلاثة:المعرفي والوجداني والحس حركي بل حتى بالبعد الرابع منها وهو البعد الاجتماعي.فهي في ذاتها تربية لموضوعها التشكيلي وأدواتها ومناهجها ومفاهيمها المتميزة.وفي موضوع الاشتغال وسيط تربوي؛فمثلا موضوعها التشكيلي هو الصورة،فهي تحمل معارف وقيم ومهارات تربوية عن الصورة من حيث معرفة عناصرها ومداولاتها وتقديرها والتفاعل معها وتوظيفها واستغلالها في التواصل الإنساني؛فهي هنا في ذاتها تربية.وأما موضوع الصورة التي تشتغل عليه موضوعا خارجا عن موضوعها التشكيلي فهي فيه وسيط تربوي فعال، يمكن توظيف المسجد أو التضامن أو الديموقراطية فيه لتشتغل عليه.وبذلك تمرر قيما ومعارف وسلوكات وأخلاقا ومواقف تربوية تربي المتعلم عليها.

          والتربية التشكيلية أخطر وسيلة تربوية في المجتمع،ألا ترى ما استحسنته فهو حسن بلغتها المتنوعة،وما استقبحته فهو قبيح بلغتها المتنوعة.وذاك الكاريكاتور، يعمل عمله في النشء،وذلك الرسم، يؤثث للأخلاق أو يهدمها والأمثلة حية في اللوحات الإشهارية وغيرها.ولكن تبقى التربية التشكيلية في المدرسة مرتبطة بما هو بناء وما هو حسن وجميل.وأهدافها التربوية واضحة للجميع،تحقق الاندماج والتواصل الاجتماعيين للمتعلم،وتنمي فيه الذوق الجمالي والإنتاج الفني والتكوين الحرفي المهني الدقيق المعبر عن الذات القائم على التفكير، المنطقي والإبداعي؛من حيث أن المتعلم ( كائن دينامي لا يكف عن الحركة والنشاط والتفاعل،ويمثل الفن بالنسبة له لغة للتفكير،ومع نموه يتغير شكل التعبير عن أفكاره، ومشاعره، واهتماماته، كما تظهر لديه علاقات متزايدة على المعرفة بالذات وبالبيئة،سواء في تعبيراته اللفظية أو الانفعالية أو الحركية. ويمكن أن تساهم الفنون،كذلك بشكل خاص،والتربية الجمالية بشكل عالم،في التحقق المناسب لهذا النمو، وهذا التعبير،لدى الطفل والمراهق والراشد/ المتعلم  بأشكال فريدة)(1)..

والتربية التشكيلية في بعدها التربوي وتكاملا مع أبعادها الأخرى، تراعي منطلقات الاختيارات والتوجهات التربوية العامة الموجهة لمراجعة مناهج التربية والتكوين المغربية(2).لكونها مقاربة شمولية ومتكاملة توازن بين البعد المعرفي، والبعد الوجداني الاجتماعي، والبعد المهاراتي، وبين البعدين التجريبي والتجريدي ـ لأن هناك الاتجاه التجريبي في الفنون التشكيلية ـ وتوازن بين المعارف العقلية والحسية والنقلية، وبين أساليب التعبير الفكرية و الفنية، والجسدية في تكاملها الخارجي مع مكون المسرح المدرسي، وبين جوانب التكوين النظري من خلال الدروس،والتكوين التطبيقي من خلال التمرن على محاكاة  النماذج الطبيعية والصناعية،والتكوين العملي من خلال البحث في التربية التشكيلية والإبداع فيها.

والتربية التشكيلية في هذا البعد تعتبر نفسها امتدادا طبيعيا للمدرسة باعتبارها ترسخ في النشء القيم الأخلاقية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديمقراطية لما تروجه من موضوعات تشكيلية مناسبة لذلك.فمثلا شعار < ما تقيش بلادي > هو شعار تشكيلي وطني يحث على السلم والحياة الديموقراطية وقيم المحافظة على حياة الآخرين وممتلكاتهم وحماية الوطن من التعصب والإضرار به.فالتربية التشكيلية تحقق القيم وتنمي وتطور الكفايات التربوية. في المنظومة التعليمية. 

2.2. وظائف التربية التشكيلية في المدرسة الابتدائية المغربية:

          بناء على ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وما جاء في الكتاب الأبيض والوثائق الوزارية الرسمية المشتقة منه ودفتر التحملات، واستحضارا لأبعاد التربية التشكيلية السابق ذكرها؛ فإن وظائف هذه التربية في المدرسة المغربية ثلاث هي:

1.2.2. وظيفة تربوية:

          تقوم التربية التشكيلية ضمن التكامل الخارجي مع باقي مكونات البرنامج الدراسي للمدرسة الابتدائية وللسنة الخامسة ابتدائي بوظيفة تربوية للمتعلم المغربي تتمثل في مستويات ثلاثة:

أ ـ مستوى المتعلم المغربي:

          وتقوم فيه التربية التشكيلية بتحقيق الاختيارات التالية في تربيتها للمتعلم المغربي:

( 1.1.2.2. المساهمة في تكوين شخصية مستقلة ومتوازنة ومتفتحة للمتعلم المغربي،تقوم على معرفة دينة وذاته،ولغته وتاريخ وطنه وتطورات مجتمعه؛

2.1.2.2. إعداد المتعلم المغربي لتمثل واستيعاب إنتاجات الفكر الإنساني في مختلف تمظهراته ومستوياته،ولفهم تحولات الحضارات الإنسانية وتطورها؛

3.1.2.2. إعداد المتعلم المغربي للمساهمة في تحقيق نهضة وطنية اقتصادية وعلمية وتقنية تستجيب لحاجات المجتمع المغربي وتطلعاته؛ )(3).

          وهذه الاختيارات تعبر عنها التربية التشكيلية فعليا في تأثيرها في ميول المتعلم باستحسان الجمال وتقديره، وفي توازنه النفسي والعقلي، والمحافظة على صحته الجسمية تقديرا للجمال الذي وضعه الله في الأجسام والأبدان، وفي التنفيس عنه بالتعبير عن الذات ومكبوتاتها في العمل التشكيلي و تصريف الطاقة النفسية الزائدة في الرسم وغيره من الأعمال التشكيلية والفنية المفيدة،وفي التعرف على الإنتاج الفكري الإنساني وفهمه؛ بتشكيله في العمل الفني،وفي دفعه من خلال الفعل التشكيلي المدرسي إلى الفعل التشكيلي الخارجي عبر المشاركة في منظمات المجتمع المدني والحملات التطوعية المختلفة.. و( تعد الفنون خاصة، والجماليات عامة، من أهم الوسائل للاستغراق الانفعالي،والمعرفي، ومن أهم الأساليب للتعبير الشخصي وافبداعي،وهي مصدر مهم للمتعة الوجدانية والاستثارة المعرفية،ومن ثم فهي تعد وسيلة مناسبة لتحقيق الذات وللصحة النفسية وللإبداع والتقدم بشكل عام )(4)

ب ـ مستوى المدرسة المغربية:

          وتعتمد فيه التربية التشكيلية على الاختيارين التالين موجهين لتفاعلها مع المؤسسة التعليمية ولتفعيل دور هذه الأخيرة في المجتمع من خلال تربية الناشئ في المادة التشكيلية المدرسة: 

(4.1.2.2. العلاقة التفاعلية بين المدرسة والمجتمع، باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم الاجتماعي وعاملا من عوامل الإنماء البشري المندمج؛

5.1.2.2. اعتبار المدرسة مجالا حقيقيا لترسيخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديمقراطية؛)(1)

ج ـ مستوى مادة التربية التشكيلية:

          في هذا المستوى نجد مضامين التربية التشكيلية تحقق التربية المتكاملة للمتعلم المغربي تفعيلا لأبعادها الخاصة بها،وتفعيلا لأبعاد شخصية المتعلم مستحضرة في إعداد مادتها التشكيلية المدرسة الاختيارات التالية:

(6.1.2.2. اعتماد مقاربة شمولية ومتكاملة تراعي التوازن بين البعد الاجتماعي الوجداني،والبعد المهاراتي،والبعد المعرفي،والبعد التجريبي والتجريدي والعلاقة البيداغوجية التفاعلية وتيسير التنشيط الجماعي؛

7.1.2.2. اعتماد مبدأ التوازن في التربية والتكوين بين مختلف المعارف،ومختلف أساليب التعبير< فكري، فني، جسدي >،وبين مختلف جوانب التكوين < نظري، تطبيقي، عملي >؛

8.1.2.2. اعتماد مبدأ التنسيق والتكامل في اختيار مضامين المادة التشكيلية،لتجاوز سلبيات التراكم الكمي للمعارف في البرامج  السابقة لمادة التربية التشكيلية.)(2).

          وتتفاعل هذه المستويات فيما بينها تربويا، وتتكامل لتحقق مجال القيم عند المتعلم من خلال التربية التشكيلية التي هي من طبيعتها ومن صميم أبعادها،وتمس قيم:

ـ العقيدة الإسلامية؛

ـ الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية؛

ـ المواطنة؛

ـ حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.

2.2.2. وظيفية تكوينية:

          تقوم التربية التشكيلية ضمن التكامل الخارجي مع باقي مكونات البرنامج الدراسي للمدرسة الابتدائية وللسنة الخامسة ابتدائي بوظيفة تكوينية/تعليمية للمتعلم المغربي تتمثل في تحقيق الكفايات المقررة والتعلمات المستهدفة.ذلك أن التربية التشكيلية ونظرا لبعدها المعرفي والقيمي والمهاري تعد مادة دراسية تكوينية تستهدف تمكين المتعلم من الكفايات المستعرضة(*) التالية:

1.2.2.2. كفايات تنمية الذات، وتستهدف تنمية شخصية المتعلم كغاية في ذاته،وكفاعل إيجابي تنتظر منه المساهمة الفاعلة في الارتقاء بمجتمعه في كل المجالات؛

2.2.2.2. كفايات التحول الاجتماعي، وتستهدف جعل مكتسبات المتعلم  التربوية والتكوينية تستجيب لحاجات التنمية الاجتماعية بكل أبعادها الروحية والفكرية والمادية؛

3.2.2.2. كفايات قابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وتستهدف جعل مكتسبات المتعلم التربوية والتكوينية تستجيب لحاجات الاندماج في القطاعات المنتجة ولمتطلبات  التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

          وهذه الكفايات تستطيع التربية التشكيلية انطلاقا من طبيعتها أن تحققها،وليكن مثالنا:أن التربية التشكيلية تخرج فنانين موهوبين،ويقومون بمعارض.فهذه المعارض تجلي كفاية تنمية الذات بمعناها السابق حيث الفنان ينمي شخصيته بنفسه، ويساهم في الرفع من المجتمع بإنتاجه الفني الذي يحمل أكثر من دلالة معرفية وقيمية وذوق وجمال وإبداع.وتجلي الكفاية الثانية حيث أعمال الفنان تستجيب لحاجات التنمية الاجتماعية لما تحمله من أبعاد روحية ( التشبث بالقيم الإسلامية والوطنية والإنسانية..)،وأبعاد فكرية ( تنمية الفكر المجتمعي وإطلاع الآخرين عن المنتوج الفكري التشكيلي المغربي..)، وأبعاد مادية ( العائد المادي للفنان نفسه،تشغيل قاعات العرض التشكيلي بما فيها من إدارة وعاملين،المساهمة في النفع المادي العام بإقامة معارض تشكيلية يرجع ريعها لمنظمات المجتمع المدني الخاصة بالخدمات الاجتماعية…).وتجلي الكفاية الثالثة التي يصرفها الفنان باندماجه الاجتماعي والاقتصادي والفكري والثقافي في المجتمع مستثمرا في ذلك مكتسباته التربوية والتكوينية التي يقوم على أساسها بأعماله الفنية.

          كما تستهدف مادة التربية التشكيلية تمكين المتعلم من الكفايات الغائية(**) التالية:

4.2.2.2 الكفايات الاستراتيجية : بما تعني أن التربية التشكيلية تعرف المتعلم بذاته من خلال إمكاناته،وتمنحه لغة تشكيلية يعبر بها عن هذه الذات. وتموقعه في الزمان والمكان من حيث اشتغاله على أعمال فنية ممتددة في الزمن والتاريخ والأمكنة المختلفة المحلية والوطنية والعالمية. وتموقعه بجانب ذلك بالنسبة للآخر وفي الأسرة والمؤسسة التعليمية والمجتمع من خلال المواهب التي تنميها فيه، فيكون فنان القسم والمدرسة والشارع.. وتكسبه التكيف معها ومع بيئته التي يعيش فيها، وتعدل من منتظراته واتجاهاته وسلوكاته حسب تطور العقليات والمعارف والمعلومات والعلوم والمخترعات والمجتمع،بمعنى تمكنه من كفاية التكيف الذاتي حسب الاعتبارات والمواقف والظروف والحيثيات والمستجدات.

5.2.2.2. الكفايات التواصلية : بما تعني جعل التربية التشكيلية المتعلم المغربي يتقن اللغة العربية كوسيط لغوي تعليمي في هذه المادة وكموضوع دراسي لهذه المادة من خلال دراسة الأعمال التشكيلية المغربية والعربية والإسلامية، ويتقن اللغة الأمازيغية بالتطرق إلى التراث التشكيلي الأمازيغي المغربي الثر الغني بالعطاء المتجدد في المنسوجات الأمازيغية والآثار والتحف والعادات والتقاليد والأعراف الأمازيغية، ويتقن اللغة الأجنبية من خلال التعاطي مع الفن التشكيلي العالمي والبحث فيه وفي مدارسه وفلسفته بلغته الأصلية.وجعل المتعلم كذلك يتمكن من مختلف أنواع التواصل داخل المؤسسة وخارجها من خلال اللغة التشكيلية المتنوعة.ويتمكن من مختلف أنواع الخطاب ( الأدبي، والعلمي، والفني..) إذ أن التربية التشكيلية تترجم اللغة الأدبية والعلمية إلى لغة تشكيلية متنوعة فصور الكتب المدرسية شاهدة على هذه الترجمة،وتترجم اللغة التشكيلية إلى لغة علمية وأدبية بترجمة الصور مثلا إلى مواضيع تعبيرية وتواصلية متنوعة،وتترجم الأعمال التشكيلية إلى لغة علمية حين تصفها تقنيا وتدرسها تشكيليا.وكتب التربية التشكيلية المختصة شاهدة على هذه الترجمة العلمية.كما أن المجلات تترجم مثلا شعرها إلى لغة تشكيلية واللغة التشكيلية إلى لغة شعرية فتزدوج  بذلك ترجمتها في المجلة نفسها. ومن ثم فإن الخطاب البصري لغة قابلة للتحليل والدراسة كغيرها من لغات التواصل والإقناع خاصة في السيميولوجيا البصرية..

6.2.2.2. الكفايات المنهجية : بما تعني أن التربية التشكيلية تمكن المتعلم المغربي من منهجيات للتفكير وتطوير مدارجه العقلية من خلال دراسة العمال الفنية والاشتغال عليها بالعناصر التشكيلية المقررة، وتمكنه من منهجيات متنوعة للعمل في القسم وخارجه من خلال المجموعات والتعلم التفريدي والتعليم المصغر .. وتوظيف المختبر ..

7.2.2.2. الكفايات الثقافية : بما أن الثقافة بعد من أبعاد التربية التشكيلية، فإن هذه الأخيرة تمكن المتعلم المغربي من تنمية رصيده الثقافي، وتوسيع دائرة إحساساته وتصوراته ورؤيته للعالم والحضارة البشرية بتناغم مع تفتح شخصيته بكل مكوناتها، وترسخ هويته كمواطن مغربي وكإنسان منسجم مع ذاته ومع بيئته ومع العالم؛وتمكنه من المعرفة الموسوعية في الثقافة التشكيلية وغيرها من الثقافات الوطنية والعربية والإسلامية والعالمية.

8.2.2.2. الكفايات التكنولوجية :  بما أن البعد المهاراتي موجود في التربية التشكيلية، وهي تعتمد على وسائل تكنولوجية متنوعة ومختلفة، يتعامل معها المتعلم في الوسط المدرسي والمجتمعي وفي جميع القطاعات الحياتية من المجتمع. فإن التربية التشكيلية تنمي الكفايات التكنولوجية عند المتعلم بما تعني  تمكينه من القدرة على تصور ورسم  وتخطيط وإبداع المنتجات التقنية،وهذه القدرة تظهر بجلاء في المنتجات الصناعة المختلفة من ناحية شكلها وبنيتها. ولعل وجود الرسم الصناعي دليل قاطع على إعداد التربية التشكيلية المتعلم للتخصص في هذا النوع من الرسم، وكذا الهندسة المعمارية وغيرها من الدلائل، على أهمية التربية التشكيلية في تمكين المتعلم من الكفايات الإنتاجية للمنتجات التقنية. وبما تعني تمكينه من تقنيات التحليل والتقدير والمعايرة والقياس، وتقنيات ومعايير مراقبة الجودة، والتقنيات المرتبطة بالتوقعات والاستشراف. وبما تعني تمكينه من وسائل العمل اللازمة لتطوير المنتجات التقنية خاصة أن التربية التشكيلية تتسم بالإبداع والابتكار والخلق؛ فيكيف المتعلم بناء على مكتسباته التشكيلية تلك المنتجات التقنية مع الحاجيات الجديدة والمتطلبات المتجددة،وليكن مثالنا على ذلك تصميم الأزياء.ألا ينطلق تصميم الأزياء من التربية التشكيلية فيطورها ويكيفها حسب الفصول والعصور والطلبات المتجددة للإنسان؟!..

          وبما أن التربية التشكيلية لها بعد أخلاقي قيمي فإنها كفيلة بأن تمكن المتعلم المغربي من استدماج المهن والحرف والأخلاقيات المرتبطة بالتطور العلمي والتكنولوجي بارتباط مع منظومة القيم الدينية والحضارية وقيم المواطنة وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.فتجده يفعل أخلاقيات المهنة كقيم الجودة والإتقان وعدم الغش وتقدير عرق العامل .. فهي تكسبه هذه القيم وتحثه على تفعيلها في حياته الخاصة والعامة.

          وهذه الكفايات الغائية في إطار تكوين المتعلم في التربية التشكيلية، تتضمن تفاصيل تحيل على الكفايات الأساسية والنوعية لهذه التربية، والتي تحقق في المتعلم المطالب الفنية من شخصيته كالتالي:

ـ تنمية الحدس والذوق والحس الفني والجمالي بصفة عامة، وفي الإنتاج الفني والتكوين الحرفي في مجالات الفنون والتقنيات بصفة خاصة؛

ـ تنمية الوعي المعرفي، والتقني، والقيمي الأخلاقي بما يفيد تخطيط وتنظيم وتدقيق الفعل التشكيلي لإنتاج  منتوج تشكيلي يتسم بمواصفات الدقة والجودة والجمالية؛

ـ تنمية مهارة استغلال الميول العقلية والحسية الفنية في التشرب والتشبع بالتربية التشكيلية كبعد أساس من الشخصية، يمكنها من الرؤية الفنية للذات والآخر والبيئة والأفعال، ومن استقراء واستنباط البعد الجمالي فيها؛

ـ تنمية استغلال وتوظيف المواد الخام واللغة التشكيلية في عملية التواصل، وتبليغ مضمون الرسالة بالجمع بين إدراكه والتعبير عنه بوضوح، عبر أساسيات وأوليات الفعل التشكيلي؛

ـ تنمية مهارة تعرف واكتساب وتوظيف التقنيات التشكيلية الأساسية والأولية البسيطة عبر الملاحظة والاكتشاف والتمرن والتجريب والتطبيق، بما يدعم مؤهلات المتعلم الإبداعية في التركيب والتحليل البصري والصياغة التشكيلية للمنتوج التشكيلي؛

ـ تنمية الخيال والابتكار والخلق والإبداع الفني عند المتعلم،واستثمارها في التجديد المجتمعي،وفي التطور والتكيف الفردي؛

ـ تربية الحواس على استيعاب البعد الجمالي في الذات، وفي الآخر، وفي المحيط بما فيه من حياة وجماد؛

ـ تنمية اللغة التشكيلية عند المتعلم لملاحظة وقراءة وتحليل وتركيب وإدراك ووعي الأعمال التشكيلية والفنية، والتمييز بينها من حيث البنية والموضوع والشكل والتقنيات،حيث تتطلب مثل هذه الأعمال ( نوعا من الانتباه للخصائص الحسية والتعبيرية أو الانفعالية وكذلك الخصائص البنائية أو الشكلية للعمل الفني، كما يتطلب نوعا من التفهم التكاملي المتزامن للكل الجمالي الذي تم تشكيله، وليس فهما منطقيا متتابع للعناصر المفضلة الموجودة داخله فقط ) (1).

ـ تنمية معرفة المتعلم التشكيلية بقراءة الصورة من حيث عناصرها ومدلولها ونوعها وتصنيفها وتركيبها وعلاقتها بالمحيط، واستثمارها في المواد الدراسية الأخرى، وفي حياته الفردية والأسرية والمجتمعية؛ ذلك أن للصورة دورا هاما في حياة الطفل عامة والمتعلم خاصة حيث ( أن حصيلة الأطفال اللغوية، لا تمكنهم من قفراءة الموضوعات التاي نقدمها إليهم بالكلمات، بينما ينتقل المعنى من خلال الصورة للأطفال في كل الأعمار، مهما اختافت اللغات واللهجات. إن الكلمة المكتوبة تستدعي بعض الجهد لقراءتها وفهمها، في الوقت الذي لا تستدعي فيه الصورة ذلك، لأن الطفل يجد المتعة في التطلع إلى الصورة، مع سهولة فهمها، وطول فترة التأثر بها، لأنها تخاطب بصر الطفل وعقله وخياله، كما تناسب اعتماد الأطفال على البصر في التعرف على العالم المحيط بهم. إن الرسوم ليست مجرد عنصر من عناصر إخراحج الكتاب، بل هي مادة حية، لها قيمتها الجمالية والثقافية الكبيرة، وقد تفوق المادة المكتوبة في تأثيرها في بعض الأحيان، خاصة في قدرتها على توضيح كثير من الوقائع والمفاهيم. إن الأطفال لا يفهمون المجردات، وكلما كانت تربية الطفل عن طريق حواسه قوية، كان تعليمه عن طريق المجردات فيها بعده أسهل وأقرب إلى النجاح.. وما أعظم وقع الصورة في نفس الطفل، وما أعمق أثرها على صفحة مخيلته البالغة الصفاء… صورة تعكس الحياة من حوله، لذلك يعلق علماء التربية الأهمية القصوى على دور الصورة في تكوين الطفل وتثقيفه)(2) .  

ـ تنمية معرفة المتعلم التشكيلية بالمستويات من حيث القرب والبعد وسلم أبعادها واتجاهاتها، واستثمارها في مادة الرياضيات، وفي النشاط العلمي، وفي الاجتماعيات، وفي اللغات..؛ لإنجاز أشكال هندسية أو رسومات تخطيطية أو بيانات تفصيلية أو ترسيمات نحوية أو صرفية.. وتوظيفها في التعبير والتواصل بصفة عامة.

ـ تنمية معرفة المتعلم التشكيلية بالفضاء من حيث المنظور،واستثمارها في رؤية الأشياء،والتعرف على أبعادها وخصائصها من كل زواياها المنظورة.   

3.2.2. وظيفية اجتماعية:            

          تقوم التربية التشكيلية ضمن التكامل الخارجي مع باقي مكونات البرنامج الدراسي للمدرسة الابتدائية وللسنة الخامسة ابتدائي بوظيفة اجتماعية تتمثل في :

( ـ ترسيخ الهوية المغربية الحضارية والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافده؛

ـ تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛

ـ تنمية الوعي بالواجبات والحقوق؛

ـ التربية على المواطنة وممارسة الديموقراطية؛2

ـ التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف؛

ـ ترسيخ قيم المعاصرة والحداثة؛

ـ التمكن من التواصل بمختلف أشكاله وأساليبه؛

ـ تنمية القدرة على المشاركة الإيجابية في الشأن المحلي والوطني )(3).

          وتتمظهر هذه الوظيفة في التربية التشكيلية عمليا في  تعاطي المتعلم مع الهوية المغربية من خلال الأعمال التشكيلية التراثية والمعاصرة،والتشبع بقيمها وتمثلها وتطبيقها في حياته الخاصة والعامة،وتقديرها بقيمتها الحضارية.فمثلا الفنون الشعبية بما فيها الرسم الشعبي مكون من مكونات الحضارة المغربية، نجده مستمرا وحيا في منتوجاتنا التقليدية يحترمه ويقدره الوعي الفني المكتسب من التربية التشكيلية.وكذا حب الوطن تجده كثير من اللوحات الفنية المعروضة في المتاحف والمعارض التشكيلية،وكلها تجعل المتعلم يتشرب حب الوطن والتضحية من أجله.كما أن اللوحات التعبيرية التي تؤرخ للمعاناة تحسسه بقيمة الآخر وتدفعه إلى المشاركة الإيجابية في الشأن العام من أجل رفع المعاناة عن الآخرين..

          إن التربية التشكيلية تساهم بقسط وافر في تكيف المتعلم المغربي مع محيطه،وتجعله أكثر إدراكا له وللمناخ العام الذي يعيش فيه قصد الاندماج الاجتماعي،الذي يؤدي به إلى التضامن والتسامح والإحساس بقيمة البعد الإنساني في الوجود، وتمكنه من التواصل الإيجابي مع الآخرين ضمن التكافل الاجتماعي..

          والتربية التشكيلية انطلاقا من هذه الوظيفة الاجتماعية ومن أبعادها الأخرى تحقق مجموع مواصفات المتعلمين المرتبطة بالقيم والمقاييس الاجتماعية. إذ تجعل المتعلم المغربي في نهاية التعليم الابتدائي:

( ـ متشبعا بالقيم الدينية والخلقية والوطنية والإنسانية؛

ـ متشبعا بروح التضامن والتسامح والنزاهة؛

ـ متشبعا بمبادئ الوقاية الصحية وحماية البيئة؛

ـ قادرا على اكتشاف المفاهيم والنظم والتقنيات التشكيلية الأساسية التي تنطبق على محيطه الطبيعي والاجتماعي والثقافي المباشر)(1).

3.2 غايات التربية التشكيلية:

          وتنقسم غايات التربية التشكيلية إلى غايات عامة،وأخرى نوعية.

1.3.2. الغايات العامة:

نظرا لطبيعة التربية التشكيلية التي تصب في مختلف المجالات المعرفية والوجدانية والحسية الحركية والاجتماعية للشخصية، فإنها تتغيى من شخصية المتعلم المغربي من خلال الفن التشكيلي: 

( ـ الثقة بالنفس والتفتح على الغير؛

ـ الاستقلالية في التفكير والممارسة؛

ـ التفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته؛

ـ التحلي بروح المسؤولية والانضباط؛

ـ ممارسة المواطنة والديموقراطية؛

ـ إعمال العقل واعتماد الفكر النقدي ؛

ـ الإنتاجية والمردودية ؛

ـ تثمين العمل والاجتهاد والمثابرة؛

ـ المبادرة والابتكار والإبداع؛

ـ التنافسية الإيجابية؛

ـ الوعي بالزمن والوقت كقيمة أساسية في المدرسة وفي الحياة؛

ـ احترام البيئة الطبيعية والتعامل الإيجابي مع الثقافة الشعبية والموروث الثقافي والحضاري المغربي.)(2)

          والتربية التشكيلية تحقق هذه الغايات العامة والكبرى من خلال ممارسات المتعلم التشكيلية في المدرسة وامتداداتها الخارجية في الأسرة والشارع ومؤسسات التربية التكميلية ومؤسسات المجتمع المدني..وتتضامن مع مختلف مواد البرنامج الدراسي وفي مختلف الأسلاك التعليمية للوصول على هذه الغايات.

2.3.2. الغايات النوعية:

          إذا كانت الغايات العامة للتربية التشكيلية تستمد شرعيتها من مساهمتها في تحقيق الحاجات الفردية والمجتمعية من خلال مدخل الكفايات التي تحققها على المدى القصير والمتوسط والطويل،فإنها كغايات نوعية تأخذ موقع التخصص بمكون التربية التشكيلية وتصبح مجموعة من المهارات والقدرات التي تتفاعل فيما بينها لتكون مجموع الكفايات الأساسية والنوعية التي تستهدفها التربية التشكيلية في تعلمات المتعلم المغربي قصد إحداث تغيرات جوهرية في شخصيته، مبنية على مشاركته في الفعل التعليمي التعلمي خاصة منه المتمركز حوله.وهي غايات نوعية تتمثل في:

ـ تأهيل المتعلم نظريا وعمليا لامتلاك الكفايات التشكيلية الأساسية التي تكسبه لغة تشكيلية يتواصل بها مع الآخر،ومع محيطه الطبيعي والاجتماعي،ويقدر الجمال فيهما،ويجليه للآخرين؛

ـ تأهيل المتعلم لتوظيف المفاهيم والمناهج والمواد الخام التشكيلية والوسائل والأدوات والتقنيات بالدقة والمواصفات المعينة  وعلى الموجه المطلوب لبناء عمل تشكيلي جميل،ومناسب لمرجعيته الثقافية والدينية والحضارية والاجتماعية؛

ـ تأهيل المتعلم تشكيليا لقراءة ونقد العمل التشكيلي،بلغة علمية وتقنية مختصة؛

ـ تنمية حب الفن التشكيلي من خلال التعاطي مع الفن التشكيلي الوطني والعالمي والإسلامي والعربي،وإبراز خصوصيات كل فن على حدة،وتمثلها في الفن التشكيلي المغربي؛

ـ تعزيز المكتسبات التشكيلية في تعلمات المتعلم المختلفة،وتنمية قدرته على الملاحظة والاكتشاف والتحليل والتركيب والاستنباط والاستقراء والتصنيف والاستثمار والتذوق والابتكار والإبداع والتخيل،وتشجيعه على المبادرة والاجتهاد وإبداء الرأي الصريح والنقد البناء.

ـ < تربية الحواس والذوق الجمالي والفني لدى المتعلم من خلال التحسيس والاستئناس بالعناصر والظواهر الطبيعية ومجال الفنون التشكيلية >(1)؛

ـ تحقيق التكامل والتفاعل والانسجام من خلال التربية التشكيلية بين أبعاد شخصية المتعلم المغربي المعرفية والوجدانية والحس حركية والاجتماعية؛

ـ تنمية الوعي عند المتعلم بالجمال البيئي من خلال التربية التشكيلية، والعمل على تصريفه عبر احترام البيئة وتقديرها والمساهمة في المحافظة عليها؛

ـ تنمية الوعي عند المتعلم بالجمال الجسمي من خلال التربية التشكيلية، والعمل على تصريفه عبر احترام الجسم وتقديره والمحافظة عليه من خلال النظافة والرياضة والتغذية المتوازنة السليمة؛

ـ اعتبار التربية التشكيلية مدخلا تأهيليا للحرفية والمهنية والتخصص في شعبهما،ومدخلا تأهيليا لتجديد وتطوير الفن التشكيلي المغربي عبر تكوين متعلم مغربي متشبع بالروح التشكيلية التواقة للإبداع والخلق والابتكار.

ـ الرفع من أحاسيس ومشاعر وأفكار المتعلم من خلال التربية التشكيلية بتطبيق حرية الإبداع في ممارسة الفن التشكيلي.

(1)  د.محمود البسيوني،أصول التربية الفنية،دار المعارف،مصر،دون تاريخ،دون طبعة،ص.:39.

(2)  د.شاكر عبد الحميد،التفضيل الجمالي:دراسة في سيكولوجية التذوق الفني،عالم المعرفة،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت،2001،عدد:267، ص.:247.

(3)  نفسه،ص.:193.

(4)  انظر: د. عبد الستار لإبراهيم،الحكمة الضائعة،عالم المعرفة،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت،2002،عدد:280،ص.ص.:55 ـ 80.

(1)  عبد اللطيف الفاربي وآخرون،معجم علوم التربية،سلسلة علوم التربية 9ـ 10،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،المغرب،1994،ط.:1،ص.:91.

(2)  رونيه أوبير،التربية العامة،ترجمة د. عبد الله عبد الدائم،دار العلم للملايين،بيروت،لبنان،1979،ط.:4،ص.ص.: 521 ـ 523. بتصرف.

(3)   انظر: لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي،الكتاب الأبيض،1422/2001،مطبوعة،ص.:5.

(1)  د. أحمد شبشوب،مدخل إلى بيداغوجيا المواد،مجلة الدراسات النفسية والتربوية،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،المغرب،1992،ص.ص.:65 ـ 94. 

(2)  المرجع السابق نفسه،ص.ص.:65 ـ 94.

(3) نفسه،ص.ص.: 65 ـ 94.

(4) A.N. Whitehead, Science ard the Modern World, NY.: Pelican Mentor Books,1948,p.:200. 

(5) أ.فاتح بن عامر،النقد التشكيلي العربي،عالم الفكر،المجلس الوطني للثقافة  والفنون والآداب،الكويت،2000 ، المجلد:29،عدد:2،ص.ص.:265 ـ  276.

 

(1)  د. محمود البسيوني،أصول التربية الفنية،مرجع سابق،ص.ص.:43 ـ 44.

(2)  أ.فؤاد التكرلي، عرض لكتاب الفن التشكيلي العراقي المعاصر،المجلة العربية العلمية للفتيان،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،تونس،1424/2003،السنة:7،العدد:13،ص.ص.:105 ـ 111.

(3)  للتوسع في مدلولات الفن التشكيلي الشعبي يراجع على سبيل المثال: د. أكرم قانصو،التصوير الشعبي العربي،عالم المعرفة،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت،1416/1995، العدد:203.

(4)  للوقوف على كيفية المقاومة الثقافية مثلا من خلال المعمار يمكن مراجعة:د. مشاري بن عبد الله النعيم،المقاومة الثقافية في المجتمع السعودي؛دراسة للبيئة السكنية،مجلة الدارة،دارة الملك عبد العزيز،1421،السنة:26،العددان:1و2،ص.ص.ك69 ـ 116.

(1)  د. محمود البسيوني،أصول التربية الفنية،مرجع سابق،ص.ص.:39 ـ 40،بتصرف.

(2)  روبير دوترانس،التربية والتعليم،ترجمة د.هشام نشابة وآخرون،مكتبة لبنان،بيروت،لبنان،دون تاريخ،ص.:329.

(*)  انظر:د. شاكر عبد الحميد،التفضيل الجمالي،مرجع سابق.

(3)  نفسه،ص.: 284.

 د. شاكر عبد الحميد،التفضيل الجمالي،مرجع سابق،ص.:416. (1)

  (2)  لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي،الكتاب الأبيض،مرجع سابق،ص.:5.

 نفسه،ص,:5 . (3)

   د. شاكر عبد الحميد،التفضيل الجمالي،مرجع سابق،ص.:416. (4)

 لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي،الكتاب الأبيض،مرجع سابق،ص.:5.  (1)

  نفسه،ص,:5. بتصرف. (2)

(*)  هذه الكفاية لا تتحقق إلا من خلال سيرورة حدثية تعلمية زمنية طويلة،لذا فهي بهذا المعيار كفاية ممتدة أو مستعرضة كما سيأتي عند الحديث عن الكفايات. وتنظر هذه الكفايات في الكتاب الأبيض.

(**)  هذه الكفاية صنفها المؤلف بناء على طبيعة الغاية التي تستهدفها من تكوين المتعلم وقد تكون ممتدة أو أساسية أو نوعية كما سيأتي في مبحث الكفايات.وتنظر في الكتاب الأبيض.

 

(1)  د. شاكر عبد الحميد،التفضيل الجمالي،مرجع سابق،ص.:411.

 يعقوب الشاروني، رسوم كتب الأطفال،مجلة فنون عربية،دار واسط للنشر،لندن،بريطانيا،1982،المجلد:2، السنة:2،ص.ص.:62 ـ 69.(2)

  لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي،الكتاب الأبيض،مرجع سابق،ص.:6. (3)

 

 

  نفسه،ص.:16.مع تخصيص المفاهيم والنظم والتقنيات بالتربية التشكيلية. (1)

     (2)    لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي،الكتاب الأبيض،مرجع سابق،ص.:6 ـ 7.

 

 (1)

     قسم البرامج والمناهج والوسائل التعليمية،وزارة التربية الوطنية،أهداف وتوجيهات تربوية للسلك الأول من التعليم الأساسي،مطبعة النجاح الجديدة،الدار      البيضاء،المغرب،1417/1996،ص.:205.    

The post الدرس التشكيلي في المدرسة الابتدائية المغربية مدخل نظري للاشتغال المنهاجي (1) appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/30RqbOa
via IFTTT

No comments:

Post a Comment