Wednesday, May 29, 2019

قراءة في كتاب”محمد: نبي لزماننا” لكارن أرمسترونغ

تقديم:

نشأت كارين أرمسترونج، مؤلفة هذا الكتاب، راهبة كاثوليكية إنجليزية ثم تعمقت في الشرق الأوسط وأديانه وثقافاته وتاريخه، ثم هالتها الصورة النمطية المشوهة لنبي الإسلامي التي تربى عليها الغرب منذ الحروب الصليبية، فوضعت كتاب “حياة محمد” ثم بعد أحداث 11 سبتمبر وضعت كتابها الحالي “محمد نبي لزماننا “، وفيه تعرض الكثير من الشواهد الهامة من سيرة رسولنا وتتناول أحداثًا مفصلية تنتقي منها الكثير من الأفكار.
انطلاقا من هذا التقديم البسيط للمؤلفة، سوف أحاول من خلال هذا العرض، أن أقدم لكم نظرة استشراقية مخالفة للشرق الأوسط في دراسة أكادمية قامت بها هاته الكتابة مع بعض المعطيات الإضافية الأخرى عن أعمالها ومؤلفاتها، وكذا ردود الأفعال والصدى الذي خلفه هذا الكتاب على الرأي العام الوطني والدولي.

المحور الأول: التعريف بالكاتبة وأعمالها.

المبحث الأول: التعريف بالمؤلفة ومؤلفها.

⦁ الاسم الكامل للمؤلفة. 
كارن ارمسترونغ بالإنجليزية: (Karen Armstrong) مؤلفة بريطانية ألفت عدة كتب في علم مقارنة الأديان، كما كتبت عن الإسلام،
⦁ الإسلام: تاريخ موجز،
⦁ محمد سيرة للنبي،
⦁ محمد نبي لزماننا،
⦁ القدس: مدينة واحدة وثلاث عقائد. 
كانت راهبة كاثوليكية لكنها تركت الكاثوليكية وفضلت التصوف المسيحي. وهي عضوة في الحلقة الدراسية عن يسوع.
⦁ عنوان الكتاب المدروس. 
“محمد نبي لزماننا Mohamed A prophet for Our time”
⦁ عدد الصفحات. 
213 صفحة بالنسبة للنسخة المترجمة لفاتن الزلباني.
⦁ دار ومكان النشر والطبعة.
القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الأولى،2008.
⦁ محتوى الكتاب /عدد الفصول:
قسمت صاحبة الكتاب كتابها إلى خمسة فصول أساسية، الفصل الأول استهلته بالحديث عن مكة المكرمة، ثم انتقلت في الفصل الثاني إلى الحديث عن الجاهلية، وبعدها فضلت الحديث في الفصل الثالث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة المكرمة إلى المدينة، أما الفصل الرابع فقد خصصته للحديث عن الجهاد،ثم جعلت من الفصل الخامس والأخير حديثا مطولا عن السلام، لتقدم للقارئ لمحة مختصرة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

المبحث الثاني: السياق التاريخي للكتاب وأهميته.

في الثقافة الغربية تاريخ طويل من الرعب من الإسلام (الإسلاموفوبيا) يرجع لأيام الصليبيين، فقد انتشر في الأوساط المسيحية لأوروبا القرن الثاني عشر، بفعل الرهبان أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان دجالا فرض دينه على الناس الرافضين بقوة السلاح، وكانوا يسمونه بأبشع الأسماء وينعتونه بأقبح الصفات وأحطها… ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 والهجوم متواصل عبر أطراف متعددة اعتبرت النبي محمدا صلى الله عليه وسلم  إرهابيا ومدمنَ حرب، حتى أصبحت هذه الصورة المشوهة صورا نمطية مقبولة لدى الغرب.
أمام هذه الحالة، ترى المستشرقة البريطانية الباحثة المتخصصة في دراسة الأديان كارين أرمسترونغ أن محمدا صلى الله عليه وسلم  لم يكن قط رجل عنف، بل إنه نموذج لهداية العالم في زماننا. وتقترح للوصول إلى هذه النتيجة “أن نقارب حياته بطريقة معتدلة حتى نستطيع تقدير إنجازاته المعتبرة”، تلك الحياة التي كانت حملة لا تكل ضد الطمع والظلم والتكبر. كان اهتمامُه الأكبر تغيير قلوب الناس وعقولهم، ولم يحاول فرض معتقد ديني. 
هذه الفكرة تنتصر لها كارين أرمسترونغ من خلال معالجة قضايا: الدعوة المكية، والجاهلية، والهجرة، والجهاد، والسلام، وتنبع أهمية الحديث عن هذا الكتاب من أهمية كتابات كارين أرمسترونج التي تعرف رواجا لافتا بالغرب (وخاصة بريطانيا وأمريكا)، كما أن موقفها من النبي صلى الله عليه وسلم  ومن دين الإسلام يكاد يكون متميزا في زمن عُرف بالنيل من شخصية الرسول الكريم ومن شريعة الإسلام. والكاتبة أرمسترونج أخذت على عاتقها تصحيح صورة الإسلام وتقديم الصورة الحقيقية لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم للغربيين.
وجدير بالذكر أن الباحثة المتخصصة في مقارنة الأديان كتبت كتابين عن نبينا محمد.

الأول: Muhammad a Biography of the Prophetسنة1991. 
ترجمه إلى العربية محمد عناني بعنوان: “محمد سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم )”،
وقصة تأليف هذا الكتاب ترجع إلى قضية سلمان رشدي حينما ألف كتاب “آيات شيطانية” الذي اعتبره المسلمون إساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته. وما أثار كارين أرمسترونج هو تلك الفتوى التي أصدرها الإمام الخميني والتي قضت بإباحة دم سلمانَ رشدي وناشر هذا الكتاب، كما لم تُعجبها الطريقة التي تعامل بها الناس مع قضية سلمان رشدي في إنجلترا.

والثاني: Muhammad Prophet for Our Time سنة 2006، وقد ترجمته إلى العربية فاتن الزلباني بعنوان: “محمد (صلى الله عليه وسلم ) نبي لزماننا”.
وتوضح كارين بأن هذا الكتاب الذي جاء بعد مرور خمسة عشرة سنة على الكتاب الأول ” محمد سيرة للنبي”جديد ومختلف كلية؛ ذلك أن كتابها الأول لم يعد يفي بالغرض بعد هجمات 11 سبتمبر، حيث دعت الحاجة، في نظرها، إلى التركيز على جوانب أخرى من حياة محمد (صلى الله عليه وسلم ) لأن هذه الأحداث زادت من العداء للإسلام ونبيه.
وأشير بأن الباحثة كارين أرمسترونج (ولدت عام 1945) واحدة من أشهر الباحثين اليوم في الأديان ومقارنتها. وقد كتبت في ذلك مجموعة كبيرة من الكتب تدرسُ فيها العقائد والأديان الرئيسة (اليهودية، المسيحية، الإسلام)، وتبحث عما هو مشترك بينها، كما تبحث فيها عما يؤثر منها في تاريخ العالم ويوجه أحداثَه.

المحور الثاني: الدراسة الداخلية للكتاب.

لا شك أنه في الحقبة الأخيرة وخصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر، شَاب الإسلامَ مغالطات ولغط كثير، وتجرأ البعض على شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ونُعتَه بصفات شنيعة، وبقدر ما كان هناك أصوات ومحاولات من المسلمين لتصحيح الصورة، كان هناك عقول غربية واعية وأصوات وصلت بالفعل إلى البحث عن الحقيقة والتعمق في شخصية نبينا والإسلام، ومنهم كانت الكاتبة كارن أرمسترونغ (Karen Armstrong).
تنبهت كارن أرمسترونغ إلى خطورة ما يروِّجه الإعلام الغربي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعن الإسلام فقامت بتأليف كتب عديدة عن الاسلام، كان من بينها كتاب (محمد: نبي لزماننا):
 ( MUHAMMAD : A Prophet for Our Time).
شخصيًّا أحببت أن أعرف رأي شخص محايد عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، فاخترت أن أقرأ للمستشرقة كارين ارميسترونج، وقرأت كتابها مترجمًا إلى العربية بقلم: فاتن الزلبانى.

المبحث الأول: ملخص كل فصل

حاولت الكاتبة كارن، في خمسة فصول:
 (مكة – الجاهلية – الهجرة – الجهاد – السلام)
أن تصوغ السيرة من رؤيتها الحيادية ومن نظرتها للنبي أنه بشر كلفه اللهُ بنشر رسالته، كنبينا موسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام، مؤكدة أن محمدًا صلى الله عليه وسلم، لم يكن معاديًا للأديان الأخرى وخاصة اليهودية والمسيحية، وإنما تعامل مع خيانة  القبائل اليهودية والعربية على حد سواء  في واحة المدينة المنورة وقتها حسب الظروف ولم يكن بسبب ديانتهم  …
وحاولت توضيح الظروف المحيطة والطبيعية وما كان سائدًا لتبرير تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى أنها بررّت تعدد زوجاته وأنه كان مقبولاً في ذلك الوقت كوسيلة لنشر السلام بين القبائل بالمصاهرة، كما ذكرت أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي رفع مكانة المرأة، وسمح لها بأن ترث، وأن يكون لها رأي، وساواها مع الرجل في العبادة والحقوق والواجبات…
فقد قسمت كتابها هذا الى خمسة فصول رئيسية:

⦁ فصل مكة.

في هذا الفصل شرحت أيضًا كيف كان وضع مكة وقريش والعرب عمومًا والتقاليد السائدة، وأن المروءة كانت أن يكون الفرد مع القبيلة على الخطأ والصواب.

⦁ فصل الجاهلية.

بيَّنت أن الجاهلية لم تكن تعني الجهل فحسب أو الفترة ما قبل الإسلام وإنما: “هو العنف المُزمِن في الاعتداء على الآخرين والانتقام منهم نتيجة الغضب السريع والحساسية الزائدة للشرف والمكانة”.

⦁ فصل الهجرة

ذكرت أن الإسلام حثَّ على التخلي عن الجاهلية، والتحلي بالصبر والرحمة والإيثار ومساعدة المحتاجين وتحرير العبيد والمناصحة في فعل الخير، والتصرف برفق وطيبة، فالمسلمون مسالمون، واستشهدت بسورة “البلد”.
بسم الله الرحمان الرحيم
لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20).
كما ذكرت الكاتبة في الصفحة 90 أن الله  لم يكن حكرًا لأحد أو لناموس واحد، وأنه مصدر معرفة وعلم ونور لكل الإنسانية، واستشهدت بسورة النور الآية 35: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وكذلك الإسلام لم يكن للعرب وحدهم، وأن نبينا إبراهيم كان مسلمًا، وكذلك أبناؤه من بعده، واستشهدت بآيات أيضًا، فالتوحيد لم يكن غريبًا على العالم آنذاك، من خلال الحنفية دين إبراهيم عليه السلام …

⦁ فصل الجهاد

ذكرت أن الجهاد لم يكن يعني الحرب المقدسة، ولكنه: “بذل الجهد أو الكفاح الضروري لممارسة ما أراده الله من المرء، وعلى المسلمين أن يبذلوا جهدهم في كل المجالات: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والروحية والعائلية، طبقًا لما أراده الله منهم، وفي بعض الأحيان سيضطرون للقتال ولكن ليس هذا واجبُهم الرئيسي” ( الصفحة 127 – 128)
وأن القتال فُرِضَ على محمد وعلى أتباعه، وكان لا بد منه في كثير من الأحيان للدفاع عن النفس أو الاقتصاد،  فالإسلام ليس دين حرب وقتال ولم يقم على حد السيف قط، وإنما ترك النبي محمد الحرية المطلقة للناس، وعندما فتح مكة لم يكن أبدًا هدفه الحكم السياسي أو تجريد قريش من سيادتها، وإنما كان هدفه تغيير معتقدات الجاهلية، ونشر السلام وبناء مجتمع…
وأن القتال لم يتخذ صبغة دينية إلا بعد اغتيال الخلفاء الراشدين عمر وعثمان وعلي…

⦁ فصل السلام

ختمت كارن بعبارات ذكية ومتفهمة كتابها حيث قالت: “يُصر النقاد الغربيون على رؤية محمد كرجل حرب، ويقتصرون عن رؤية معارضته منذ البداية لروح التكبر والأنانية الجاهلية، التي أسفرت عن العدوان على الآخرين، ليس فقط في عصره، وإنما ما زالت متقمصة بعض قادة الغرب وقادة المسلمين على حد سواء ..
والآن يتحول النبي الذي كان رمزًا للسلام والتراحم إلى رمز للفرقة والنزاع، في تطور ليس فقط مأساويًّا، ولكنه أيضًا خطير على الاستقرار الذي يعتمد عليه مستقبل البشر..”
كما تضيف قائلة: “ما لم تتعلم الحضارة الغربية ثقافيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وتتعلم الكنيسة المسيحية، اللاهوتية، أن تعامل الآخرين باحترام، بشكل رئيسي، فسيفشل كل منهما في التوافق مع العصر، ومشاكل ذلك في المسيحية عويصة بقدر ما لمسناه في الإسلام …”
ختمت الكاتبة بأنه على المسلمين والغرب أن يتعلموا التسامح وتقدير الآخر، وأن  يجعلوا محمدًا صلى الله عليه وسلم نقطة انطلاق لهم، فهو: “رجل مركب يعصى على التصنيف الأيديولوجي، أتى ببعض الأعمال التي يصعب أو يستحيل علينا أن نقبل بها، لكنه ذو عبقرية أصيلة، وأسس دينا وتقاليد ثقافية، ليس على السيف، ولكن على السلام – كما يعني اسم الدين – وعلى التصالح”.
ومن أهم ما ذكرته الكاتبة أن محمدا كشخصية نموذجية له دروس مهمة ليس للمسلمين فحسب ولكن للعالم الغربي أيضا وأن حياته كانت قائمة علي الجهاد الذي لا كلل فيه ضد الطمع والظلم والغطرسة والكبرياء‏.‏  إن كلمة الجهاد للكاتبة لا تعني الجهاد المقدس وإنما تعني الكفاح‏، فلقد كافح محمد صلى الله عليه وسلم كفاحا مريرا لجلب السلام إلي بلاد العرب التي مزقتها الحرب‏، ولقد أدرك محمد والكلام مازال للكاتبة أن بلاد العرب كانت في نقطة تحول وأن الطريقة القديمة في التفكير لن تكفي لارساء قواعد السلام في بلاد العرب‏، لذا حمل على نفسه وعاتقه جهودا خارقة مبدعة لإخراج حل جديد كلي لبلاد العرب‏، وذكرت الكاتبة أيضا‏:‏ أن محمدا كان يمتلك عبقرية عميقة مكنته من إقامة الدين وتأسيس عادات وتقاليد ثقافية لم تستند علي السيف ولكن بنيت على السلام والمصالحة.‏
وتمنت الكاتبة أن يوجد في هذا الزمان رجال يعملون مثل أعمال محمد ولذلك كان عنوان كتابها محمد نبي لزماننا‏.‏ 

⦁ المنهجية المتبعة.

اعتمدت الكاتبة على منهج تحليلي سردي من خلال عرضها سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ ولادته حتى وفاته.

المبحث الثاني: صدى الكتاب أو الدراسات النقدية له.

حقيقة الأمر بحثت عن الدراسات النقدية لهذا الكتاب، وردود الفعل على الرأي العام العربي، فلم أجد الكثير من الدراسات، بل كانت الدراسات محدودة حوله، اللهم دراسة من الكاتب والباحث المغربي أحمد بوعود، وهو باحث مغربي، حاصل على دكتوراه في الفلسفة، تخصص فلسفة الدين، وعلى دكتوراه في الدراسات الإسلامية، تخصص الفكر الإسلامي.
حيث ألف كتابا في دراسة نقدية لكتاب كارين ارميسترونج تحت عنوان:
Muhammad Prophet for Our Time.. An Evaluative Study of Karen Armstrong’s  Point of View.
انتقد فيه الكاتبة كارين ارميسترونج، معتبرا أن الهم الذي كان طاغيا على الباحثة هو نفي صفة العنف والإرهاب التي يحاول الغرب إلصاقها بالنبي صلى الله عليه وسلم، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، فسخرت كل طاقاتها وكل كتاباتها عن الإسلام من أجل ذلك. وهي تراه ـ صلى الله عليه وسلم ـ نموذجا لهداية العالم في زماننا. وتنتصر لهذه الفكرة من خلال معالجة قضايا: مكة، والجاهلية، والهجرة، والجهاد، والسلام، كما تتوقف كثيرا عند بعض المفكرين والدعاة المسلمين الذين أساؤوا في نظرها فَهمَ جهاده صلى الله عليه وسلم، فنسبوا إليه ما هو بريء منه من عنف وشوهوا حياته والدين الذي جاء به.
ومن المفاهيم التي تطرق إليها الأستاذ بوعود، مقوّما ما ذهبت إليه كارين أرمسترونغ، مفهوم الجاهلية حيث عرّفت الجاهلية بالروح السائدة وقت بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وترى أن الجاهلية ليست فقط تلك الفترة الزمنية التي سادت قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وإنما هي حالة من العقل تسبب العنف والإرهاب في ذلك الزمان، وتخلص إلى أن الجاهلية تعيش في الغرب اليوم كما تعيش في العالم الإسلامي.
ويخلص بوعود إلى أن الباحث الغربي رغم تحريه الموضوعية في بحثه، ومهما بدا منصفا، أو مناصرا، لا بد أن يقع في بعض الأخطاء المعرفية التي ترجع بالأساس إلى عدم القدرة على التعامل مع التراث الإسلامي المكتوب باللغة العربية. شخصيا أحببت أن أقرأ عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهة نظر الطرف الأخر (الغير مسلم) أو بالاحرى الإنسان الغربي، حتى أرى كيف يُفكر. وهذا ما توقعته من الكتاب من خلال العنوان الذي كان يوحي اني سأقرأه قراءة تحليلية أكثر منها سردية.
 بإختصار فكتاب كارين ارمسترونج لا يقدم الكثير أو ما يتوقعه القارئ العربي أنه لم يقرأه في كتب السيره النبوية، أوالمراحل التاريخية التي مر بها الرسول الكريم في حياته، لكن ما جذبني اليه هو كون الكاتبة بريطانية الجنسية مسيحية، غربية، لكنها قدمت دراسة أكاديمية عن شخصية الرسول الكريم، محاولة اصلاح الصورة النمطية التي خلفتها بعض الدراسات الاستشراقية،
خاتمة:
فبعدما بدأ الإعلام العالمي، وهو إحدى مؤسسات الرأسمالية واليمين المتطرف والصهيوينة العالميين فى تركيز هجومهم على الإسلام منذ العقد الأخير من القرن الماضى، وسبقته فى ذلك مؤسسة الاستشراق من خلال بعض الباحثين الذين صوبوا سهامَهم نحو الشرق، ونالوا من شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، برزت بالعالم الغربى أصواتا تميل إلى العقل والإنصاف، سواء كان ذلك بدرجة كبيرة أو قليلة، أحدى هاته الأصوات كان صوت كارين أرمسترونج.
سُعدت كثيرًا بالقراءة لقلم متفهم كقلم كارين أرمسترونغ، التي قدمت عملا رائعا على الأقل في كتابها هذا، وأزاحت الصورة النمطية عن الإسلام ونبيه، والتي ظلت عالقة لقرون عديدة في عقلية الانسان الأوروبي والأمريكي، مفادها أن الإسلام دين سيف، ودين إرهاب.

⦁ لائحة المصادر والمراجع:

⦁ القران الكريم:
⦁ سورة البلد،
⦁ سورة النور،
⦁ كارين ارمسترونج، محمد نبي لزماننا، الطبعة الأولى، دار الشروق القاهرة 2008/ ترجمة فاتن الزلباني.
⦁ المجلات:

مجلة فكر موقعها على الأنترنيت:

http://bit.ly/2IbD8dc
⦁ المواقع الإلكترونية:

http://bit.ly/2WcVswb

http://bit.ly/2IahfuN
⦁ صحيفة المثقف العدد: 1685 الخميس 03 /03 /2011.

نقلا عن صحيفة المثقف التي نقلت عن الدكتور أحمد بوعود في كتابه محمد نبي لزماننا .. دراسة تقييمية لوجهة نظر كارين أرمسترونغ.

The post قراءة في كتاب”محمد: نبي لزماننا” لكارن أرمسترونغ appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2Wd9gXn
via IFTTT

No comments:

Post a Comment