دعائم الأهداف الجماعية 10 ـ دعامة اليقظة الاستراتيجيةـ
رغم أن مفهوم اليقظة الاستراتيجية ارتبط أساسا بالمؤسسات التجارية والاقتصادية، إلا أنه يمكن تطبيقه على مؤسسات أخرى ذات طابع جمعوي دعوي أواجتماعي لأن الأهداف الجماعية المنتظرة من وراء ذلك هي الإنتاجية والفعالية والتوسع المتزن. فلابد لكل آمل في تحقيق هذه الأهداف من فهم آليات التدافع في الميدان الذي تعمل فيه مؤسسته، بحيث لا يظنن أنه يحتكر الساحة لوحده، فيتواكل بحجة أنه يمتلك الحقيقة الناصعة والمبادئ الصائبة، ولو كانت وحيا منزلا أو سنة صحيحة، فالنصر يتنزل على أكتاف الرجال والنساء وفي واقعهم.
ومن ثم يتعين الأخذ بمبادئ اليقظة الاستراتيجية التي تهدف إلى وضع المعلومة المناسبة بيد الشخص المناسب في الوقت المناسب لاتخاذ القرار المناسب. فهي بالأساس نسقية استباقية بعيدة عن ردود الأفعال المتسارعة في الزمان والمكان والإنسان. ولئن كان رأسمال أي مؤسسة هو مواردها البشرية، فإن هذه الموارد تبقى غير ذات جدوى دون توفرها على المعلومة الملائمة السديدة.
وتحيلنا اليقظة الاستراتيجية على مجموع الإجراءات والآليات التي تمكن المؤسسة من جمع وترتيب وتحليل المعلومات المتعلقة بالوسط الذي تعمل فيه، وذلك حتى تمتلك ناصية الأحداث فتصنعها وتؤطرها وتوجهها الوجهة التي تخدم أهدافها. ففي هذا الصدد يمكن تشبيه اليقظة الإستراتيجية بالجهاز العصبي للجسم الذي يعمل باستمرار على التقاط إشارات العالم الخارجي ويتفاعل معها ويتخذ قرارات بشأنها غالبا ما تكون صائبة تساهم في الحفاظ على الجسم وصحته، وقد تكون أحيانا مجانبة للصواب فيمرض بقدر فداحة الخطإ.
وتتعدد أنواع اليقظة الإستراتيجية بتعدد المدارس والتوجهات، وبتعدد الإمكانات المادية والبشرية المتاحة لكل مؤسسة. فنجد اليقظة الإستراتيجية البسيطة المتمثلة في تفحص ما عند الآخرين أو المنافسين للمؤسسة، كما أن هناك استراتيجيات أكثر عمقا و تعقيدا، والتي تعتمد على دراسات جادة للإنتاجات الفكرية والمنتوجات الميدانية والتأثيرات المجتمعية للمنافسين في الأوساط المستهدفة.
وهكذا، توضع خطة لليقظة الإستراتيجية لتنزيلها على أرض الواقع بحيث توكل إلى كفاءات ذات تكوين خاص في الموضوع، وتسري عبر شبكة منظمة تتحرك وفق أهداف مرسومة ترمي إلى اتخاذ قرارات ذات جودة عالية. وقد تكتسي هذه الخطة طابع الهجوم أو الدفاع أو طابع النشاط أو الخمول بحسب درجة مهنية ممارسيها وخبرتهم.
ولا تعني اليقظة الإستراتيجية تقليد الآخر بهمة مستلبة ولا تجاهله بكبرياء متعجرف، بل أن تكون المؤسسة على علم بكل مستجد في الميدان لكي تفهمه أولا وتخبر مكامن قوته ثانيا وتطوره لكي يستجيب لمبادئها وأهدافها ثالثا.
وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى بعض العوامل المساعدة على وضع آلية لليقظة الإستراتيجية في مؤسسة ما:
° التواصل الداخلي الفعال الذي يسمح بسريان المعلومة بشكل انسيابي دون حواجز إدارية أو تنظيمية.
° اعتماد المقاربة التشاركية واهتمام جميع المستويات التنظيمية بلا استثناء بهذا الجانب.
° تحديد دقيق للمجال أو المجالات المراد التركيز عليها دون اتساع ممل أو تضييق مخل.
° التكوين المستمر، تحديد وتجديد الأهداف لملاءمتها مع الواقع والمستجدات الميدانية.
The post دعامة اليقظة الاستراتيجية appeared first on منار الإسلام.
from منار الإسلام http://bit.ly/2J9wze2
via IFTTT
No comments:
Post a Comment