Friday, May 24, 2019

المنظومة التربوية المغربية بين مُسَلْسَل الإصلاحات وإشكالية الجودة

تقديم:

منذ فجر الاستقلال عرفت المنظومة التربوية المغربية مسلسلا طويلا من الإصلاحات التي همت قطاع التربية والتعليم، وكانت الغاية المعلنة من كل محطة إصلاحية النهوض بقطاع التربية والتعليم ببلادنا، والاستجابة للحاجيات الوطنية من الأطر وبناء المجتمع وتحقيق التنمية المجتمعية والاقتصادية.

ومع توالي المشاريع الإصلاحية تم ربطها بتحقيق الجودة في التربية والتعليم، مع توالي تداخل المفاهيم الاقتصادية مع الحقل التربوي؛ وبدأ الحديث عن الجودة في التعليم؛ وتتحسين المخرجات التعليمية.

فما هي أهم المشاريع الإصلاحية التي عرفتها المنظومة التربوية المغربية؟ وهل حققت أهدافها المعلنة وتمكنت من تجويد مخرجات قطاع التربية والتعليم؟

1. المرحلة الأولى: نحو بناء نظام وطني للتعليم (1956- 1963)

هذه الفترة تعد فترة إرساء لقواعد الدولة المستقلة والاقتصاد والبنيات الاجتماعية الفوقية، وقد وجد المسؤولون المغاربة أنفسهم في مجال التعليم أمام متطلبات ومشاكل عديدة: متطلبات ضخمة من حيث التمدرس، نقص كبير في الأطر، حاجة ماسة إلى توجه وطني، حاجة إلى تكييف التعليم مع معطيات الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

وتم توجيه الجهود في اتجاهين:

  • تنمية التمدرس؛
  • إصلاح النظام التعليمي؛

وقد تميزت هذه المرحلة بالسعي نحو بناء الدولة الوطنية، الصراع حول السلطة، خلق مؤسسات تمثيلية. لقد تعاقبت على السلطة ست حكومات بين 1956 و1963 وانصب اهتمام هذه الحكومات بالدرجة الأولى على إعادة تنظيم أو خلق الأدوات الضرورية للسيادة الوطنية كالجيش والأمن والمواصلات وعلى مغربة مواقع القرار في الإدارة، وإصدار تشريعات جديدة في الميدان السياسي والإداري نخص بالذكر: ظهائر 1958 المتعلقة بالحريات العامة  والوظيفة العمومية.[1]

الإجراءات المستعجلة في ميدان التعليم في هذه المرحلة:

  • إعادة تنظيم مديرية التعليم:  عند تكون أول حكومة مغربية برئاسة مبارك البكاي في دجنبر 1955 أصبحت مديرية التعليم وزارة للتربية الوطنية والشبيبة والرياضة والفنون الجميلة؛ وسمي على رأسها أول وزير مغربي هو محمد الفاسي.
  • التمدرس:  لما البلاد على الاستقلال قرر المسؤولون فتح باب التعليم على مصراعيه لأكبر عدد ممكن من الأطفال فحدث “انفجار مدرسي”.
  • محاربة الأمية والتربية الأساسية؛
  • تسوية وضع تعليم اللغة العربية: من المعلوم أن تعليم  اللغة العربية كان مهمشا من جميع النواحي في عهد الحماية. فحصته في التعليم الفرنسي الإسلامي كانت محدودة ومدرسو اللغة العربية كان لهم وضع دوني وكانت رواتبهم تقل عن رواتب مدرسي المواد الأخرى. وكان مدرسو التعليم الأصيل والتعليم الحر أسوأ حظا من هؤلاء، فأولى الإجراءات  التي اتخذتها حكومات الاستقلال استهدفت تسوية هذا الوضع الغير العادي.

وقد تم إصدار سلسلة من النصوص في هذا الشأن في 1956 و1957:

  • مكنت مدرسي اللغة العربية وأساتذتها من ولوج إدارة المؤسسات التعليمية بنفس الشروط المطبقة على مدرسي المواد الأخرى وأساتذتها؛
  • سوت وضعية مفتشي اللغة العربية بوضعية مفتشي الماود الأخرى؛
  • أدمجت العاملين بالتعليم الأصيل في أطر وزارة التربية الوطنية.

2. انطلاق مسلسل الإصلاحات بالمنظومة التربوية المغربية:

لقد تميزت السياسة التعليمية خلال السنوات الأولى للاستقلال بالتردد والحيرة والإجراءات المتناقضة، وذلك غالبا بسبب عدم استقرار العلاقة بين القوى السياسية. وفيما يلي أهم المحطات الإصلاحية:

   1- إصلاح 1957:  تكونت أول لجنة رسمية لإصلاح التعليم سنة 1957 سميت: الحركة التعليمية 1957- 1958، وكانت تضم ممثلين عن جميع أنواع التعليم الموجودة بالساحة: التعليم الفرنسي الإسلامي؛ والتعليم اليهودي؛ والتعليم الفرنسي؛ والتعليم الأصيل؛ والتعليم الحر. وقد حددت “اللجنة العليا للتعليم” توجهات للإصلاح؛ وأصدرت:”حركة التعليم 1957- 1958″. لكن يبدو أن هذا الإصلاح لم يرق جميع الأطراف المعنية، ولذلك تم تكوين لجنة ثانية لإصلاح التعليم في أبريل 1958.

   2- إصلاح 1958: لقد أصدرت “اللجنة الملكية لإصلاح التعليم” لسنة 1958 توصيات أقل ما يقال عنها أنها تعارض في مجملها توصيات اللجنة السابقة، فهذه التوصيات تقول:

بالرجوع إلى نظام الست سنوات بالابتدائي؛

بالرجوع إلى تعليم الحساب والعلوم باللغة الفرنسية في التحضيري؛

بإعطاء الأولوية لتكوين أطر التعليم وليس لتعميم التمدرس؛

بوضع خطة للتعليم.

   3- خطة الإصلاح للجنة التربية والثقافة المنبثقة عن لجنة المخطط الخماسي 1960- 1964:مع وصول حكومة عبد الله إبراهيم في دجنبر 1958 سيحدث تغيير آخر في السياسة التعليمية، حيث عرفت وزارة التربية الوطنية أول إعادة تنظيم حقيقية لهيكلها. تأسست لجنة المخطط فقد تأسست بمرسوم صدر في فاتح أبريل 1959، وأنهت أعمالها في شهر غشت من نفس السنة. وأكد الوزير في خطابه الافتتاحي للجنة على:

مسألة التمدرس؛

مسألة السياسة التعليمية.

وقد أسفرت أعمال اللجنة عن تقرير يحمل عنوان: “المذهب التعليمي” ويحتوي على جملة من المبادئ والأهداف معززة بتحديد كمي لإمكانيات تحقيقها. ومن أهم ما جاءت به: المبادئ الأربعة: التوحيد- التعميم – التعريب – المغربة.

4- مناظرة المعمورة أبريل 1964؛ كانت هناك عدة مؤشرات تدل على أن تحولا ما يجري في السياسة التعليمية قبل 1964. منها: توقف عملية التعريب في الابتدائي سنة 1962، انخفاض أعداد المسجلين الجدد بالتحضيري؛ تقاص نسبة القبول في الثانوي ..، لكن مسألة السياسة التعليمية ستطرح بوضوح في مناظرة أقيمت بغابة المعمورة بضاحية الرباط في أبريل 1964. وقد ضمت هذه التظاهرة ممثلين عن وزارة التعليم ومختلف المنظمات السياسية والنقابية والثقافية الوطنية، وكان هدفها تغيير الوضع التعليمي بالبلاد وتحليل السياسة المتبعة في مجال التعليم منذ الاستقلال والخروج باستنتاجات مفيدة للحاضر والمستقبل(وزارة التعليم 1964).

لقد أثار عرض وزير التعليم في المناظرة نقاشا صاخبا ومشادات كلامية حادة بين المشاركين في اللقاء ( الجامعة الوطنية للتعليم 1964). أما التوصيات التي خرجت بها المناظرة فهي لا تزيد على أن تؤكد على المبادئ المتفق عليها سنة 1957 أي التعميم والتعريب والتوحيد ومغربة الأطر مع إضافة توصية حول ضرورة الرفع من مستوى التعليم.

5- المخطط الثلاثي 1965- 1967: في إطار السياسة التقشفية الجديدة قرر المخطط الثلاثي 1965-1967 تقليص ميزانية التعليم، وبالتالي تقييد نمو التمدرس والاهتمام أساسا بالتحسينات النوعية للنظام. فالضغوط المالية والتقنية، يقول المخطط تحتم النظر إلى مسألة التعميم بعين الواقعية والموضوعية الاقتصادية ، وتدعو إلى العمل بنظام نخبوي في المستوى الثانوي لأنه من الصعب جدا استيعاب طوابير التلاميذ القادمة من التعليم الابتدائي.

إن المخطط الثلاثي 1965- 1967 كما نرى قد تخلى عمليا عن مبادئ التعميم والتوحيد والمغربة؛ وذلك لأسباب مالية. إن اختيارات المخطط الثلاثي هاته لم تلق الترحيب من طرف الرأي العام، بل على العكس من ذلك لقيت معارضة المنظمات السياسية والنقابية الوطنية وأثارت من جديد الجدل مع الوزارة الوصية على التعليم( الجامعة الوطنية للتعليم 1964، حزب الاستقلال 1965). لك نهذه الأخيرة لم نعر اهتماما لموقف المعارضة وأخذت تطبق على الفور الإجراءات  المقررة في المخطط.

6- المذهب الجديد للتعليم(مذهب بنهيمة):أمام تكاثر المشاكل وتضخمها سيتم تقسيم وزارة التعليم إلى أربع وزارات في يوليوز 1968 ثم إلى ثلاث وزارات في غشت 1969 ودائما دون نتيجة. إن وثيقة المذهب الجديد للتعليم قد تم إعدادها تحت إشراف الوزير بنهيمة وهي تتطرق إلى مسألة التعليم بصفة شمولية واضعة إياها في إطار السياسة الاقتصادية الجديدة للدولة. وهي تقوم بإدانة صريحة للسياسة التعليمية المتبعة منذ الاستقلال. وللدفاع عن مذهبه قام الوزير بتقديمه في ندوة صحفية في شهر أبريل 1966 وسلم نسخا من تقريره للأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمهنية كما قام بحملة تفسيرية عبر أنحاء البلاد.  لكن طروحاته أثارت في كل مرة ردود فعل عنيفة تم التعبير عنها بواسطة تصريحات ومذكرات تنديدية وبافتتاحيات عنيفة وإضرابات ومظاهرات في أوساط التلاميذ والطلبة وباقتراحات إصلاحية مضادة. ( حزب الاستقلال، حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الاتحاد المغربي للشغل).

   7- المخطط الخماسي 1968- 1972: اعتمد ما جاء في “المذهب الجديد للتعليم”، فهو على مستوى الأولويات  يؤكد على ضرورة ملاءمة نظام التعليم لحاجيات الاقتصاد من يد عاملة مؤهلة وأطر وعلى استرجاع نوعية التعليم.. لكن الملاحظ هو ميزانية الوزارة التي عرفت تزايدا بطيئا مقارنة بالسنوات السابقة.

   8- المخطط الخماسي 1973- 1977: لقد أخفقت السياسة المتبعة خلال المرحلة السابقة في تحسين سير النظام التعليمي وأصبح المسؤولون يقرون بضرورة إصلاح جذري لهذا النظام، حيث تبين أن الأجهزة المسؤولة عن التعليم لم تستطع العمل وأكثر المشاريع جدة تم التخلي عنها جزئيا أو كليا لانعدام إطار إداري مناسب وبرنامج عمل يتضمن جدولة زمنية ومادية دقيقة لمختلف العمليات، لهذا فإن برنامج العمل في المخطط 73- 77 يركز على إرساء وسائل الإصلاح، فهو يقر نوعين من الإجراءات: إجراءات استعجالية وإجراءات على المدى الطويل.

برنامج عمل استعجالي: يتكون من عنصرين: تنمية التمدرس وتعزيز مسلسل مغربة الأطر التعليمية من جهة أخرى.

برنامج الإصلاح المتوسط المدى: قرر المخطط برنامج دراسات وأبحاث تغطي مختلف عناصر نظام التعليم والتكوين وعهد بإنجازه إلى مديرية التخطيط بمساعدة المعهد التربوي الوطني والمجلس الأعلى للتعليم(وزارة التعليم 1974).

النتائج: عرف النظام التعليمي تقدما ملحوظا خلال فترة المخطط الخماسي 73-77 في مجالي التمدرس وتكوين الأطر التعليمية كما أدخلت تعديلات جزئية على بنياته البيداغوجية في مستوى الثانوي والعالي. لكن الإصلاح الشمولي لنظام التعليم والتكوين مازال لم يظهر إلى الوجود حتى على مستوى التصور عند نهاية الفترة. هذا مع العلم أنه كانت قد تكونت 1 لجنة مختصة للعمل حول قضايا التعليم الابتدائي والثانوي وحدهما وتم إنجاز دراسات قطاعية ومحورية متعددة في إطار”مشروع التنمية المخططة للتربية” وذلك بمساعدة خبراء أجانب من صندوق الأمم المتحدة للتنمية واليونسكو. وقد تمخضت هذه الأعمال على ما يبدو عن مشاريع مهمة ذات أبعاد مهمة (وزارة التعليم ب 1974)، لكن لم يصل منها إلى الرأي العام ولم يتحقق أي مشروع شمولي، الشيء الذي يطرح التساؤل: هل تم السكوت عن هذه المشاريع للبعد السياسي الذي كانت تطرحه؟ كما يوحي بذلك تقرير لوزارة التعليم(1974 ب)؟ هل لأن الإصلاح كان يتطلب تغييرا شاملا لمرامي وأهداف التعليم وهياكله ونمط سيره، الشيء الذي كان ربما يبدو صعب التحقيق بالنظر إلى الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة للتعليم؟ والذي تم العثور عليه بشأن الإصلاح أهداف بعيدة المدى سجلت بالمخطط اللاحق، فيه أفكار عامة معروضة بشكل مبعثر ومطنب بحيث يصعب الخروج منه بتصور واضح ومنسجم. لربما تعلق الأمر بالمشروع الذي سيقدم سنة 1980 إلى اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم.

9- المخطط الثلاثي  1978- 1980 :فيما يتعلق بالتعليم العام يقر المخطط الثلاثي سياسة أكثر تريثا بالنسبة للتمدرس ومتابعة برنامج المغربة في السلك الثاني الثانوي وتعزيز التعريب والأصالة والتغيير”اللين” للنظام التعليمي. أم التكوين المهني وتكوين الأطر فهو يقترح تنميتهما وتحسين تنظيمهما ودراسة إمكانيات إصلاحهما وكيفيته. وهذا المخطط أقر سياسة تقشف تجاه القطاع حيث أكد فقط على تنمية التمدرس بالوسط القروي. ولتحسين مردودية التعليم الابتدائي يقر من جهة  تعزيز المواد ذات الطابع التطبيقي ومن جهة أخرى رفع مستوى التكوين لدى هيأة التدريس والتفتيش وأخيرا إشراك الجماعات المحلية في بناء المدارس وصيانتها وكذا في تسيير المطاعم المدرسية.

   10- مشروع إصلاح التعليم لسنة 1980: في إطار سياسة الحد من ولوج التعليم العالي المقررة في المخطط الثلاثي 1978- 1980؛ أعدت وزارة التعليم مشروعا لتوجيه حاملي البكالوريا إلى المؤسسات الجامعية يهدف إلى التوفيق بين طلب التعليم العالي من جهة وإمكانيات الاستقبال بالمؤسسات وحاجيات البلاد ذات الأولوية من الأطر من جهة أخرى. وقد أصدرت الوزارة بلاغا بتاريخ 28 يوليوز 1980 يشرح إجراءات  التطبيق لسياسة القبول الجديدة. لكن ما لبث أن أثار هذا البلاغ  ردود فعل سلبية(في شكل مواقف رفض وتشكيك) في الصحافة وكثيرا من الاضطراب في الأوساط الطلابية. على إثر ذلك دعا الملك إلى تنظيم “أيام التربية الوطنية” التي تمت بإفران في نهاية شهر غشت وتقرر في هذه الأيام تكوين لجنة وطنية لدراسة مشكل إصلاح التعليم وطلب منها أن تقدم مشروعا شاملا لإعادة هيكلة النظام التعليمي للبرلمان في دورة أبريل 1981.

في إطار أعمال هذه اللجنة تقدمت وزارة التعليم بمشروعين للإصلاح، مشروع يهم التعليم الابتدائي والثانوي ومشروع يتعلق بالعالي.

عقدت اللجن اجتماعات عمل بمشاركات المنظمات والنقابات تميزت بكثرة الخطاب والنقاش دون التوصل إلى نتيجة، فانسحب البعض منها: الاتحاد الوطني لطلبة المغرب- النقابة الوطنية للتعليم العالي- الاتحاد المغربي للشغل. وكانت محاولة لإعداد ميثاق حول التعليم تم على إثرها وبعد تعب كبير صياغة وثيقة أولية، إلا أن هذه الأخيرة لم تناقش داخل اللجنة ولا في البرلمان.

11 – المخطط الخماسي 1981- 1985:يتبنى المخطط الخماسي توجهات المخطط السابق في ميدان التعليم: توسيع التعليم الابتدائي خصوصا في الوسط القروي، ومغربة الأطر التعليمية؛ والتعريب والأصالة، ويضيف إليها نقطة  إصلاح النظام التعليمي.

   12- الإصلاح المرغم 1983- 1994:تقرر في سنة  1983 مراجعة السياسة الاقتصادية المسطرة في المخطط الخماسي 81-85. وتبلورت المراجعة في عدد من الإجراءات  تهدف إلى تقليص حجم النفقات العمومية. في ميدان التعليم تم إقرار هدفين:

في المدى القريب: التخفيض من نفقات التربية الوطنية؛

في المدى البعيد: التقليص من عدم الملاءمة بين تكوين الأطر وحاجيات الاقتصاد.

وقد عرفت المرحلة هيكلة القطاع وفق بنية التعليم الأساسي 9 سنوات والثانوي 3 سنوات. وقد تم إعداد برنامج التطبيق  متوسط الأمد لتحقيق الإصلاح( البنك العالمي 1985، حركة التعليم 1984- 196) (تدخل سافر للبنك الدولي)

تميزت هذه المرحلة 1983- 1994 ب:

  • متابعة مسلسل التعريب على مستوى التعليم الثانوي؛
  • تجريب تدريس مادة الإعلاميات؛
  • إصلاح البكالوريا؛
  • إعادة النظر في تكوين الأساتذة؛
  • متابعة عملية تعريب المواد العلمية بالطور الثاني الأساسي وبالتعليم الثانوي إلى نهايتها؛
  • إحداث جهاز الأكاديميات؛
  • إعادة النظر في البرامج والطرق البيداغوجية وتأليف الكتب المدرسية؛ (حركة التعليم 1990- 1992).

   13- اللجنة الوطنية للتعليم 1994:محاولة تجاوز آثار التقويم الهيكلي على التعليم خلال ثمانينيات القرن الماضي وذلك بالرفع من بنياته. ةهي لجنة اشتغلت بوطنية وحرفية عالية وقدمت مشروع لإصلاح التعليم شاملا ومتكاملا. لكن الملك الراحل الحسن الثاني لم يرقه ذلك فتعطل المشروع إلى أن عين الملك اللجنة الملكية للتربية والتكوين سنة 1999.

   14- اللجنة الملكية للتربية والتكوين 1999:وضع أسس إصلاح التعليم: أنتجت الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000: إصلاح المنظومة التعليمية بتغيير البرامج والمناهج: تعددية الكتاب المدرسي؛ الاهتمام بتدريس الأمازيغية؛ ….

   15- المخطط الاستعجالي 52009-2012):  الغرض منه زرع نفس جديد في مسلسل إصلاح المنظومة التربوية: اعتماد بيداغوجيا الكفايات والإدماج، محاربة الهدر المدرسي؛ تشجيع جمعيات دعم مدرسة النجاح…، والبرنامج جاء على إثر تقرير البنك الدولي الذي انتقد مستوى التعليم ببلادنا وبطء وتيرة الإصلاحات.

   16 – التدابير ذات الأولوية: وهي حزمة مشاريع أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في محاولة للنهوض بالمنظومة التربوية.

   17- الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030: وهي رؤية وضعها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء.

3. إشكالية الجودة في مسلسل الإصلاحات بالمنظومة التربوية:

إن القاسم المشترك بين هذه الإصلاحات ومحاولة الإصلاح وإصلاح الإصلاح وإعادة الإصلاح..، هو غياب رؤية استشرافية وتوقعية واضحة المعالم، فبالرغم من التجارب والإصلاحات السابقة واللاحقة مازال تعليمنا بعيدا عما يجب؛ حيث كل سنة تصنف التقارير الدولية المغرب في مؤخرة الدول من حيث جودة النظام التعليمي رغم هذا المسلسل الطويل من الإصلاحات منذ الاستقلال إلى الآن.

ويمكن أن نسجل أهم الملاحظات على جملة المشاريع الإصلاحية بالمنظومة التربوية المغربية:

  • الطابع التقنوقراطي للإصلاح، حيث يشتغل المخططون بالأرقام إلى حد التضحية بالعناصر الكيفية للمشاكل؛
  • غياب الدراسات التقييمة العلمية للمشروع الإصلاحي قبل الانطلاق في مشروع آخر: شيع الوزير الوفا اليرنامج الاستعجالي في البرلمان 2012 معلنا فشله رغم التكلفة الباهظة 34 مليار درهم؛
  • عم الاستناد في التخطيط للمشروع الإصلاحي على البحوث الميدانية التي ترصد حركية العملية التربوية والمتغيرات المتسارعة للمدرسة؛
  • المقاربة التجزيئية للمشاريع الإصلاحية؛ فنظام التعليم في كثير من الأحيان يكون موضع معالجة بمفرده معزول عن السياقات المجتمعية والسياسية والثقافية والاقتصادية؛
  • غياب مشاركة المعنيين المباشرين بالإصلاح: فمشاريع الإصلاح تعد في جو منالانعزال والسرية يثير الحذر لدى الفاعلين الخارجيين ولدى رجال التعليم على الخصوص الشيء الذي يؤدي مسبقا إلى انطباع سلبي عن هذه المشاريع. إن الآباء والمدرسين أول المعنيين المباشرين لا يستشارون بشأن الإصلاح؛ ويؤدي هذا السلوك إلى مواقف سلبية: لا مبالاة؛ تحفظ وأحيانا مقاومة صريحة من طرف المعنيين.
  • هناك ملاحظة يمكن تعميمها على جميع الإصلاحات هي البطء في الإنجاز لأسباب منها ما هو مرتبط بتأخر النصوص التشريعية أو بتداخل السلط بين القطاعات أو بالجانب المالي أو تعقد الإجراءات الإدارية…
  • غياب الحكامة في تنفيذ وتتبع المشاريع الإصلاحية في تناقض صارخ مع مقتضيات وشروط الجودة؛ (نموذج الاختلاسات المالية التي عرفها القطاع في فترة البرنامج الاستعجالي..)
  • ضعف الإنفاق على قطاع التربية والتعليم وتكريس فكرة أن القطاع مكلف وغير منتج؛ وينسى القائمون على الأمر أن تكلفة الجهل والتخلف أكبر وأفظع؛ وفي هذا السياق يكمن أن نجري مقارنة مع نظام تربوي مغاربي: تونس التي عرفت أربع محطات إصلاحية منذ الاستقلال؛ توفر معلما لكل ستة عشر تلميذا؛ بينما في المدرسة المغربية معلم لكل 36 تلميذا، تونس تنفق 10000درهم سنويا على كل تلميذ؛ بينما المغرب ينفق ما معدله 6000 درهم .. والتعليم بتونس أحسن تصنيفا وجودة في مختلف التقارير الدولية.

4. شروط نجاح الإصلاح بالنظام التعليمي:

في ضوء المشاكل التي اعترضت سيرورة النظام التعليمي خلال العقود الماضية وفي ضوء الكيفية التي تمت بها مجابهة هاته المشاكل، يمكن التوصل إلى تحديد بعض الشروط التي يعتبر توفيرها ‘لزاميا لنجاح العمل الإصلاحي بالتعليم.

  • مشروع مجتمعي:  من هذه الشروط الأولية والضرورية التوفر على مشروع مجتمعي شمولي ومحدد المعالم يأخذ بعين الاعتبار المكونات الأساسية للمجتمع وتطلعاتها، ويكون قابلا للإجماع من طرف مختلف المكونات التي تكونه. لأن النظام التربوي لا يشتغل ولا ينمو لذاته وإنما داخل المجتمع؛
  • منظور واضح لموقع النظام التعليمي ولوظائفه النوعية؛
  • منظور مندمج لنظام التعليم والتكوين؛
  • مشاركة واسعة ونشيطة؛
  • تكوين ملائم؛
  • وسائل مادية كافية؛
  • بنية للتبع والتقويم.

ببليوغرافياbibliographie

  1. المروني المكي، الإصلاح التعليمي بالمغرب 1994-1956، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط- جامعة محمد الخامس/الرباط. الطبعة الأولى: 1996.
  2. غزالي محمد، الإصلاحات التعليمية بالمغرب، درراسة على مستوى الوظائف والمكونات 1956-2001. منشورات جامعة الحسن الأول بسطات. الطبعة الأولى:2014.
  3. أمزون أبريك، الميثاق الوطني للتربية والتكوين والممارسة البيداغوجية، منشورات مجلة علوم التربية العدد 14. الطبعة الأولى:2008.
  4. غريب عبد الكريم ومن معه، الميثاق الوطني للتربية والتكوين قراءة تحليلية. منشورات عالم التربية. الطبعة الثانية:2006.
  5. الراشدي سعيد، النظام التربوي المغربي: دراسة تحليلية للقيم الموجهة للسياسة التربوية بالمغرب ما بين 1956-1999. منشورات كلية علوم التربية بالرباط/جامعة محمد الخامس والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني. طبع:  دار القلم بالرباط. الطبعة الأولى:2008.
  6. فاوبار محمد، المدرسة والمجتمع وإشكالية لا تكافؤ الحظوظ. منشورات عالم التربية، الطبعة الأولى: 1432هـ/2011م. مطبعة النجاح الجديدة، بالدار البيضاء.

[1]– المكي المروني؛ الإصلاح التعليمي بالمغرب، ص: 32. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. الطبعة الأولى سنة 1996.

The post المنظومة التربوية المغربية بين مُسَلْسَل الإصلاحات وإشكالية الجودة appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2QnsWBV
via IFTTT

No comments:

Post a Comment