Wednesday, May 22, 2019

من أخلاق الأنبياء (2) التواضع

ليس ثمة اختلاف في كون الأنبياء من الصالحين، بل هم سادات الصالحين وخيارهم، وقد نسبهم القرآن إلى الصلاح في كثير من الآيات البينات الواضحات.
نبي الله إبراهيم: “وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ”
نبي الله عيسى: “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ”
نبي الله يحيى: “فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ”
نبي الله لوط: “وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ”
نبي الله إسحاق: “وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ”
نبي الله يونس: “فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ”.
جماعة من الأنبياء: “وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ”
وجماعة من الأنبياء أيضا: “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ. وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ. وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ”
هكذا ينسب الله أنبياءه إلى الصلاح ويصفهم به، ومن صلاحهم عليهم السلام أن تخلقوا بأخلاق الصلاح، فاستحقوا قيادة الصالحين.
ومن صالح أخلاقهم التواضعُ الذي لا نظير له ولا مثال:
ومن تواضعهم عليهم السلام أننا لم نرى أحدا منهم وصف نفسه بالصلاح، بل نجدهم يتضرعون إلى الله تعالى بالدعاء أن يجعلهم من الصالحين، ويرجون ذلك منه، وكأنهم خارج ديوان الصالحين. 
قال سيدنا سليمان بصيغة الدعاء: “رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ”. 
قال سيدنا يوسف متضرعا إلى الله تعالى بالدعاء: “فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ”. 
قال سيدنا إبراهيم في مقام الرجاء والدعاء والضراعة أيضا: “رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ”.
وهكذا لم يقل أحد من الأنبياء: أنا من الصالحين، أو إني من الصالحين، رغم أن صلاحهم مقطوع به.
ومن نهج نهج الأنبياء واقتدى بهم، تخلق بأخلاقهم، واقتبس من نورهم، فقال بعضهم في مقام الطمع: “وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ”.
ومثلهم سيدنا عمر بن الخطاب عليه الرضى والرضوان، وهو من صالحي هذه الأمة قطعا، ويكفيه شرفا وفخرا أنه ضجيع سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الحياة وفي الروضة، ومع ذلك لم يكن يقطع بصلاح نفسه، وكان يسأل حذيفة صاحب السر: “هل أنا من المنافقين”. هكذا أخلاق الأنبياء وهكذا أخلاق أتباع الأنبياء.
وفي المقابل، تجد من يجزم ويقطع، مثال ذلك: “وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ”… قالوا: لنكونن، هكذا بالجزم والتوكيد، فتولوا ولم يكونوا من الصالحين.
وهذا واقع كثير من المسلمين، الذين يعتقدون أنهم صالحو الصالحين، بل تراهم يمارسون الاستعلاء بـ”الصلاح”.
فما أحوجنا إلى تواضع الأنبياء عليهم السلام، وما أحوجنا إلى اتخاذ أدعية الأنبياء وردا يوميا، فنستفيد أمرين: الاقتداء بالأنبياء عليهم السلام أولا، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء ثانيا، “قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم”، وأن تكون صيغة الدعاء:
“رب اجعلني من الصالحين”، أو “رب ألحقني بالصالحين”، أو “رب أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين”، أو عبارة مشابهة.
اللهم خلقنا بأخلاق الأنبياء،، واجعلنا من المتعلقين بأذيالهم، عليهم السلام
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما.

The post من أخلاق الأنبياء (2) التواضع appeared first on منار الإسلام.



from منار الإسلام http://bit.ly/2M0ed18
via IFTTT

No comments:

Post a Comment